روزا " ثـــــــــــــــــــــــــائــــــــــر "
عدد الرسائل : 267
تاريخ التسجيل : 11/04/2010 وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 3
| | شهوة المحارم تخضع لغريزة طبيعية | |
لايوجد مايشير الى ان الامتناع عن المحارم هو شعور فطري، بل لابد ان منعه جرى لاحقا ، إذ لايوجد مايشير الى وجود غريزة تميّز الأخوات الذي وُلدوا وسيولدون عن غيرهم. .. فلنفترض مثلاً أنّ أخاً وأخته لم يترعرعا في بيت واحد ولم يعرفا بعضهم لسبب من الاسباب .. هل هناك مايمنع تأجج نار الشهوة بينهما إن التقيا فيما بعد؟ .. ألا يعني ذلك أنّ الامتناع خاضع لشكل اجتماعي وثقافي مكتسب !! بل علاوة على ذلك .. يمكن ملاحظة ملامح جنسيّة في علاقة الأخ وأخته في فترة الطفولة والمراهقة على شكل .. استراق نظر .. مداعبة .. ملامسة .. إلخ .. وإن لم تحمل "غالباً" شكلاً جنسياً فجاً وانما من قبيل حب الاطلاع والتعلم، إذ ان العائلة تشكل المدرسة الاولى لاكتساب المعرفة عن محيطنا .. الموضوع (كما أراه) متعلّق برواسب تاريخيّة شديدة العمق تمتدّ منذ كان الإنسان يعبد الحيوانات .. بل إنّ هنالك دراسات لبعض الحضارات البدائيّة (القبائل الطوطميّة) تظهر لنا أنّ مجرّد ذكر اسم "الأخت" هو عمل محرّم .. أو مجرّد اللقاء بها ممنوع .. (لاحظوا أنّ موضوع تجنّب جنس المحارم تحوّل لشكل هستيري في هذا النموذج .. وهذا ما سأقوم بالتعليق عليه بعد قليل) .. وبالطبع فالمعروف أنّ القبائل البدائيّة لا تقبل إلا "الزواج الخارجي" .. فمن غير المسموح أن يتمّ الزواج من افراد ذات القبيلة _هنا لاتأتي القبيلة بالمعنى الحالي للكلمة وانما بحسب احجام المجموعات السكانية في العصور الاولى حيث كانت القبيلة غالبا لاتزيد عن القرية او بضعة قرى متقاربة من نسب واحد) .. وهنا من الواضح أنّ تعريف "المحارم" كان يملك شكل واسع جداً .. وتضيّق عبر التاريخ .. (قارنوا بين اليهودية والإسلام رغم التقارب التاريخي بينهما !!).. ومن هنا يبدو أنّ التمنّع عن "المحارم" ليس "غريزة" .. بل "مفهوم" اجتماعي متغيّر .. هذه "الرواسب" التاريخيّة أثّرت بالطبع في الثقافة الاجتماعيّة اليوم .. والتي بدورها بالطبع تؤثّر في التركيبة النفسيّة للإنسان .. وتؤدّي لعناصر نفسيّة "نمطيّة" (أي متشابهة بين أغلب الناس) .. وهنا يبدو أنّ "تجنّب المحارم" أحد هذه العناصر النفسيّة .. وهو ينمو في نفس الإنسان منذ سنواته الأولى .. فتتم عمليّة "كبت الغريزة الجنسيّة" التي تتّخذ من المحارم "موضوعاً لها" .. لتضمحل هذه الغريزة في غياهب النفس الإنسانيّة .. قبل أن يميّز الإنسان بين "بطّيخ" و "دين" هناك تفسيرات لنشوء تحريم ممارسة الجنس بين المحارم تاريخياً .. لا أودّ أن أستفيض بها .. لكن العبرة المهمّة .. هو أنّ تجنّب "الجنس بين المحارم" أمسى اليوم يعتمد فعلياً على عناصر نفسيّة طفليّة .. تنشأ كنتيجة للثقافة الاجتماعيّة الإنسانيّة المشركة .. التي أوجدت "الأسرة" كوحدة اجتماعيّة صغرى .. وأوجدت هذه العلاقات الماديّة بين أفرادها .. وأوجدت "الأنوثة" و"الذكورة" كما نفهمها اليوم (على المستوى النفسي) .. وأوجدت مفهوماً ما "للأبوّة" و"الأمومة" و"الأخوّة" يسيطر على نفسيّة الإنسان منذ نعومة أظفاره .. إلخ .. وقد تحدّثت سابقاً .. أنّ "الجنس بين المحارم" ممكن بيولوجياً ونفسياً (ومن الممكن أن تسيطر الغريزة الجنسيّة على الوعي متهرّبة من رقابة الضمير) .. لكنّه يناقض البنية النفسيّة لإنسان العصر .. وأن تعميم هذه الحالات قد تؤدّي لأمراض نفسيّة إنسانيّة مزمنة .. المتابعات النفسيّة تؤكّد بالأصل .. أنّ "المحارم" هم الموضوعات الجنسيّة الأولى للطفل .. لكن سرعان ما يتم "الكبت" الأوتوماتيكي لهذا الاتجاه الغريزي .. ويخضع الاهتمام "الهستيري" للأديان والتشريعات السابقة بقضيّة زنا المحارم (حيث يعتبر أن منع العلاقات الجنسية بين الاقرباء هو أوّل تشريع أخلاقي إنساني تمّ وضعه) .. أقول يخضع هذا الاهتمام لقانون "الفعل ورد الفعل" .. فهذه الردّة العنيفة تجاه موضوع "زنا المحارم" .. تؤكّد حجم "الشهوة الأصليّة" للمحارم .. فكل ممنوع مرغوب .. لو لم يكن "مرغوباً" لما كانت هناك حاجة لمنعه (وبهذا الشكل الهستيري !!) .. وإلا ما الفائدة من منعه .. !!!!
يقول المدّعين أنّ تجنّب زنا المحارم "غريزة" .. متحدّثاً عن "القوانين" الصارمة التي وضعتها القبائل البدائيّة في علاقة الفرد بمحارمه : لسنا نفهم ما السبب الذي يمكن أن يحيج غريزة بشريّة متأصّلة الجذور إلي تعضيدها بقانون .. فليس ثمّة قانون يأمر الإنسان بأن يأكل ويشرب ويحذّره من وضع يديه في النار، فالناس تأكل وتشرب وتبقي أيديها بعيدة عن النار غريزياً وخوفاً من العقوبات "الطبيعيّة" لا "القانونيّة" التي سيجلبونها على أنفسهم فيما لو خالفوا غريزتهم في سلوكهم .
نضيف إلى ذلك أنّ بعض المظاهر الاجتماعيّة المتطرّفة .. قد لا نجد لها تفسيراً نفسياً مقنعاً إذا لم نعترف بوجود إشتهاء المحارم .. فالاهتمام "الهستيري" بحجب المرأة (أنظروا لجرائم الشرف !! قتل الابنة أو الاخت او الزوجة.. أي علاقة "طاهرة" تنتهي بالقتل !!) .. والسلطة الذكوريّة على "الابنة" أو "الأخت" بشكلها الهستيري الذي يصل الى حد جعل من "أظفرها" عورة .. يؤكّد "اشتهاء هذه الابنة أو الأخت او النظر اليها بالمنظور الجنسي وحده" .. وكأنّ هذه "الشهوة" تعنّ في غياهب اللاشعور وتسعى للظهور للوعي .. فتتم عمليّة "إسقاط" هذه الشهوة على كلّ الغرباء .. وهذا "الإسقاط" هو عمليّة نفسيّة شبيهة بالكبت .. تهدف لمقاومة الشهوة .. والهروب منها "برميها" على أكتاف الآخرين .. (الأسر المنغلقة تعزز هذه الشهوة المتأججه في أعماق اللاشعور .. حيث الفرد لا يجد إشباعاً جنسياً خارجياً .. وحيث تكون علاقته بأخوته مليئة بالموانع التي تؤجج الرغبات الدفينة وتجعلها تنطلق داخليا في داخل الاسرة) في تقاليد سكّان بعض القرى حتّى يومنا هذا .. يمنع أهل "العروس" من حضور حفل الزفاف .. كما هنالك العديد من الأمثلة التي توضّح العلاقة "الشائكة" و"المعقّدة" بين الإنسان ومحارمه .. والدين كمركّب يساهم في هذا الشكل الاجتماعي المشوّه لعلاقة الرجل بالمرأة .. يلعب دوراً سلبياً على المستوى "النفسي" .. ويؤدّي لمظاهر مرضيّة تتحايل على "رقابته" .. وتعبّر عن نفسها أحياناً بردود فعل مقيتة .. وحياة جنسيّة غير سويّة .. منعت نفسي "متقصّداً" من أن أستسلم لإغراء طرح نظريّات "التحليل النفسي" في تجنّب "زنا المحارم" .. وذلك لأنّي لا أجد هذا المجال يشكّل "أرضيّة مشتركة" في الحوار .. لكنني اكتفيت بطرح بعض المبادئ التي قد نتّفق عليها جميعاً ..
القبائل البدائيّة .. ما هو المقصود بها .. ولما اخترناها كنقطة بدء .. !! المقصود بالقبائل .. هو أكثر الشعوب المعروفة لنا بدائيّة وبساطة في التنظيم الاجتماعي .. (والتعبير لـ"فراس السوّاح") الاهتمام بهذه القبائل بدأ يدخل حيّز العلم والفكر منذ أواخر القرن الثامن عشر .. حتّى اعتبرت كنزاً تاريخياً تحفل به "أستراليا" لليوم .. وقد أطلق عليها لفظة "الطوطم" totem (وهو مصطلح مأخوذ من أحد لغات الهنود الحمر) .. فانكبّ علماء "الإنتربولوجي" بدراسة البنى الاجتماعيّة والمثولوجيّة لهذه القبائل .. وحظيت هذه الدراسات باهتمامات بالغة في الأوساط العلميّة .. طبعاً أهمّ المؤلّفات حول هذا الموضوع .. هي لـ"فريزر" .. (له أكثر من اثني عشر مجلّداً في ذلك) .. هناك العديد من "المبرّرات" التي تسوّغ لنا اعتبار أن "الطوطميّة" تشكّل مرحلة هامّة من التاريخ البشري ..حتّى يصل الحال إلى بعض الباحثين إلى اعتبارها "مرحلة تطوّريّة عامّة" .. وتنتشر "المؤسسات الطوطميّة" في قبائل "أستراليا" و"هنود أمريكا الجنونيّة" وشعوب "الأرخبيل الأوقيانوسي" و"الهند الشرقيّة" والكثير من "أقوام أفريقيا" .. ويضيف "فرويد" علاوة على ذلك : بيد أنّ بعض الآثار والبقايا التي يعسر تأويلها .. تنبيح لنا أن نفترض أن الطوطميّة وجدت أيضاً لدى الشعوب الآريّة والساميّة البدائيّة في أوروبا وآسيا .. لماذا حرّم "الطوطم" نكاح "المحارم" .. !! لا يوجد تفسير أكيد حول الموضوع .. وقد نوّهت أنّ هناك عدّة فرضيّات حوله .. بنى "فرويد" فرضيّة معتمداً بها على خبرته التحليليّة .. ومستنداً على فرضيّات "دارون" حول الشكل الاجتماعي البدائي للبشريّة .. ملخّص الفرضيّة يقول : أنّ البشر عاشوا في قبائل (مجموعات عائلية صغيرة يربطها الانحدار المشترك) متفرّقة تزعّمها "أبو القبيلة" وهو عادة "أقواها" .. وهو الذي كان يستأثر "بالقوّة" بنساء القبيلة .. (هذه الفرضيّة استقاها دراون من دراسته للتجمّعات الحيوانيّة) .. مما أثار "غيظ" الأبناء "المحرومين جنسياً" .. فانقلبوا على "الأب" وقتلوه .. ثمّ شعروا بالذنب فحرّموا على أنفسهم نساء القبيلة جميعها ..
طبعاً القصّة كما رويتها تبدو رمزيّة جداً .. لكن المقصود أنّ عمليّة "قتل الأب" تكررت وتكررت عبر التاريخ .. حتّى أوجدت البشريّة حلاً لهذه الإشكاليّة بتحريم الزواج داخل القبيلة .. وايجاد مفاهيم اجتماعيّة جديدة اعتبرت أنّ : العشيرة وحدة مكوّنة أساسيّة تتميّز بأنّ الأفراد يعتبرون أنفسهم أعضاءً في عائلة واحدة تجمعهم قرابة من نوع خاص .. تنشأ عن حملهم جميعاً لاسم واحد اختاروه لأنفسهم (والتعبير لفراس السوّاح) .. والمقصود بهذا الاسم هو "حيوان الطوطم" الذي تقدّسه العشيرة بصورة مشتركة ليصبح رمزها الذي يعطيها شخصيتها يعزز انتماءها، تماما كما هو الله عند الامة الاسلامية اليوم. .. وبهذا التشريع أوجدت التجمّعات البشريّة حداً للصراعات "الجنسيّة" التي لا بدّ وأنّها فتكت بأعداد كبيرة مع تطوّر المهارات العقليّة والتقنيّة للإنسان .. بحيث أوجدت "الأسرة" .. وأوجدت "التابّو" الذي باختراقه تختل موازين القوى في الطبيعة .. فترافق تطوّر الحاجة إلى تنظيم اجتماعي ما .. مع تطوّر المستوى الديني للأفراد الذي يلبّي هذه الحاجة طبعاً .. والذي كما نعلم أنّه كان المعبّر عن "أخلاق" القبيلة و"فنونها" و"اختراعاتها" .. إلخ .. كما كان يحفل بقدسيّة وتأثير صادق خاص .. لأنّه كان ناشئاً من "سبيّة" إنسانيّة صافية ومعبّراً عن "إشكالاتها" الحياتيّة خير تعبير .. كان ناشئاً عن تجربة "جماعيّة" لا فرديّة .. بحيث لا تميّز بين فرد وفرد .. فلا وجود "لرسول" ولا "مبشّر" .. ولا وجود لرسّام كهوف يعبّر عن "نظرته" الفرديّة .. بل هو يعبّر عن عقيدة الجماعة .. أي أنّ الفرديّة كانت تتماهى وتختفي أمام القطيع .. مما يكسب هذه المرحلة أهميّتها القصوى في فهم التركيبة النفسيّة للإنسان .. وفي فهم نشأة "الدين" و"الأخلاق" هذه الحلول لم تنشأ من عدم بل هي وليدة المراحل البشريّة في تطوّرها .. حيث خلّصت "البشريّة" من "الخوف" و"الاثم" الذي أدمى اللاوعي الجمعي (حسب مصطلح "يونغ") للمجموع البشري .. بل إني أدّعي أنّ صحّة رواية "دارون" عن التاريخ الإنساني .. تحتّم النتيجة التي افترضها "فرويد" .. فالرواسب التاريخيّة والثقافيّة في النفس الجماعيّة لا بدّ وأن تلعب دورها في مسار التاريخ .. ولا بدّ للتخلّص من الجزء المخيف منها أن تتمّ عمليّات "مهادنة" واعية وغير واعية مع الواقع ..
قابيل وهابيل .. أسطورة "تمثّل" الرواية الداوو-فرويديّة . مبدأ اللذّة .. ومبدأ الواقع .. هما مصطلحان "فرويديّان" في الأصل .. استخدما بكثافة في الدراسات "المثولوجيّة" الحديثة .. في وصف انتقال الأسطورة من تأسيس يعتمد على "مبدأ اللذّة" إلى تأسيس يعتمد على "مبدأ الواقع" .. مبدأ اللذّة .. حيث "الجنس المقدّس" والإنسان يتماهى في لذّته الجنسيّة مع قصّة خلق الحياة من إله السماء "آن" وآلهة الأرض "كي" .. في لحظة هي (الأكثر تعبيراً عن تفجّر قدسي في العالم .. عن حضور الإله في التاريخ وتجسّده في صورة بشر - حسب تعبير تركي علي ربيعو) .. ومبدأ الواقع .. حيث يصبح فيه "الجنس المقدّس" عملاً مؤجّلاً إلى حياة قدسيّة أخرى .. وتنغلق فيه الأسطورة لتتحوّل إلى سلسلة من التحريمات .. أي أنّه (تحوّل من الارتواء المباشر إلى الارتواء المؤجّل .. من اللذّة إلى تقييد اللذّة في حزمة من الخطابات القمعيّة الهائلة والمضمرة باقتصاديّات الندرة ومبادئ التندّر .. من السرور إلى التعب - حسب تعبير هربرت ماركوز .. في الحب والحضارة) .. وبالطبع .. فإنّ الاستخدام "المثولوجي" لهذين المصطلحين يعتمد على التعريف الفرويدي لهما .. حيث نجد أنّهما حسب شرع فرويد ببساطة "المبدآن المتعارضان الذان يسيطران على العمليّات النفسيّة في نشأتها وتطوّرها .. حيث يدلّ مبدأ اللذة على اتجاه الكائن العضوي في الصورة البدائيّة من سلوكه إلى الحصول على اللذّة وتجنّب الألم دون اعتبار لمقتضيات الواقع .. أما مبدأ الواقع فإنّه ناتج عن تعديل مبدأ اللذة تعديلا تدريجياً بنتيجة الخبرات المؤلمة .. فيستهدف إشباع حاجات الكائن العضوي مع مراعاة التوافق مع الواقع" .. ولكأنّ تطوّر حياة الفرد هي تمثيل مباشر لتطوّر الحضارة الإنسانيّة .. حيث ينتقل الإنسان من مبدأ "اللذّة" الذي يحتكم عليه في طفولته بتفريغ مباشر للتوتّر الغريزي .. إلى حكم "مبدأ الواقع" حيث يرضخ لتهديدات الحياة ويتصالح معها على حساب لذّته الصرفة .. ما علاقة كلّ هذا السرد "الممل" بقصّة قابيل وهابيل .. ! هذه الأسطورة تروي قصّة الصراع بين "مبدأ اللذّة" التي قامت عليه الحضارات السابقة .. و"مبدأ الواقع" الذي فرضته الأديان التوحيديّة بعد ذلك .. ويبدو جليّاً تمثيل طرفي الأسطورة لهذين المبدأين .. - قابيل الذي يبحث عن لذّته في نكاح "أخته" الجميلة مخالفاً بذلك شريعة الله رغم أنّها كانت مباشرة في قبول الله لقربان "هابيل" ورفضه لقربان "قابيل" .. و لا يتوانى عن ممارس العنف من أجل الحصول على "الجنس" .. فينحاز لمبدأ اللذّة بما يتضمّنه من تفريغ غريزي مباشر .. لغريزة "الجنس" (في تزوّجه للجميلة) .. وغريزة "العدوان" أو العنف (في قتله لأخيه) .. (ألا يذكّركم هذا الشخص بما سردناه عن نظرة دارون وفرويد للقبائل البشرية الأولى قبل الطوطم !!!!) - و"هابيل" الذي يخضع "للواقع" من شرع الله .. ويواري "غرائزه" مستسلماً للقيود الشرعيّة (والأخلاقيّة !!) المنظّمة للمجتمع البشري .. حتّى ليظهر بمظهر من يقدّم نفسه قرباناً لله .. في قوله لقابيل (لئن بسطت إليّ يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله ربّ العالمين - حسب تعبير "الله" في سورة المائدة) .. وكأنّ الصراع بين "قابيل" و"هابيل" هو تمثيل للصراع التاريخي بين الحالة البدائيّة الغريزيّة للإنسان .. وبين النظم الأخلاقيّة والدينيّة التي نشأت في مرحلة التحول الى الحضارة وسعت لتأطير هذه الحالة والسيطرة عليها .. بين سيادة "اللّذة" التي لن تتأنى إلا بممارسات قمعيّة فرديّة .. وبين حالة قمع "اللذّة" التي ستمارس فيها "النظم الاجتماعيّة والدينيّة" القمع المنظّم ضد الفرد .. بين المثولوجيا ذات النص "المفتوح" والحر .. و"المثولوجيا" ذات النص المغلق .. كما أنّه بين الحالة البدئيّة للقبائل حسب وصف دارون .. وبين التحوّل "الطوطمي" الذي وصفه فرويد .. ومع أنّ هذا الصراع انتهى بموت "هابيل" الممثّل لمبدأ الواقع .. إلا أنّه انتهى بتوبة "قابيل" حينما رأى "الغراب" يواري جثّة أخيه المقتول .. فكانت نتيجة هذا الصراع بمثابة "العبرة" لقيام نظم "قمعيّة" (طوطميّة اجتماعيّة تحكم الحياة البشريّة وإنهاء النظم الاقل تنظيماً. .. وكأنّه أيضاً يضع حداً للذّة "الجنس المقدّس" .. وللعنف في سبيل هذا "الجنس" .. وللصراع الجنساني الطويل .. لتصبح ممارسة هذه "اللذّة الجنسيّة" برسم التأجيل .. مع وعد بأن تعود لتكتسب "قدسيتها الجنسيّة" حينما تكون بجنّة الله .. (تمثيل للأساطير التوراتيّة بوجه الأساطير السومريّة) قد يتراءى للبعض أنّ هذا الاقتتال على "المحارم" بمثابة مناقضة للنص التوراتي والقرآني لذاته .. وهو برأيي يناقض نفسه بالفعل "ببعده التشريعي" .. إلا إنّي في الحقيقة أرى أنّ أسطورة هذا الصراع "ببعده الرمزي" خير معبّر عن الاتجاه التوراتي والقرآني .. أقصد أنّه معبّر عن الاتجاه الديني التوحيدي المستند على "مبدأ الواقع" .. بوجه الأساطير السابقة المستندة على "مبدأ اللذّة" .. وعن عودة انبعاث "الطوطم" .. على حساب خفوت "الجنس المقدّس" .. لا يمكن أن نهمل .. أنّ "قابيل" أراد نكاح أخته من (ذات البطن) .. بينما شرع الله كان يبيح الزواج بين "البطون المختلفة" .. ورغم أنّه بالحالتين يقتتل "لنكاح محرم" .. إلا أنّ قضيّة "البطون" وتحديدها بهذا "ألشرع" .. يكسب الأسطورة بعداً رمزياً يحكي عن صراع جنساني طويل وقديم .. في الاقتتال على "المحارم" (الممثّلة في الأسطورة بالبطن ذاته) .. يصف "تركي على الربيعو" موقف "قابيل" بقوله ( لكنة ما أن يصطدم بمبدأ الواقع والذي يقتضي تنظيماً للسلوك الجنسي والذي قلنا عنه أنّه أكبر حدث صادم .. وأولى البدايات لتاريخ جنسانيّة قمعيّة حتي ينفتح "أي قابيل" على العنف بكل صوره ويقع في دائرة العنف التبادلي الذي يقتضيه السياق التاريخي للانتقال من مبدأ اللذّة إلى مبدأ الواقع)
التفسير "البيولوجي" لتجنّب زنا المحارم .. بوجه التفسير التحليلي النفسي مقدّمة لا بدّ منها .. بالطبع .. فإنّ هنالك تفسيرات "بيولوجيّة" لموضوع تجنّب العلاقات الجنسية مع المحارم .. تأخذ بعين الاعتبار المشاهدات المستقاة من عالم الحيوان .. "الشمبانزي" خصوصاً .. وهي المشاهدات التي تبدو للوهلة الأولى تنقض كلّ ما ذُكر أعلاه .. عن النظرة "الفرويديّة" لهذا الموضوع .. هذه "التفاسير" البيولوجيّة تمّ إحياؤها خلال العقدين السابقين .. مع تطوّر ما يسمّى "علم النفس التطوّري" Evolutionary psychology .. وهو علم يستند على مبادئ "تطوّريّة" بيولوجيّة في تقديم تفسيرات سايكولوجيّة .. يتعامل مع موضوع "النفس" بشكل مبسّط جداً بحيث تبدو وكأنّها "لحاء" أو "قشرة" تتنعزل عن المؤثّرات الماديّة والاجتماعيّة المحيطة .. وتتبع لمصطلحات "الوراثة" و"الطفرة" و"الاصطفاء الطبيعي" .. ورغم الأهميّة الكبيرة لعلم كهذا .. إلّا أنّه ينزع صفة التميّز عن الحياة النفسيّة الإنسانيّة .. لدرجة أن يصل بعض "الدارونيين" إلى اعتبار أنّ التظاهرات الثقافيّة على مدّ التاريخ الإنساني منفصلة عن تطوّر التظاهرات النفسيّة .. وهنا كان من الطبيعي أن ينأى هذا العلم عن الاستخدام "الأنتربولوجي" وعن تقديم تفسيرات معرفيّة للتظاهرات الثقافيّة الإنسانيّة .. فليس فيه ما يُغري بذلك .. لا أحد يمكن أن ينكر أهميّة ومنجزات هذه المدرسة .. لكن هناك إشكاليّة كنت أتمنّى أن أجد من هو أكفأ منّي في معالجتها .. وهي إشكاليّة تتمثّل في "الإقصائيّة" التي تتبادلها علوم النفس فيما بينها (على سبيل المثال .. هذه المدرسة همّها التهكّم على "فرويد" .. والمدارس الفرويديّة تردّ الصاع صاعين بالمقابل ) .. بينما تشعر أحياناً أنّه بإمكانك أن تأخذ من كلّ بستان زهرة .. لتكوّن "دزّينة" فوّاحة .. سأعرض فيما يلي الرأي التطوّري بموضوع تجنّب العلاقة الجنسية بين المحارم .. وأقدّم بعض الملاحظات النقديّة .. وسأقدّم اعتذاري من الآن بحال وجود بعض الأخطاء في تعريب بعض المصطلحات الطبيّة والبيولوجيّة .. لأنّي غير معتاد على التعامل مع المصطلحات الطبيّة العربيّة . عودة لموضوع تجنّب "زنا المحارم"
تفترض هذه المدرسة .. وجود آليّة تطوّريّة ما .. عند الإنسان ونظائره من الثديّات المتطوّرة تجعله : أوّلاً : يميّز المحارم .. بوسائل خاصّة تتصّل بالمراكز "الشميّة" و"السمعيّة" و"البصيريّة" .. ثانياً : يتجنّب زنا المحارم .. "بوساطة شعور "القرف" .. أو "الإشمئزاز" .. disgust .. وطبعاً .. فإنّ لهذا الشعور أهميّته التطوّريّة .. حيث تقترن اللذّة "بالمفهوم النفسي التطوّري" بالمنفعة .. والألم بالمضرّة .. فالإنسان "مثالاً" يقرف ويشعر بالألم من الروائح والأطعمة الضارّة .. ويشعر بالسعادة من ممارسة ما هو نافع ومفيد ..
يقول "هربرت سبنسر" : (إذا استبدلنا بكملة لذّة قولنا أنّها حالة نسعى لإحداثها وإبقائها في الشعور .. واستبدلنا بلفظ ألم قولنا أنّه حالة نسعى لإبعادها عن الشعور وانتزاعها من النفس .. وكانت الحالات الشعوريّة التي يسعى الموجود الحي لإبقائها مناسبة للأفعال الضارة .. وكانت الحالات التي يسعها لإبعادها مناسبة للأفعال النافعة .. كان هذا الموجود الحي هالكاً لا محالة) لماذا تعتقد هذه "المدرسة" بوجود آليّة كهذه !!
بسبب الأمراض التي يتسبب بها نتاج هذا الزواج .. وذلك لآليّات مختلفة تتعلّق باختصار بما يلي .. 1- سبب جيني .. حيث تزيد نسبة الطفرات القاتلة والممرضة الناتجة عن هذا الزواج .. بسبب ميكانيزميّة جينيّة لا أجد داع لشرحها هنا .. 2 سبب يتعلّق بالبكتيريا الممرضة pathogens .. التي تسبب أضراراً أكبر في الأطفال الناتجين عن تزاوج القربى .. النقطة التي تهمّ الموضوع في ذلك .. أنّ هذه المدرسة تفترض وجود آليّة تطوّريّة اصطفائيّة أدّت إلى تطوير هذه "الميكانيزميّة" النفسيّة التي "تقرف" الاقتران من الأقارب .. لكن توصف هذه "الميكانيزميّة" بأنّها غير ملزمة ولا تسير على قانون "الكل أو اللاشيء" .. فحينما يكون "الاختيار" بين "نكاح المحارم" أو "اللانكاح" على سبيل المثال .. يتم اختيار نكاح المحارم .. أي أنّها ميكانيزميّة تتعلّق بالخيارات "المتاحة" والظروف المحيطة وهو امر نراه بوضوح في المجتمعات المحافظة دينيا. نقد لما سبق :
النقد البيولوجي لما سبق هو التالي : تعترف هذه الدراسات بأنّ مصدر "الرفض" لنكاح المحارم هو "الأنثى" وليس "الذكر" .. أي أنّ "أنثى الشامبانزي" على سبيل المثال هي التي تبحث عن "الزواج الخارجي" من مجموعة خارجيّة .. لا "الذكر" .. أي أننا نتحدّث هنا عن "ميكانيزميّة نفسيّة" خاصّة بالإناث أكثر منها بالذكور .. تفتقد لمبرّرات التعميم بهذا الشكل الفج .. خصوصاً وأنّ المدرسة تطبّق هذا المثال على الإنسان أيضاً وتجد أنّ الميل نحو تجنّب المحارم أنثوى أكثر منه ذكري .. ثمّ تعوّل على إمكانيّة أنّ تحريم "نكاح المحارم" قد تمّ سنّه تاريخياً بناءً على النزول عند رغبة المرأة .. وهذا تفسير مرفوض برأيي في حال ملاحظة الحالة الاجتماعيّة للمرأة (الممنوعة من الاقتراب من الأدوات المقدّسة !!) في أغلب قبائل الطوطم .. كما أنّه لا يقدّم تفسيراً مقنعاً لهذا المنع الذي يصل قد الى حد "هستيري" لاقتران المحارم .. ثانياً .. أثبتت بعض الأبحاث أنّ "زواج الأقارب" بين جماعات الشامبانزي لا يؤدّي لتشوّهات وراثيّة مميتة كمثيلتها عند الإنسان (على سبيل المثال .. يمكن مراجعة الدراسة المنشورة في مجلّة International Journal of Primatology في عددها الصادر في ديسمبر 2005 ) .. وهذا يعني أنّ "الداعي" لوجود هذه الميكانيزميّة التطّورّية الاصطفائيّة يفتقد لمبرّر وجوده عند "الشامبانزي" .. ! النقد "النفسي" لما سبق : شعور "الاشمئزاز" أو "الألم" الإنساني لا يرتبط فقط بميكانيزمات "تطوّريّة" .. بل له صلة وثيقة بعناصر "ثقافيّة" بشريّة .. وهذه نقطة قد تُحسب لصالح "تميّز" الإنسان عن غيره من الكائنات البعيدة عنه في السلّم التطوّري .. لذا فالشعور بالـ"ذنب" .. "دونيّة" .. "قرف" .. إلخ .. من زنا المحارم .. يصنّف في "التحليل النفسي" تحت بند "المقاومات" .. مقاومة الرغبة اللاشعوريّة ..وهو شكل من أشكال "مقاومة" همجيّة الغريزة أمام الحضريّة الإنسانيّة (الثقافة) .. | |
|
الإثنين أكتوبر 17, 2011 6:28 am من طرف روزا