المغرب: وطن واحد بروايتين متناقضتين
ذ رشيد شريت
2011-07-06 14:31:00
حرص
المخزن منذ قرون على فرض رواية واحدة لا ثاني لها،و هي رواية ثقافة
المخزن، بينما كان ينعت الثقافة السياسية و المجتمعية الأخرى المعارضة غير
المذعنة للثقافة المخزنية ببلاد السيبة!و بلاد السيبة لم تكن بتلك البشاعة
التصورية التي حاول إضفاءها عليها التاريخ المخزني، بل كانت بلاد في جلها
للمعارضة لا غير،مع بعض الاستثناءات لجماعات و قبائل لقطاع
الطرق.،بلاد"السيبة" بعضها سيطرت عليها شخصيات مناهضة للحكم المخزني و
البعض الآخر عدد من الزوايا و غيره من القوى المجتمعية القائمة حينئذ
الرافضة للثقافة الأحادية المخزنية.
رحلة 1956-2011
بعد
الاستقلال إلى 2011 حاول المخزن أن يجدد ترسانته الثقافية السياسية
مستغنيا عن المنظومة القديمة المتمثلة في ثنائية مخزن/السيبة، و مستعينا
بمصطلحات جديدة و قوالب جاهزة من قبيل الإجماع الوطني و الثوابت و الموروث
التاريخي و الحالة المغربية باعتبارها استثناءا و عدد من الأفكار التي
أصبحت مسلمات مع توالي الأيام و ضعف المعارضة القائمة، و في المقابل ألصق
بالمعارضة تهمة الخروج عن الإجماع الوطني! و عمل جاهدا على عزلها عن
الشعب، حدث هذا حين كانت الدولة تملك كل مقومات التعبئة و التلاعب بالعقول
عبر آلتها الدعائية بدءا من المدرسة ومقرراتها الدراسية الموضوعة بعناية
فائقة، مرورا بالشارع و الإذاعة و التلفزة، و العمل على إشاعة و دعم
الثقافة الشفهية باعتبارها أحسن ناقل للإشاعة و مكرس للمسلمات التدجينية
التسطيحية، لذا كان ازدهار ثقافة المقهى باعتبارها ثقافة شفهية غير منضبطة
بالضوابط العلمية، في مقابل تراجع ثقافة الكتاب التي هي قناة للتفكير و
للإنتاج والنشر. فكون القراءة في المغرب جد متدهورة ليس وليد الصدفة و
لكنه بفعل فاعل؟ و الحال أن الصورة الحقيقية لم تكن بهذه الوصفة التي
فرضها المخزن الجديد، فلا أحد جادل في هوية المغاربة أو دعا إلى استبدال
الإسلام بالبودية أو الزرادشتية و اللغة العربية باللغة الآشورية، و لكن
الآخر المعارض على اختلاف إديولجيته و منهجية فكره أراد أن يكسر احتكار
ثقافة أحادية إقصائية يمارسها المخزن مستعينا بأدوات السلطة و القمع و
الترهيب، أو بتعبير أدق حاول الآخر و من داخل المنظومة المجتمعية المغربية
نفسها أن يجد له رواية ثانية و ربما ثالثة من داخل النسق المجتمعي نفسه من
دون إخلال بالثوابت الحقيقية و الهوية المشتركة.أفلا يحق للمعارض أن يعرض
روايته و قراءته الثانية للأحداث و للواقع الذي يعيشه؟
مقدمات لولادة الرواية الثانية
من
الخطأ اعتبار أن الرواية الثانية ولدت بين عشية و ضحاها، بل كانت نتيجة
مخاضات عسيرة، و تراكمات من الجراح المريرة التي صعب تضميدها أو لملمتها.و
من جهة ثانية بلوغ الحياة السياسية في المغرب مرحلة اللامعنى! و اللامعنى
في علم النفس مؤشر عل