سبينوزا فريق العمـــــل *****
عدد الرسائل : 1432
الموقع : العقل ولاشئ غير العقل تعاليق : لاشئ يفوق ما يلوكه العقل ، اذ بالعقل نرقى عن غرائزنا ونؤسس لانسانيتنا ..
من اقوالي تاريخ التسجيل : 18/10/2009 وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 5
| | ت فى الإنسان والإله والتراث ( 10) -الصلاة فعل تواصل أم مشهد تمثيلى أم فعل نفاقى أم منهجية ترويض | |
[b]توقفت فى مرحلة مبكرة من العمر عن أداء الصلوات , كنت حينها فى الثانية عشر من العمر عندما قررت أن لا أصلى , ولا أمارس هذا الدور الذى يؤديه الممثل على خشبة المسرح بصورة متكررة ورتيبة . يستنهضنى أبى ذات صباح لحضور الصلاة وأنا أحاول بخبث شديد إيهامه أنى غافل وأغط فى نوم عميق , ولكنه يواصل إلحاحه بالنهوض , ولا يتوانى عن تذكيرى بأن المرء مصيره الموت ولن ينفعه حينها إلا صلواته لأصرخ فى وجهه بشكل لم أعهده وأقول : لن أصلى يا أبى ..لن أصلى .!! عقدت المفاجأة لسان أبى ثم تمالك أعصابه بعدها ليسألنى لماذ ترفض الصلاة ؟.. فما كان منى سوى القول أننى غير مقتنع بأهميتها وضرورتها فى حياتى ولا أرى لها معنى بالنسبة لى ولا للرب , فليس من المعقول أن الله العظيم يحتاج منى هذه الصلوات وينتظرها , كما يأتى سبب أكبر من هذا وهو إحساسى بالأختناق والضيق والملل عندما أمارسها فأحس كأننى شريط كاسيت يفرغ محتواه دون أن أفكر فيما أقوله , بل ذهنى شارد تماما ً فى أمور أخرى .. أحس اننى أتلو الكلمات وأسجد وأركع بلا أى تفكير أو إحساس ..أحس أنى أصلى بلا معنى مما يصيبنى بالملل والرتابة والضيق فلا أمارس الصلوات عن قناعة بل روتين من أجل أن أرضيك , ولكنى غير قادر على الإحتمال والإستمرار ..أحس أننى مزيف وأبله . لم يجد أبى سوى القول بأن الشيطان يعبث فى دماغى ويمرح فيه ليصرفنى عن الصلاة والتقرب للرب , فهل كل البشر يشردون فى الصلاة مثلك أم أن الشيطان الذى يتملكك هو من قادك لهذا المصير .. لماذا تركز جيدا ً ولا يشرد ذهنك عندما تلعب كرة القدم أو تشاهد الأفلام الأمريكية أو تذاكر دروسك ؟!.. لماذا تركز هنا وتشرد فى الصلاة سوى أن الشيطان إحتل دماغك ليصرفك عن الرب !... ينصرف أبى ويعلن عن سخطه على دماغى الفاسدة ولا ينسى تهديدى بحرمانى من المصروف فى حالة إبتعادى عن أداء الصلوات . لم يهمنى الحرمان من المصروف كثيراً فأعلم أننى سأنال ما أحتاجه من أمى الطيبة ولكنى تنفست الصعداء وأحسست براحة كبيرة تَغمرنى فقد إنزاح ثقل من على صدرى لتسرى نسمة حرية جميلة فى كيانى بأننى لن أفعل شئ إلا و أنا مقتنع به وصادق فيه . لم أعتنى بقصة الشيطان الذى يمرح فى دماغى ويضللنى للإنصراف عن الصلاة فبالرغم من حداثة سنى حينها وإحتفاظى بالكثير من الغيبيات التى كانت تدور حولها أسئلة شاكة , فإننى لم أقتنع بوجود خرافة الشيطان هذه ,فليست الأمور أكثر من أننا نريد التنصل من أخطائنا وشرورنا ورميها على هذا الكائن الخرافى ... ولكن ما أربكنى حينها قول أبى بأن ليس كل البشر يشردون أثناء الصلاة فلماذا أنا أشرد دائما ويذهب ذهنى بعيدا ً ؟!!..ولماذا يكون فكرى حاضرا ً ومركزا ً فى اللعب ومشاهدة أفلام السينما ولا يعرف التركيز طريقه إلى عقلى عند الصلاة .؟!! أحاول إستقصاء رأي أصدقائى ورفاقى من مسيحيين ومسلمين عما ينتابهم أثناء الصلاة فهل يشردون مثلى فأجد أن الغالبية تقر بأنها تشرد لدرجة التحديق فى أسقف المكان ومحتوياته .. والبعض الآخر يشرد ولكن يستعوذ الله من الشيطان حتى يكمل الصلاة والطريف أن زميلا ً إمتلك الجرأة وأعلن أن الخيالات الجنسية تقتحمه أثناء الصلاة .! كنت أرقب الآخرين وألمح شرودهم عن الصلاة وأرى البعض الآخر يمثل بشكل ساذج والبعض الآخر تخيلت حينها أنه يؤدى بشكل خاشع متعايش لهذه اللحظة بينما الأمور لا تعدو سوى أنه ممثل قدير قام بدوره بشكل جيد ومحترف ليصل لحالة من التقمص والتعايش .
ظللت فى حيرة من أمر الشرود هذا , فهل صحيح ان هناك بشر لا يشردون وماذا يفعلون لعدم شرودهم ؟ّ!.. ولماذا أستطيع التركيز هنا وافتقد التركيز فى الصلاة ؟!! ...ولكن حينها أحسست براحة اننى لست بمهرج ولا شريط كاسيت يفرغ محتواه حتى عندما واجهنى كاهن مهذب ومترفق للتحدث حول هذه المشكلة وافقنى على أن الإنسان يجب أن يكون مركزا ً وصادقا ً فى صلواته لأن الرب فاحص العقول والكلى ناظراً إلى قلوبنا وكينونتنا ولا يقبل بصلوات مزيفة فلن نستطيع خداعه .. ولكن يا بُنى يجب أن تجاهد للنضال ضد الشيطان بالمزيد من الصلاة فالصلاة والصيام وسائل لمجاهدة الشيطان . !!!
* رحلة فى عقل مصلى ..لابد أن نشرد .! عندما أمتلكت درجة من الوعى إكتشفت إجابة لسؤالى القديم فأدركت بأن الصلاة لابد أن تًنتج حالة شرود فلن يفلت إنسان من الشرود أثناء الصلاة بل الشرود هو حتمى وليس شئ وارد أو ينال من أحد ويستثنى أحد !! .. بل من ينفى شروده عن الصلاة ويوهمنا انه فى حضرة إلهية إما مكابر أو يخدع نفسه أو يقوم بفعل تمثيلى يتقمصه ببراعة .!!
الإنسان لا يعى فى الوجود سوى الصور المادية فلا يوجد فى شفرة الدماغ سبيل للتعامل مع أوهام الكيانات الميتافزيقية واللاورائية والأرواح فهى لن تتواجد فى الدماغ بحكم خلوها من أى صور مادية يمكن التعاطى معها . أى فكرة فى الدماغ لا تكون إلا تجميع وخلط ومزج صور مادية مُستقاة من الواقع مهما تعقدت وتطورت أفكارنا فهى فى تحليلها النهائى صور مادية لها وجود حقيقى فى الطبيعة .. إذن لا توجد أى صورة فى الدماغ إلا نتاج هذا الوجود الذى نعيشه ..ولا توجد أى فكرة أيضا إلا وتكون مكوناتها صور مادية .
عندما يقال أن الله روح وذات غير مادية وليس له مثيل وبلا حدود ..فهنا الدماغ بشفرته وآلياته لا يعرف كيف يتعامل مع مثل تلك مقولات .. فنحن نفكر فيما يتراءى لنا من خلال الصور والمشاهدات المختزنة فى أرشيف دماغنا ..فلا نعرف كيف نرسم ونستحضر صورة الإله الغير مرئى واللا مادى واللامحدود أثناء الصلاة .
الأمور لا تكون سوى تريد كلمات وعبارات محددة و سيتبعها ذهنية شاردة ستستدعى بالضرورة صور ومشاهد أخرى بحكم أن الدماغ لا يتوقف عن التفكير ومن هنا يكون الشرود ... الإنسان معذوراً فى حالة الشرود التى تعتريه فهو يوجه صلواته لإله غير معروف الملامح ..إنه يصلى لفكرة وكلمة ويتعاطى مع مفردة لغوية .
ولكن يمكن أن يتواجد التواصل إذا تم إسقاط صور مادية علي الإله وتشخيصه فتكون ملامحه ذات نسق تشكيلى محدد يمكن إستحضاره أثناء الصلاة والتواصل معه كما فى المعتقدات الوثنية التى تجعل الآلهة تحل فى رمز معين ولكن مقولة أن الإله ذات غير مادية وروح وليس كمثله شئ فكيف يمكن أن تجد حضورها فى الدماغ إلا كمفردة لغوية فقط بلا معنى مما يعنى أننا يستحيل أن نقيم شكل تواصلى معه ... وبحكم أن الذهن الإنسانى لا يتوقف عن التفكير بغض النظر عما يستدعيه من أفكار عميقة أو تافهة , فيستدعى الصور القريبة من الذهن والإهتمام ليجد المرء نفسه يستحضر صور أصدقاءه وأهله , ويسترجع مشاهد وينشأ مشاهد جديدة كل شخوصها قريبة من ذهنه , ولا مانع من إستحضار أشياء تكون ذات وقع قوى وقريبة من إحتياجاته النفسية والجسدية كتصعيد خيالات جنسية كصديقى الذى تفتنه النساء .. كل هذا ليس من فعل كيان خرافى شيطانى بل لفراغ ساحة الدماغ من صور يتعاطى معها فتطفو الصور القريبة من الذهن والتى تستهويه فيفكر فيها .
* وهم الراحة والسكينة . ولكن مازال البعض يصر على أن الصلاة تمنح الإنسان السكينة والسلام وليس كفعل تمثيلى يتفانى المصلي فى أدائه , والحقيقة أن الأمور لا يمكن إختزالها فى مشهد واحد فنحن مع تكوين إنسانى حى ذو قدرة على إنتاج الإحساس والمشاعر , فيمكن إدراك الحالة الشعورية التى تنتاب المُصلي بأنها نتاج تكوين موقف نفسي مسبق لفعل الصلاة يتم تهيأته لها فيستدعيه عندما يقترب من الصلاة .. فنحن نحمل إنطباعات وأحاسيس مسبقة عن المكان فينتابنا التوجس والخوف مثلا ً قبل الدخول لمراكز الشرطة ومباحث أمن الدولة ..كما نحمل مشاعر مطمئنة ومستريحة عند الدخول للأماكن المقدسة بتأثير مُسبق من البيئة المحيطة , كما لا نحمل هذه المشاعر للأماكن المقدسة الآخرى , فالمناخ الإجتماعى الحاضن يمد الإنسان بإنطباعات وحالة نفسية فيكون الجامع أو الكنيسة مكان محبوب ذو ألفة وأماكن أخرى سنفقدها هذه المشاعر . لذلك لا نجد نفس العاطفة والشعور بالراحة والألفة والسكينة للمسلم عندما يرتاد كنيسة ولا للمسيحى عندما يرتاد مسجد .. ولا نجد أيضا هذا الإجلال للإنجيل فى يد المسلم وكذلك الأمر بالنسبة للمسيحى فلا ينتابه الإجلال والخشوع وهو يمسك المصحف .. فالقصة أن الميراث العاطفى المُصدر لنا حاضر هنا وغائب هناك .
تتولد ثقافة تربط المشاعر والأحاسيس بالأماكن المقدسة يغذيها حضانة إجتماعية تمنح الإنسان مفاهيم تم مزجها بعواطف جياشة فيكون المسجد والكنيسة ملاذ وأمان وسلام وتصل الأمور بأن بمجرد قراءة أو ملامسة الكتب المقدسة كالقرآن والإنجيل ستجلب السكينة والتخلص من الألم والضيق بغض النظر عما نقرأه كونه مفهوم محتواه أم لا .. لذا يكون حرق هذه الكتب هو مدعاة للغضب والثورة الشديدة .
أرقب بعض الجمهور البسطاء الحاضرين فى عزاء وهم يستجيبون للإستحسان الذى يبديه مرافق للشيخ وظيفته الإستحسان والتطييب بالرغم ان شيخنا صوته ومخارج ألفاظه غير واضحة مع مكبر صوت سئ يُطفى المزيد من الغموض , ومع آيات تحتاج جهداً فى فهمها ولكن الجميع يرددون " الله " إستحسانا ً.!! لقد تكونت للإنسان عاطفة مع المادة متمثلة فى المكان ونراها فى هذا الحنين للوطن والقرية الصغيرة الحاضنة ففيها ذكريات وإنتماء إرتبطت بعاطفة تغلغلت فى الداخل الإنسانى ...هذه العلاقة العاطفية التى تم تكوينها من خلال التأثير العاطفى للمجتمع تمنح الإنسان الوهم أنه عندما سيُقدم على الصلاة ويرتاد المسجد أو الكنيسة فسينال راحة نفسية وشعور رائع بالسكينة والسلام فيذهب وهو مهيأ أن يتعايش هذا .
* الإنسان والجسد . هناك تفسير آخر يجعلنا نتلمس الصفاء والسكينة فى ممارسة الصلوات وخاصة عند الناسكين والمتصوفة فلا تكون فى كينونة الصلاة بحكم إنعدام قدرة الدماغ على التواصل لعدم وجود صور مادية كما ذكرنا , ولكن يستمد الشعور بالسعادة والصفاء من ممارسة عملية تخديرية واعية للجسد كما فى المتصوفة وممارسى اليوجا والرقصات الإفريقية
سأسرد تجربة شخصية تفيد هذه الرؤية وتعضدها , ففى مطلع شبابى مارست حالة تصوف بحلقة ذكر بالرغم من عدم إعتقادى بالأديان وما تسوقه من خرافة . كان رصدى لمجموعة من الرجال البسطاء فى الموالد وقيامهم بممارسة حلقات لذكر لله مع حركة لأجسادهم يمينا ً ويسارا ً كحركة بندول الساعة بطريقة منتظمة ومتكررة لا تتوقف ولا تمل ولاتتململ .! أعجبنى هذا الفلكلور والذى تلمست من خلال بعض الوجوه التى تمارسه ان هناك شئ ما صادق وغير مُفتعل ...فأقرر أن أنزل معهم وأشاركهم نفس حركاتهم البندولية وترديدهم لمقولة "الله " لمرات عديدة مما أثار دهشة زملائى المسلمين الذين يستخفون بهذا الفلكلور فما بال شخص لادينى .! أحسست أن هناك شئ غامض ما يلح علىّ أن أبحث عنه وأحس به وأتفهمه ...وبدأت فى المشاركة لأتحرك يمينا ويسارا ً كالبندول وأقول فى كل جهه " الله " .. حاولت أن أعزل تفكيرى ومحاولة تفسير هذا الحدث حينها فليأتى التحليل بعد المعايشة كالآخرين لإعتقادى أننى لوفكرت حينها فسأفسد التجربة فلأتعايش كل لحظاتها بدون فكر أو تحليل ... تركت جسدى يتحرك بدون أن أرصده وأراقب حركاته لأزيد وأكرر بلا توقف . بعد فترة من هذه الوتيرة وجدت أننى لا أحس بجسدى بالرغم أنه لا يكف عن الحركة وساعد فى ذلك مقولتى المتكررة والمنتظمة لمقولة الله لتتطابق مع نفس ترديد المشاركين .!
وجدت أننى كنت فى حالة محلقة متحررة من الجسد .. حالة من التحليق والصفاء والخروج من الحسابات والرصد .! ..تأتى حالة الصفاء هذه من شل الدماغ عن التفكير ليقتصر النشاط الذهنى للمخ فى تسيير هذه الحركة البندولية وترديد كلمة "الله " فقط ..أن تجعل العقل فى حالة من الممارسة الذهنية الثابتة المنتظمة فلا يبذل مجهود كبير فيفقد قدرته على إبداع الديناميكية والتعاطى المتباين مع صور مختلفة ليقتصر نشاطه على حركة عضلية واحدة ونبرة صوتية واحدة يتم تكرارها بإستمرار فيصل الدماغ لحالة شبه شلل ليتكون شعور غريب ذو ارتياحية خاصة بعد ان تخلص العقل من أعبائه وحساباته ومنطقه وتجميعه لصور وبرمجتها ..يصل لحالة تشبه التخدير . لا تكون القضية فى هذه الحركة البندولية ولا ترديد كلمة "الله "المصاحب لها فلو مارسنا أى حركة أخرى بسيطة وكررناها على الدوام وصاحبنا معها أى كلمة أخرى فسنحصل على نفس هذا الشعور بالصفاء والهدوء وهذا هو مفهوم الرقصات المصاحبة لبعض الموسيقى ..الطريف أننى كررت التجربة مع إبداع حركة جسدية سهلة وترديد كلمة بسيطة لأصل لنفس النتيجة .!
* الصلاة والغاية . كنت أردد دوما ماذا يستفيد الله من صلواتنا .. لماذا يلح على طلب الصلاة والتسبيح والتمجيد فمقولة أننا عبيده أو أبناءه وهذا واجبنا نحوه لم تروق لى بل أرى أنها تنال من الله ذاته فهو بذلك ملك يطرب من المديح ككل الطغاة وأصحاب النزعات النرجسية ولكن تزداد الأمور غرابة أنه سيعاقب من لم يمدحه على عكس طغاتنا الذين لن يجبرون احداً على المديح !.. وأقول هل من المعقول أن الله خالق كل هذا الوجود وهذه المملكة العظيمة والذى يمتلك كل هذه العظمة والغنى ينتظر صلواتى أم أن المنطق يقول بأن الإله الذى يمثل هذه العظمة لن يزيد جلاله أو ينتقصه أداء هذه الصلوات البائسة أو عدم أدائها ...بل المنطق يقول أيضا عندما يكون للإله حاجة وغاية فستنال من ألهويته وكماله وتضعه فى مصاف أى ملك يحتاج الطاعة والتمجيد . الغريب أن هناك مفردة إيمانية تقول بأن مصير كل واحد معلوم لدى الله قبل وجوده وأسأل هنا إذن لماذا الصلوات وهذه الجلبة ؟!!..فهل الله سيجعل إنصرافنا عن الصلاة شاهد على مصيرنا المعلوم لديه !..ولكن أقول : شاهد لمن !! ..ولمن يريد تبرير قراره وعلمه المسبق !!
الفكر الدينى عندما يفرض فعل الصلاة ولا يعنيه أن تكون متعايشا ً معه أو شاردا ً فهو واجب الإنجاز فهو هنا ينال حتما ً من صورة الإله ويجعله فى مشهد غير لائق , فهو يقبل هكذا صلوات مزيفة ومنافقة ولا يعنيه إذا كان الإنسان يمارسها بتضرع وخشوع وإحساس أم بحالة نفاقية وأداء تمثيلى باهت .
* الصلاة فعل برمجة . الصلاة فى أدائها ترمى لغاية برمجة الإنسان وقولبته , فأن تمارس فعل مادى بدون أن يستوقفك لتردد كلمات , وتؤدى حركات منظمة وبوتيرة واحدة ولا تعرف لماذا هى كذلك وماذا يعنى زيادة كلمة أو أداء ركعة زائدة تُفسد الأمور بل هو إلتزام حديدى بما مقرر أداءه بلا تفكير ولا جدال يعنى أن تساق ليتم برمجتك ونزع أى قدرة على التفكير والتأمل والنقد ...هذا المنهج يؤسس لترويض الإنسان وتجريده , مما يؤدى إلى تمرير كل حمولة الخرافات والغيبيات دون أن تستوقفه .
يستحضرنى هنا منظومة إستلهمت من الفكر الدينى منهجه فى الترويض والقولبة ,, فعند بداية خدمتى بالجيش إستوقفتنى هذه الطوابير الطويلة المملة وأداء بعض الحركات التافهة التى ليس لها أى معنى مثل الوقوف فى الوضع "صفا " وهى فتح الرجلين ثم الوقوف بوضعية " إنتباه " التى تعنى ضم الرجلين ..لأقول فى سريرتى هل بهكذا أسلوب سنحارب إسرائيل .! نعم بهكذا أسلوب بدائى وساذج سنحارب إسرائيل !! ولكن ألا تكتفى على الصفا والإنتباه بالطبع .!! فالمنظومة العسكرية لا تقوم لها قائمة فى وجود حياة مدنية تتحمل النقاش والجدل والحرية فلابد أن يتم قولبة الإنسان وبرمجته ونزع أى قدرة على التأمل والنقد حتى ينفذ الأوامر بدون مناقشة ليصبح كيان منزوع الإرادة والتفكير الحر ولن يتأتى هذا إلا بتدريبه على ممارسة مجموعة من الحركات الشكلية ينصاع فى أدائها بلا تفكير ولا نقاش فيسهل بعد ذلك تنفيذه لأى أمر بالقتل ..النظام العسكرى حاكى نفس المنهجية الدينية فى ترويض الإنسان وقولبته فنحن نمارس بعض الحركات فى الصلوات ولا نسأل لماذا هى هكذا ولابد أن نمارسها كما هى فنتعود عندما تقترب من الفكر الدينى أن نتعاطى معه دون تفكير أو جدال ..ومن هنا تنساب كل حمولة الخرافة ويتم تمريرها بسهولة .
نحن نجنى من فعل الصلاة منهجية الإنبطاح والقولبة فهذه الأمور علينا أن ننفذها هكذا بدون تفكير وبلا جدال ولا طرح للأسئلة ..علينا أن ننفذها ولا ننصرف عنها لأن الإنصراف عنها والجدال حولها مدعاة لغضب القائد العسكرى القهار الجبار الإلهى .
ممارسة الصلاة لأن هذا رغبة إلهية وسينال من يمارسها الجزرة المتمثلة فى الثواب الممهد لطريق الجنه والإنصراف عنها سيجلب العصا المتمثل فى الجحيم تدفع الإنسان أن يمارس الصلاة كمشروع نفعى برجماتى ولا يهم إذا كان سيمارسها بحالة شرود وحالة نفاقية أم لا فالذى يهم هو الجزرة وتجنب العصا .!
دمتم بخير .
- "من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته " حلم الإنسانية القادم فى عالم متحرر من الأنانية والظلم والجشع .
[/b] | |
|