ماذا سنفعل اذا اغلقوا قناة السويس؟
صحف عبرية
2011-02-11
من المعتاد عندنا ان يُقال انه عندما يحل آذار (مارس)
يكثر الفرح. نحن نفرح ونبتهج على نحو عام لاننا قضينا على هامان الشرير.
ونرى على الشاشة بيبي وباراك يتجولان وأيديهما كأنما تخفي عرَضا أفواههما
لئلا يتبين قارىء شفتين ما الذي يتحدثان فيه وعمن؛ أعن غالنت؟ أعن بوغي مع
الحذاء العسكري؟ أعن هرباز والوثيقة؟ ففي عيد المساخر كما في عيد المساخر،
يجب أن نجد الشرير الذي عندما يُذكر اسمه في كل جيل وجيل يقرع الجميع العصي
ويصفرون.
يمكن أن نُخمن أننا اذا استثنينا النمائم المحلية مثل مجيء
رئيس الاركان الامريكي الى حفل وداع اشكنازي، ودسائس محلية اخرى فان هذين
الرجلين قد تحدثا في الأساس عن اوباما بإزاء الاضطرابات في مصر، وعما
سيقوله باراك في سفره 'العاجل' الى واشنطن، التي دعا نفسه اليها. وباعتباري
قارىء شفاه خبيرا أُقدّر أن 'يُبين' لهم بتواضعه الشديد الوضع وما يجب
فعله.
لم تتنبأ الاستخبارات الامريكية ولا استخباراتنا سلفا بما يوشك أن
يحدث في مصر. فمن الحقائق انه عندما نشبت الاضطرابات كان رئيس الاركان
المصري في ذروة زيارة رسمية لوزارة الدفاع الامريكية. أُصيبت الادارة
الامريكية بالذعر ومن غير أن تفكر مرتين لقّبت مبارك ديكتاتورا ينبغي عزله
فورا. وذلك من غير أن يفكروا في سؤال من سيتولى السلطة وماذا سيفعل ذلك
بالسلام مع اسرائيل وبمكانة الولايات المتحدة في المنطقة.
كانت إخافة
الادارة لاسرائيل أكثر من إخافتها لمبارك. لأن اسرائيل شديدة الخبرة
بمسابقة التخويف الذاتي. حذر بيبي الادارة من ان مصر قد تمضي على أثر
ايران. وحذر سلفان شالوم من ان المتمردين سيغلقون قناة السويس فماذا سيحل
بنا آنذاك؟ وهو شيء يشهد أنهم لا يفهمون عندنا أن الانتفاضة في مصر ليست
بالضرورة مقاومة للسلام مع اسرائيل. فإغلاق قناة السويس سيضر قبل كل شيء
بايرادات مصر. ولا يوجد خبراء مثلنا بالتنبؤ بسيناريوهات الرعب عندما لا
تروق لنا معاملة الولايات المتحدة.
كان رد الادارة مبلبلا ومعوجا شيئا
ما. فقد طلبت في البداية عزل مبارك فورا الذي استضيف أكثر من مرة في واشنطن
على بساط احمر. ثم قالوا بعد ذلك ان من الأفضل أن يبقى حتى نهاية ولايته
من اجل نقل ديمقراطي للسلطة. لكن عندما تتحدث الادارة عن الديمقراطية فانها
لا تعنيها بالمعنى الحرفي، بل تعني ضمان ان تكون السلطة في دولة في
المنطقة تهتم بها مستقرة وموالية لأمريكا. فالسعودية مثلا، وهي دولة سوداء
في المقياس الديمقراطي، عزيزة على واشنطن. وهو أمر يبرهن على أن
الديمقراطية أمر جغرافي.
تتلقى مصر بسبب السلام مع اسرائيل نحو ثلاثة
مليارات دولار كل سنة مساعدة عسكرية واقتصادية، مثلنا تقريبا. ومن آن لآخر
يفحص السفير المصري في واشنطن عند نظيره الاسرائيلي هل يوجد رفع لمساعدتنا
كي يتمتع هو ايضا به. حدثني دبلوماسي اسرائيلي كيف ربت السفير المصري ذات
مرة على كتفه قائلا: 'تابعوا العمل الحسن'.
كانت علاقات السلام بين
اسرائيل ومصر فاترة لكنها موضوعية حتى في فترة بوش شمير. لم ينشأ في
الدولة التي أكثر سكانها من السنيين منتحرون شيعة وقمع النظام الاخوان
المسلمين قمعا شديدا. ولأننا أعدنا اليهم كل شيء حتى آخر ملليمتر، فلا يوجد
بيننا أي اختلاف في المناطق. والسلام البارد ايضا سلام، وليس ما يدعو ألا
تستمر المساعدة الامريكية لمصر بعد مبارك وألا يستمر عشرات آلاف السياح
الاسرائيليين في زيارة سيناء.
بعد الرد الحامض الاول من واشنطن أعلن
متحدث البيت الابيض أن الحلف بين اسرائيل والولايات المتحدة أقوى مما كان
دائما. وفي الحقيقة أن اسرائيل باعتبارها الديمقراطية الوحيدة المستقرة في
المنطقة هي ذخر استراتيجي وقيمي مخلص للولايات المتحدة. بيننا صلة تاريخية.
وكانت الولايات المتحدة في كل أزمة دُفعنا اليها الى جانبنا بالسلاح
والفيتو والمال.
لا يجب علينا في هذا الواقع ان نبحث عن هامان الشرير،
بل ان نبادر ونقدم تسويات سلمية مع الفلسطينيين ومع سورية، وان نساعد بذلك
صديقتنا وراء البحر على فعل ما يجب فعله كي تهتم، بحساسية ومرونة باعادة
النظام الى مصر. لأن إقرار الاوضاع في المنطقة، بدءا بمصر، من مصلحتنا قبل
كل شيء.
هآرتس 11/2/2011