انسحاب عباس: حقيقة ام مناورة؟
رأي القدس
05/11/2009
أثار اعلان الرئيس الفلسطيني محمود عباس عدم ترشيح نفسه في الانتخابات الرئاسية التي دعا الى اجرائها في كانون الثاني (يناير) المقبل حالة من الارباك على المستويين الفلسطيني والعالمي، خاصة انها تزامنت مع حالة احباط فلسطينية متأزمة بعد تبني السيدة هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الامريكية وجهة نظر بنيامين نتنياهو، الداعية الى استئناف المفاوضات مع تجميد جزئي للاستيطان في الضفة الغربية فقط.
هذه ليست المرة الاولى التي يتحدث فيها مقربون من الرئيس عباس عن عزمه على الاستقالة من منصبه او عدم ترشيح نفسه في انتخابات الرئاسة، ولذلك من الصعب الجزم عما اذا كان الرئيس عباس جادا في موقفه هذا، ام انه يلوح به من قبيل الضغط على الادارة الامريكية للعودة الى موقفها السابق الذي يشترط تجميدا كاملا للاستيطان الاسرائيلي في المناطق كافة، بما في ذلك القدس المحتلة للعودة الى طاولة المفاوضات مجددا.
لا شك ان الرئيس عباس يشعر بحالة من الاكتئاب السياسي والشخصي معا بسبب تخلي الادارة الامريكية عنه، وتبنيها لوجهة نظر نتنياهو. فمواقفها المصرة على تجميد الاستيطان هي التي شجعته على التصلب في مواقفه في هذا الاطار، فقد تفاوض مع الاسرائيليين، والحكومة الاسرائيلية السابقة على وجه الخصوص، دون ان يتمسك بهذا الشرط، وان كان يأمل في التوصل الى تسوية شاملة تؤدي الى دولة فلسطينية مستقلة وفقا لوعود الرئيس الامريكي السابق جورج دبليو بوش وقبل نهاية ولايته الثانية.
الرئيس عباس يشعر انه لبى كل ما طلبه الامريكان منه بالاعتدال والذهاب الى طاولة المفاوضات بلا شروط وفقا لقرارات مؤتمر انابوليس، ونفذ كل ما نصت عليه خريطة الطريق من منع لجميع اعمال المقاومة، انطلاقا من مناطق السلطة في الضفة الغربية طوال السنوات الثلاث الماضية، ومع ذلك لم يتم تحقيق اي تقدم حقيقي على الارض، بما في ذلك وقف الاستيطان بالكامل والاتفاق حول قضايا الوضع النهائي.
اقدام الرئيس عباس على عدم ترشيح نفسه في الانتخابات المقبلة سيمثل اكبر عملية فدائية وطنية في حياته، لانها ستفضح كل الاكاذيب الامريكية والاسرائيلية حول دعم العناصر المعتدلة في الصف الفلسطيني، والوصول الى تسوية سلمية مقبولة للصراع العربي ـ الاسرائيلي.
انسحاب الرئيس عباس، وفي مثل هذا التوقيت بالذات، قد يعيد الساحة الفلسطينية الى وضعها الطبيعي، اي احتلال ومقاومة، ويضع حدا للرهان على عملية سلمية فاشلة لم تثمر الا المزيد من الاستيطان والاذلال للشعب الفلسطيني.
الرئيس عباس قامر طوال حياته على جدول المفاوضات مع اسرائيل، لايمانه بانها الخيار الاقصر للوصول الى الدولة الفلسطينية المستقلة، ولكن بعد خمسة عشر عاما من توقيع اتفاق اوسلو بات حلم الدولة الفلسطينية المستقلة ابعد كثيرا مما كان عليه الحال قبل هذا التوقيع.
نأمل ان يكون قرار الرئيس عباس جديا وليس مجرد مناورة، الهدف منها هو استجلاب بعض التعاطف، وربما بعض الشعبية التي تراجعت كثيرا بسبب خطيئة سحب تقرير غولدستون حول جرائم الحرب الاسرائيلية في قطاع غزة من التصويت امام المجلس الدولي لحقوق الانسان في دورة انعقاده الاولى.
qca
الخميس نوفمبر 05, 2009 3:52 pm من طرف Admin