أزمة اسرائيل ـ تركيا.. فرصة للصلح
تسفي بارئيل
2010-12-05
عشرات التعليقات التي نشرت أمس في الصحف التركية ردا على نبأ المساعدة التركية حملت طابعا مشابها: اسرائيل صديقة، واسرائيل ساعدت تركيا عندما كانت هذه الى جانبها. بعض المعلقين تساءلوا حتى لماذا بعثت تركيا طائرتين فقط. وكين شلديران، تركي ابن 76، أوضح قائلا : 'اني فخور جدا بان تركيا تساعد اسرائيل. نحن اخوان واخوات في قلوبنا.' السؤال الان هو اذا كانت النار في الكرمل والتي جلبت الى البلاد طائرتي اطفاء تركيتين ولا سيما المواساة التي أبداها اردوغان لضحايا الحريق، ستحل الجليد السميك الذي غطى علاقات اسرائيل وتركيا قرابة سنة ونصف السنة.
'دبلوماسية المصائب' هو مفهوم معروف بقدر لا يقل عن 'دبلوماسية البينغ بونغ' التي بدأت بحل الازمة بين الولايات المتحدة والصين، او 'دبلوماسية كرة القدم' التي سرعت الاتفاقات بين تركيا وارمينيا. اسرائيل، تركيا واليونان جربوا 'دبلوماسية الهزة الارضية' في العام 1999، عندما في أعقاب المساعدة لمصابي الهزة الارضية الهائلة التي وقعت في تركيا، تحسنت العلاقات بينها وبين اليابان على نحو دراماتيكي. اما اسرائيل فقد نالت لقب الصديق الاقرب لتركيا عندما بنت بسرعة قصوى قرية لاسكان مصابي الهزة.
ذكرى ذاك الحدث الذي سجل دينا انسانيا في صالح اسرائيل لم تتبدد بعد. والمساعدة التركية لاسرائيل هي قبل كل شيء رد طبيعي لدولة توجد الى جانبها، دون صلة بالعلاقات السياسية المعادية بين الدولتين. كما كلف اردوغان نفسه عناء الايضاح للمراسلين بانه 'لا يجب الخلط بين الموضوعين وان علاقات اسرائيل وتركيا لن تتحسن بشكل كامل الى أن تعتذر اسرائيل وتدفع تعويضات لمتضرري الهجوم على الاسطول'. ولكن اقوال نتنياهو بالذات كفيلة بان تلمح بنية اسرائيل مصالحة الاتراك. 'انا واثق ان هذا سيكون مدخلا لتحسين العلاقات بين الدولتين'، قال نتنياهو لاردوغان في حديثهما الشخصي، وان اسرائيل ستجد السبيل للاعراب عن شكرها للمساعدة التركية.
بعد أن مد اردوغان يده وأمر بارسال الطائرات فان المقود الذي سيحرك ترميم العلاقات بين الدولتين يوجد الان في يد نتنياهو. لن تقع أي مصيبة اذا ما أعربت اسرائيل عن أسفها واعتذرت عن قتل المواطنين الاتراك، وذلك لانه حتى لو كانت نواياهم مبيتة، فان العملية ضد السفينة كان يمكنها أن تدار بشكل مختلف ودون ضحايا. مكانة اسرائيل على أي حال تضررت في أعقاب القضية والضرر السياسي الهائل لا يمكنه أن يصلح من خلال مكانة اعتبارية مخلولة. دفع التعويضات لعائلات القتلى الاتراك ليست بالضرورة اعترافا بالمسؤولية، اذا كان هذا ما تخشاه اسرائيل. احيانا تكون التعويضات بادرة طيبة انسانية للعائلات التي فقدت اعزائها.
تركيا هي دولة اقليمية هامة للغاية، وقد أصبحت كذلك ليس بسبب هجمات اردوغان على اسرائيل بل في أعقاب سياسة خارجية جديدة وهجومية. أهميتها لاسرائيل لم تقل في أعقاب الحرد، وعلاقاتها مع ايران، سورية ولبنان تشدد فقط اهمية تحسين العلاقات بين القدس وانقرة. الفرصة موجودة امام اسرائيل. خسارة أن تكون حاجة الى انتظار مصيبة هائلة بهذا القدر كي تفتح ثغرة للفرصة، ولكن سيكون من السخافة والتبطل السياسي تفويت هذه الفرصة.
هآرتس 5/12/2010