رحمة بالعباد بشرى ايجورك -
bouchra_ijork@yahoo.fr لست أدري كيف تتم الموافقة على نشر ملصقات دعائية لشركات قروض تضع خروف العيد في أشكال ومظاهر مضحكة، وكيف اختـُصرت هذه المناسبة الدينية المباركة لتصبح موعدا سنويا لاغتناء هذه الشركات، ولماذا يشعر غالبية المغاربة بالغبن كلما اقترب هذا الموعد السنوي الجليل..
أسئلة حارقة تجتاحني كل عيد، حينما أرى الوجوه وقد تجهمت وأسمع العباد يحملون عبء ثمن الخروف وهم يقترضون أو يبيعون أغراضهم رغبة في إدخال الفرحة على البيت وإسعاد الصغار وإكراما لسنـّة مؤكدة، لها أبعاد إنسانية وروحية قوية ولها رمزية كبيرة أعمق بكثير من مجرد عيد تذبح فيه الخرفان وتشوى فيه اللحوم..
إنها مناسبة للتفكير في الآخر، للصدقة، لصلة الرحم.. للمّة الأهل، لحظات ربانية تجعل يوم العيد برائحة مختلفة وسحر خاص وسعادة لا يحسها إلا المحرومون من قضاء هذه الشعيرة الكريمة، إنه يوم للاستغفار ولمراجعة الذات ولفهم مغزى الذبح ومعنى التضحية وأصلها وتاريخها..
لكن للأسف، كل هؤلاء الصغار الذين يركضون خلف خروف العيد سعداء برؤية هذا الضيف الوديع، لا يعرفون شيئا عن قصة الأضحية، وقصة سيدنا إبراهيم وابنه إسماعيل، فلا الإعلام ولا برامج الصغار ولا الأهل يسعون إلى تبليغ الرسالات الدينية ولا قصص الأنبياء وما تحمله من معان وعبر..
العيد اختصر في قروض لست أدري من أحلها، وهل حقا يـُجاز اقتناء خروف العيد بقرض سنوي، أما تلك الصور والدعايات الركيكة التي نجدها في الشوارع والمجلات وحتى في التلفزيون فلا علاقة لها بعمق عيد الأضحى المبارك..
لقد أصبح العيد مشكلا كبيرا وعبئا ثقيلا على كاهل العباد بسبب الفقر وضعف القدرة الشرائية وغلاء الأكباش، وأصبح مصاصو الدماء من شركات القروض يستغلون تمسك المغاربة بذبح الأضحية ليجعلوهم الضحية الأولى دون رحمة ولا شفقة، ودون تدخل المسؤولين لضبط هذه السلوكات وتقنينها، وبالتالي أفرغ العيد من مغزاه الحقيقي ومن بعده الديني الاجتماعي والإنساني المحض ليصبح مثارا للسخرية ومثارا للاستهزاء ومصدرا للهم عوض أن يكون يوما للفرح والنشوة واقتسام الحب والفضائل والخيرات.
في دولة إسلامية كالمملكة المغربية، معظم سكانها مسلمون فقراء، تجب مراقبة أسعار الأضاحي ومساعدة المعوزين ودعمهم للاستفادة منها، يجب التفكير في طرق ووسائل لتنظيم تجارة الأضاحي ولحماية المستهلكين حتى لا يصبح العيد صخرة تثقل كاهل الكادحين.
لقد شاهدت رجالا يبيعون أغراض بيوتهم لاقتناء كبش العيد، ونساء بدموع في المحاجر حزنا لأن صغارهم سيحرمون فرحة العيد، وسمعت حكايات وقصصا لا تصدق عن تضحيات كبيرة يقوم بها المغاربة الفقراء من أجل الأضحية..
إنها مناسبة دينية ليتذكر الناس أهاليهم وأقرباءهم، وليفكروا في الفقراء والمحتاجين، ليس المغاربة من يفرحون وجيرانهم حزانى، ليسوا ممن يأكلون وأقرباؤهم جوعى، ليسوا ممن يستغلون مناسبة دينية ليغتنوا على حساب إخوانهم المسلمين..
كل عيد نفس المظاهر ونفس الصور، وربما تزداد الصورة قتامة ويزداد الوضع تأزما، فرحمة بالعباد ورحمة بروح العيد ومعناه..
فليس كل شيء يصلح للمزاد.