اعلام تزييت المدافع وعد الأصابع في لبنان الخمص وجحا الاسرائيلي
لينا أبو بكر
2010-11-03
على المسيحيين ألا يكونوا طرفا محايدا في الصراع القائم بين السنة والشيعة في لبنان، لأنهم مطالبون بإصلاح ذات البين، ولأن لهم ما للبنانيين وعليهم ما عليهم، وجب أن يلعبوا دورا توافقيا، هذا ما صرح به إلياس المر وزير الدفاع اللبناني في برنامج 'حوار اليوم'، الذي بثته قناة أو تي يوم الأحد، إلا أن مسألة هجرة مسيحيي لبنان، كما حدث مع مسيحيي العراق، هي التي أثارت قلق جورج ياسمين مقدم البرنامج وقد علق على رؤية الوزير: 'الله يبشرك بالخير'، ولكن إن تأملت ما قاله المر تجد أن في أحداث العراق عبرة لأولي الألباب، وربما كان على الوزير أن يرد على قلق ياسمين بالمثل اللبناني: 'إلى أن يجيء الترياق من العراق يكون الملسوع مات'! ما دام أن بعض المسيحيين في لبنان يقومون بدور فردي في تحريك أحصنة الشطرنج الشائخة في الجامعة العربية وإدخال (بوز) النظام المصري في ما لا يعنيه في لبنان !
بحسبة بسيطة لو عدت للحرب الأهلية 'اللبنانية خلال الانتداب الفرنسي للبنان، لوجدت أن سورية والغرب هما محور الخلاف بين غساسنة هذا البلد ومناذرته على مر العصور، وربما يصبح الإعلام هو الساحة المشبوهة التي تدور فوقها رحى حرب تتناسل في جينات التعدد الطائفي والولاء السياسي الديني في بلد كلما خرج من حرب تأهب لأخرى! وانشق البحر الى نصفين، شرقي وغربي، وكأن البلد (حردان) من حاله يعمل بمنطق أمثاله الشعبية: 'يا أهل كفرحونا، ماتاخدوا منا ولا تعطونا' وزيتنا ليس في دقيقنا، لأن عدو جعجع ليس صديق مبارك على سبيل المثال، وما تشهده من مشاحنات في الإعلامين المصري والسوري كان جعجع أول من أشعل فتيلها، وهو الذي صرح في أحد لقاءاته الإعلامية على الجزيرة أن بينه وبين الرئيس المصري انسجاما، فإن كان انسجامهما يصب الزيت على النار فهل تخرج إيران من حلق اسرائيل، طالما أن جعجع يدخل طور الانسجام السياسي المشبوه؟ والله مادامت اسرائيل تريد القضاء على حزب الله وحزب الله هو طامة جعجع، فكيف نتحدث عن لبنان حر مستقل حسب بنود الطائف وشعارات 14 آذار، والغرب ينخر في العظم ومصلحة اسرائيل تلتقي مع انسجامات عربية 'إحم إحم' أليس في هذا مراباة سياسية على لبنان، وجعجع 'زعلان' من اللعب بمصير الشعب 'واحترنا يا مليحة من وين نبوسك'! مادام القضاء حكم لجعجع بملكية 'ال ال بي سي' (شمر) يا لبنان كمك واستعد للرقص بلا دفوف !
(طاخ طيخ (
فرادة البرنامج جاءت لتبرهن على طبيعة أن يكون لبنان بلدا عربيا ديمقراطيا 'بل إنه الديمقراطي الوحيد' مادام الحوار بين وزير وإعلامي استطاع أن يصل بك إلى وجهتي نظر على طرفي نقيض، كما بدا على الأقل، فإلياس المر يرى أنه لا يجوز تعطيل شؤون الناس تحت ضغط المحكمة الدولية، وأنها تقود إلى فتنة، مستشهدا بما قاله رئيس الحكومة السيد سعد الحريري 'لا أريد أن يكون دم أبي هو سبب الفتنة في لبنان'، بل إنه يدعو أي حكومة غير قادرة على درء الفتنة إلى التنحي، لأنها لن تكون حكومة وطنية، في جوابه عن سؤال تجنيب لبنان مخاطر القرار الظني، ولا أظن أن في هذا دعوة لحكومة عسكرية كتلك التي أسسها الجميل 'بزمناته'، سنة 1988 وخالف بها نص الميثاق الوطني الذي وضعت بنوده حكومة رياض الصلح في 1943، وهنا سأل المقدم إن كان المر يلوح للسعودية بورقة استقالة الحريري، وهل هذه لعبة عد الأصابع؟ هل يبقى الحريري وحيدا؟ أجاب وزير الدفاع: لسنا مع سياسة الضغط، رغم أننا نعيش ضغطا متبادلا، ولكننا لا نريد كربلاء يومية في لبنان! استغرب مقدم البرنامج من وجهة النظر تلك، معتبرا أن الوزير يدعو لتجاوز قضية اغتيال الحريري! لكن إلياس المر بدا حكيما جدا لما دعا إلى هذا التجاوز، وقد أكد أن العدالة ليست أهم من الاستقرار والأمن الأهلي، وأنه يفضل الشعب المثقف على القبائل المثقفة، ولما سأل ياسمين عما إذا كان هناك تزييت للمدافع؟ قال الضيف أن هنالك جهات تستفيد من الفتنة في لبنان، وأنهم ليسوا ضد المجتمع الدولي، إنما في دخول التحقيق إلى عيادات يرتادها أشخاص معينون ووصول أسماء طلاب لبنانيين في الجامعات اللبنانية إلى الخارج كأنها معروضة على قارعة الطرقات، خرق وتعد على حرمات هذه الأسماء داعيا لتجنب السير في الاتجاه العنفي السفسطائي .
بالعودة إلى اتهام سورية في بداية التحقيقات، وما صرح به وزير الدفاع اللبناني هنا، ألا تجد أن سيناريو المحكمة الدولية ليس أكثر من مؤامرة؟ لأنك لو أشغلت فكرك واستعنت بالمثل القائل: 'الحرامي واحد والمتهوم ألف' لعرفت أن سورية كانت أذكى الأطراف وقد انسحبت من لبنان بعد أن قامت اسرائيل باغتيال الحريري، وهو ما لم تتوقعه اسرائيل منها، لأن الاغتيال كان مؤامرة من أجل شن الحرب على سورية، بحجة إخراجها من لبنان ووقف الاغتيالات السياسية فيه، وهو ما لم يتحقق لها، لمن تصفق إذن؟ عليك أن تحيي جنبلاط وعون لأنهما أدركا الحقيقة وتراجعا عن موقف سياسي كان فخا، وعلى من تقرأ مزاميرك يا إعلام !
العاشرة
في برنامج (العاشرة مساء) حلقة يوم الأحد حاورت منى الشاذلي علاء الأسواني هاتفيا ـ مؤلف رواية 'عمارة يعقوبيان' رافق الحوار عرض لمانشيتات يطالب بها الناشرون العرب الأسواني أن يلجأ إليهم لمقاضاة اسرائيل، ورغم أن حلقة العاشرة مساء كان يمكنها ان تتحدث مليا في هذا الأمر، بدلا من عرضه كرفع عتب 'شم ولا تدوق' إلا أن مجموعة من القضايا المهمة والدقيقة طرحت، كأن يكون اعتبار الأسواني لهذا التعدي والسرقة جريمة، مستندا في هذا الاعتبار إلى موقف من اسرائيل كدولة محتلة لفلسطين، وموقف من تجاوزها حقوق الملكية الفكرية فلم يفصل بين الاثنين، وهو أمر طبيعي لأن من يسرق الجغرافيا والتاريخ والتراث لن تستغرب منه أن يسرق كتابا ويترجمه ويطبع منه 20 ألف نسخة ثم يقوم أحد الصحافيين الاسرائيليين باتهام الأسواني بأنه عنصري ومعاد للسامية! وهو ما يستهجنه مؤلف الرواية، التي تحولت الى فيلم وعمل درامي، بثت منه دريم أول مقطع، يوضح ملكية رجل يهودي للعمارة في مرحلة زمنية ما، إلا أن مشكلة الأسواني ليست مع اللغة العبرية، فلو نشرتها جهات غير اسرائيلية بالعبرية لما كان اعترض، إنما هو موقف إنساني يتعاطف فيه مع الشعب الفلسطيني، وينضم إلى قافلة المقاطعين لهذه الدولة المحتلة عاملا بما يتبناه اتحاد الناشرين العرب والمصريين إلى 'أن ينال أهلنا في فلسطين حقوقهم، من دولة لها سوابق في القرصنة'، كما ذكر المؤلف حرفيا. لم نعرف الآلية التي سيعمل بها الأسواني لمقاضاة القراصنة، ونتعجب حقا كيف يمكن لموضوع حساس كهذا أن يحتل مساحة بسيطة من برنامج مهم كالعاشرة مساء، إن المخالفة القانونية والإنسانية والهجمة الصحافية على كاتب مصري حقق ثورة على صعيد الأفلام الروائية في عصر كنا نظن فيه أن بين السينما والرواية طلاقا بائنا بينونة كبرى، ما يستحق من الشاذلي أكثر من ربع ساعة، دريم لازالت مغيبة تخضع لمزاج النظام، ولم تحترف بعد منهج الإعلام المعارض وتلك خدمة ذهبية تجبر خاطر الريس ولا تمس 'اسرائيله' بسوء، والحق على السلام يا جدعان !
الخمص
ردا على القارئ عبد الله في مقالتي المنشورة يوم الجمعة في ذات الزاوية تبحث في ضرورة امتلاك قناة إعلامية توثق للمطبخ الفلسطيني، ولأنه وصلني بريد الكتروني من باحث في المطبخ الفلسطيني هو المهندس سفيان مصطفى مشكورا على اهتمامه وما زودني به من معلومات، أكتب مؤكدة على فلسطينية هذا الطبق من ناحية لغوية مع احترامي لأهل الاختصاص وبعض اختلافهم مع رؤيتي:
ـ اليهود السفارديم هم يهود عرب من أصول يمنية لذا تجد من الطبيعي أن يلفظوا اسم النبتة لفظة سليمة
ـ تحدثت في مقالتي السابقة عن اليهود الأشكناز الذين يروجون لطبق الحمص وليس للنبتة على أنه ملكية تراثية لهم، مما يناقض الواقع واللغة، لأن اللغة هنا تحديدا ضمن هذا المجتمع الغربي تغدو سلاحنا وتوثق لحقنا لا تناقضه ولا تبخسه حقيقته، وما تفضحه اللغة مع طبق الحمص هو مفتاح لسرقات أصناف أخرى كالمناقيش والفلافل وغيرها.
تلك رؤية أؤمن بها وأدعمها طالما أن الطبق بحد ذاته تم تداوله بناء على مسماه الفلسطيني وهذا لا علاقة له بالنبتة التي هي الحمص ويتفق الجميع على تهجئة مشتركة لها، يطول الحديث في هذا الأمر، لكنني أشكر الباحث الفلسطيني سفيان مصطفى على تواصله ونضاله من أجل حقوق ملكية المطبخ الفلسطيني. وعلى آكلي الحمص أن يتذكروا أن جحا الإسرائيلي يستلذ الطعام لولا كثرة الزحام، ولن تستغرب أن ينتهج المحتل سياسة الإبادة العرقية في سبيل هذا الاستئثار الجحوي بمعدة مصاصي الدماء!