متوكل " ثــــــائـــــــــر منضبــــــــط"
عدد الرسائل : 425
الموقع : صراع من اجل الاشتراكية تاريخ التسجيل : 05/11/2009 وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 2
| | إنبعـاث القوميـات رؤية سيكولوجية لما يحدث في أوروبا وفي بلدان أخرى | |
إنبعـاث القوميـات رؤية سيكولوجية لما يحدث في أوروبا وفي بلدان أخرى تعود مباديء التنبوء بسلوك الأفراد والجماعات إلى السيكولوجيا التي تدعم قدرتها التنبوئية بجملة دراسات فرعية منها دراسات سيكولوجية الزمن. وتحديدا" أسلوب الأفراد والجماعات في معايشتهم للزمن. وهو فرع أرساه العالم يوجين مينكوفيسكي في كتابه " الزمن المعيوش " وتابعته العالمة اليزابيث موسون بوضعها لإختبار رسم الزمن. الذي ينطوي على مفارقة التعبير المادي ( الرسم ) عن مفهوم مجرد ( الزمن ). وكنت قد قمت شخصيا" بدراسة تناولت تقنين هذا الإختبار في العام 1988 وفيها وجدت أن الرسومات العامة تمتاز بدوريتها (طفل- شاب - شيخ / بذرة-زهرة- ذبول / أو مجرد ساعة ... الخ ). وهذا النوع من الرسومات دعونه بالمألوف نظرا" لسعة إنتشاره. وهو يمثل مخرجا" ساذجا" تعتمده غالبية الحريصين على تجنب مأزق مخالفة المألوف. أما التصور الأكثر عقلانية للزمن فهو فكان يتجلى برسومات تحتفظ بدورية الزمن لكنها تشير أيضا" إلى تطوريته وتغيراته الطارئة المحتملة. هذه الخلفية السيكولوجية الموجزة تقع في أساس نظرية التنبوء ( المستقبلية ). المدعوة بنظرية الإستقراء التاريخي. ويهمنا منها تحديدا" نبوءة عودة الفكر الفلسفي القابل للتطبيق السياسي – الإجتماعي بعد جيلين ( 70-80 سنة) من تعثر تطبيقه وإختفائه. وعلى هذا الأساس يفترض بعض المستقبليين قابلية الماركسية لمعاودة الظهور ما بين عامي 2060 و2070 م. بعد أن تجد لنفسها قوالب تطبيقية جديدة. ونحن نتحفظ على هذا الطرح لإعتبارنا أن الصين وكوبا ودول أخرى تمثل إستمرارية للماركسية. أما لو طبقنا هذه النظرية المستقبلية على الفاشية فإننا سنجد أن العام 1945 قد شهد النهاية الفعلية لها. بما يعادل قابليتها لمعاودة الظهور المنظم ، بحسب نظرية الإستقراء ، في الفترة ما بين 2015 و2020 م. وتجد هذه الفرضية دعمها عبر مجمل التغيرات التي تستخدم كدلالات لمصطلح النظام العالمي الجديد. ولنراجع سوية أهم علائم إنبعاث الفاشية من خلال هذه الدلالات نفسها لنلاحظ: 1. عودة القوميات التي كبتها الإتحاد السوفياتي وحلف وارسو طيلة 70 عاما" ( هي عمر الاتحاد السوفيايتي) وبالتالي فإنها إستنفدت المدة الإفتراضية لمعاودة الفظهور بحسب النظرية الإستقرائية. وربما كانت حروب البوسنة وكوسوفو والشيشان خير الدلائل على حدة هذه المعاودة وقوتها. 2. ظهور الميليشيات الاميركية البيضاء في الولايات المتحدة. التي تدعو لسيادة الجنس الآري في الولايات المتحدة وطرد الأجناس الأخرى منها. والتي تركز عداءها على اليهود وعلى الحكومة الفيديرالية الداعمة لهم. وقد بلغ تطرف هذه الميليشيات حدود قيامها يتفجير أوكلاهوما ومحاولتها إستخدام الغازات السامة ( منها غاز الأعصاب). حنى أثارت هلع مكتب التحقيقات الفيديرالي ولا تزال. 3. ظهور جماعات حليقي الرؤوس ( النازيون الجدد ) في اوروبا وقيامهم بإعتداءات منظمة على اليهود والملونين معيدين بذلك ذكريات ليلة الكريستال. 4. إنبعاث القومية الروسية نفسها ( بعد 70 عاما" من الشيوعية) وإصرارها على خوض حرب الشيشان بضراوة على الرغم من إنعدام قدرتها الإقتصادية على تغطية تكاليف هذه الحرب. إضافة أيضا" للغضب العارم للرأي العام الروسي أمام العداء الأميركي لصربيا وأمام التدخل اليهودي في حكم روسيا. مما حدى ببعض عقلاء اليهود الى تنبيه نظرائهم من هول ردود الفعل الروسية المحتملة. 5. بوادر الإنفجار البركاني في كل المناطق التي عبثت الحرب العالمية الأولى بجغرافيتها. وفي طليعتها منطقة البلقان وتليها مناطق نفوذ الأمبراطورية النمسوية- المجرية. وعليه فإن ما يجري الآن في النمسا ليس سوى مجرد البداية. وإن كان الشبه بين صعود هايدر وصعود هتلر يفجر مكبوتات اللاوعي الاوروبي الرأسمالي. وربما هيستيريا أميركية وإسرائيلية. 6. ظهور بوادر الفاشية الإيطالية بصورة احزاب يمينية متشددة تطالب باستقلال شمال ايطاليا وفصله عن جنوبها. وقوتها بإزدياد حيث فرضت التحالف على بيرليسكوني. اليميني الأقل تطرفا" بالمقارنة. 7. ظهور الاحزاب الفرنسية اليمينية المتطرفة ( حزب لوبان خصوصا" ) والتي تم كبتها مؤقتا" وعلى دفعات. إذ تيبن الإنتخابات الفرنسية المتعاقبة قدرة النظام على كبت الفاشية ولكنه عاجز عن إقصائها. وينجح هذا الكبت لغاية اليوم بسبب الرغبة الفرنسية المركزية لقيادة اوروبا ( رغبة تشكل هواما" شعبيا" فرنسيا" مزمنا" ). 8. ظهور جماعات نازية المانية تجتمع على تأليه هتلر وإعتماده مثالا" أعلى للأنا. وقيام هذه الجماعات بإعتداءات متكررة على الأجانب. 9. تحرك الأقليات محاولة الإنتفاض على الوضعيات التي فرضتها عليها الحربين العالميتين الأولى والثاتية. وهي أقليات متوزعة على اوروبا وآسيا وحتى الأميركيتين. 10. تنامي مجموعات الساخطين على صراع القطبين وإزديادها بشكل هندسي متفجر مع تكريس الآحادية القطبية. لكن الموضوعية تدفعنا لعرض أمثلة نقيضة ، ولو ظاهريا" على الأقل، لهذه الأمثلة وهي أمثلة الصبن والعالم العربي. حيث لا نتحرج هنا من إستخدام المصطلح ( الفاشية ) بدلالته المفروضة راهنا". والتي تطابق بين القومية والفاشية. ومع ذلك نلاحظ أن هذين المثالين لايتناقضان مع النظرية الإستقرائية. ولو شئت فإنهما من نوع الشواذ الذي يثبت القاعدة. إذ أن عدم إستجابة هاتين القوميتين لمبدأ الجيلين إنما يعود إلى زيادة عدد السكان وإلى الإمتداد الجغرافي الواسع. حيث تتنامى إحتمالات الصراع الداخلي ومعها إمكانات التفتيت الجغرافي. فكل عامل من هذين العاملين يحتاج إلى جيلين لتخطيه. الأمر الذي يجعل من إمكان إنبعاث القومية في هذه البلاد من الإحتمالات المستبعدة على المدى المنظور. وهذا يستتبع إستمرارية الشيوعية القومية في الصين مع بعض التحديث فيها. وإستمرار التوازنات القطرية في العالم العربي. ومع ذلك فإن إعلان وفاة القومية يبقى من الشائعات الساذجة. وخصوصا" في هاتين الحالتين. ولإثبات هذه السذاجة نذكر ب: 1. ردة فعل سكان تايوان على القصف الأميركي للسفارة الصينية في بلغراد. حيث ساد الإستهجان و الإحتجاج ووجه التايوانيون لومهم وغضيهم باتجاه حليفتهم الولايات المتحدة. 2. ردة فعل الرأي العام العربي أمام علائم الحياة القومية الخافتة المتمثلة بتبديات خجولة تظهر هنا وهناك من حين لآخر. 3. التكافل العربي غير القابل للتجاهل والإنكار على الرغم من بعض ما يعتريه من ثغرات وما يتعرض له من إنتقادات. مما تقدم يمكننا الحديث عن هزات عنيفة أصابت فكرة القومية في كل من الصين والعالم العربي. كما يمكن الحديث عن تعرض هذه البلدان لجراحات جغرافية ( تقسيمات جغرافية) ولكن دون تعرض الفكرة بحد ذاتها للإلغاء. وعليه فإن هذه الدول تبقى غير قابلة لتطبيق مبدأ الجيلين عليها. وإن كان البعض يميل لتطبيقها بصورة جزئية في حالتي تايوان وفلسطين مثلا". ومهما يكن فإن تطبيق هذه النظرية على المشهد الدولي الراهن يعطينا مجموعة من العلائم التي نكتفي بتعدادها تاركين تشخيصها للقاريء وهي: 1. أن النمسا كانت مركز الامبراطورية النمسوية المجرية التي عرضتها الحرب العالمية الأولى للبتر والتفتيت. ومن هنا لايمكن إغفال دلالة بداية بعث الفاشية من هايدر النمسوي. 2. أن النازية الهتلرية شهدت في النمسا أولى إنتصاراتها. 3. أن المجتمع النمسوي هو مجتمع متجانس وغير قابل لتفجيره من الداخل. 4. ان الاتحاد الأوروبي يخالف مبادءه المعلنة بتدخله في الشؤون الداخلية لأحد أعضائه. وهو يستجيب بهذا التدخل لمنطلقات الحلف الأطلسي. 5. أن دولا" عدة من دول الاتحاد الاوروبي تملك ما يكفي من التناقضات القابلة للتفجير على شكل صراعات داخلية. 6. أن الأقليات العرقية الأوروبية كثيرة وموزعة في معظم أنحاء اوروبا. وهي جميعها قد بلغت حدود التحرك. ولعل أخطر التحركات ما تشهده الكانتونات السويسرية من صعود لليمين المتطرف فيها. 7. سوابق العلاقة النازية الصهيونية. وهي سوابق تعطي لسيطرة المتشددين اليهود أبعادا" مستقبلية تتجاوز الموقف الرسمي الإسرائيلي من صعود اليمين المتطرف في العالم. فإذا كانت هذه الأمثلة غير كافية فإن بإمكاننا مراجعة الصراعات التي إندلعت في العقد الماضي. وتلك المتوقعة في العقد القادم. وعندها ستتأكد لنا عودة الفاشية ولكن برداء نيتشيه هذه المرة. وهو نداء قوة وجبروت ولكنه براغماتي أيضا" ( يمكنه أن يسخر التجربة الليبيرالية الراهنة ويستفيد منها). كما أنه متشائم بما يكسبه ما يكفي من الحذر لعدم الإفصاح عن نفسه قبل الآوان ولعدم السماح بتحديد موقعه بالدقة الكافية للإطاحة به. ولعل الرهان الحقيقي والمنطقي لهذه العودة يتمثل في بدايتها الأميركية. حيث يمكن للفاشية أن تقدم للأميركيين انتماء" جاهزا" ومعه جهاز قيم عريق ومتماسك يمكنه أن يضعف قيمة الرخاء الأميركية ولو بعد حين. فهل ترتدي الولايات المتحدة قريبا" الزي الفاشي بحلته الجديدة ؟. البعض يجزم بأنها تجري عليه بعض التعديلات قبل إرتدائها له!. وهذا الطرح ليس هواميا" بل تدعمه جملة مؤشرات دالة نذكر منها: 1. الإحصاءات الأميركية الجامعية المؤكدة على وجود 227 بدعة دينية معادية للتقليد الأميركي. وتعدد الإحصاءات وجود 7 ملايين أميركي يعتنقون الإلحاد وفق طقوس مجوسية محورة. 2. الميليشيات النازية الأميركية المسؤولة عن إنفجار اوكلاهوما والتي رشحت بوكانان للسباق الرئاسي الأخير. وهذا الترشيح لم يعكس حقيقة الوضع الذي تتمتع به هذه الميليشيات بسبب ترشيح الديموقراطيين ليهودي. كما بسبب تطرف فريق بوش اليميني. 3. وجود فريق خفي داخل الإدارة الأميركية صاحب ميول فاشية متطرفة. حتى أن بعض الطروحات ( تيري مايسن وغيره) ترشح هذا الفريق لأن يكون الفاعل الحقيقي لأحداث الثلاثاء الأميركي. 4. تبني الإدارة الأميركية الحالية للفاشية التي تمارس على الفلسطينين من قبل شارون وحكومته. بما يشكل سابقة أميركية تمهد لتبني حلول شبيهة تحت حجة الطواريء. 5. الإنفجارات العنصرية الدورية من ليتل روك (1957 ) لغاية سينسيناتي (2001 ). حيث تمارس أعمال عنصرية شديدة الخطورة والدلالة ويجري قمعها بأساليب مخجلة ومحرجة لليبيرالية الولايات المتحدة. 6. طلائع الفرز العنصري المنطلقة من الضرورات الأمنية عقب 11 ايلول والتي تمتد من العرب إلى كافة ذوي الملامح الشرق أوسطية. 7. تراجع تأثير الأديان السماوية في الداخل الأميركي. بنشوء الحركات المسيحية الصهيونية المتطرفة وتضخيم أزمة الكنيسة الكاثوليكية والربط بين الإسلام والأرهاب. وتحدي اليهود للشعور العام. أمام هذه المؤشرات لا بد من التقرير بأن الريبة العربية من ليبيرالية الأميركيين ستتحول إلى الكارثية في حال فشل هذه الليبيرالية في السيطرة على الصعود الفاشي المرتقب في الولايات المتحدة. من هنا نجد ضرورة كبت ريبتنا الموضوعية والمبررة في بيان المثقفين الأميركيين للإنطلاق في حوار جاد و موضوعي معهم يستند إلى الفقرة المميزة في بيانهم التي تقول: ... لسنا أعداء بل أصدقاء ويجب ألا يعادي بعضنا البعض وكرامتكم الإنسانية ليست أقل من كرامتنا... و في مثل هذا الحوار لا بد من تجنب هوس عمليات التجميل للصورة العربية والتلهي بهذه العمليات.Home | |
|