التاريخانية .. دعوة صريحة للعودة إلى الماضي

[url=http://www.globalarabnetwork.com/component/comprofiler/userprofile/%D8%B9%D8%A8%D8%AF %D8%A7%D9%84%D8%BA%D9%81%D9%88%D8%B1 %D8%AE%D9%88%D9%89] التاريخانية .. دعوة صريحة للعودة إلى الماضي Tn504_4dde733090ea8

[/url]
الشبكة العربية العالمية:[url=http://www.globalarabnetwork.com/component/comprofiler/userprofile/%D8%B9%D8%A8%D8%AF %D8%A7%D9%84%D8%BA%D9%81%D9%88%D8%B1 %D8%AE%D9%88%D9%89] عبد الغفور خوى[/url]

نقد ودراسات

الخميس, 04 آب/أغسطس 2011 21:46

الشبكة العربية العالمية - التاريخانية مفهوم ابتدعه كارل فرنر1879في معرض تعريفه لفلسفة فيكو (Vico) الذي أكد أن العقل البشري لا يدرك إلا ما يصنع، أي المنشآت التي تكون العالم التاريخي[1].
وتعني حسب فريدريك مينكه الشعور بأن الحوادث البشرية فريدة ومتطورة،أما على المستوى المنهجي فإذا كانت الوضعانية تدعو إلى توحيد
كل مسالك البحث على غرار منهج الطبيعيات،فإن التاريخانية تدافع عن خصوصية المنهج التاريخي في البحث.
تتحدث التاريخانية إذن عن المنجز من أعمال البشر،عن ماضي الإنسان لذلك فهي تؤسس لنسق مفاهيمي مبني على أحداث تاريخية أكيدة،بل و مقتنعة بوحدة التاريخ البشري وبالعقلنة كخاصية ملازمة لكل عصرنة ممكنة[2].
تؤمن التاريخانية بأن التاريخ هو العامل المؤثر في أحوال البشر،و تروم رؤية واقعية تبلورها ممارسة المثقفين:تتمثل الماضي تمثلا ذهنيا بهدف التحرر التدريجي للإنسان عن طريق جدل إيديولوجي و ثورة ثقافية.هذه الأبعاد لا يستوعبها إلا الفكر التاريخي.
على هذه الأرضية تضع التاريخانية الإنسان في قلب العملية التاريخية،إذ تستحضر الماضي بشكل مستمر لتستمد منه مقولات جاهزة،ليس للذكرى أو التغني بأمجاد الأسلاف،فهذه عمليات رومانسية، لكن لإحيائها و تحقيق تغيير بواسطتها.هناك لحظات مضيئة في تاريخ كل جماعة(شعب،أمة،دولة...)هذه الإضاءات تستطيع دوائر ضوئها أن تصل إلى الحاضرين لتنير الطريق أمام الإنسان:فالحركة الإنسية في عصر النهضة قد استحضرت الثرات القديم،و الإصلاح البروتستانتي استمد أصول فكره من المسيحية الأولى الثورة الفرنسية استحضرت روما القديمة،وكذلك فعلت الحركة السلفية عندما أحيت تراث السلف الصالح.
هذا الاستحضار في الفكر التاريخاني يتبعه موقف فكري آخر هو التجاوز:"تجاوز القديم و إحداث قطيعة نهاجية مع أشكال ثقافية أنجزت سلفا لصالح أنماط بديلة ترسم طريق التحرر،و تمتح من حقل التاريخ "فليث شعري أي قوة غير قوة أفلاطون كان يمكنها أن تبطل سحرأكويناس(Thomas Aquinas)؟و أي رجل غير يوليوس قيصر كان في وسعه أن يزعزع سلطان هليدبرند(Hildebrand)[3].(البابا جريجوري السابع).
التاريخانية تصور فلسفي يتبناه كل مؤرخ يعتقد أن التاريخ هو وحده العامل المؤثر في البشر و تنشد قفزة فكرية لتجاوز ماهو كائن نحو ما يجب أن يكون باعتماد ما كان:أي ما أنجز من تاريخ البشر. هدفها من الماضي محاكمة الحاضر و هكذا يصبح التاريخ تجليا للوعي عبر المراحل و الحقب و يتعالى عن سجن نفسه في الشواهد و الأمور التقنية الأخرى، بل يرقى إلى مستوى الإدراك الذي لا يحصل إلا بتعميق الوعي فتطرح بالتالي كل القضايا في إطار التاريخ ويتم البحث عن أجوبتها في التاريخ أيضا.
نحن إذن أمام تنظير فلسفي يؤمن بمبادئ أربعة هي:
1- ثبوت قوانين التطور التاريخي.
2- وحدة الاتجاه(الماضي-المستقبل).
3- إمكانية اقتباس الثقافة(وحدة الجنس).
4- إيجابية دور المثقف(اقتصاد الزمان)[4].
يقول عبد الله العروي"بما أن التاريخانية حدت بفلاسفة الغرب إلى الإنكباب على تاريخ مجتمعاتهم وحضاراتهم فإنها عندي دليل يحيلني على مجتمعي و تاريخه[5]."أي أن التاريخانية ليست تصورا مغلقا تركن إلى الزمن بشكل جامد بل هي دعوة صريحة للعودة إلى الماضي و قراءته بشكل موضوعي لفهم الحاضر،هذا الحاضر الذي يتسم اليوم بوجود نموذجين مختلفين للمجتمعات.و هنا يفصح العروي أكثر بقوله:"أطلقت اسم التاريخانية على وضع ثقافي معين هو التخلف[6]."
هذا التصور يعني أن الغرب قد سبقنا إلى عدة تجارب،لذا فما علينا إلا استيعابها،فالعالم الثالث و الغرب يعيشان في زمن واحد لكن ليس في نفس التاريخ:تعايش و تمايز.فالإبن يتعايش مع أبيه في نفس الزمن لكن الفرق بينهما يبقى شاسعا إذا تعلق الأمر بتجربة كل واحد منهما.
هناك عدة انتقادات وجهت للتاريخانية إذ:
يقال أن التاريخانية انتهازية و لا أخلاقية:يرد التاريخانيون على أن الوعي بالتاريخ هو الاطمئنان إلى أن الإنسان كائن حر خلاق،فهو واع بالأخلاق[7].و قيمة الأخلاق في التاريخانية تكمن في الموضوعية التي تنشدها،لذلك أن واجب التاريخ هو:"أن يسجل أعمال وآلام تلك الكائنات الغفيرة العدد التي هي إيانا نحن البشر الذين في الوقت نفسه بين الوحشية و القوة و الطيبة والنبل والهدوء والدناسة و النقاء."[8].
تتهم التاريخانية أيضا بالتناقض لكونها تركز على المطلق و النسبي في آن واحد: يرد التاريخانيون بأن التاريخ البشري هو تجربة فردية وأيضا جماعية،يقول فون رانكة:"ليس التاريخ سلسلة متواصلة و عودة دورية لأنماط قارة.فالتاريخ تاريخ لأنه لايعود وكل عمل له خصوصية ذاتية"[9].لكن هذه الخصوصيات لا تنفي وحدة التاريخ الكوني الذي يمثل تجليات الوعي الإنساني"الوعي بأن الإنسان حر بما أنه تاريخي و تاريخي بما أنه حر[10]."لذلك يمكن فهم الفن الفرعوني القديم بمعناه العام عندما يوصل المؤرخ الحاضر بالماضي عبر تمثل واع كما يمكن استيعابه كخصوصية باعتباره شواهد على مرحلة تاريخية و يقال أيضا أن التاريخاني يسجن نفسه في كهف الزمان، وهي مقولة تحمل خطأها في ذاتها،إذ لا يمكن تصور أية ظاهرة تاريخية خارج نطاق الزمن أما إذا غادر البحث إطار الزمن فإن الأمر يصبح غير التاريخ بل علم آخر.
تتعرض التاريخانية أيضا إلى اتهام آخر هو أنها تقدس الأبطال و تعطيهم المشروعية للاستبداد،وهو اتهام ألصق بها بعد وصول أنظمة شمولية إلى الحكم بعد الحرب العالمية الأولى. التاريخانية كنزعة فكرية تقول بأن إطلاق حرية الفرد تؤدي إلى الإرهاب،إذ كانت تؤمن بدور الأبطال التاريخيين فهذا ليس دليلا على بسترتها في إيديولوجية

التاريخانية .. دعوة صريحة للعودة إلى الماضي

التاريخانية .. دعوة صريحة للعودة إلى الماضي :: تعاليق

التاريخانية .. دعوة صريحة للعودة إلى الماضي