** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
نوع جديد من الوراثة (*) I_icon_mini_portalالرئيسيةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوع
 

 نوع جديد من الوراثة (*)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ايمن سعيد
مرحبا بك
مرحبا بك
avatar


عدد الرسائل : 49

تاريخ التسجيل : 08/07/2015
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 7

نوع جديد من الوراثة (*) Empty
12072015
مُساهمةنوع جديد من الوراثة (*)

نوع جديد من الوراثة (*)

تستطيع المواد الكيميائية والإجهادات stresses ومؤثرات أخرى أن تغير بشكل دائم،
فعالية جينات معينة دون أن تغير تتاليات دنا DNA sequences هذه الجينات.
ويبدو أن بعض هذه «التغيرات خارج الجينية» epigenetic changes
يمكن أن ترثها أجيال المستقبل وأن تكون سببا للأمراض.



 

باختصار
  عمل الجينات يمكن أن تنظمه عوامل خارج جينية، مثل مواد كيميائية ترتبط بالدنا والبروتينات في الكروموسومات وتكود معلومات بغض النظر عن تتاليات الدنا. ويتوضع معظم العلامات خارج الجينية مباشرة بعد الحمل بفترة قصيرة.

  يمكن أن تسبب الملوثات والإجهادات والغذاء وبعض العوامل البيئية الأخرى تغيرات دائمة في مجموع العلامات خارج الجينية في الكروموسومات، الأمر الذي يغير سلوك الخلايا والنسج. والشيء المفاجئ أن بعض التغيرات المكتسبة يمكن أن تمرر إلى الأنسال.

  يمكن القول إن صحتك وصحة أطفالك يمكن أن تتأثر بما كانت قد تعرضت له جدتك ووالدتها أثناء حملهما. ويمكن أن يؤدي التوريث خارج الوراثة دورا في المشكلات الصحية مثل البدانة وداء السكري وكذلك في تطور الأنواع.
 

 

نوع جديد من الوراثة (*) 2015_01_02_54

 

عندما ولد أطفالي، قبل نحو ثلاثين عاما، كنت أعرف أنهم ورثوا مني نصف الدنا DNA الموجود لديهم. وفي ذلك الوقت، كان يعتقد أن انتقال الدنا من النطفة أو البيضة إلى الجنين هو الطريق الوحيد لنقل المعلومات الوراثية heritable information من الوالدين إلى أطفالهم، بالنسبة إلى البشر والثدييات الأخرى على الأقل.
 

كنت أفهم، بالطبع، أن الدنا ليس هو الوحيد الذي يتحكم في المصير. صحيح أن العديد من صفات الطفل مكتوب في الدنا الخاص به، وبالتحديد في الجينات المكودة للبروتين، أي في كود code تتاليات الدنا التي تحكم أشكال البروتينات ووظائفها، والتي تعد حصان العمل في الخلية. لكن المواد الغذائية مهمة أيضا، فكثير من مناحي الحياة، مثل نوعية ما نأكله وما نتعرض له من ملوثات بيئية ومن ضغوط، تؤثر في كيفية عمل الجينات. لذلك كثيرا ما يتم اللجوء إلى المؤثرات الاجتماعية والبيئية لتفسير بعض الظواهر، مثل إصابة التوائم المتماثلة بأمراض مختلفة مع أن لهذه التوائم تركيبات جينية شديدة التشابه.
 

لكننا لم نكن نعرف في ذلك الوقت أن إرثنا الحيوي (البيولوجي) لأطفالنا يتضمن أكثر من تتاليات الدنا الخاصة بنا، ولم نكن نعرف أيضا، في الحقيقة، أن هذا الإرث لا يقتصر على الأولاد فقط، بل يمكن أن يصل إلى الأحفاد وأولاد الأحفاد أيضا. فهذا الإرث هو ما يعرف باسم المعلومات خارج الجينية epigenetic information. وتسكن هذه المعلومات، مثل الدنا، في كروموسوماتنا التي تؤوي جيناتنا وتنظم فعالياتنا الخلوية. لكن هذه المعلومات تختلف عن تتاليات الدنا بأنها تستجيب للبيئة (أي المحيط)، ويمكن أن تأخذ أشكالا مختلفة من ضمنها شكل الجزيئات الصغيرة التي يمكن أن ترتبط كيميائيا بالدنا وبالبروتينات الموجودة في الكروموسومات.
 

وتبين من الأبحاث والتجارب التي أجريت في مختبري ومختبرات أخرى على الفئران والجرذان أن بعض الملوثات، ومن ضمنها الكيماويات الزراعية ووقود الطائرات النفاثة، وحتى بعض المواد البلاستيكية المعروفة، يمكن أن تحفز التحويرات خارج الجينية epigenetic modifications التي تسبب المرض والمشكلات التناسلية. وتبين أيضا أن كل ذلك يمكن أن يحصل دون أي تغيير في تتاليات الدنا الخاصة بالحيوانات المُجْرى عليها هذه التجارب. والأمر الأكثر إثارة هو أنه عندما تحدث هذه الطفرات خارج الوراثية epimutations في الخلايا التي تظهر في البيوض والنطاف، فإنها تتثبت في مكانها وتنتقل إلى الأجيال التالية حاملة معها المخاطر الصحية.
 

يتطور العلم في هذا المجال بسرعة، وتوحي الدراسات الطويلة الأمد التي تجرى على الحيوانات أن الطفرات خارج الوراثية يمكن أن تنتقل من جيل إلى آخر. وبما أن هناك الكثير من النواحي الحيوية التي يتشارك فيها البشر مع الثدييات الأخرى، فمن المعقول أن نتوقع أن انتقال هذه التحورات من جيل إلى آخر يمكن أن يحدث لدى البشر أيضا. وإذا كان هذا الأمر صحيحا، فإن عواقبه على الصحة العامة يمكن أن تكون عميقة الأثر. فبعض أنواع البدانة وداء السكري وبعض الأمراض الأخرى التي بدأت تتزايد بسرعة لدى الأطفال بعد الحرب العالمية الثانية والأجيال الحديثة، يمكن أن يكون سببها الأصلي تعرض آباء هذه الأجيال وأجدادهم إلى ملوثات مثل الـDDT والديوكسين dioxin.
 

المادة السوداء في الجينوم(**)
 

تمت معرفة التأثيرات خارج الجينية في الخلايا منذ زمن طويل، لكن مدى هذه التأثيرات لم يتضح إلا حديثا. فقد لاحظ علماء الحياة قبل عدة عقود أن العديد من المواقع في دنا الثدييات تحمل جذور المثيل CH3) methyl)، [انظر للإطار التالي "مكتشفات"]. فقد لوحظت هذا العلامة خارج الجينية epigenetic mark كثيرا عند البشر، حيث يرد حرف C الذي يرمز إلى السيتوزين قبل حرف G الذي يرمز إلى الغوانين guanine في تتاليات الدنا، ويتكرر ذلك في نحو 28 مليون موقع على طول الكروموسومات. فقد اعتقد العلماء في البداية أن الوظيفة الرئيسية لهذا الجذر، أي المثيل، هي إيقاف عمل الترانسبوزونات transposons وتأثيرها الذي هو الاستطالة الخطرة للدنا، التي يمكن أن تغير مواقعها الأصلية على الكروموسومات وتنتقل أحيانا إلى مواقع أخرى من الجينوم بطرائق تؤدي إلى ظهور المرض. وما نعرفه الآن أن عملية المثيلة methylation تساعد أيضا على تنظيم نشاط الجينات العادية، وأنها يمكن أيضا أن تنحرف وتضل الطريق مسببة العديد من السرطانات والاضطرابات الأخرى.
 

في التسعينات من القرن الماضي بدأ الباحثون بدراسة عمل أنواع أخرى من العلامات خارج الجينية. لقد وجدوا أن المثيل والأستيل acetyl وغيرهما من المواد الكيميائية المتحورة يمكنها أن تربط tag بنى خرزية الشكل تتألف من مجموعة من البروتينات تدعى الهيستونات histones. ويلتف دنا الكروموسومات حول كل خرزة هيستون مغلفا إياها. ومن خلال التحكم في شدة التفاف هذا الدنا ومن مدى تباعد الخرزات أو تقاربها تستطيع علامات الهيستونات أن تُفعِّل أو توقف عمل مجموعات كاملة من الجينات. فالجينات الموجودة في المناطق الشديدة الالتفاف مثلا لا تلاحظها البروتينات التي تفعل نشاط الجين.
 

بعد ذلك ظهرت عوامل أخرى خارج جينية، من ضمنها البنية الثلاثية الأبعاد، المتغيرة دوما، لجزيء الدنا والكروموسومات وعدد من أنواع الرنا المعروفة باسم الرنا غير المُكوِّدة noncoding RNAs، التي يتآثر بعضها مع العلامات خارج الجينية المتوضعة على الدنا والهيستونات. (يشار إليها بتعبير غير مكوِّدة لتمييزها عن تتاليات الرنا التي تنسخ من دنا وتعمل كقوالب templates لصنع البروتينات التي كوّدتها encoded الجينات.)
 

إن هذه العوامل خارج الجينية تعمل معا للتأثير في نشاط الجين بطرائق معقدة مستقلة عن تتاليات الدنا، ويتمتع الفعل المتبادل بين الجينات والجينوم خارج الجيني epigenome بصفة الديناميكية، لكنه لا يزال غامضا حتى الآن. لكننا، على أي حال، نعرف أنه في كل مرة تتضاعف فيها الخلية يتم نسخ العلامات خارج الجينية الموجودة في كروموسوماتها إلى كروموسومات الخلايا البنات the daughter cells. وهكذا، فإن الحوادث خارج الجينية التي تحدث باكرا في الحياة يمكن أن تغير سلوك الخلايا بعد ذلك مع مرور الزمن.
 

ونعرف أيضا أنه في حين تعمل الخلايا بجد على حماية تتاليات الدنا في الكروموسومات من أي تغيير، إلا أنها تعدل أيضا أنماط «العلامات» خارج الجينية أثناء تنامي المتعضي organism والتشيخ aging. وتساعد هذه التغيرات على تحديد كيف تتخصص الخلايا لتصبح، مثلا، خلية جلدية أو خلية دماغية. إن التغيرات الدقيقة في المعلومات خارج الجينية تغير الجينات النشيطة في كل جزء من الجسم البشري، وتستطيع أيضا الكيماويات المؤذية والعوز الغذائي ومؤثرات أخرى أن تكون السبب في إضافة علامات خارج جينية أو إزالتها بطرائق تؤثر في نشاط الجين.
 

لايشك أحد اليوم في أن التأثيرات خارج الجينية تؤدي دورا حاسما في النمو والتشيخ وحتى في السرطان. لكن علماء الحياة يشككون فيما إذا كانت الطفرات خارج الوراثية epimutations - أي التغيرات خارج الجينية غير الطبيعية - يمكن أن تُنقَل عبر الأجيال عند الثدييات. إلا أن القرائن الناتجة من عدد متزايد من التجارب التي تقوم بها مجموعتي البحثية والعديد من المجموعات الأخرى، أقنعتني بأن هذا الانتقال ممكن.
 

وراثة عَرَضيَّة(***)
 

كانت نظرتي الخاطفة الأولى إلى الطفرات خارج الوراثية المتعددة الأجيال صدفة سعيدة. فقبل نحو 13 عاما كنت مع زميلتي <A. كب> وعدد من زملائنا في جامعة ولاية واشنطن ندرس تأثير استعمال مادتين كيميائيتين شائعتي الاستعمال في المزارع في تكاثر الجرذان، هما مبيد الجرذان مثوكسي كلور methoxychlor ومبيد الفطريات ڤينكلوزولين vinclozolin. وهاتان المادتان كانتا، مثل كثير من الكيمياويات الزراعية، تتدخلان في الإشارات الهرمونية التي تساعد على تشكل جهاز التكاثر وعمله. وكنا نحقن هذه المواد للجرذان الحوامل في أسبوعها الثاني، أي عندما تتشكل الغدد التناسلية (المناسل) gonads، ووجدنا أن النسل الذكري كله تقريبا كانت له خصى غير طبيعية وقليلة العدد.
 

وفي ذلك الوقت لم نكن نفكر في الأمور خارج الجينية، كما لم يخطر ببالنا قط أن هذه العيوب قابلة للانتقال من جيل إلى آخر، لذلك لم تكن لدينا خطة لاستيلاد الجرذان التي كانت قد عُرِّضت لمادتي مثوكسي كلور أو ڤينكلوزولين أثناء وجودهما في الرحم. لكن ما حدث هو أنه في أحد الأيام أتت الزميلة <كب> إلى مكتبي لتعتذر عن خطأ ارتكبته، هو أنها قامت بتزويج ذكر بأنثى من جرذان التجارب لا قرابة بينهما.
 

قلت لها أن تفحص أحفاد هذه الإناث المتزاوجة لمعرفة فيما إذا كانت مصابة بأي عطب، مع اعتقادي أنها لن تجد في هذه الأحفاد أي عيب. وكانت دهشتنا كبيرة عندما وجدنا أن 90% من الأحفاد الذكور كانت مصابة بالعطب في الخصى وهي لاتزال أجنة كما في آبائها مع أن هذه الآباء كانت أجنة بحجم الدبوس عندما تعرضت مع جداتها لهذه المبيدات ولو لفترة قصيرة.
 

وكانت هذه النتيجة مفاجئة لأن كثيرا من الدراسات السمية toxicology التي كانت قد بحثت عن أدلة، بأن المواد الكيميائية مثل ڤينكلوزولين تحدث طفرات في الدنا، لم تعثر على ذلك الدليل. لقد أكدنا بأنفسنا أن تواتر الطفرات الجينية لم يرتفع في الجرذان التي عرضت لمثل هذه العوامل. إضافة إلى ذلك لم يستطع علم الوراثة التقليدي أن يفسر ظهور سمة جديدة بتواتر قدره 90% في فصائل مختلفة.
 

وعلى كل حال، كنت أعرف أن الجنين الصغير يحتوي على خلايا مُنْشِئة أولية primordial germ cells، هي الخلايا السلفية المولدة للنطاف أو البيوض. لقد اعتقدت أن المادة الكيميائية التي استعملت كانت قد أثرت مباشرة في هذه الخلايا السلفية، وأن التأثير قد استمر عندما انقسمت الخلايا وتحولت إلى نطاف أو بيوض، وانتقل في آخر الأمر إلى الأحفاد. فإذا كانت هذه هي الحال فإن التعرض القصير الأمد هو السبب المباشر في إصابة خصى هذه الأحفاد بالمشكلات، وأن أجيال المستقبل لهذه الجرذان يجب أن تكون طبيعية تماما.
 

عندما وصلت أحفاد أحفاد الجرذان الصغيرة سن البلوغ واكتمل نموها تبين أن الذكور تعاني مشكلات مشابهة لما عاناه أجدادها. وكان سبب ذلك جرعات سريعة الزوال من مواد كيميائية زراعية قد استعملت على نطاق واسع.

 

وهناك اختبار واحد مؤكد لمعرفة ما إذا كان التأثير المباشر للمادة الكيميائية هو السبب في هذه الإصابة. لقد استنسلنا جيلا رابعا ثم جيلا خامسا من الجرذان، وكنا في كل مرة نزاوج سلالات الجرذان الأصلية التي لاقرابة بينها وكانت قد عُرِّضت لمواد كيميائية بهدف تفادي تشعيع avoid diluting السلالة. وعندما نضجت أولاد الأحفاد ومن ثم أولاد أولاد الأحفاد تبين أن ذكور كل جيل كانت تعاني مشكلات مشابهة لأسلافها. وكان السبب في ذلك جرعات متتالية لكن ليست عالية من الكيماويات الزراعية كانت ترش لعقود على الفواكه والخضار والكروم وملاعب الغولف.
 

لقد صُدِمْت من هذه النتائج. فقد كررنا هذه التجارب عدة سنوات مرات عديدة للتأكد من صحة هذه النتائج والحصول على براهين إضافية. واستنتجنا من ذلك أن التعليل الموضوعي لهذه الظاهرة هو أن تعرض هذه الجرذان لهذه الكيماويات سَبَّب طفرات خارج وراثية تدخلت في تطور المناسل (الغدد التناسلية) في الأجنة الذكرية، وأن هذه الطفرات خارج الوراثية تنتقل من النطاف إلى خلايا الجنين المتنامي، بما في ذلك الخلايا المنشئة الأولية، وأنها تتابع هذا الانتقال لعدة أجيال. وفي عام 2005 نشرنا هذه النتائج في مجلة Science وأوردنا في تلك المقال فرضيتنا حول التطفر خارج الوراثي وكذلك الدلائل الأولية المؤيدة، لكن الغريبة، بأن ذاك التعرض لمبيدات الفطريات أدى إلى تغيير المثيلة في مواقع مهمة متعددة في دنا نطاف الأنسال.
 

نتائج مزعجة(****)
 

لقد أثارت النتائج السابقة عاصفة من الجدل. وكان أحد أسباب ذلك أن باحثين في الشركات التي تبيع الڤينكلوزولين، وكذلك الدراسات غير الصناعية، ذكروا صعوبة التأكد من بعض نتائجنا، ربما لأنهم استخدموا طرائق تجريبية مختلفة، مثل إعطاء الجرذان الكيماويات عن طريق الفم، أو استخدام سلالات من الجرذان ناتجة من زواج أقارب inbreeding أو تربية الذكور غير المتأثرة مع الجرذان الناتجة من سلالة شاهدة لم تتعرض للمبيد الفطري، وجميع هذه الممارسات تضعف كثيرا قابلية تأثر السلالة في الأجيال التالية.
 

على أي حال تراكمت في السنوات اللاحقة البراهين على أن الطفرات خارج الوراثية يمكن أن تدوم عدة أجيال. وبينت الدراسات اللاحقة التي جرت في مختبري أن أحفاد أحفاد الجرذان المعالَجَة بمبيد الفطريات قد غيرت بصورة دائمة أنماط المثيلة في نطافها وخصاها ومبايضها، وكذلك النشاط غير الطبيعي للجينات في الخلايا المنشئة الأولية لهذه الجرذان. لقد وجدنا أيضا أن الجيل الرابع من الأنسال أصبحت عرضة لزيادة الوزن والقلق، حتى أنها تختار أزواجها بصورة متباينة. لكننا وجدنا، مع علماء آخرين، أن هناك ملوثات أخرى مؤثرة يمكن أن تؤدي إلى ذات النتائج السابقة الذكر، كما تبين لنا أن هذه الصفات المكتسبة عبر الأجيال يمكن ملاحظتها في عدد كبير من الأنواع بما في ذلك النباتات والذباب والديدان والأسماك والقوارض والخنازير.
 

 
[مكتشفات]
وراثة خارج نطاق الجينات(*****)
  اكتشف علماء الحياة أن ما تمر به الحيوانات والنباتات من خبرات، مثل التعرض لملوثات معينة أو لحوادث مجهدة، يمكن أن تؤثر في صحة أنسالها دون أن تطفر الدنا عندها. ويمكن لهذه الخبرات أن تنتقل عبر الأجيال وتؤثر في الأطفال وفي أطفالها من خلال تأثيرها المباشر في النطاف والبيوض والخلايا التناسلية الأخرى. لكن، يمكن أيضا أن تتأثر أجيال أبعد من ذلك أيضا بصفات مكتسبة من خلال تغييرات وراثية وخارج وراثية تسببها مواد كيميائية التصقت بدنا هذه الخلايا.
نوع جديد من الوراثة (*) 2015_01_02_58_a
  خارج الوراثة في الصدفة
  يتم تكويد المعلومات الجينية بامتدادات من الدنا داخل كروموسومات كل خلية. لكن طبقة أخرى من المعلومات تكوَّد في العلامات خارج الجينية التي تتضمن مواد كيميائية مثل جذر المثيل (CH3) المرتبط بالدنا وبالمجموعات الهيستونات التي تحيط بالدنا. وعندما ترتبط هذه العلامات خارج الجينية بدنا في الجين أو قريب منه، فإنها غالبا ما تغير كمية الرنا أو البروتين الذي صنعته الجينات.
نوع جديد من الوراثة (*) 2015_01_02_58_b
  طرائق استمرار صفات خارج الوراثة لعدة أجيال
  الآثار المباشرة للتعرض للملوثات أو الإجهادات يمكن أن تسبب سماتٍ تستمر عدة أجيال لكنها لاتورث إلى جيلين إذا تعرضت الذكور والنطاف أو حتى ثلاثة أجيال إذا حدثت لإناث في مرحلة معينة من حملها (اللون الأزرق). أما إذا كان للسمة خارج الجينية أن تورث إلى الأجيال التالية (اللون الأحمر)، فإن العلامة المحورة يجب أن تنجو من موجتين متميزتين من إعادة البرمجة بعد الحمل (في الأسفل). فهاتان الموجتان تزيلان أغلب المرتبطات خارج الجينية من الكروموسومات وتعيدان كتابتها بعدئذ من جديد. وقد بينت الدراسات التي أجريت على الجرذان أن استمرار بقاء هذه السمات ممكن.
  (1) الموجة الأولى من إعادة البرمجة خارج الجينية تحدث تماما بعد عدة أيام من الحمل عندما يكون الجنين كرة صغيرة من الخلايا
  (2) يمكن أن تعاني الخلايا المنشئة الأولية (أسلاف البيوض والنطاف) التعرضَ المباشر. لكن فعالية ثانية من إعادة الترجمة تعيد تموضع أغلب العلامات خارج الجينية على هذه الخلايا، بحيث يتم فقط تنشيط الجينات المناسبة لجنس الجنين.
  (3) صغار الجرذان
  يمكن تفسير السمات الجديدة في صغار الجرذان بأنها نتيجة لتعرض نطاف آبائهم أو بيوض أمهاتهم للمواد الكيميائية عندما كانت في الرحم. فإذا تعرضت الخلايا المنشئة الأولية، فإن بيوضها أو نطافها يمكن أن تصاب بالسمات ذاتها وهو أمر يمكن أن يُنقل إلى أحد أحفاد الجرذان. لكن لايمكن الجزم بأن مثل هذه الأثار لايمكن أن تورث.
  (4) أحفاد الجرذان
  يمكن أن تظهر الوراثة عبر الأجيال في الجيل الثالث إذا تعرض الجد الذكر. وأظهرت الدراسات الجارية حتى الآن حدوث هذه الظاهرة في عدة أنماط من التعرضات.
  تعرض السلف: خوف التعود على الرائحة غير المألوفة
  صفة موروثة: استجابة بظهور واضح لوجود رائحة الغذاء العالي

  تعرض السلف: الدسم والدواء يسببان بداية داء السكري
  صفة موروثة: عدم تحمل الگلوكوز ومقاومة الإنسولين
  (5) أحفاد الأحفاد
  في معظم الدراسات حول هذه الظاهرة عَرَّض الباحثون إناثا حوامل لمركب سام أو ظروف ضاغطة. وكان عليهم بعد ذلك تربية الجيل الرابع على الأقل للبرهان على أن السمات الجديدة هي حقا قابلة للتوريث.
  تعرض السلف: مثوكسيكلور، ڤينكلوزولين
  صفة موروثة: عدد قليل من النطاف وقلة حركتها، ما يشير إلى القلق عند الإناث

  تعرض السلف: ديوكسين
  صفة موروثة: قلة التستوسترون عند الذكور العقم والولادة قبل الأوان عند الإناث

  تعرض السلف: بيسفنول BPA) A)
  صفة موروثة: عدد قليل من النطاف ومبايض غير طبيعية وبلوغ مبكر عند الإناث
  تعرض السلف: وقود الطائرات النفاثة؛ DDT
  صفة موروثة: نسب عالية من البدانة مرض تعدد كيسات المبيض
  (6) أحفاد أحفاد الأحفاد
  استمرت دراسات قليلة حتى الجيل الخامس ووُجِد استمرار بعض الآثار.

  تعرض السلف: ڤينكلوزولين؛ DDT
  صفة موروثة: أمراض البروستات والكلى والبدانة عند الذكور؛ وأمراض المبيض عند الإناث
 

 

لقد بَيَّن فريقي البحثي عام 2012 أن تعريض الجرذان الحوامل لملوث ديوكسين أو وقود الطائرات النفاثة أو طاردات الحشرات أو لمزيج من البيسفنول BPA) A)ا(1) والفثالات phthalates، وهي مركبات كيميائية لمادة تستعمل في علب الطعام وحشوات الأسنان، تحرض أيضا حدوث العديد من الاضطرابات الصحية الموروثة حتى أفراد الجيل الرابع، مثل شذوذات في البلوغ والسمنة وأمراض في المبايض والكبد والبروستات. وقد لاحظنا المئات من التغيرات النوعية في أنماط مثيلة الدنا في النطاف؛ حيث وجدنا أنها لاتتبع أنماط التوريث المعهودة في علم الوراثة، لذا فإننا نعتقد أن ما خارج الطفرات وليس طفرات تتاليات الدنا هو السبب الكامن وراء هذه الاضطرابات.
 

وقد قام أيضا الباحثان <B .K. تران> و <K. أوستين> [من كلية الطب بجامعة ڤاندربيلت] بدراسة آثار الديوكسين على الفئران ووجدا أن نحو نصف بنات الأمهات التي عُرِّضت كانت غير خصبة، وأن العديد مما حمل منها ولدت قبل الأوان، واستمرت مشكلات الحمل هذه جيلين آخرين على الأقل.
 

نوع جديد من الوراثة (*) 2015_01_02_60
تَشكُّل الضباب باستعمال الـDDT للقضاء على البعوض في الأربعينات والخمسينات من القرن الماضي يمكن أن يكون قد استمر تأثيره حتى في الأطفال الذين يولدون في الوقت الحاضر وَسَّبب تشكيل خارج طفرات.

 

وفي هذه الدراسات كانت الجرعات الكيميائية أكثر بكثير مما يأتي من الوسط الملوث، لكن <J. وولستنهولم> وآخرين وجدوا في كلية الطب بجامعة ڤيرجينيا نتيجة البحث الذي قاموا به، تأثيرات منتقلة عبر الأجيال تشبه ما ينتج من جرعات مماثلة عند البشر. لقد وجد هؤلاء الباحثون أنه عندما تعطى الفئران كميات كافية من البيسفنول A في طعامها لإنتاج سويات من الدم الموجودة في النساء الأمريكيات الحوامل، كانت أنسال هذه الفئران، حتى الجيل الخامس، تقضي وقتا أقل في استكشاف أقفاصها ووقتا أطول في التآثر مع الفئران الأخرى. وظن الباحثون أن تحول الشخصية personality shift سببه تغير نشاط الجينات بسبب الأوكسيتوسين oxytocin والڤازوپرسين vasopressin المعروفَيْن بتأثيرهما في السلوك الاجتماعي. وعلى الرغم من أنه من المحتمل، كما في دراستنا حول البيسفنول A، تتطابق التأثيرات مع أنماط تغير مثيلة الدنا، علما بأن الدليل على هذا الترافق لايزال حتى الآن غير مباشر، فقد تكون هناك أنواع أخرى من التغيرات فوق الطفرية ذات صلة بهذا الأمر.
 

وهناك دراسات أخرى تجرى الآن يمكن أن تحدد ما إذا كانت الطفرات خارج الوراثية تؤثر في عدة أجيال من البشر مثل ما حدث مع القوارض. ويتابع أحد هذه الأبحاث ما حدث نتيجة حادثة طبيعية مشؤومة. ففي عام 1976 حدث انفجار في معمل كيميائي في مدينة Seveso بإيطاليا، أدى إلى تعرض جميع سكان تلك المنطقة تقريبا إلى تراكيز مرتفعة من مادة الديوكسين، وكانت هذه أول حادثة مسجلة يتعرض فيها جمهور واسع لهذه المادة الخطرة. وقام العلماء بقياس كمية الديوكسين في دماء ما يقرب من ألف امرأة تأثرن بالحادث لمعرفة نتيجة ذلك على صحتهن.
 

وفي عام 2010 أفاد الباحثون أن كل ازدياد بعشر مرات لتعرض المرأة للديوكسين خلال هذا الحادث أدى إلى زيادة الزمن اللازم للحمل قدرها 25%، كما أدى إلى تضاعف خطر عدم الحمل. وفي عام 2013 لاحظ الفريق أيضا أن النساء اللواتي كن أصغر من 13 عاما وقت الحادث تضاعف لديهن، وهن بالغات، خطر الإصابة بمتلازمة الأيض metabolic syndrome، وهي مجموعة من العوارض مثل ارتفاع ضغط الدم والگلوكوز في الدم، وهي حالات تسهم في احتمال الإصابة بأمراض السكري والقلب. فقد وجدوا أن نتائج فحوص الغدة الدرقية لحفيدات النسوة اللواتي تعرضن للديوكسين كانت غير طبيعية.
 

بما أن اضطرابات الأيض والتناسل هي الأكثر شيوعا من خلال خارج الجينوم epigenome في حيوانات التجربة، فإن هذه النتائج توحي ضمنا أن الديوكسين يمكن أن يشجع حدوث الطفرات خارج الوراثية عند البشر، ويتعزز الشك إذا ما وجد في السنوات المقبلة أن أولاد وأحفاد هذه النساء أبدت نسبة عالية من حالات العقم والسمنة وغيرها من الأعراض الأخرى المتعلقة بما ذكر، وأظهرو أنماطا غير طبيعية من المثيلة.
 

وتمت أيضا الاستفادة من تجربة طبيعية أخرى قام بها <M. پمبري> [من كلية جامعة لندن] و <O .L. بايچرن> [من معهد كارولينسكا في ستوكهولم] وزملاؤهما الذين قاموا بسلسلة من الدراسات المثيرة استخدموا فيها بيانات لنحو 300 شخص ولدوا في الأعوام 1890 و 1905 و 1920 في مدينة Overkalix بالسويد إضافة إلى بيانات آبائهم وأجدادهم. وقام هؤلاء الباحثون بمقارنة سجل وفاة هؤلاء الأشخاص مع بيانات الموارد الغذائية في تلك المدينة بتلك الفترة من القرن التاسع عشر حين مرت المدينة آنذاك بفترات متعاقبة من القحط في المحصول الزراعي مدة كل منها سنتان. وتبين من هذه الدراسة أن النسوة اللواتي مرت جداتهن، عندما كن صغيرات السن، بهذا النمط المتذبذب بين توفر الغذاء والجوع، كن مصابات بنسب عالية من الأمراض القلبية المميتة.
 

والغريب في هذا الموضوع كان أن الخطورة الزائدة لم تشاهد عند الرجال ولا عند النساء الذين تحمَّل أجدادهم ندرة الطعام في تلك الفترة. إن هذا النمط الغريب من الوراثة يشير بشدة، ولأسباب مختلفة، إلى أن التغيرات خارج الجينية فعالة، وبخاصة ظاهرة معروفة باسم التخميد imprinting. وقد لوحظ حدوث أمور مشابهة لما سبق عند أحفاد الشعب الهولندي الذي عانى الجوع أثناء الحرب العالمية الثانية.
 

تخميد خارج الجينية الوالدية(******)
 

ومع الدلائل المتزايدة لايزال كثير من علماء الحياة يترددون في قبول أن الطفرات خارج الوراثية تسببها البيئة وتستقر في مسار الخلايا المنشِئة. ويبدو أن هذه الفرضية تتناقض مع الاعتقاد السائد منذ فترة طويلة أن العلامات خارج الجينية تمحى من الدنا ويعاد كتابتها ثانية أثناء العملية التناسلية ليس مرة واحدة بل اثنتين. ووفقا لهذا التفسير، فإن هذه العمليات تزيل أي طفرة خارج وراثية مكتسبة قبل أن تسبب أي مشكلة في الجيل التالي. وكان هذا المنطق سببا آخر في عاصفة النقد التي واجهناها عندما نشرناها عام 2005. فعملية المحي تحصل فعلا، لكن إلى أي مدى؟ يبقى ذلك أمراً قابلاً للتساؤل والنقاش.
 

تحصل أول موجة من التخميد بعد عدة أيام من حدوث الحمل، حيث تنفصل علامات المثيل من الكروموسوم، وهي عملية تمنح الخلايا الجذعية الجنينية القدرة على إنشاء كل أنواع الخلايا. وبعدئذ تعاد المرتبطات tags عندما يبدأ الجنين بالتنامي. وعندما تبدأ الخلايا بالانقسام والتخصص تظهر نماذج محددة من مثيلة الدنا في كل نمط من الخلايا؛ مما يساعد على تكييف الخلايا بحيث يصبح كل منها قادرا على القيام بعملها الخاص بها.
 

ومع ذلك، هناك شيء ما يحجب جينات قليلة خاصة عن هذه الموجة الأولى من عملية المحي خارج الجيني. ويشير علماء الحياة إلى هذه الجينات على أنها جينات أمومية (نسبة للأم) أو أبوية مخمدة imprinted لأن علامات خارج الجينية مصونة وتضمن أن نسخة الأم أو الأب فقط من الجين هي التي تستعمل لصنع البروتين. ومثال ذلك أنه بالنسبة إلى أولادي يقوم الجين IGF2، الذي يكوِّد الهرمون الضروري لنمو الجنين، يكون نشيطا فقط على الكروموسوم الذي ورثوه مني. أما نسخة الجين من أمهم، فإنها تكون مغلقة بالفعل المشترك لمثيلة الدنا وأحد أشكال الرنا غير المكوِّدة.
 

أما الموجة الثانية من التخميد خارج الجيني وإعادة البرمجة، فإنها تبدأ لاحقا عندما يكون جنين الجرذ بحجم رأس الدبوس والجنين البشري بحجم حبة البازلاء، ويتم ذلك عندما تبدأ الخلايا المنشئة الأولية بالظهور داخل المناسل الحديثة التشكل في الجنين، وأيضا عندما أعطينا الڤينكلوزولين أو ملوثات أخرى لحيوانات التجربة في أبحاثنا حول التغيرات خارج الجينية. وتستمر هذه الموجة نحو أسبوع في الجرذان، أما عند البشر، فإنها تمتد من الأسبوع السادس حتى الأسبوع الثامن عشر.
 

ويُعتقد أن هذه الموجة الثانية تكتمل عندما يتم نزع العلامات الكاملة المثيل حتى من الجينات المخمدة في خلايا طلائع البيوض والنطاف. على أي حال، يتم لاحقا إضافة علامات من جديد وذلك لتثبيت النمط الجنسي المناسب، أي تتلقى كروموسومات الإناث التي ستستقر في البيوض نمط المثيلة الأمومي، بينما في الذكر تتلقى الكروموسومات التي ستستقر في النطاف نمط الأبوة. وتتجنب هذه العملية أن يحصل أي نسل على نسختين فعالتين أو غير فعالتين من الجينات المخمدة، حيث إن المطلوب هو نسخة واحدة فعالة وأخرى غير فعالة.
 

يمكن أن تتأثر الآلية نفسها التي تعيد وضع المرتبطات على الجينات المخمدة بالهجمات البيئية بحيث يعاد تثبيت طفرات فوق طفرية جديدة في الخط الأساسي. فإذا تعرض الجنين في بداية الموجة الثانية، سواء إلى مادة ملوثة أو خلل هرموني سببه الشدة stress أو عوز غذائي يؤثر في المثيلة، فإن ذلك يمكن أن يؤدي إلى تغيير أي مرتبطات خارج جينية epigenetic tags يتخلص منها إلى الأبد وأيها تبقّى أو يعاد ترتيبها في نهاية مرحلة إعادة البرمجة.
 

إن معظم الطفرات خارج الوراثية يمكن ألاّ يترتب عليها أي نتيجة أو يمكن أن تصحح في الجيل التالي. لكن لكل قاعدة استثناء، فإذا تمت حماية طفرة خارج وراثية في خلية مسار منتشٍ grem-line cell في جينوم خارج جيني، من إعادة برمجتها بطريقة تشبه ما يحدث في الجين المخمَّد، فإن ذلك قد يؤدي إلى تأخير التأثير في الجيل الثاني، وربما يمتد هذا التأثير الأجيال التالية.
 

وإذا كانت هذه الفكرة صحيحة، فإن ظاهرة خارج الوراثة يمكن أن تكون لها نتائج طبية مهمة. ويبحث بعض العلماء الآن فيما إذا كانت المواد الكيميائية مولدة البدانة obesogens في البيئة التي تسبب اضطرابا في الأيض بحيث تؤدي إلى السمنة بطرائق وراثية. ففي عام 2013 بيَّن <B. بلومبرگ> وزملاؤه [من جامعة كاليفورنيا في إيرڤن] أن الفئران الحوامل التي شربت ماء ملوثا بمادة تريبوتيلين tributyltin، وهي تستخدم على نطاق واسع لتبعد البرانق barnacles، وهي قشريات بحرية، عن أجسام السفن، حملت فئرانا صغيرة قادرة على تكوين كميات كبيرة من الدهون في الخلايا وأكباد سمينة، واستمرت هذه الظاهرة جيلين آخرين، الأمر الذي يمكن تفسيره بسهولة بالتطفر خارج الوراثي. وهكذا، ومع أن التحول في نمط المعيشة وتوفر الغذاء يفسر من دون شك زيادة البدانة وداء السكري وغيرهما من الأمراض المنتشرة في الأقطار الغنية في السنوات الخمسين الماضية، فإن من المعقول أن نستنتج أن تعرض أجدادنا للمواد الكيميائية المذكورة أدى إلى زيادة قابليتنا للإصابة بمثل هذه الأمراض.
 

ومن الحوادث التي جرت في بعض البلدان، وتعرض الأطفال في الولايات المتحدة الأمريكية في الأربعينات والخمسينات من القرن الماضي لمبيد الحشرات ال DDT، وعندما حقنا الحيوانات بال DDT وحصلنا على أكثر من نصف أحفاد أحفادهم (الجيل الرابع) مصابين بالبدانة (مع أن أفراد الجيل الثاني كانوا ذوي أوزان طبيعية)، يجب أن نقتنع بأن موضوع خارج الجيني ظاهرة خاطئة. ومنذ الخمسينات من القرن الماضي ازدادت نسبة البدانة في ثلاثة أجيال من الأمريكيين البالغين بشكل ملحوظ، وهي تتجاوز الآن نسبة 35%.
 

وإذا كانت البيئة قادرة أحيانا على إحداث تغيرات في نشاط الجينات دون تغيير في تسلسل كودات الدنا، فإن النظرة الكلاسيكية للتطور evolution الذي يعد منتجا بطيئا للطفرات العشوائية التي يتم اصطفاؤها بسبب فوائدها التناسلية أو البقاء للأصلح، يجب أن تتوسع. وقد تكون الوراثة خارج الجينية هي العامل الأكثر أهمية في تفسير الازدياد الكبير في عدد الأنواع species الجديدة أكثر من المتوقع، مع ندرة فوائد الطفرات الجينية. ويبدو أن التغيرات خارج الجينية يمكن أن تحصل أكثر من التغيرات العادية بألف مرة. وإن الأثر الأكثر أهمية للفعاليات خارج الجينية - الذي يمكن أن يكون سبب وجودها - قد يكون التكيف للعيش والاستمرار بالحياة، يشير إلى تلك الزيادة الكبيرة في عدد الأفراد المتباينة في أي جماعة. فالاصطفاء(2) الطبيعي natural selection له الدور الأكبر في انتقاء الأفضل تكيفا للعيش والاستمرار بجينوم أو خارج جينوم بمتابعة مسيرة الإنسان.
 




المؤلف

   Michael K. Skinner
  <سكنر> أستاذ علم الحياة في جامعة ولاية واشنطن، نشر أكثر من 250 مقالة، من ضمنها عدد من الدراسات حول ظاهرة خارج الوراثة العابرة للأجيال.
نوع جديد من الوراثة (*) 2015_01_02_55
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

نوع جديد من الوراثة (*) :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

نوع جديد من الوراثة (*)

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: منبر البحوث المتخصصة والدراسات العلمية يشاهده 23456 زائر-
إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوعانتقل الى: