كلمات في الشعر والشعرية
لينا شدود
نحب الشعر، ونقامر به، توقاً للوصول إلى تجديد وخرق يُمكّننا من امتلاك أسلوب يخصّنا. هذا ليس سهلاً بالنّسبة للشاعر غير المَحمي، ولعقود، من نقدٍ دأبَ على خنق لهفته للتغيير.
نشهد في يومنا هذا نوعاً من الجرأة لكسر ما هو ثابت ومقدس، بل والتّلذذ بهذا التدمير النّبيل، بما أن الشعر مازال يملك قدسية خاصة بين الآداب الأخرى.
الشّاعر المناور، المغامر بإرثه، سيطلق صيحته الثّاقبة كي يبدد كل ما هو بارد، ومُقفِر، وهذا الهدم لن يكون آمناً، إن لم يكن مزوداً ببراعة المجاز، متحلّياً بذاكرة شعرية قوامها المعرفة والحدْس، وهي ذاكرة غير نقيّة كونها خليط مُربك من كل ما يستسيغه الشّعر.
القصيدة العربية اليوم تملك مهارة التّلميح إذ تتأرجح بين البساطة المتناهية، والتعقيد المحبب المراوغ، دون الإفراط فيه.
يدرك الشّاعر أنه لن يتسنى له أن يكون ما لم يمتلك صوتاً صادقاً، وصريحاً، بعيداً عن البلاغة السخية، والالتزام بنبرة المثالية، مُكلّلاً بنضج شعري، ومهارة التّنقيح، والسّيطرة على بلاغة تُؤرقه.
تحرّر الشاعر من كل ما هو حتمي، مرتهن للغة بمعايير آنية، لغة تمنحه مرونتها، على أن لا يكون هو ــ ذاته في كل قصيدة جديدة.
و هكذا السّمو بلغة القصيدة غالباً يعود لرغبة بخلود يدغدغ مخيّلة أي شاعر يملك حافزه الخاص، بلا ملامح غامضة ولا إيحاءات غريبة، بل شعر طاعن في الصّدق و الواقعية، ودونما سخاء مبالغ به.
يقود الشّاعر اليوم بلغته الطّازجة، وبإشاراته الرّقيقة، قصيدته بأمان مُتخطّياً حدود الغِنى والعوز المُتعارف عليها، معتمداً في كل طبقة من طبقات تعبيره اللّغوي على جرس خاص، يَحُولُ رنينه دون الوصول إلى غرابة تفقده روحه، بل يلتزم بدرجة من الوعي بإشراك القارئ في العملية الشّعرية، بما هما، القارئ والكاتب شركاء في عملية إثراء الوعي بشعر جديد، ومتجدد، معنى و مبنى.
خاص:الإمبراطور