بشار الأسد وأحمدي نجاد.. ممانعة ضد شعبيهما
أن تمانع أحدا من عمل شيء، أو أن تقاوم شخصا ما، هو أن تستهلك الكثير من وقتك وجهدك للوقوف ضده. هذا الوقت كان بإمكانك استغلاله في تطوير نفسك أو عمل شيء مفيد. وأحيانا، يعرف البعض أنفسهم بكونهم ممانعين لآخرين، فتصبح هذه الممانعة شغلهم الشاغل وغايتهم الوحيدة. مثال على ذلك، سوريا وإيران وملحقاتها ومن يعرفون أنفسهم على أنهم خط الممانعة ضد الولايات المتحدة وإسرائيل.
في حالة سوريا وإيران، تترك الدولة كل أولوياتها وملفاتها الداخلية والخارجية وتسخر كل طاقاتها وإمكانياتها لممانعة القوى العظمى أمريكا وحليفتها إسرائيل. النتيجة كما نرى، أن يستمر الأسد بتقطيع الأطفال والنساء حتى يتمكن من الاستمرار في المقاومة الشكلية التي يدعيها، وتقمع إيران شعبها ويعاني من عقوبات اقتصادية وعزلة دولية في سبيل ممانعة أمريكا.
وعلى الرغم من كل الوحشية والتكاليف التي يتبدها المواطن في هاتين الدولتين، لم يقدم خط الممانعة المزعوم أي ممانعة حقيقية – بل أن الدول المعتدلة والصديقة للولايات المتحدة قدمت أكثر للقضية بدبلوماسيتها الهادئة من نعيق الممانعة.
وعلى الرغم أيضا من خطورة تقييد مصلحة الداخل وربط كيان الدولة وحقوق المواطن بالممانعة، إلا أن الأخطر هو اختزال مفهوم وهدف الدولة على ذلك. بمعنى، يكاد يتكرر في كل خطاب للأسد ونجاد بأنهما يعملان من أجل المقاومة.
الملف الأول في إيران، السلاح النووي، هدفه الأهم هو ممانعة القوى العظمى. العمليات العسكرية ضد المدنيين في سوريا هدفها هو البقاء في السلطة للاستمرار في مسرحية ممانعة إسرائيل.
أصبحت ممانعة أمريكا وإسرائيل سبب وجود نظامي نجاد والأسد، وبزوال أسباب الممانعة سينتهي أي دور إقليمي مؤثر لهما. فليس من قاعدة اقتصادية صلبة ولا نظام سياسي قوي يحمي الأسد في حال انتهى مسلسل أبطال المقاومة.
من البديهي، أن المستفيد الأكبر من هذا المسلسل هو نظامي الأسد ونجاد. كون النظامان أصبحا اليوم مجرد وسيلة للوصول إلى غاية ممانعة الولايات المتحدة وإسرائيل، فبزوال مطلب الممانعة تزول وسائلها، ويجد الأسد بالذات نفسه مفلسا بلا قضية يتاجر بها أو أعذارا يسوف من أجلها برنامجه الإصلاحي المزعوم.
خط الممانعة نكتة أسرت قلوب الكثير، لكنها اليوم أصبحت واضحة. الممانعة الحقيقية لا تأتي من نظام قمعي متأخر عشرات السنين عمن يمانعهم، ولا تأتي من نظام سينتهي بانتهاء أسباب ممانعته.
طالب سعودي يدرس العلاقات الدولية والاقتصاد في الجامعة الامريكية في واشنطن. اول سفير للشباب السعودي في الأمم المتحدة. عمل سابقا كباحث للشؤون الخارجية في مكتب الرئيس الأسبق بيل كلينتون والكونغرس الأمريكي. يعمل حاليا كمستشار لشؤون الشرق الأوسط في مكلارتي اسوسياستس في واشنطن.