افلاس النظام الرسمي العربي
رأي القدس
6/4/2010
لم تأت نتائج اجتماعات وزراء الخارجية العرب في مقر الجامعة العربية في القاهرة مفاجئة لأحد، ليس لانها جاءت متأخرة بضعة أيام، وغاب عنها عدد كبير من الوزراء الفاعلين، وانما لانها كررت مواقف سابقة خالية من اي مضمون، مثل العمل على كسر الحصار والعودة بالقضية الفلسطينية الى مجلس الامن.
السيد عمرو موسى كان في وضع بائس وهو يتلو البيان الختامي أمام الصحافيين، فقد امتقع وجهه، وخانته تعبيراته، ولم يستطع ان يمارس عاداته في 'رش الموت بالسكر' مثلما يقول المثل، اي نحت بعض العبارات لاضافة جديد يجعل من العمل العربي المشترك جذابا بالنسبة الي مندوبي وسائل الاعلام.
النظام الرسمي العربي يعاني من الافلاس التام حتى في الكلمات، ناهيك عن الافعال، وهذا ما يفسر انعدام اهتمام الرأي العام العربي بقممه واجتماعات وزرائه، حتى ان البيان الختامي لاجتماع مجلس الجامعة الاخير لم ينشر الا في ذيل الصفحات الداخلية في الصحف العربية المستقلة.
السيد عمرو موسى يقول ان العرب سيعملون على كسر الحصار المفروض على قطاع غزة، ولكنه لم يقل كيف، وكان الاولى به ان يكون اول المبادرين في ذلك، والذهاب الى القطاع المحاصر للتضامن مع ابنائه، خاصة ان الوصول اليه لا يستغرق اكثر من ثلاث ساعات بالسيارة، ولكن السيد موسى مشغول في قضايا اهم فيما يبدو، بل اكثر انشغالا من كل الزعماء الاجانب الذين زاروا القطاع وعلى رأسهم بان كي مون امين عام الامم المتحدة.
كنا نتوقع ان يتبنى وزراء الخارجية العرب قراراً بفتح موانئ بلادهم لتهيئة قوافل من السفن، تتوجه الى قطاع غزة بالعشرات محملة بكل ادوات البناء ومواده وصناديق الادوية وقطع الغيار الاساسية، محروسة بالفرقاطات البحرية العسكرية، ولكن هذا لم يحدث، فمن المؤسف ان قوافل كسر الحصار تنطلق من قبرص ومن الموانئ التركية والمالطية وترفع اعلاماً ليس من بينها علم عربي واحد.
كان امرا مؤسفا ان كل ما استطاع النظام الرسمي العربي ان يقدمه، وما جاء على لسان الامين العام للجامعة، هو الذهاب الى مجلس الامن الدولي لبحث مسألة الحصار المفروض على غزة. وكأن وزراء الخارجية العرب لا يعرفون ان مجلس الامن الدولي انعقد فعلاً وبعد ساعات قليلة من بدء العدوان على سفن اسطول الحرية، واتخذ قراراً باجراء تحقيق وفق المعايير الدولية في المجزرة، وأدان بصورة عامة الفعل الاسرائيلي.
الذهاب الى مجلس الامن مجددا هو حجة العاجز المفلس منعدم الخيارات. فقد كان مؤسفا ان تقدم دول مثل نيكاراغوا على قطع علاقاتها مع اسرائيل وتسحب دول مثل جنوب افريقيا سفراءها من تل ابيب احتجاجا على المجزرة، بينما يبقى السفراء الاسرائيليون في سفاراتهم في العواصم العربية، يعملون بصورة طبيعية، وكأن شيئا لم يحدث على الاطلاق لسفن الحرية في عرض البحر المتوسط امام السواحل الفلسطينية.
فليحتفظ وزراء الخارجية العرب بالسفراء الاسرائيليين، وبسفرائهم في تل ابيب، وليبقوا مبادرتهم للسلام على الطاولة لعقود او حتى لقرون، فلم يعد يهتم بهم وبانظمتهم احد في الشارع العربي باستثناء بعض المنافقين العاملين معهم.
الغضب التركي، وانتفاضة الكرامة التركية التي يقودها رجب طيب اردوغان، وضعا النظام الرسمي العربي في المكان الذي يستحقه، اي في سلة مهملات التاريخ.