لايزال
العقل
العربي
يتفادى
التعايش
مع
فكرة
العلمانية
المشتقة
من
كلمة
العالم وهو
الإهتمام بكل
ماهو
دنيوي
وليس
العلمانية
المشتقة
من
كلمة
العلم وهي
تحكيم
العلم .
جاءت
العلمانية حسب رأي مفكر العالمي محمد أركون الذي برع في تشخيص الإسلام
كممارسة تطبيقية وشرح مدى سوء فهم المسلمين لدينهم ونادى بضرورة التفكير في
التعامل مع النص القرآني وفق آليات تنتج قراءة عملية وإجرائية للدين
كقانون عيش وعارض تحويل الدين إلى ممارسات أرثدوكسية تحولت إلى إعتقادات
دوغمائية تجذرت في أغوار العقلية المسلمة
فهو
يرى أن مفهوم العلمانية يتجسد في مفهوم الحماية وليس الفصل أي العلمانية
هي حماية الدين من الدولة وهذا خاص بالنموذج الأمريكي وكذلك حماية الدولة
من الدين في النموذج الفرنسي وكان يلح على ضرورة التفحص للقرآن الكريم
بمناهج العلوم الإنسانية كعلم الإجتماع و الأنثروبولوجيا من القيام
بقراءات
عقلانية تنتج لنا نمط تفكير يلوح في الأفق وليس الوقوع في أسر المقدس
اللاهوتي أي عدم توظيف العقل من أجل التعامل مع النقل .
وتعتبر العلمانية أهم إنجاز تحرري عرفته أوروبا التي عانت من ويلات
الكنيسة وكانت الحركة الإصلاحية بزاعمة لوثر حجر أساس لبناء مشروع
العلمانية كنسق فكري قابل لمسايرة متطلبات المجتمع وكانت الكنيسة
الكاثوليكية في روما عبارة عن سلطة روحية للأوروبيين تفرض الإنجيل المكتوب
باللغة اللاتينية وكان فهمه يقتصر على الرهبان فقط ويعتبر أهم عمل جبار قام
به مارثن لوثر هو ترجمة الإنجيل من اللغة اللاتينية إلى اللغة الألمانية
وهذا ما جعل الإنجيل يقاس على خصوصية كل مجتمع و أصبح المذهب البروتستانتي
تصيح لأخطاء الكاثوليكية
ويعتبر
مؤلف عالم الإجتماع السياسي الفرنسي ألكسيس دو طوكفيل من الديمقراطية إلى
أمريكا عندما تعرض لدراسة المجتمع الفرنسي والأمريكي بمنهج المقارنة ورأى
أن خصوصية كل مجتمع هي التي تفرض نوع العلمانية المتبناة من طرف المجتمع
حيث رأى أن المجتمع الفرنسي عانى من الممارسات الكنسية وكانت له نضرة تغيير
جذرية للدين بينما أمريكا هي أرض الميعاد وكانت قبلة الإنجيليين المضطهدين
من من طرف الكاثوليك فالفرق يكمن في خصوصية المجتمع ونجد العلمانية الكلية
كما يصفها عبد المسيري ويسند هذه الفكرة عندما أعدم ملك فرنسا لويس السادس
عشر قال أحد الجنود الفرنسيين إعدموا آخر ملك بأمعاء آخر قس أما جزئية
العلمانية تتجسد في المجتمع الأمريكي المتعاطف مع الكنيسة الإنجيلية .
إن
هدفي من هذه المقدمة التاريخية عن العلمانية هو أن النظام الديني والثقافي
للعرب يتنافى مع قيم العلمانية التي تجسد أسلوب عيش وحياة وليست فلسفة
إلحاد فكيف يمكن أن ننتج تصورات يتقبلها العقل العربي بأن العلمانية هي
حماية الدين والحفاظ على مكانته وسموه وقيمه الإنسانية لأن الدين الإسلامي
أصبح يوظف من طرف السياسي و أصبح منبر للأحزاب كما هو الحال عندنا في
العالم العربي حيث أصبح الإمام يتلقى الخطب من الشؤون الدينية والزوايا هي
مصدر الشرعي والسياسة هي ضد القداسة فكيف نجمع بين المقدس والمدنس .
إن
العلمانية ليست كفر ولا ترفض الدين وإنما هي منظومة أفكار تنص على التخصص
في الوظائف و تحدد هوية الدولة لأن العلمانية تؤسس لدولة سياسية وفقدانها
يؤدي إلى ظهور دولة شمولية وقبل أن نؤسس لثقافة العلمانية في العالم
الإسلامي يجب ان نهيئ إنسان يتقبل العلمانية كفكرة وليست عقيدة .