تاريخ التسجيل : 05/11/2009 وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 2
15072012
جمالك يقرر نصيبك في الحياة
جمالك يقرر نصيبك في الحياة
الجمال ليس فقط في حدود الاذواق الفردية او الخصائص المختلفة للشعوب، إذ ان التجارب الحديثة تبرهن على ان مفاهيمنا للجمال، ماهو الجميل وماهو القبيح، تتحكم فيها بيلوجيتنا، ويصل الامر الى ان الباحثين قادرين على قياس ردة فعل الدماغ على " الجمال". كما انها تظهر ان حجب الجمال هو امر غير طبيعي، يتعارض مع فطرة الانسان، ويسبب خلل بيلوجي ونفسي واجتماعي.
بالتأكيد ذلك يشير الى حظوظ غير عادلة، ولكن التجربة تبرهن: المظهر الخارجي يقرر مصيرنا منذ لحظة الولادة وحتى الممات. في قسم الولادة يحظى الاطفال الاكثر جمالا بإهتمام اكبر من الممرضات، وفي حضانة الاطفال يتحيز العاملين للجميلات والجميلين من الاطفال إذ انهم يلقون الذنب على الاقل جمالا. الجميلين يحصلون على علامات اعلى، ومن الاسهل لهم الحصول على عمل، ويحصلون على رواتب اعلى بالمقارنة مع اترابهم الاقل جمالا. وعلى الرغم من اننا نادرا ما نتطرق الى ذلك، الا انه من الاسهل لهم ان يحصلوا على شركاء جنسيين وشركاء في الحياة، إذ برهنت التجارب على اننا، وبالدرجة الاولى، نختار حسب المظهر والشكل الخارجي.
السعي للجمال، واهمية الجمال في سلوكنا، ينعكس من خلال اننا نصرف 170 مليار دولار سنويا على ادوات التجميل. في السبعينات، كان الخبراء يفسرون سعينا نحو الجمال انه بسبب تأثير الدعاية والوقوع تحت تأثير الاستهلاك المادي وضغط الجماعة والتحول الى المجتمع المدني، في حين يتفتح امام البيلوجيين اليوم ان الاسباب لها جذور بيلوجية.
من حيث المبدأ قام العديد من الباحثين بالبحث عن الخصائص التي يراها الجميع تقريبا انها جذابة، واليوم تركز الابحاث في الاجابة على سؤال:" لماذا"؟ حسب توضيح الباحث المختص Ben Jones, العصو في مختبر ابحاث الوجه التابع لجامعة اابريديين في سكوتلند.
الابحاث الاخيرة تظهر ليس فقط ان هناك بعض الملامح في الوجه الانساني نتفق جميعا على وصفها بالجميلة، ولكن ايضا ان هناك اسباب بيلوجية عميقة تجعلنا نربط بين الجمال " والصالح".
في تجربة من عام 2001 قادتها الباحثة Nancy Etcoff, في جامعة هارفادرد، ظهر ان الجمال ينشط منظومة المكأفآت في الدماغ، تماما كما يفعل الطعام والمال والمخدرات. بمعنى اخر، فإن السعي لرؤية الوجه الجميل هو مثل السعي للطعام عند الجوع، وبالتالي حاجة فطرية وغريزية لاغنى عنها لانسجام العمل البيلوجي للجسم، ولهذا تقوم المنظومة البيلوجية بمكافأته لتحفيزه، عن طريق فرز الدوبامين، كما كما تفعل من اجل حثنا على الاكل وممارسة الجنس.
من الناحية البيلوجية، فإن هذا الامر مؤشر قوي على ان جمال الوجه هو " شئ جيد"، شئ يجب ان نسعى اليه، ولايمكن لنا ان نشبع منه. عمليا نقوم بالانطلاق اللاواعي من ان الجميليين اكثر ذكاء واكثر طيبة، الامر الذي يجعلنا ننحو للتصويت للمرشحين الذين لديهم مظهر خارجي افضل.
في تجربة قام بها John Antonakis & Olof Dalgas من جامعة لوزانا السويسرية ، عرض صورتين لمرشحين من احدى الانتخابات التي جرت في فرنسا على المشاركين بالتجربة، من البالغين، وسألهم ان يشيروا الى الشخص الذي يبدو، ومن خلال الصورة وحدها، اكثر إمتلاكا لمؤهلات القيادة. الاغلبية اشاروا الى الشخص الذي نجح في الانتخابات فعلا. وعندما عرض الباحثين الصور نفسها على اطفال وسألوهم، من منهم يرغبون ان يكون القائد في باخرة، اختار الاطفال الشخص نفسه. هذا الامر يشير الى ان المُنتخبين ينطلقون من المنطلقات الاساسية نفسها التي ينطلق منها الاطفال.
وحتى في المحكمة امام القضاة يملك مظهر المُتهم دورا فعالا، ولكن بطريقة مثيرة للاستغراب بعض الشئ. اللص الذي يملك ملامحا جميلة يحصل ، على الاغلب، على عقوبات اخف بالمقارنة مع الذي يملك ملامحا بشعة، ولكن النصاب الجميل يحصل على عقوبة اقسى من النصاب الاقل جمالا. الاحتمال الاغلب لهذا التمييز ان النصاب قام بخرق مفهوم اساسي اكثر تجذرا من قوانين المجتمع وهو استغلاله لغريزة إعتبار ان الجميل هو " الصالح".
ماهو الشئ الموجود في وجوهنا، والذي من حيث المبدأ لايزيد عن دوائر وبقع، ومع ذلك يطلق مشاعر قوية؟ بمعنى اخر ماهو " الجمال"؟
احدى النقاط التي تمكن العلماء من الكشف عنها ان الجمال ليس فقط مسألة ذاتية وشخصية تقع في إطار الذوق الشخصي، بل ان هناك خصائص قليلة ومحددة يتفق عليها العجائز والشباب والشابات، على مر العصور وفي جميع الثقافات: ان الوجه يجب ان يكون متناظر وان الجلد غير متجعد. المنظر الصحي والاسنان البيضاء والشعر اللامع، ايضا يبعث الرضى في الدماغ. عند زيارة قسم المصريات في المتحف، يظهر للناظر بسرعة ان مفاهيمنا عن الجمال لها جذور قديمة في التاريخ، حيث يقف نصب وجه نفرتيتي شاهدا على مفاهيم الجمال قبل 3000 سنة ولازال شاهدا عليه حتى اليوم، على الرغم من الخدوش التي اصابته.
في ذات الوقت لايعني ذلك ان مفاهيم الجمال لاتتغير. عندما التقى الاوربيين والافريقيين للمرة الاولى، شعر كلا الطرفين بالنفور من بعضهم البعض. الاوروبيين رأو انف مفلطح وشفايف عريضة، في حين رأى الافارقة لون ابيض مقزز وانف منتصب. اليوم اصبحنا معتادين على منظر بعضنا البعض الى درجة ان هاله بيري ونيقولا كيدمان يعتبران من جميلات العالم. nicole kidman
من الواضح ان مفاهيمنا عن الجمال يمكن التأثير عليها وتغييرها من خلال التعويد، وفي الفترات الاخيرة تمكن العلماء من البرهنة على ان ذلك يمكن ان يحدث بسرعة. في السابق كان العلماء يستخدمون الورقة والمسطرة، في حين اصبحوا اليوم يستخدمون الكمبيوتر الامر الذي يجعل من الممكن " انتاج اوجه" لتجربة جميع المؤثرات. يمكن الان خلق اوجه متناظرة، تغيير الانف والابعاد بين العيون، وبقية الابعاد الامر الذي يسمح بإلتقاط " خيوط الجمال".
هذا الامر استغلته باحثة علم النفس Gillian Rhodes, من جامعة غرب استراليا في بيرث، من اجل استعراض مدى سهولة تغيير مفاهيمنا عن الجمال. لقد قامت بعرض الصورة نفسها على مجموعة المشاركين بالتجربة، بعض ان قامت بإجراء بعض الالتواءات عليها، وطلبت منهم ، بعد خمسة دقائق، ان يقوموا بتقدير درجة الجاذبية في الملامح بعد التغيير.. اظهر الاختبار ان المشاركين اعتبروا الصورة بعد التغييرات طبيعية بل واكثر جاذبية.
نتائج ابحاث العالم Michael Webster اكثر اثارة للدهشة، إذ اظهرت انه يكفي لمحة من الوجه للتأثير على تقديراتنا. في هذا السياق، احد البرامج الكمبيوترية قادر على تغيير متتدرج لملامح صورة الوجه من الذكورة نحو الانوثة، ومن الملامح الاوروبية الى الملامح الاسيوية، او من تعابير الدهشة الى تعابير الكراهية. عندما يطلب الباحث من الاشخاص المشاركين بالتجربة ان يشيروا الى اللحظة التي تتحول فيها الصورة من ذكر الى انثى، غالباً يؤشرون الى نقطة في منتصف الطريق بين اقصى الضدين. غير انهم إذا لمحوا صورة ذات ملامح ذكورية قوية مثل الوجنات البارزة والذقن المربوع، فإنهم يشيرون الى حدوث التغيير عند حدوث التغيير في هذه الملامح القوية. هذا الامر جعل الخبراء يعتقدون ان الدماغ يقرأ خصائص الوجه على اساس نقاط محلية. والفضل في سرعة القراءة والتقرير يعود الى الاميغدالا، وهي منطقة في الدماغ، تقوم بتحديد الجمال والجنس بسرعة فائقة، وحتى قبل ان نتمكن من ان نعيي ان الوجه جميل ام لا. الاميغدالا تقرر إذا كان الوجه جميل ام لا قبل ان " نعلم" عن ذلك.
على مايظهر، يبدو وكأن الدماغ لديه " فكرة جاهزة" عن الوجه الجميل، وبسرعة البرق يقوم بمقارنة " الفكرة" بما يراه. هذه " الصورة المسبقة" ليست غير قابلة للتبديل، وانما قابلة للتأثر بالوجوه التي نراها، ولذلك يمكن وصفها " بمتوسط ملامح الجمال".
منذ سبعينات القرن الثامن عشر اكتشف ابن خال تشارلز داروين، فرانسيس كالتون، Francis Galton, ان خليط ملامح من عدة وجوه اكثر جاذبية بالمقارنة مع ملامح كل وجه على حدى. لقد اشار الى انه بالامكان تقييم شخصية الانسان ومستوى ذكائه من خلال تحدبات الجمجمة. هذه الجهود طبقها في محاولة للتعرف على ملامح الاجرام من خلال صورة وإضافة ملامح من مجرمين محكومين بجرائم ثقيلة، اليها. النتيجة اصابته بالدهشة، إذ انه، وبقية العاملين الى جانبه، أعجبوا بالصورة الناتجة عن دمج ملامح لعدة اشخاص في سعيهم لانتاج " ملامح الاجرام المركز". لهذا السبب استنتج ان "ملامح الاجرام"، وعلى عكس المتوقع، قد ذابت واختفت في اثناء العملية. احتاج الامر الى مئة سنة اخرى ليتوصل العلماء الى اننا ، وعلى العموم، نجد ان الوجه التجريدي، الذي نخلقه على خلفية بضعة وجوه، هو اكثر جاذبية من اي من الوجوده الذي دخلت فيه. على هذه الخلفية، وفي تسعينات القرن الماضي، ظهرت فرضية ان الوجوه الاكثر جاذبية هي الوجوه الاقرب الى " متوسط ملامح الجمال".
لاحقا، لاحظ العلماء ان هناك خطأ ما في هذه الفرضية. Ben Jones وفريقه قاموا بتجربة، حيث، في البداية، دعوا 200 شخص للمشاركة بالحكم على ملامح وجه، هو نتاج لمتوسط 60 صورة نسائية. وكما متوقع جرى الحكم على الصورة على انها اكثر جاذبية من جميع الصور الاصل كل منهم على حدى، ولكن عندما قام الباحثون بتخريج صورة عن مجموع 15 اجمل صورة، اصبحت الصورة الناتجة اكثر جمالا من جمال صورة "متوسط الملامح" السابقة.
" هذا الامر يعني ان الوجوه الاكثر جمالا، عمليا تملك ملامح خاصة بها ويدخل بها العديد من الملامح " الغير متوسطة". وحتى إذا كانت الملامح العادية ايضا جزء من الجمال، فإتها ليست كل شئ. من المحتمل ان النتيجة يحددها ماهو الاسهل على الدماغ فهمه في كل حالة"، حسب تعبير الباحث بين جونيس.
تمكن جونيس وفريقه من العثور على المزيد من الملامح الخاصة التي تجعل، مثلا المرأة جميلة بشكل خاص من خلال عزل الملامح من الصور الخمسة عشر عن بقية الاوجه في بقية الصور. على الاخص الملامح التي تعتبر انثوية، مثل الذقن الدقيق والانف الصغير، جرى التركيز عليهم اكثر. عندما قام العلماء بجعل الكمبيوتر يزيد من التركيز على ابراز هذه الملامح بحيث ان النتائج تصبح على شكل لعبة باربيا، وهي ملامح لاتوجد في الطبيعة، اعتبرها الجميع انها اجمل من بقية الوجوه. هذا الامر استمر حتى مع التمادي في التغيير الى اقصى حدود التطرف .
في اختبار اخر قام فيه الباحثين بخلق المرشحة للقب "ملكة جمال المانيا" من خلال تصميم صورة كمبيوترية كمتوسط عن صور وجوه جميع اللواتي وصلنا الى المراكز المتقدمة، اظهر ايضا ان المشاركين اعتبروا الصورة التجريدية اجمل من ملكة الجمال الواقعية.
في الوقت الذي، من المحتمل، ان صورة " متوسط ملامح الجمال" لاتسبب إزعاج للدماغ لانها تشبه " التأسيسات" المسبقة الموجودة في الدماغ عن معنى الجمال، يبزغ تحدي الجمال الحقيقي فقط عند وجوده مترافقا مع الملامح المميزة للتفريق بين الجنسين. هذا يعني ان مفهومنا عن الجمال مرتبط بالتكاثر. وحتى إذا كان ليس لدينا الميكانيزم الكامل وانما فقط مؤشرات، فإن معطم الباحثين يؤكدون ان الجمال على علاقة بالصحة. احدى احدث الدراسات التي قام بها مجموعة من الباحثين من بينهم Gillian Rhodes, تشير الى وجود علاقة بين بين منظومة مناعة جيدة عند الرجل وبين انطباعات النساء عنه. يرى الباحثين انه كلما إزدات جاذبية الرجل كلما ارتفع لديه التنوع الجيني بالذات في القسم الخاص بمنظومة المناعة والمسمى: MHC. ومن حيث ان منطقة منظومة المناعة متواجدة على سطح الخلايا وتشعر بالهجمات القادمة من الكائنات المجهرية، يقدم التنوع إمكانية لدفاعات عريضة الاهداف وحماية افضل. هناك على الاقل دراسة واحدة اخرى وجدت علاقة بين الجمال المتوسط وقلة الامراض في الطفولة لدى الذكور. هذا الامر يقوي صحة الاستنتاج ان انتباهنا وتفضيلاتنا تملك خلفية بيلوجية، الى حد ما، وليست فقط مسألة ذوق شخصي او ثقافي.
بعض الدراسات تؤشر ان اللاتناظر يمكن ان يكون ناتج عن خلل جيني، وان هناك علاقة بين من جهة العضلات البارزة وسرعة المعافاة بعد مرض. العضلات مرتبطة بالهرمونات الذكرية تيستيستيرون وهو الذي يخلق ذقن مربعة وحواجب كثيفة ونبات اللحية. ولكن هذا الهرمون لديه جانب سلبي ايضا، إذ انه يكبح منظومة المناعة من خلال تركيز طاقته على بناء العضلات. لهذا السبب من الممكن ان يكون الوجه ذو الملامح الذكورية القوية هو استعراض بيلوجي لقدرة الجسم على الدفاع عن صاحبه على الرغم من النواقص. ومهما كان الامر، فإن هذا الموضوع نموذج بشري بما جرى تسميته "مبدأ التعويق" والذي جرى صياغته عام 1975 من قبل البيلوجيين Amots & Avishag Zahavi, على اساس ذيل الطاووس كموديل نموذجي.
من المثير اننا لم نستطع رؤية علاقة بين ملامح وجه المرأة وبين صحتها. ومع ذلك يرى الخبراء ان الملامح المميزة لوجه المرأة، الذقن الضيقة والعيون الكبيرة والانف الصغير، هي ملامح مشتركة مع ملامح وجه الاطفال وبالتالي يعبرون عن الصحة والشباب والخصب.
احدى الاكتشافات المثيرة التي جرى كشف النقاب عنها ان الهرمونات الجنسية تتحكم بخياراتنا وتؤثر على اذواقنا. لقد ظهر ان النساء تتغير اذواقهن بالعلاقة مع القسم من الدورة الشهرية الذي يمرون فيه. إذ يزداد سعيهم لاختيار الرجل ذو العضلات كلما كانوا قرب فترة انطلاق البويضة. من هنا يستنتج العلماء ان لحظة التخصيب تتحكم بخيارات المرأة وتدفعها نحو خيارات بيلوجية لمصلحة الطفل. للمزيد عن هذه النقطة اقرأ موضوع " النساء يفضلن التعدد".
ليس النساء وحدهن اللواتي يتأثرن بالهرمونات. جونيس وفريقه من الباحثين قاموا، عام 2008، بقياس مستوى التيستوستيرون في لعاب الرجل، وقد وجدوا ان ازدياد انجذاب الرجل تحت تأثير تفضيل الملامح النسائية المميزة يتزايد مع ازدياد نسبة التيستوستيرون لديه. نحن نعلم ان مستوى الهرمون مختلف بين شخص واخر ويتناقص مع الزمن، وتزداد الرغبة بالجنس مع ازدياد مستوى التيستوستيرون. لهذا السبب فإن الرجال، مثل النساء، يؤثر الهرمون على قدرتهم على الاختيار.
وإضافة للبعد التناظري ومتوسط ملامح الجمال والهرمون يزداد الامر تعقيدا مع إضافة البعد الاجتماعي للجمال، الذي بدأ العلماء بدراسته. نحن نتسامر مع الاخرين، وقد ظهر ان مانعتقد انه الجمال قد تشكل، عمليا، تحت تأثير خيارات الاخرين. " نسخ خيارات الاخرين" هو احدى اكثر الظواهر شيوعا في مملكة الحيوان، وهي استراتيجية، على مايبدو، تختصر الكثير من الوقت واستهلاك الطاقة.
عام 2007 تمكن مجموعة من الباحثين البريطانيين على رأسهم David Feinberg, من جامعة هارفارد، ان الانسان يمارس استراتيجية مشابهة لما لدى الحيوان. وجود معجبات بأحد الرجال يؤدي الى زيادة جاذبيته لدى بقية النساء. عندما قام الباحثين بعرض صورة امرأة تنظر الى رجل بحيادية، وصورة اخرى لذات المرأة تنظر الى ذات الرجل وهي تبتسم اصبح النساء المشاركات في الاختبار يشعرون انه اكثر جاذبية مما كان.
العالم Edward Morrison, من جامعة بريستول، اظهر ان الحركات المميزة للمرأة، مثل هز الرقبة بالموافقة او رمشة العيون او احناء الرقبة الى جانب، هي حركات تضفي جمالا على صاحبته، في عيون المرأة والرجل على السواء. التأثير الاكبر يحدث في " الهواء" بين شخصين، عندما تلتقي نظراتهم، التي إذا لم تشعل النار فإنها تخلق موجة طاغية من الراحة في الدماغ. تصوير الدماغ المغناطيسي يشير الى ان الدماغ يطلق مكافأة على رؤية الجمال، وإذا رافقها ابتسامة والتقاء النظرات فإن المكأفأة تزداد كثيرا. على العكس، فإن الالتقاء بوجه بشع او خالي من ملامح الجمال يؤدي الى تأثيرات معاكسة، ويخلق مزاجا سلبيا. مشاعر عدم الانسجام تخلق سلوكيات سلبية في سعيها لاعادة التناسق النفسي المختل.
يتزايد الوضوح ان الجمال يجري تفصيله على خلفية الحاجة للجنس والتأثيرات الاجتماعية. هذا الامر كان سيدهش تشارليز داروين، الذي كان يعتقد ان جذور الجمال تعود الى خيارات ثقافية عشوائية، في حين ان النتائج الاخيرة تشير الى ان الامر ليس كذلك. على العكس توجد باقة من العوامل التي تقرر مفهومنا عن الجمال وتتحكم به، تمتد من الملامح الخارجية الفيزيائية الى الانسجام النفسي والعقلي والحاجة الى الانسجام مع البنية الاجتماعية المعقدة. الحكم على الصورة من خلال تجارب مختبرية لعوامل منفصلة هو امر يختلف عن الحكم عليه من خلال مجموع العوامل على ارض الواقع، وهنا لااحد يعلم مدى اهمية كل عامل على حدى في العلاقة الى بعضهم.
قد يتساءل البعض: لماذا لسنا جميعا جميلين، طالما ان الجمال هو امر غاية في الاهمية؟
احدى الاجابات يمكن ان نجدها في تغير معايير الجمال في " السوق" الذي يجري فيه "استنساخ خيارات الاخرين". احدى الاجابات الاخرى ان المعايير الاجتماعية تفرض ثقلها وتكبح تأثير الخيار البيلوجي وحده، ليصبح الخيار هو مجموعة من التنازلات. غير ان المؤكد ان العالم بدون جمال سيكون مكانا كئيبا تماما كما هو الامر في السعودية.ان يكون للجمال جذور بيلوجية قديمة في تشكيل الانسان، يجعل الجمال والسعي نحوه امرا فطريا، في حين ان العزل هو امر غير فطري بل وضار بيلوجيا ونفسيا واجتماعياً
تجربة اسكتلندية حديثة اظهرت تأثير البيئة الاجتماعية الغير طبيعية على تغيير قيمنا الجمالية، إذ ان الفتيات اللواتي يدرسن في مدارس غير مختلطة يصبحوا اكثر تفضيلا لرجل بملامح انثوية، تصل الى حدود مايعتبره البعض " ملامح مخنثة". واظهرت الدراسة ان ليس كل الفتيات الموجودين في مدارس غير مختلطة يعانون من هذا الاختلال في رؤيتهم للجمال، إذ ان وجود اشقاء ذكور لدى بعض الفتيات يحميهم من الوقوع في هذا الخلل الذي يسببه العزل بين الجنسين.وقادت نتائج الدراسة التي نشرت في مجلة "بيرسونالتي آند انديفديوال ديفرينس"، الهولندية، إلى الاعتقاد بأن تعرض المراهقين والشباب اليومي، إلى ما أسموه "بالغذاء البصري"، يمكن أن يلعب دورا حاسما في تحديد الملامح والخصائص التي نجدها أكثر جاذبية عند الجنس الآخر، وبالتالي فالتتدخلات الاجتماعية يمكن ان تخلق خللا بيلوجيا.