جميل مرحبا بك
عدد الرسائل : 54
تاريخ التسجيل : 26/10/2010 وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 2
| | الميكروتطور | |
الميكروتطور
الحقيقة العلميَّة للأصل المشترك المقدمة: التطور هو المفهوم المُربك الذي يوحِّد العلوم البيولوجيَّة و يضم العديد من النظريَّات و الفرضيَّات. يسمعُ المرء في النقاشات العلميَّة على المستوى الرسمي أنَّ التطوُّر مقسوم بين المصطلحين التاليين : "Microevolution" و " Macroevolution". الـ"Microevolution " أو "التغيُّر على مستوى النوع" , قد اعتُقِدَ به كتغيير على نِطاق صغير في السِّمات الوظيفيَّة و الوراثيَّة لمجموعات الكائنات الحيَّة. و هذا المفهوم لا يخضع للجدال مِن قِبَل نُقاد نظريَّة التطوُّر لأنهُ قد تمت ملاحظتهُ بشكل مؤكد , و هو مستمر بالحدوث. و لكن ما قد عُورِِضَ بقوَّة هو الـ"Macroevolution" , و هو التطوُّر على ‘نطاق كبير’ الذي يؤدي إلى نشوء أنواع (أصناف) جديدة للكائنات . إلى هنا , النظريَّة التطوُّريَّة تستلزم سلفً مشترك , أصل مع تعديلات , تشكل أنواع جديدة , ارتباط بين كل الأحياء من حيث النسب , تحوُّل الأنواع , تغييرات هيكليّة و وظيفية على نطاق واسع في الأنواع مع مُضي الزمن , كل هذا على أو فوق مستوى الأصناف. (Freeman and Herron2004; Futuyma1998; Ridley1993). الأصل المُشترك هو نظريَّة وصفيَّة عامَّة تختصُّ بالأصول الوراثيَّة للكائنات الحيَّة (و ليس الأصل النهائي للحياة). تفترض النظريَّة بشكل محدد أنَّ كل المجموعات الحيَّة التي تعيش (أو عاشت) في بيئات أو فترات معيَّنة , مرتبطةٌ في أصولها , بالطريقة نفسها التي تربط الأشقاء أو أبناء العم ببعضهم. هكذا , فتاريخ الـ"Macroevolution" يستلزم بالضرورة تحوُّل نوع ما إلى نوع آخر , و بالنتيجة , يؤدي إلى نشوء تقسيمات و تصنيفات جديدة لكائنات حيَّة قيد التطوُّر. غالباً ما يُطلق علماء الأحياء اسم "حقيقة التطوُّر" على الأصل المشترك , لأنها نظريَّة مؤيَّدة علميَّاً . لهذه الأسباب نجد أن مقترحي الخلق الخاص (الخلقيين) معادين للمؤسَّسَةَ التطوريَّة (Macroevolutionary foundation) للعلوم البيولوجيَّة. تعرض هذه المقالة الدليل العلمي الذي يُثبت نظريَّة الأصل المشترك و "التطوُّر على نطاق واسع" (Macroevolution) , و هي موجهة تحديداً لأولئك الذين يمتلكون العقليَّة العلميَّة لكن , لسببٍ أو لآخر , يعتقدون أن نظريَّة التطوُّر على النطاق الكبير (Macroevolutionary Theory) توضح القليل , أو تضع القليل من التنبؤات القابلة للاختبار أو لا تضع أي تنبؤات مطلقاً , أو غير قابلة للإثبات , أو لم يتم شرحها علمياً و تقديم الأدلة العلميَّة اللازمة لذلك...إلخ ما هو الأصل العالمي المشترك؟ الأصل المشترك هو فرضيَّة أنَّ كل الأحياء , الكائنات الحية التي تعيش على كوكب الأرض , مرتبطة بالنسب. كل الأصناف الموجودة تشكَّلت بالتدريج عن طريق عمليات بيولوجيَّة مُنتِجة بالنسبة للمقاييس الجيولوجيَّة. إنَّ الكائنات الحيَّة المعاصرة هي أنواع متحدِّرة من أنواعٍ أقدم أو من حوضٍ جينيٍّ مشتركٍ. "التدرُّج" الوراثي (Genetical "gradualness") , و هو مصطلح يُسَاءُ فَهمُهُ , نمطٌ من التغيُّر البيولوجي يعتمدُ على ظواهر السكان (population phenomena) , و هو ليس بيان عن درجة أو سرعة التطوُّر. الأحداث الجينيّة التدريجيّة هي تغيُّرات ضمن مستوى التنوع البيولوجي المُتَوَقع بين جيلَيْن مُتتاليين. قد تظهر التغيُّرات التكوينيّة بسرعة , كما يقول الجيولوجيون , و لكن التغيُّر سيبقى تدريجيّاً على مستوى الجينوم. <(Darwin 1872,pp.312-317)(Dawkins1996p.241,)(Gould2002pp.150-152,)(Mayr1991pp.42-47,) (Rhodes1983)> مع أنَّ التدرُّج ليس آلية للتغيير التطوُّري , لكنه يفرُض قيود حادّة على الأحداث التطوُّرية المحتملة. بطريقة مماثلة , متطلبات التدرُّج تُحدِّد الآليَّة المحتملة بالنسبة للأصل المشترك و التكيُّف. الأصل المُشترك , يُمكن أن يُختَبَر بشكل مستقل عن النظريات الميكانيكيّة: في هذه المقالة , ستَتم دراسة الأصل المشترك العالمي بشكلٍ محدد و ذلكَ وفقاً للدليل العلمي , و لن يتم التطرُّق لبقية النظريَّات التطوُّرية. النظريَّات التطوُّرية على النطاق الضيِّق (Microevolutionary theories) هي آليات تدَرُّجيَّة توضيحيَّة يستخدمها علماء الأحياء لمعرفة أصل الكائنات و لتفسير التنوعات الحيَّة و التكيُّفات التطوريَّة على النطاق الواسع (macroevolutionary adaptations). تتضمَّن هذه الآليَّات بعض المفاهيم مثل الانتقاء الطبيعي (natural selection), و الجرف الجيني (genetic drift), و الانتقاء الجنسي (sexual selection), و التطوُّر المحايد (neutral evolution), و نظريّات تختص بتشكل الأنواع الجديدة (speciation). إنَّ أساسيَّات علم الوراثة و علم الأحياء التطوُّري و علم الأحياء الجزيئي و الكيمياء الإحيائيَّة (biochemistry), و الجيولوجيا , من المفترض أن تكون جميعها صحيحة من ناحية الأسس التي تقوم عليها , و خاصةً تلك التي لا تدَّعي مباشرةً بأنها ستُقدِّم توضيحً للتكيُّف. و مع ذلك , السؤال عن : هل النظريَّات التطوُّرية على النطاق الضيِّق (microevolution) هي كافية لتقديم تفسيرات للتكيُّفات التي تحصل على النطاق الكبير (macroevolutionary adaptations)؟ , قد تُرِكَ سؤالاً مفتوحاً. لذلك فإنَّ الدليل على الأصل المشترك الذي ستتم مناقشته هنا , هو دليلٌ مستقل عن الآليَّات التدرُّجيَّة التوضيحية. لا تتوجّهُ أيٌّ من عشرات التنبؤات إلى التساؤل عن كيفية ظهور التطورات على نطاق واسع , أو كيفَ تطوَّرت الزعانف لتصبح أطراف , أو كيف حصل النمر على البقع التي تغطيهِ , أو كيف تطوَّرت العين عند الفقاريات. لا يفترضُ أي من الأدلة المسرودة هنا أنَّ الانتخاب الطبيعي صحيح أو أنَّهُ كافٍ لتوليد التكيُّفات أو الاختلافات بين الأنواع الحيَّة. بسبب هذا الاستقلال الواضح , فإنَّ صِحَّةُ (validity) النتيجة التي أوصلنا إليها الـ(Macroevolution) , لا تعتمد أبداً على أن تكون أحد الآليات التالية (الانتقاء الطبيعي,توريث الصفات المكتسبة,أو أي شيء آخر) هي الآلية الحقيقيّة للتغيير التكيُّفيّ التطوُّريّ. يتم إهمال الحقيقة العلميَّة للأصل المشترك , و علاوةً على ذلك و لأنَّها ليست جزء من النظريَّات التطوُّريّة , فإن فرضية التوالد الذاتي (نشوء الحياة من مواد غير حيَّة "abiogenesis") أيضاً ليست معنيّة بنقاش التطور على النطاق الكبير , فهذه الفرضيَّة تُعتبر فرضية مستقلة. إن النظريَّة التطوُّرية (evolutionary theory) تأخذ كأمر بديهي أنَّ شكل الحياة ذاتيَّة الاستنساخ الأصلية قد وُجدَ في الماضي البعيد بغض النظر عن المصدر الذي جاءَ منه هذا الشكل. كُلّ النظريات العلمية, لها مجالاتها التوضيحية المعيّنة الخاصة , و لا يوجد نظريَّة علمية تقوم بشرح و توضيح كل شيء. ميكانيك الكم كمثال لا يقدم توضيح للأصل النهائي للجزيئات و الطاقة , بالرغم من أنهُ لا شيء في تلك النظريَّة يتوافق بشكل صحيح بدون جزيئات و طاقة. لا نظرية نيوتن للجاذبيةِ العالمية و لا النظرية العامّة للنسبية تحاول توضيح أصل المادة أَو أصل الجاذبية، بالرغم من أنَّ كلتا النظريتين ستكونان بلا معنى بدون الوجودِ الاستنتاجيِ للجاذبيةِ أو للمادة. و بطريقة مشابهة, فنظريَّةُ الأصل العالمي المشترك تقتصر على الأنماط البيولوجيَّة للأنواع النباتية و الحيوانية حسب توزُّعِها على المناطق التي تعيش فيها و على العصور التي عاشت و تعيش فيها, فهي لا تحاول أن تشرح أو توضِّح الأصل النهائي للحياة. ما المقصود بـ"الدليل العلمي" للأصل المشترك؟ إنَّ النظريّات العلميّة مُثبَتة باختبارات و تجارب لملاحظات ناتجة عن مراقبة الظواهر, فلا يتم الحكم على النظريّات ببساطة عن طريق توافقها المنطقي مع المعلومات المتوفِّرة. إمكانيّة التأكد من صحة تفسير ما عن طريق التجريب عمليّاً بشكلٍ مستقلٍ, هي الصفة المميِّزة للعلم. التفسير لا يجب أن يكون فقط متوافق مع الملاحظات, بل أيضاً يجب أن يكون قابل للاختبار و التجريب. و بقولنا "قابل للاختبار" فنحنُ نقصد أنَّ الفرضيّات تؤدي إلى تنبؤات حول: ما هو الدليل الجدير بالملاحظة الذي سيبقى ثابتاً و ما هو الشيء الغير متوافق مع الفرضيّة؟ التوافق البسيط في حد ذاتهِ لا يكفي كـ"دليل علمي", لأن كل الملاحظات الظاهريّة متوافقة مع عدد لانهائي من التخمينات و التفسيرات الغير علميّة. علاوةً على ذلك, يجب أن يقوم التفسير العلمي (scientific explanation) بتوقعات خطيرة, تحتوي نوع من المجازفة, و هذه التنبؤات هي ضروريّة إذا كانت النظريّة صحيحة, و بضع نظريات أخرى, يجبُ أَن تُقدّمَ نفس التوقّعات الضرورية. إذا أردتَ مثالً واضحً غير قابل للتجريب, لا علميّ, خذ بعين الاعتبار, الفرضيّة التي تتناسب بشكلٍ كامل مع الملاحظات التجريبية, مبدأ الإيمان بوجود الذات فقط (solipsism). تقولُ الفرضيَّات المزعومة للمبدأ السابق ذِكرهُ أنَّ كل الحقيقة هي نِتاج العقل البشري! فما هي التجارب التي ممكن إجراؤها, و ما هي الملاحظات التي يُمكن القيام بها, و التي مُمكن أن تُوضِّح أنَّ هذا المبدأ خاطئ؟ بالرغم من أنهُ متوافق مع البيانات, و لكن مبدأ الـ"solipsism" لا يُمكن أن يُختبر من قِبَل الباحثين الحياديّين. بالرغم من وجود دليل أو حتَّى كل الدلائل المتوافقة مع مبدأ الإيمان بالذات, لكنهُ يبقى مبدأً غير علميّ, إذا أردنا أن نتحدَّث بدقة, لأنه لا يوجد دليل محتمل يُمكن أن يؤكد تنبؤاتهِ. سيتم توضيح ما معنى الطريقة العلميّة, بما يتضمن ذلك الفلسفة العلميّة, مثل ما هو المقصود بـ"الدليل العلمي", و ما المقصود بـ"التزييف", و "قابليّة الاختبار", و ذلك في ملحق لهذه المقالة. في قائمة الأدلة التالية, سيتم تعداد و مناقشة 30 تنبؤ رئيسي لفرضيَّة الأصل المشترك. يُتبع بكلٍ من هذه الأدلة عملية توضيح كاملة عن مدى صمود هذا التنبؤ في الاختبارات الفعلية لعلماء الأحياء. سيُدرَج بعد كل نقطة منها بضعة أمثلة عن التأكيدات التطوُّريّة, فتليها التزييفات المحتملة. بما أنَّ كل هذه التنبؤات هي نتاج مفهوم أساسي واحد, فمعظمها مترابط بشكل متبادل. و سيكون من السهل تتبُّع الأفكار منطقيَّاً, و قد تم تقسيم التنبؤات المرتبطة إلى خمس أجزاء منفصلة. كل جزء يحتوي على فقرة أو فقرتين لتقديم الفكرة الرئيسيّة التي تُوَحِّد التنبؤات المتنوعة في القسم نفسه, و يوجد عدة مراجع لكل نقطة. و كما سترون, فرضيِّة الأصل المشترك العالمي تُقدِّم العديد من التنبؤات حول ما هي الظواهر التي يجب أن تنال ملاحظتنا و ما الظواهر التي لا يجب أن تنالها في العالم البيولوجي. و هذه التنبؤات قد سارت بشكل جيد جداً, كما سنرى, مع الملاحظات التجريبيّة التي مازالت تُجمَعُ منذ بداية الـ140 سنة الماضية من التحقيق العلمي الصارم و الجاد. و يجب أن نُشدِّد على أنَّ هذه المُقاربة الهادفة إلى توضيح الدعم العلمي للتطوُّر على النطاق الكبير (macroevolution), ليست حجة دائريّة; فحقيقة الـ"macroevolution" لم تُؤخَذ كبديهيّة (priori) في هذا النقاش. فهو عرضٌ مُبسَّط لنظريّة الأصل المشترك العالمي و الاستدلالات العلميَّة لصحّة تنبؤاتها, بالاعتماد على المعرفة البيولوجيّة الحديثة. بعد ذلك, مقارنة هذه التنبؤات مع ما هو موجود في العالم الحقيقي لكي نرى مدى توافق النظريّة في ضوء الدليل الجدير بالملاحظة. في كل مثال, من المحتمل جداً أنَّ التنبؤات ممكن أن تُعارض بالدليل التجريبي, في الحقيقة, إذا كانت نظريّة الأصل المشترك العالمي ليست صحيحة, فمن المحتمل بشكل كبير أن تفشل هذه التنبؤات. تُشكل هذه التنبؤات المُصدَّقة بالتجربة دليل قوي على الأصل المشترك و لهذا السبب تحديداً. الأمثلة المذكورة لكل تنبؤ مهمتها أن تقدِّم اتجاهات عامة. و لا فائدة من ذكر كل التنبؤات أو التزييفات المحتملة; فيوجد العديد منها هناك في الطبيعة تنتظر أن يُكشَف عنها. هل يوجد تفسيرات علميَّة أخرى صحيحة؟ لقد اكتشف المجتمع العلمي من خلال الـ140 سنة المنقضيّة أنه لا يوجد فرضيَّة معروفة غير فرضيّة الأصل المشترك العالمي تستطيع أن تأخذ علميَّاً مسئوليّة تفسير الوحدة و التنوع في أنماط الحياة على كوكب الأرض. و قد تم التحقُّق و التأييد على نطاق واسع جداً من هذه الفرضيّة بحيثُ أنها تُقبَل الآن كحقيقة علميّة من قِبَل الأغلبيّة الساحقة من الباحثين المحترفين في العلوم البيولوجيّة و الجيولوجيّة. ((AAAS-1990),(NAS-2003),(NCSE-2003),(Working Group-2001)) لا تفسيرات بديلة تتنافس "علميَّاً" مع الأصل المشترك و ذلك يرجع لأربعة أسباب رئيسيّة: (1) العديد من تنبُؤات فرضيّة الأصل المشترك قد تم تأكيدها من عدة مناطق مستقلة في العلم. (2) لم يُوجَد للآن أي دليل على مستوى من الأهميّة ليُأخذ بعين الاعتبار, يُعارض هذه الفرضيّة. (3) لقد تمَّ نقض كُل التفسيرات الأخرى المحتملة و ذلك بالكميَّات الكبيرة من البيانات العلميّة المؤيِّدة للأصل المشترك. و أخيراً (4) العديد من التفسيرات الأخرى غير قابلة للاختبار بالرغم من أنها تبدو متسِّقة مع بعض المعلومات البيولوجيّة. عندما تُريد أن تُقيِّم الدليل العلمي المعروض في الصفحات التاليّة , فأرجو أن تأخذ بعين الاعتبار التفسيرات البديلة. و الشيء الأكثر أهميّة هو أن تأخذ بعين الاعتبار, و ذلك لكل دليل من الأدلة المطروحة, المشاهدات الموجودة التي قد تكون غير متوافقة مع التفسيرات البديلة الممكنة. فإذا لم يُوجد أيُّ منها , عندها يكون التفسير البديل غير علميّ. و كما تم التوضيح أعلاه....إن أي فرضيَّة لا تتوافق مع ملاحظات تجريبيّة معيَّنة, لا تستطيع أن تستخدم هذه الملاحظات كدليل علمي يدعمها. "...هناك العديد من الأسباب لاحتمال عدم فَهمِك ]لتفسيرِ نظريَّةٍ علميةٍ[... أخيراً, يوجد هذه الإمكانيّة: بعدَ أن أخبركَ شيءً, و أنت لا تستطيعُ أن تصدقه. لا تستطيع أن تتقبُّلهُ. لا يُعجِبُك. يُصبحُ لديك حاجزٌ صغير يمنعكَ من الاستماع بعد إليَّ بعد ذلك. سأصِفُ لك كيفَ هي حالُ الطبيعة-و إذا لم يعجِبك الوصف, هذا سيقف كعقبةٍ في طريق فهمك لوصفي. هذه مشكلةٌ قد تكيَّف العلماء ليتعاملوا معها, فقد تعلموا أنه سواء أعجبتهم النظريّة أم لم تعجبهم ... هو ليس أمراً هاماً أو أساسيّاً. من ناحية أخرى, الأمر الهام و الأساسي هو هل تُعطي هذه النظريّة تنبؤات تتوافق مع التجارب؟ فلا يتعلق الأمر هنا بكون هذه النظريَّة قد تكون و قد لا تكون مُبهِجة و سارة فلسفيَّاً, أو أنها سهلة الفهم, أو أنها , و هذه النقطة الأهم, معقولة بشكلٍ مثالي من وجهة نظر الحس العام. ]النظريّة العلميّة الطبيعة كشيء سخيف منافٍ للعقل من ناحية الحس العام, و هذا ما يتوافق بشكلٍ كامل مع التجارب. لذلك أتمنى منك أن تتقبَّل الطبيعة كما هي...منافية للحس العام و سخيفة. و أنا سأقضي وقتاً ممتعاً أخبرُكَ عن هذه الأمور التي تنافي المنطق, لأني أجدها أمورٌ مُبهجةٌ. و أرجوكَ أن لا تُطفِئ نفسكَ فقط لأنك لا تستطيع أن تُصدق أن الطبيعة غريبة لهذه الدرجة. فقط اسمعني للنهاية , و أتمنى أن تكون مبتهجاً خلال ذلك مثلما أنا مبتهج." -ريتشار فينمان (1918-1988), من المحاضرة التمهيديّة في ميكانيك الكم: النظريّة الغريبة حول الضوء و المادة(فينمان 1985).[color=black]
هذه ترجمة لمقالة بعنوان (29 Evidences for Macroevolution) عن موقع (Talk.origins). الإثبات العلمي و الدليل العلمي و المنهج العلمي "...ليس هناك 'معرفةٌ' في العلم من زاوية الإدراك التي فهمَ منها أفلاطون و أرسطو هذه الكلمة(أي المعرفة), أو من زاوية الإدراك الذي يتضمن الشعور بالنهائيّة(finality). و من زاوية العلم, نحن ليس لدينا سبب كافي للاعتقاد بأننا وصلنا للحقيقة. ...هذه الرؤية تعني, علاوة على ذلك, أننا لا نمتلك براهين في العلم (باستثناء الرياضيات البحتة و المنطق, بالطبع). في العلوم التجريبيّة, التي هي فقط تستطيع أن تزوِّدنا بالمعلومات عن العالم الذي نعيش فيه, البراهين في هذه العلوم لا تظهر أبداً إذا كان المقصود بـ"البرهان" هو حجَّة تؤسس مرّة واحدة و للأبد و تشكل حقيقة النظريّة." السير كارل بوبر , مشكلة الاستقراء 1953. ------------------------------------------- "إذا كنت تعتقد أنَّ العلم مؤكد-حسناً...ذلك فقط خطأ من ناحيتك." ريتشار فينمان (1918-1988). ------------------------------------------- "يختلف المذهب الديني عن النظريّة العلميّة في ادعاء تجسيده للأبديّة و الحقيقة المؤكدة, بينما العلم يخضع دائماً للتجربة و من المتوقع دائماً أن تظهر تعديلات في نظرياته الحالية. و العلم يتّبع منهج واحد و هو غير قادر منطقيَّاً عن الوصول إلى شرح و توضيح نهائي و كامل." بيرنارد رسل, مناطق النزاع, الدين و العلم, 1953. -------------------------------------------- "إن هدف العلم هو تأسيس قوانين عامة تعمل على تحديد و توضيح العلاقات المتبادلة بين الأشياء الماديّة و الأحداث في الزمان و المكان. و يجب أن يكون لهذه القوانين صلاحية عامة و هي مطلوبة جداً , و لكنها ليست صلاحيّة ثابتة بكل تأكيد." ألبرت آينشتاين, في العلم و الفلسفة و الدين, مؤتمر في عام 1941. ------------------------------------------------ ما المقصود بالدليل العلمي و الإثبات العلمي؟ في الواقع, لا يستطيع العلم أبداً أن يصل لـ"حقيقة", بمعنى أنَّ الخطاب العلمي تتم صياغتهُ بحيثُ يكون بشكل كامل خاضع للسؤال و المُسائلة. كل البيانات العلمية و المفاهيم العلميّة خاضعة لإعادة التقييم طالما هناك اكتشافات علميّة جديدة و تقنيَّات جديدة مبتكرة. البرهان, إذاً , هو ميدان المنطق و الرياضيات (و الويسكي). و نحنُ غالباً ما نسمع كلمة 'برهان' في سياق النص العلمي و هي تعني في تلك المواضع: "مدعوم بقوَّة بواسطة الوسائل العلميّة". بالرغم من أنَّ المرء قد يسمع كلمة 'برهان' تُستخدم بهذا الشكل و لكنه تعبير خاطئ و معالجة مهملة لهذا التعبير. و لذلك, هذه المرة الأخيرة التي ستقرأ فيها كلمة 'إثبات' أو 'يُثبت' في هذه المقالة. ----------------------------------------------------------------------- الحسّ العام لَيسَ عِلْماً: بالرغم من أنَّ العلم لا يستطيع أن يؤسس بشكلٍ رسمي حقيقة مطلقة, لكنه يزودنا بدليلٍ قاطع على بعض الأفكار. و عادة تكون هذه الأفكار غير واضحة جداً, و غالباً ما تشتبك مع الحس العام (common sense). يُخبرنا الحس العام بأنَّ الأرض مسطحة, و أنّ الشمس تُشرِق و تغرب بشكلٍ حقيقي, و يُخبرنا أيضاً أن سطح الكوكب الأرضي لا يدور بسرعة تصل لأكثر من 1000ميل/ساعة, و أنَّ كرات البولنج تسقط أسرع من أحجار الرخام. و يُخبرنا الحس العام أيضاً بأنَّ الجزيئات لا تلتف عند الزوايا مثلما تلتف الأمواج حول القوارب العائمة, و أنَّ القارات لا تتحرك, و أنَّ الأشياء التي هي أثقل من مكونات الهواء لا يُمكن أن تطير بشكل متوازن ما لم تصنع لنفسها أجنحةً. من ناحية ثانية , فإن العلم قد استُخدِم لتوضيح أنَّ كل هذه الأفكار المرتبطة بالحس العام هي أفكار خاطئة.
| |
|