** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
الرئيسيةالرئيسية  الأحداثالأحداث  المنشوراتالمنشورات  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

 

 مولد الايديولوجيا

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
روزا
" ثـــــــــــــــــــــــــائــــــــــر "
مولد الايديولوجيا  Biere2
روزا


عدد الرسائل : 267

تاريخ التسجيل : 11/04/2010
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 3

مولد الايديولوجيا  Empty
09112011
مُساهمةمولد الايديولوجيا

مولد الايديولوجيا  666

جورج طرابيشي






اذا كان الانسان الاوروبي كفّ عن أن يكون إنساناً دينياً، فقد أخلى
مكانه بالمقابل للإنسان الايديولوجي. ففي كل مكان من أوروبا ترافق موت
المسيحية بمولد الأيديولوجيا فبدلاً من السماء باتت الأرض هي محل
اليوطوبيا. وهذه اليوطوبيا تمحورت حول قطبين: الأمة أوالطبقة. فجميع
الأيديولوجيات الأوروبية كانت إما قومية وإما اشتراكية. والحال أن كلاً من
الوعي القومي والوعي الطبقي ما كان له أن يظهر إلى حيز الوجود إلا بقدر ما
يخلي له المكان الوعي الديني فالثورة الفرنسية شادت مدينتها المثالية على
فكرة الأمة. ولكن الثورة الصناعية هي التي خلقت إمكانية أخرى لتجسيد فكرة
المدينة المثالية: الطبقة. فالبروليتاريا المتألمة، المتعذبة، الخارجة من
العدم، هي التي أوكلت إليها مهمة بناء أورشليم الجديدة. بيد أن
الميتافيزيقا الاشتراكية للقرن التاسع عشر، مثلها مثل الميتافيزيقا القومية
للقرن الثامن عشر، ماكان لغير الفراغ الديني أن ينتجها. ففرنسا طورت منذ
ثورة 1848مذاهب اللاشتراكية مع أنه لم يكن فيها وجود لطبقة عاملة غفيرة.
وبالمقابل، فإن الاشتراكية بقيت عديمة الوجود في إنكلترا الى عام 1880، رغم
قوة الوجود العددي للطبقة العاملة فيها. والواقع أنه لابد من انتظار
انهيار الميتافيزيقا البروتستانتية، مثلما انهارت في فرنسامن قبلُ
الميتافيزيقا الكاثوليكية، كيما تصعد موجة الأيديولوجيا الاشتراكية. وليس
من قبيل المصادفة أن تكون سيرورة الأدلجة قد تأخرت في اسبانيا والبرتغال
وجنوب إيطاليا الى النصف الأول من القرن العشرين. ففي هذه المناطق التي
تأخر إقلاعها الثقافي، لم تكن الميتافيزيقا الدينية قد أخلت مكانها بعد
لأية ميتافيزيقا بديلة. ولعل هذا التأخير بالذات هو ما جعل إغراء الفاشية
قوياً فيها.

موت الأيديولوجيا
ذلك هو أحدث
أطوار الحداثة الأوروبية. وهو طور قابل بدوره للتقسيم إلى أدوار ثلاثة. ففي
الدور الأول انفجرت أزمة الأيديولوجيا القومية التي تسببت في إشعال نار
حربين عالميتين، وبالتالي في سقوط عشرات الملايين من القتلى. وفي الدور
الثاني بدأ انكماش الأيديولوجيا الاشتراكية، وقد تزامن هذا الدور مع حركة
الجزر التي أصابت البروليتاريا الأوروبية وجرّدتها من صفتها كطبقة غالبة
ديموغرافياً. وقد بدأ الانحسار الكمي للطبقة العاملة الصناعية منذ مطلع
الستينات في إنكلتراوهولندا والسويد، ثم امتد إلى بلجيكا وسويسرا بين 1965و
1970، قبل أن يصيب المانيا ثم فرنسا وإيطاليا وفرنسا بين 1975و1980. ثم
قُصم في الأعوام 1980- 1985 ظهر الثورة الصناعية في إيرلندا والبرتغال حتى
قبل أن تصل إلى سن النضج,. فحصة الصناعة من قوة العمل تراجعت في معظم
البلدان الأوروبية إلى 30% بل الى 25% في بلد مثل هولندا، وهذا منذ 1987.
وبالإضافة إلى هولندا، ضربت انكلترا الرقم الفياسي في الانحسار الكمي
للطبقة العاملة التي خسرت 44% من تعدادها مقابل 30% في فرنسا و24% في
إيطاليا. وهكذا تكون البروليتاريا فقدت مركزها المهيمن في المجتمع بجملته،
كما في داخل العالم الصناعي . ومع موجة نزع التصنيع التي انداحت منذ مطلع
الستينيات انطفأت الأسطورة العمالية أو ماسمي، في زمن سيادة الماركسية،
الرسالة التاريخية للبروليتاريا. ودخلت مخلف أحزاب اليسار ، الشيوعي منه
والديموقراطي، في طور أزمة مفتوحة.
أما في الدور الثالث والأخير، الذي
يتطابق زمنياً مع حقبة 1970- 1990، فقد تطورت ، على حساب الأيديولوجيات
الكبرى، وأحياناً فوق حطامها، أيديولوجيات قابلة للوصف بأنها صغرى، من قبيل
أيدولوجيا الحركة البيئوية وايديولوجيا حقوق الإنسان. وأول مايميز هذه
الأيديولوديات الصغرى انعتاقها ، أو مسعاها الى الانعتاق، من إشكالية
اليمين واليسار الموروثة من زمن الأيديولوجيات الكبرى وثاني مايميزها هو
رفضها الهرب الى خارج الواقع. فهي لاتحلم ولاتبشر بمدينة مثالية سواء أكانت
من طبيعة قومية ام طبقية. بل تريد أن تصون مدينة الحاضر من كل ضروب الشطط
النووي أو التكنولوجي " التلويثي ". ولهذا فإنها تبدو وكأنها محافظة بدون
أن تكون يمينية. وفي قبالة هذه الأيديولوجيا " الخضراء " تنتصب
الأيديولوجيا " الرمادية " أي أيديولوجيا حركات اليمين المتطرف الذي يريد
هو الآخر ان ينقذ مدينة الحاضر المثالية – في تقديره – من ضرب لآخر من
التلوث، هو " التلوث اللوني" و "الثقافي " الذي يجسَّده المهاجرون الذين
يكونون قد حلوا على هذا النحو محل اليهود كموضوع للعنصرية واللاسامية
المتجددة.
والواقع أنه إزاء المهاجرين الذين سيتحدد في مطلع القرن
الحادي والعشرين بُعد حضاري جديد لأوروبا. فهل ستفلح في تأمين شروط
الاندماج العادل والكريم لعشرات الملايين من المهاجرين الذين لم يعد لها
غنى عنهم منذ دخولها في طور أفول ديموغرافي متسارع؟ وبتعبير آخر، هل ستفلح
أوروبا في تجاوز مركزيتها الإثنية لتصير كونية؟
قد تكون هذه العلاقة
بالآخر هي نقطة الضعف اليتيمة في هذا الكتاب الممتاز الذي يعيد بناء
اللحظات الأساسية في عملية اختراع اوروبا والحداثة معاً. فلا " الآخر "
الذي أخذت منه أوروبا في بداية انطلاقتها حاضر، ولاكذلك " الآخر " الذي
أعطته أوروبا كثيراً منذ إقلاعتها الفريدة في نوعها في تاريخ القارات
وجغرافيتها. ذلك أن أوروبا لم تكن محصورة قط في أوروبا، لاعندما أخذت عن
الحضارة العربية الإسلامية وعن الحضارتين الرومانية واليونانية، ولا عندما
أعطت للعالم أجمع. فأوروبا غير قابلة للفهم بأوروبا وحدها، من دون جذورها
التاريخية في الحضارات المتوسطية، ومن دون امتداداتها الجغرافية في
القارتين الأميركية والأوسترالية. بل أوروبا غير قابلة للفهم من دون حضورها
الكثيف في العالم قاطبة من خلال حركة الاستعمار والاستيطان ، كما من خلال
تعميم التكنولوجيا والثقافة الأوروبيتين على مستوى الكرة الأرضية بأسرها .
بل إن أوروبا غير قابلة للفهم من دون ذلك الآخر الذي هو ياباني عصر الميجي
أو عربي عصر النهضة أو تركي العصر الكمالي. وبمعنى من المعاني فإن أوروبا
هي أيضاً من اختراع الآخر. فلولا الآخر، ولولا مرآته، تماماً كما أن هذا
الآخر ما كان يستطيع، لولا المرآة التي يقدمها له تقدم اوروبا، أن يقيس مدى
حاجته هو نفسه إلى أن يتجاوز شرطه.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

مولد الايديولوجيا :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

مولد الايديولوجيا

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: دراسات و ابحاث-
انتقل الى: