** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
الرئيسيةالرئيسية  الأحداثالأحداث  المنشوراتالمنشورات  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

 

 الشاعر محمد آدم: ثقافتنا العربية تقدّس الجسد ليلاً وتستعيذ منه نهاراً! - حاوره: نضال بشارة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
بن عبد الله
مراقب
مراقب
بن عبد الله


التوقيع : الشاعر محمد آدم: ثقافتنا العربية تقدّس الجسد ليلاً وتستعيذ منه نهاراً! - حاوره: نضال بشارة Image001

عدد الرسائل : 1516

الموقع : في قلب الامة
تعاليق : الحكمة ضالة الشيخ ، بعد عمر طويل ماذا يتبقى سوى الاعداد للخروج حيث الباب مشرعا
تاريخ التسجيل : 05/10/2009
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 8

الشاعر محمد آدم: ثقافتنا العربية تقدّس الجسد ليلاً وتستعيذ منه نهاراً! - حاوره: نضال بشارة Empty
24062011
مُساهمةالشاعر محمد آدم: ثقافتنا العربية تقدّس الجسد ليلاً وتستعيذ منه نهاراً! - حاوره: نضال بشارة



الشاعر محمد آدم: ثقافتنا العربية تقدّس الجسد ليلاً وتستعيذ منه نهاراً! - حاوره: نضال بشارة Arton3719



ينتمي
الشاعر العربي المصري محمد آدم إلى جيل السبعينات، اتّهم بالخروقات
الدينية منذ ديوانه (أنا بهاء الجسد واكتمالات الدائرة)، الذي التفت فيه
إلى الجسد باعتباره مكوّناً رئيسياً غائباً في الثقافة العربية. وهو صادم
لما هو مستقر لا في شعره فحسب، بل وكذلك في آرائه التي تتجلّى في ثنايا
هذا الحوار إذ يرى ضرورة أن نطلق دوائر بحثية حول الإبداعات العربية
كافّة، التي أنجزت في السنوات التي تلت هزيمة 67.


في دمشق التقينا به وكان الحوار الآتي:




اتّهم
شعرك بأنّ فيه خروقات أخلاقية ودينية، وصودرت لك مجموعات شعرية، هل لك أن
توضّح أسباب ذلك وكيف حصل الصدام بين المؤسسة الدينية وبين شعرك؟



أعتقد أنّ كلّ
كتابة مغايرة لا بدّ أن تمتلك آليات مغايرتها وأنّ المغايرة التي تحدث على
مستوى الشكل لا تشكّل كتابة في حدّ ذاتها بقدر ما تشكّل إهداراً لجماليات
الآخرين واستخفافاً بعقولهم. هذا الاتهام صحيح حيث أنني مطارد من قبل
المؤسسة الدينية في مصر فقد قامت بمصادرة ديوانين كاملين لي كما تعرف (أنا
بهاء الجسد واكتمالات الدائرة) و(هكذا عن حقيقة الكائن وعزلته أيضاً).
وثمّة ديوان ثالث اضطررت أن أنشره في طبعة محدودة لا تتجاوز مائة نسخة وهو
(نشيد آدم أو أغنية اليوم السادس). كلّ ذلك لأنّني حاولت أن أقارب المقدّس
أو بالأحرى أن اقترب من السقف المقدّس. وما أعنيه بالمقدّس هو ليس القصيدة
في حدّ ذاتها، بقدر ما هي تلك الرؤية التي تتغلغل في أجوبة الفقهاء
الجاهزة عن كلّ شيء. وكأنّ العالم فد تمّ بناؤه والانتهاء منه، طالما أنّ
كلّ شيء قد تمّ انجازه. فالرؤية السائدة أنّ النصّ القرآني يحمل جواباً
على كلّ شيء، وأيّ شيء، دون النظر إلى الشرطين التاريخي والاجتماعي.
وزيادة على ذلك دون النظر أيضاً على ما تمثّله هذه البنية الثقافية
والجمالية والأسطورية التي تشكّل تراثاً هائلاً في كلّ بلد دخله هذا
النصّ. من هنا وقع الاصطدام فيما يزعم الآخرون. في حين أرى أنا أن المقدّس
هو شرط إنسانيّ بامتياز ولا يمكن أن ينظر إلى المقدّس إلاّ في إطاره
الإنسانيّ الذي يسمح بالتعدّد والاختلاف وهو الشرط الوحيد للوجود. أمّا أن
تكون هناك رؤية واحدة ولغة واحدة ومنظور واحد لهذا العالم، فهذا ما أرفضه
تماماً. المقدّس يعني بالنسبة لي إعادة فتح النوافذ المغلقة كافة، وكلّ
مسكوت عنه في الثقافة العربية المقموعة. إذ لا يمكن أن يكون النصّ القرآني
في بنيته الأعمق وفي تعامله اليوميّ والحياتي مع أهل البداوة هو هو
بالرؤية نفسها، التي يمكن أن يلعبها أو يؤسّسها في أوطانٍ أخرى تمتلك
إرثاً أسطورياً وجمالياً وإنسانياً، أعمق من جهة البنية والوعي والتشكيل
من تلك الرؤية الأوّلانية لدى ذلك البدويّ. هنا لا بدّ أن يختلف الخطاب أو
بالأحرى لا بدّ أن يختلف التأويل والتفسير من نصٍّ يختلف في شرطه الأوّل
من جهة اللغة والثقافة بين مجتمعين أو مجتمعات لها تصوراتها وإشكالياتها
السابقة على النصّ القرآني، وهذا ما أوقع الصدام.



ما تطرحه يفرض ضرورة إعادة تأهيل المؤسسات الاجتماعية والدينية ورقابتها، لكن كيف يتمّ ذلك وهي الراقدة بسرير السكون؟

هذا السؤال مهمّ
لأنّه منذ أكثر من ألف عام ونحن نعيد النسق نفسه، والخطاب نفسه، باللغة
ذاتها وبالحروف ذاتها تقريباً، دون أن نخطو أية خطوة إلى الأمام ضاربين
عرض الحائط بكلّ المنجز البشريّ والإنسانيّ الهائل، الذي يتمّ على
المستويين التاريخي والفلسفي والذي يجتاح العالم. وكأننا نحن أمّة قد كتب
عليها أن تعيش أسيرة اللسان الفقهيّ الذي يرتبط بالأمس دون النظر إلى
اليوم، ناهيك عن استشراف الغد. كأنّ التغيّرات الاجتماعية والسياسية
والثقافية التي حدثت بوساطة هذا النص أيضاً وبثقافة البلدان المفتوحة لم
تشكّل تغيّراً حقيقياً على مستوى السلوك السياسي والإنساني والثقافي.
وكأنما تمّ تهميش وإقصاء الوضع الإنسانيّ برمّته لصالح سلطتين اثنتين فقط،
هما السلطة الدينية والسلطة السياسية. هاتان السلطتان تحالفتا ولمدة طويلة
من أجل تثبيت المفهوم الإنسانيّ للنصّ القرآني، هذا بالنسبة للسلطة
السياسية وتثبيت المفهوم الديني بالنسبة لدولة الفقهاء. الأمر الذي شكّل
طبقات هائلة من الكثافة التي تفصل بين الإنسان وواقعه، فتحوّل الواقع إلى
نصّ جاهز معلّب بلاستيكيّ، لا يتحرّك ولا يتحوّل ولا يتزحزح، وتحوّل النص
إلى واقع كذلك بحيث تمّ حذف الواقع في سيروراته المتغيّرة إلى واقع سكونيّ
معروف مسبّقاً وبلا إشكاليات وكأنما العالم قد توقّف، لأنّ كلّ شيء قد
تمّت الإجابة عليه بالفعل بدءاً من الله وانتهاءً بإشكالية الإنسان. هذا
النص الذي كان يمكن أن يكون منفتحاً على تأويلات لا نهائية تخضع للشرطين
الثقافي والفكري، تمّ إغلاقه تماماً وتمّ إغلاق الباب أمام الرؤى المغايرة
كافة. ودعني أضرب لك مثالاً واحداً هو هذا الفرق بين الثقافة العقلية
الرشدية وبين الثقافة النقلية للغزالي. هاتان نظرتان مغايرتان تماماً
فحيثما يبدأ ابن رشد بإخضاع النص القرآني للعقل على اعتبار أنّ كل ما لا
يتعارض مع العقل لا يتعارض مع النص، أي أنّ الشرط العقلانيّ الأوّل الحاكم
هو الشرط العقليّ الذي يعيد تأويل العالم وتفسيره، بدءاً من العقل
وتطابقاً مع النص في مقابل النظرة الغزالية التي أغلقت باب الإبداع
والابتكار والاجتهاد أمام العقول العربية كافة حيث أغلق - وكما يقولون
بالعامية المصرية – الباب بالضبّة والمفتاح. إذ يقول في عبارته الشهيرة
"لا اجتهاد فيما فيه نص"، وطالما أنّ النصّ القرآنيّ لم يترك صغيرة ولا
كبيرة إلاّ أحصاها، فأصبح الواقع خاضعاً لشرط النص ولن يأتي الواقع بجديد
وهو مخالف لكلّ الطبيعة الإنسانية التي تُحدث الواقع أو تستحدثه وتتعامل
معه من منظور عقليّ وكأنّ العالم استقال وتمّ الفراغ منه.


هذه النظرة هي التي
انعكست بشرطها الدينيّ على مناحي العقل العربي بدءاً من الإبداع في الشعر
والفن التشكيلي والموسيقا، باختصار بكلّ ما يشكّل الظاهرة الإنسانية في
كلّ تجلياتها، فصار الشعر لا يكتب إلاّ هكذا بالشكل الذي كان قائماً قبل
نزول النص القرآني، بصورة أوضح هذا الشكل العمودي الذي يحافظ على شكل
البنية البطريركية التي تضع العالم في بناء فوقيّ حتى لا يختلّ، الشكل
السياسي أو الشرط السياسي الذي كان قائماً ويظل الحال على ما هو عليه أي
أن يظل الحاكم حاكماً والمحكوم محكوماً. في حين أن النص القرآني خاصة في
المفهوم الجماليّ الشعريّ جاء بمقترح ثالث يقف بين نثر الحياة العاديّ
الإخباريّ وبين ما يسمّى بالشعرية المتوارثة، جاء بنمط مغاير لهذين
النمطين كان من الممكن الاستفادة من هذه البنية القرآنية الهائلة التي
تعتمد الإيقاع حلاً جذرياً مخلخلة النظام اللغوي والنظام الثقافي برمّته
ولكن لسوء الحظ تأخّرنا كثيراً ولم نستفد من هذه البنية النظمية المغايرة
التي استحدثها النص القرآني وظللنا نقف ذلك الموقف العبثيّ في هذا
الانخراط المأزوم في التصوّر التقليدي للبنية الشعرية وظلّ هناك هذا
الانشطار الهائل ما بين لغة النظم ولغة النثر. إنّ هذا الفصل يشير إلى
ثنائية في الثقافة العربية إذ لم نستطع حتى الآن أن نعبر الثنائية التي
تتجلّى في مفهومين: الأرض/ السماء، الخير/ الشر، النور/ الظلام، الوجود/
العدم. هذه الثنائية التي جاء النص القرآني لعبور هوتها بحيث يتمّ تدمير
هذه الثنائية لصالح الوحدة التنوّع البشريّ الخلاّق، هذا التنوّع الذي ما
كان يمكن أن يبدأ إلاّ من خلخلة النص الشعري باعتباره ديوان العرب أو هو
المرجع القارّ في الضمير والعقل العربي بأنّ هذا هو النموذج بامتياز ولا
يمكن الخروج عليه، فلا يمكن أن تتمّ خلخلة بنية العقل العربي بالتالي
وتظلّ الأشياء قارّةً كما هي.


أمّا عن كيفية
التأسيس لوعي جماليّ مغاير، فدعني أقل لك أنه لا يمكن التعويل على المؤسسة
لكي تقوم بهذا التغيير فالمؤسسة بطبعها تميل وتجنح إلى الثبات والاستقرار
والاستمرار أما ما يجب أن يتم فهو على المجموعة المثقفة في الوطن العربي
من مفكّرين وشعراء وكتّاب ونقاد أن تقوم بإعادة قراءة المشروع النهضوي
العربي وإعادة قراءة الخطاب الثقافي العربي خاصة منه الخطاب الديني، هذا
الخطاب الذي يجب أن تعاد قراءته مرات ومرات في ضوء ما يحدث الآن.



كأنّك تشير إلى أن الحداثة العربية لم تفعل شيئاً مؤثراً؟


الوعي الجمالي
والفلسفي ليس وعياً منفصلاً عن الواقع وأرى أن ما تمّ إنجازه من مشروعات
حداثوية لم يكن لها هذا التأثير الذي كنّا ننظر إليه أو ننتظره، ودعني أقل
لك لا يزال خطاب سؤال النهضة في أوائل القرن هو نفس السؤال، من نحن؟ وماذا
نفعل؟ وهو الخطاب النهضوي الذي بدأه الأفغاني ومحمد عبده في أواخر القرن
لمقاومة كل فكر متخلّف وإحداث زلزال في الجذر الأعمق للثقافة العربية.
انظر ماذا حدث الآن تحرّرت معظم البلدان العربية ولا يزال نفس السؤال
مطروحاً، وكأنه لم تحدث أية خطوة إلى الأمام. فعادت المرأة إلى الحجاب مرة
أخرى، ولم تتحرر في بنيتها الداخلية، ولا من شرطها السياسي وتخلصت البلدان
من الاستعمار العسكري ولم تزل تقبع في دوائر التخلف والعنف وأصبح الخطاب
الآن ليس خطاب الحداثة بقدر ما هو خطاب الفلاحين والعودة مرة ثانية إلى
الأصول بدءاً من اللباس وانتهاءً برؤية الواقع. هل حدثت فعلاً نقلة نوعية
على المستوى الثقافي؟ أشك في ذلك. هذا معناه ببساطة شديدة أنّ هذه
المشروعات الحداثوية لم تكن تمتلك آليات التغيير التي كنا ننتظرها منها.
كانت بمثابة رفاهية ثقافية لنخبة ذات أحلام يوتوبية. التغيير الذي أراه
يبدأ من التعليم وكيف يتحوّل التعليم من مؤسسة تلقين وتحفيظ وإملاء
معلومات فاقدة الحسّ والحركة إلى مؤسّسة تثير السؤال أو تعلّم الأفراد كيف
يكوّنون أسئلة كيف يعيش المواطن العربي على حافّة الشك والتساؤل الدائم
وعدم الوقوع أو الركون في دائرة الاطمئنان باعتبار أنّ كلّ شيء منجز،
ويقينيّ إلى منطقة أبعد ما تكون عن اليقين أي أننا في حاجة إلى إعادة
صياغة وتشكيل العقل العربي من جديد وكأننا يجب علينا دائماً أن نبدأ من
الصفر في كل شيء.



وهل نستطيع سحب كلامك على الحداثة الشعرية العربية؟


من كلامي السابق
يكون التفرّع إلى المشروعات الحداثية الشعرية التي بدأت منذ قصيدة السياب
وحتى القصيدة التي يحاولها أصغر شاعر الآن. هذه المشروعات أيضاً في هذه
اللحظات بدت كأنها البديل العقلي والشرط اللازم لخلخلة هذا النظام الثقافي
العتيق، ولكنها سقطت في إشكالية قاتلة فبدلاً من أن تتحاور مع الإنسان
باعتباره نصاً مفتوحاً، تحاورت مع الإيديولوجيا باعتبارها نهاية المطاف
وتحوّلت الإيديولوجيا بالتالي إلى نمط شعريّ يزيد أو ينقص في هذا القطر أو
ذاك حسب الحالة السياسية التي تقبل هذا الوضع أو ترفضه. الأمر الذي أخرجها
من دائرة الشعرية بامتياز لتسقط في دائرة تاريخانية الشعر بامتياز كذلك.
فلا يمكن أن يكون السياب أو صلاح عبد الصبور أو نازك الملائكة هو الشاعر
الذي يطمح إليه الشعر طوال الوقت، فقد تحوّل السياب إلى ذكرى، إلى واقع
يعبّر عن واقع تاريخيّ بانتهاء هذا الواقع ينتهي دور الشعر. وكذلك الأمر
بالنسبة للآخرين إلاّ استثناءات قليلة أو استثناءً واحداً إن أردت الدّقة.
هو الذي استطاع بمشروعه الشعري أن يتجاوز راهنية اللحظة ليؤسّس لشعر لا
يسقط في التاريخ، يتحوّل النص بين يديه إلى سيرورة من الرؤى والكتابات
التي تستوعب فيما تستوعب الثقافة العربية والثقافة الإنسانية. أقصد النص
الأدونيسيّ، الذي هو نصّ يطمح للخروج من دائرة المكان ومحلّيته إلى آفاق
الإنسان الأرحب. وكان له كذلك هذا الجهد التنظيريّ الهائل الذي أراد أن
يحدث من خلاله خلخلة في بنية وذائقة الشعر العربي أولاً والعقل العربي
ثانياً، ولا يفوتني هنا أن أشير إلى أنّه ثمّة محاولات اخترقت هذا الواقع
السكونيّ مثل محاولة نصر حامد أبو زيد ومحمد عابد الجابري، وإن كان نصر هو
الأكثر جرأة ومغامرة في محاولته الرائدة في نقد النص الديني، بحيث يتحوّل
هذا النص من نص مغلق ومرتبط بزمان ومكان محدد إلى نص مفتوح على التواريخ
والأزمنة كافة دون إغفال لأسطورية هذا النص ولا أسطورية المكان الذي
يتحاور معه، ويتعامل من خلاله. وبناءً على ذلك يمكن القول إنّ المشروع
الأدونيسي هو المشروع الذي فتح آفاق الكتابة ووسّعها باتجاه المغايرة
والاختلاف بالمفهوم الأعمق.



لو قيّض لك أن تكون رئيس هيئة ثقافية ما، ما الذي كنت ستفعله؟


أولاً كنت
سأشكّل ما يمكن أن نطلق عليه دوائر بحثية حول الإبداعات العربية كافّة،
التي أنجزت في السنوات التي تلت هزيمة 67، حتى يتسنّى لنا القيام ببحث
عميق في بنية هذه الثقافة. فمثلاً ما الذي أضافته الرواية العربية بعد
منعطف 67، وهل السؤال الذي طرحته في نماذجها العليا الرفيعة يختلف عن ذلك
السؤال الفلسفي أو السياسي القائم منذ ذلك الوقت؟ لأنّ هناك انفصاماً ما،
بين ما حدث ويحدث في الواقع، وما يكتب بالفعل. هل الشعرية العربية الناجزة
في هذه الفترة تحديداً وهي تزيد عن الأربعين عاماً استطاعت أن تخترق بنية
العقل العربي المأزوم أم أنها عكست عكساً مرآوياً انشراخ الروح والذات
العربية، وصارت بوق نوح مستمرّ على هذا الضياع والتشتّت والتشرذم الذي
تعاني منه الذهنية العربية؟ هل استطاعت هذه الشعرية أن تخترق التابوهات
كافّة من الدينيّ إلى السياسيّ إلى الجنسيّ لتستشرف سؤال الإنسان الكبير
أم أنها سقطت في اجترار أوجاع الذات ومآسيها وما هو السبيل للخروج من هذه
الأزمة؟



بالعودة إلى ديوانك (بهاء الجسد واكتمالات الدائرة)، ما الذي يشكّله في مسار تجربتك؟


يأتي هذا
الديوان جزءا مكمّلا لمشروع شعريّ كنت قد بدأته في منتصف السبعينات عن
كتابة مجموعة من النصوص – وبالمناسبة كلّ ما نشرته في مجلة إبداع
القاهرية، نشر تحت باب تجارب شعرية بعنوان نصوص – هذه النصوص حاولت فيها
أن ألتفت إلى الجسد باعتباره مكوّناً رئيسياً غائباً في الثقافة العربية
عموماً بدءاً من نزول النص القرآني وحتى الآن. هذا الجسد الذي تمّ تغييبه
بفعل فاعل وتمّ إقصاؤه من الذاكرة والعقل والواقع والفعل ليسكن في
المخيّلة وليكون فعل الجسد فعلاً منسحباً ولا وجود له. الجسد في الثقافة
العربية يكاد يكون غائباً بشكل كامل. لا لشيء، إلاّ لأنّ النظرة الدينية
للجسد كانت تعتبره محرّماً وكلّ ما يدور في فلك الجسد فهو تابع لذلك
المحرّم وسقط الجسد بمعناه الفيزيقي والميتافيزيقي في دائرة النسيان
وأصبحت الأولوية لثقافة الروح. وكان السؤال كيف يمكن القضاء على كل ما هو
جسداني أرضيّ ودنيويّ لصالح كلّ ما هو روحيّ ومتعالٍ ومطلق. الأمر الذي
سلب الإنسان العربي كلّ تلامس حيّ وحارّ وفعّال مع الواقعيّ والتاريخ،
وصار العقل العربي معزولاً عن كل جسدانية الواقع.


كيف ترى أسباب تغييب الثقافة العربية لمفهوم الجسد، وهل الكتابة عن الجسد تعني الكتابة عن الشهوة، وما هو مفهومك للكتابة عن الجسد؟


سأجيبك من الشقّ
الأخير من سؤالك. الكتابة عن الجسد لا تعني بالضرورة الكتابة عن الشهوة،
الشهوة عنصر من عناصر الجسد ولكنها لا تعني الجسدانية بامتياز. الانتباه
إلى الجسدانية معناه الاحتفال بكل ما هو حيّ وفعّال في الإنسان؛ بالأمل
الإنسانيّ، بالرغبة في الحلم، بلحظة الغناء والبوح، بتلمس الجسد، في كلّ
تضاريسه. إنها لحظة معانقة الواقع وعدم الهروب منه فالجسدانية هنا فلسفة
تقوم على التنوع الذي يسود العالم، الروح واحدة، أمّا الجسد فمتعدّد،
وبتعدّد الأجساد تتعدد الرؤى وتتعد التجليات، الأمر الذي يفتح باباً
واسعاً للاختلاف والتنوع ونخرج من دائرة النمط والنمذجة إلى دائرة التحوّل
والصيرورة. وفي ذلك كان المتصوّفة هم الفئة التي نظرت إلى الجسد، وهذا
غريب أو قد يبدو متناقضاً باعتباره يشكّل تجلياً من تجلّيات الله على
الأرض ولا يمكن لمس أو اكتشاف أو تنشّق عبير الروح إلاّ بملامسة الجسد
والاحتفاء به، وإلاّ كحالة إنسانية تخرج من دائرة التحريم لتصبّ في دائرة
القداسة. وسأضرب مثالاً واحداً على هذا التزاوج بين ما هو جسداني وما هو
روحي، يقول ابن عربي " الجسد قبّة الروح " وهي مقولة أخذها منه فلاسفة
الغرب، ويضيف " والروح معنى الجسد " أي انه لا يمكن أن تتأسس
الميتافيزيقيا إلاّ على الوقائع الفيزيقية الصغيرة وهناك ما يسمّى بالنكاح
الكونيّ. هذا الماء الذي ينزل من السماء ليصب على الأرض فتهتزّ وتربو
وكأنها الأنثى حاملة الخصوبة والتجدد. والثقافة العربية ما غيّبت مفهوم
الجسد بامتياز، إلاّ لتخفي وراءها كلّ ما يخيفها من معانقة العقل أو
التعامل مع العقل. فالجسدانية تعني كما قلت قبل قليل وقائع العالم
الصغيرة، وعلى العقل أن يتعامل مع هذه الوقائع ليعيد لها الوحدة التي
تسمّى في نهاية الأمر الروح، الله. لا فرق. خافت الثقافة العربية من
مواجهة الجسد فأرادت أن تعامله سرّاً وأن تتعامل معه في السرّ باعتباره
شيئاً فاضحاً وعورة ولا يمكن كشفه ويجب إخفاؤه أو التستر عليه، الأمر الذي
جعلها ثقافة عرجاء. ليلاً في الظلمة تقدّس الجسد، ونهاراً تستعيذ منه!
فالكتابة عن الجسد بمثابة إعادة التوازن لبنية العقل العربي الذي لا يمكن
أن يسير على قدمين متوازيين بدلاً من أن يظلّ هذا العقل يعيش حالة العرج.
الأمر الذي جعل الأزهر يتدخل معترضاً على نصوصي التي تحتفي بالجسد. ولو لم
أكتب سوى ( أنا بهاء الجسد ….) لكفاني أنني اخترقت التابو الجسداني
والجنسي في الثقافة العربية. والأمر المضحك الذي يمكن أن أضيفه هنا أن هذه
الثقافة احتفت بالجسد فقط في الموروث الشعبي أمّا الثقافة التي تؤسس الوعي
والذائقة الجمالية للإنسان العربي فقد تمّ اجتثاث كل ما يمتّ إلى الجسد
بصلة منها. وسأحيلك فقط إلى ألف ليلة وليلة الذي هو نص جسداني بامتياز
وشعبي بامتياز، وكأنما تمّ زحزحته من الثقافة أي تم نقله إلى دائرة
الثقافة الشعبية باعتبار أن ألف ليلة وليلة هو نص للتسلية والسخرية
والاسترخاء، والمفارقة أن هذا النص يشكّل درّة من درر الثقافة العربية!
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

الشاعر محمد آدم: ثقافتنا العربية تقدّس الجسد ليلاً وتستعيذ منه نهاراً! - حاوره: نضال بشارة :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

الشاعر محمد آدم: ثقافتنا العربية تقدّس الجسد ليلاً وتستعيذ منه نهاراً! - حاوره: نضال بشارة

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: دراسات و ابحاث-
انتقل الى: