'هذيان' وزير الاتصال

'هذيان' وزير الاتصال

'هذيان' وزير الاتصال No

جواد غسال

Wednesday, June 08, 2011

هل
أتاكم حديث معالي وزير الإتصال وهو يخاطبكم عبر الفضائيات والجرائد
والمجلات وعلى الأنترنيت وبدون حجاب ليقنعكم أن ضرب الحراك الشعبي مجرد
ادعاء وهراء، وأن الدولة تفتح كل الأبواب لمعارضيها السلميين، وأن الضرب
يأتي بعد التأكد والتبيان أن الحراك بدأ يتجه نحو العصيان وإشعال نيران
الفساد والتخريب في البشر والبنيان؟، لقد كاد السيد الوزير يطلب من الناس
أن ينطقوا بدل "التوافه" "حكما" كتلك التي تتصدر خطاباته البليغة، وهو
يدافع ب"جبهة" عريضة عن مغرب الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان...وإن من
البيان لسحرا !!!

لقد دبَّج السيد الوزير مقالا له في أكتوبر الماضي وهو يراسل مدير مجلة "تيل كيل" أحمد بنشمسي حينها بكلام ثقيل وهو يقول "لقد
تجاوزتم حد الخزي ما كان لكم أن تتجاوزوه. أنتم الذين سمحتم لأنفسكم
باحتكار دور ملقني الدروس. لقد دأبتم على لباس جبة المحلل الجسور، القادر
على النيل من الاختيارات الأساسية لبلاده، مستغلا إلى أقصى حد ، مجال
الحرية الذي امتلكته هذه البلاد وقواها الحية بعد أن قدمت من أجله ثمنا
غاليا، تسكبون على هذا البلد كل اسبوع سيلا من الحماقات ظلت دون رد. ولا
تحدوني نفس الهواجس، وواجبي كوطني يفرض علي أن أقول لك ، السيد بنشمسي،
عليك أن تخجل من نفسك!!

هكذا
لم يخجل السيد الوزير من نفسه وهو ينزع عنه لباس الوزير ويرتدي جبة ملقن
دروس للصحافة، فيما يسير اليوم في الاتجاه المعاكس، يزور الحقائق ويمنح
الشرعية للقمع الوحشي للتظاهرات متى شاء، ويرتدي لباس الأب في علاقته مع
"فلذات أكباده" أعضاء حركة عشرين فبراير، ويتحول من مناضل شيوعي سابق تعلو
المبادئ كعبه وترسي قوافيه وتحكم مساره، إلى "بوق" كبير يتلو التقارير
التي تعدها الإستخبارات وأجهزة وزارة الداخلية.

فما
الذي حولكم السيد الوزير إلى بطل في مسرحية "شاهد ما شافش حاجة"، وجعلكم
تدفعون الحق بالباطل، وتشهدون بالزور، فقدمتم الصورة معكوسة للظالم
والمظلوم، وأصبحتم تمتهنون حرفة تبييض صفحات الجهاز المخزني، فمعتقل تمارة
على لسانكم لا يوجد إلا في مخيلة أعداء الوطن، وقدمتم له رواية لا يصدقها
عاقل، والضرب الذي تعرض له المحتجون لم يقع... !!!

لقد
كدتم السيد الوزير تأمرون بإعدام المتضاهرين على شاكلة إعدام الفيلسوف
اليوناني سقراط، حينما بدأ يروي للناس حقيقة غير التي يرونها، واعتبرتم أن
الأمر يتعلق باحتلال "متطرفين" للطريق العام، وبعدها بدأتم الظهور في كل
مرة وحين ببدلة محامي أجهزة القمع، فهي "الملاك الذي لا يقهر الناس ولا
يعتدي عليهم ولا يقوم إلا بالواجب الذي يمليه الوطن ضد مجموعة من الشباب
استغلتهم جماعات "لا ديمقراطية" فبئس ما تنطقون".

والحال
السيد الوزير الذي غضضدتم عنه الطرف هو أن السلطة المغربية انقلبت على
أعقابها، من تقديم صورة الحمل الوديع في التعاطي الرسمي مع الحراك المساير
للثورات التي تشهدها جملة من الأقطار العربية، وانتقلت مع بقية الأنظمة
إلى مرحلة "التعايش" مع هذه الثورات، وبداية "التلاقح" وتبادل التجارب بين
الأنظمة في محاربتها، فكل الأنظمة تسخر من القذافي ومساره في محاربة
المعارضين، وكلها تحذو حذوه كلما اقترب الصيف، اللهم من تساقطت أوراقه في
الربيع قبيل اكتساب مناعة ضد العدوى.

السيد
الوزير، يقال إن اليقظة مشنقة الأحلام، فكل ما يلزم للقضاء على الحلم يكمن
في الإستيقاظ، ولطالما حاولنا البقاء في حالة نوم، خوفا من شنق أحلامنا،
ونحن اليوم أكثر من اي يوم مضى نحاول البقاء في الشارع نرقب تحركاتنا
وننسقها، وفي كل خطوة فوق الثرى حلم بغد أفضل، تململنا ضربات العصا، ونأبى
الإستيقاظ لنعود إلى واقع رسموه لنعيش فيه وفق مقاساتهم.
لقد
ختمتم السيد الوزير مقالكم الآنف الذكر بالقول:"إن التزاماتي المهنية تفرض
علي أن أقرأ لكم كل أسبوع، إنه الجانب السيء في مهنة الوزير"، ونحن نقول
:" إن مهنتنا المحترمة تفرض علينا أن نتابعكم في كل طلة إعلامية، وكل جرة
قلم على جدران الجرائد، ونجبر أنفسنا على تتبع كلماتكم مهما تبعثرت حروفها
وتناثرت أفكارها وشوهت نفسها من تلقاء نفسها، ومهما كان المتحدث "ثقيلا"،
إنه الجانب السيء فعلا، السيد الوزير، في مهنة المتاعب".

'هذيان' وزير الاتصال

'هذيان' وزير الاتصال :: تعاليق

'هذيان' وزير الاتصال