الفساد...يا أمير المؤمنين

عن 20 فبراير أتحدث …

الفساد...يا أمير المؤمنين Jaouadghassal4

جواد غسال

Monday, February 14, 2011

أعرفُ
أن كلماتي عاجزة عن بلوغ مثواها المراد، ولا أساس لتسميتها رسالة
باعتبارها عاجزة على بلوغ المرسل إليه، غير أني فقير لكلمة أغمسها في قرارة
الجرحِ وأغلفها بالألم ثم أتركها لتباركها نظرات
القراء، عساها تنفذ من الجدران الفاصلة بيننا إلى جزء من واقع تصفه
التقارير التي ترفع إلى الديوان الملكي زورا وبهتانا بكل إيجابي، وعساني
أستطيع مدافعة من يسكبون المداد على تقارير لا تساوي ثمن حبرها، حتى ولو لم
يسمع الصوت، وكان حالة شاذة في وطن "العام زين".

نفاق...

ولا
يخفى على أنظار القاصي والداني وجه الغرب المتقلب في وصف واقع الدول
الحليفة في العالم العربي، ما جعل الأسئلة تطرح حول دورها المقبل مع بلدنا،
فهل تخطئ القوى الغربية المسار مجددا بالتغطية على المغرب باعتباره حليفها
الأول في شمال إفريقيا؟ وهل تحاول الولايات المتحدة الأمريكية على الإبقاء
على "عصفور في اليد خير من عشرة فوق الشجرة"؟ والحفاظ على المغرب من بين
الحلفاء الذين كانت تسميهم الولايات المتحدة الأمريكية بمحور المعتدلين،
وبالتالي عدم الضغط لصالح إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية، ومن يا ترى
يحرك تصريحات أعضاء في الكونغريس الأمريكي وفي مؤسسات ومراكز الدراسات في
الولايات المتحدة الأمريكية للتأكيد على استقرار المغرب ؟ أهي سياسية
الحفاظ على الحليف، أو الأموال التي تصرفها الدبلوماسية المغربية لتوسيع
اللوبي "المساند" لقضايا المغرب في الكونغرس الأمريكي.

حقائق...

فالتقارير
التي بعث بها الدبلوماسيون الأمريكيون والتي أكدتها الوثائق المسربة من
قبل وكليلكس، ونشرت جزءا منها صحيفتي لوموند الفرنسية والكارديان
البريطانية، تتحدث عن تسونامي "الفساد" يستشري في الأجنحة السياسية
والاقتصادية للقصر الملكي، وذكرت بالاسم شركة "أونا" والفروع التابعة لها،
وأكدت أن الفساد استطاع الوصول إلى القصر.

ففي
الوثيقة التي نشرتها الغارديان البريطانية في السادس من دجنبر الماضي،
يتحدث الدبلوماسيون في القنصلية الأمريكية بالدار البيضاء والسفارة
الأمريكية في الرباط، عن بؤر الفساد في الشركة الذرع الاقتصادي للأسرة
الملكية، وعن جشح الجناح العقاري للقصر ممثلة في "العمران" وما تعرفه من
رشوى مزمنة.

وفي
الوثائق التي نشرتها جريدة لوموند الفرنسية، في الأعداد التي منعها وزير
الاتصال، أكدت أن الفساد في عصر الملك محمد السادس اتخذ طابعا مؤسسيا،
وأكدت أن الفساد «يؤثر على المدنيين والعسكريين، ويصل حتى إلى القصر
الملكي».

أمير المؤمنين:

شئنا
أم أبينا، ونطقنا بالحقيقة كاملة أو ناقصة، شهادة حق أو بهتانا وزور، يكاد
الهرم يتساقط، بفضل تآكله المتواصل بسبب الفساد المستشري في كل مكان، في
المستشفيات والمقاطعات والمدارس والشركات وفي الوزارات والأجهزة الأمنية
وفي القضاء والبرلمان...، ولا يحصل الناس على وظائفهم إلا من خلال الوساطات
والرشا، ولا حتى على سرير في ابن سينا أو ابن رشد للتداوي إلا بفضل
الزبونية والمحسوبية والرشوة.

ولم
تعد ذريعة اندفاع المفسدين إلى فسادهم بسبب الفقر والحاجة وعدم كفاية
الأجور عنوان الفساد فحسب، بعدما صار الفساد ينخر، سرا وعلانية، قطاعات
ومؤسسات ترتبط حتى بالقصر، فماذا ترك هؤلاء للمرتشين في المؤسسات اللصيقة
بالمواطن ويومياته؟، ومن يكون قدوة مجتمع وينشد النهوض ما دامت القطاعات
الحساسة واللصيقة بالقصر تتآكل بالفساد، عوض أن تعطي المثل الأبرز حول ما
يجب أن يكون عليه المجتمع؟.

أمير المؤمنين:

طفح الكيل ...وبلغ السيل الزبى...

فقد
بزغ الأمل فيكم وشاب من طينتنا يتقلد مقاليد الحكم، ويعلن نهاية عهد
وبداية عهد جديد، ويقطع مع العهد الذي استبد فيه الفساد، ويعلن بداية
الاهتمام بالعباد والبلاد، وبداية الديمقراطية والحرية...تنفسنا حينها
الصعداء ونحن نزور معتقل درب مولاي الشريف، باعتباره رمزا من رموز الماضي،
ونعلن الانصاف والمصالحة، حتى وان لم تكتمل، باعتبارها اعترافا بدموية
الماضي وأخطائه، واعتبارها ثوبة نصوحا لا تعيدنا إلى بؤرة الخطأ، ولا
تحشرنا في زمن الظلم والانكسار.

اغتيل
الأمل قبل أن يولد، وتقهقر المغرب وارتد وتشكلت جذور الفساد، واشتد عوده
إلى أن صار النخاع الشوكي لمختلف المعاملات، اقتصادية كانت او اجتماعية او
سياسية، هو الفساد والإفساد.

وهنا...في
أسفل الهرم...هنا القاعدة الشعبية العريضة، وهنا الفقر المدقع، وهنا الظلم
الاجتماعي، وهنا لا ينتهي الجرح إلا حين يبدأ جرح جديد، بين شريحة تمتد
على ربوع الوطن تمتص صدمات الفساد، وتتقبلها وتصبر على قوتها وآثارها
وآلامها التي لا تبارح مكانها إلا لتعيد الانتشار.

والفساد
ينعكس على الفقراء طبعا قبل غيرهم، فهم من يدفع فاتورته الغالية، من يقطن
في مساكن أقرب منها إلى القبور، أموات في أطياف أحياء، تعدهم لوائح
الانتخابات فقط لرفع نسب المشاركة، أما في حسابات الاغتناء والعدالة
الاجتماعية وكرامة العيش فهذه الشريحة العريضة تجد نفسها خارج اللوائح،
وقاب قوسين بل أدنى من دائرة النسيان.

ولا
تكفي كلمات كتبت بمداد البحر، ولو جئنا بمثله مددا، لتكمل الصورة، تلك
الصورة التي تشكلت مع مسلسل الظلم المتواصل، والتي بدأت بوادر الدراما
البئيسة تتضح فيها، بتنظيم الهجرات الجماعية والفردية إلى أي مكان، في هروب
كبير من الوطن، صورة تحجبها عنكم بصمات النفاق الموضوعة في كل مكان في
الطرق التي تسيرون فيها، فلعلكم تعلمون أن الورود والنخيل الذي يزين شوارعا
تطأها أقدامكم هي نفسها، يتم نقلها من زيارة إلى أخرى، في صورة مصغرة
للفجوة الكبرى التي يخلقها الفساد...ولا تكفي الكلمات ولا قواميس الدنيا في
وصف الصورة، ورب صمت خير لا يجعل الجزع مصيبتين، لكن اللسان الطويل دلالة
على اليد القصيرة.

» أفضلُ المؤمنين؟ فئة : مقالات
» التظائف الدينية والسياسية لمؤسسة امارة المؤمنين
» اكبَرْ بسرعة يا أمير
» عقب ليلة مع أمير داعش
» يسألونك عن الفساد

الفساد...يا أمير المؤمنين

الفساد...يا أمير المؤمنين :: تعاليق

الفساد...يا أمير المؤمنين

مواضيع مماثلة

مواضيع مماثلة