** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
الرئيسيةالرئيسية  الأحداثالأحداث  المنشوراتالمنشورات  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوع
 

 الهجرة: الهروب من جحيم الرأسمالية التبعية نحو ويلات الرأسمالية المتطورة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
بن عبد الله
مراقب
مراقب
بن عبد الله


التوقيع : الهجرة: الهروب من جحيم الرأسمالية التبعية نحو ويلات الرأسمالية المتطورة Image001

عدد الرسائل : 1516

الموقع : في قلب الامة
تعاليق : الحكمة ضالة الشيخ ، بعد عمر طويل ماذا يتبقى سوى الاعداد للخروج حيث الباب مشرعا
تاريخ التسجيل : 05/10/2009
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 8

الهجرة: الهروب من جحيم الرأسمالية التبعية نحو ويلات الرأسمالية المتطورة Empty
11122010
مُساهمةالهجرة: الهروب من جحيم الرأسمالية التبعية نحو ويلات الرأسمالية المتطورة

[b] [/b]
[b]بات المجال شاغرا أمام المؤسسات المالية العالمية والقوى الامبريالية الكبرى من خلفها للتحكم في العالم وإعادة تشكيله القسري على مقاسها، وهذا ما حكم على دول المحيط الامبريالي المتفاوتة التخلف بأوضاع اقتصادية واجتماعية شديدة الاضطراب. وتوجد قساوة هذه الأوضاع التي لم تعد محتملة في أصل تنامي كل شرور الرأسمالية، ومنها التنامي الهائل لموجات الهجرة الجماعية بكل أشكالها هروبا من مستنقعات القهر السياسي والهشاشة الاقتصادية المفرطة والتقهقر الاجتماعي المأساوي.

في مواجهة ذلك، لا زال الردع الأمني هو المسيطر، أما التنمية والشراكة من أجل النمو والازدهار في الفضاء الأورو متوسطي، فما هي إلا الشجرة التي تخفي غابة المصالح الجديدة للرأسمال الأوروبي الساعي لتشكيل منطقة جنوب المتوسط وفقا لها، وما سعيه الحثيث لربط الهجرة بالإجرام... سوى دفع البشر(المهاجر "السري") إلى ليونة قصوى تسهل إخضاعه لتلك المصالح وعصر طاقاته في القطاعات المنبوذة أوروبيا كضيعات العبودية الإسبانية (ألميرية المشهورة) وضيعات الجنوب الفرنسي... ومن جهة أخرى تحويل دول جنوب المتوسط لحارس حدود شرس لأوروبا، وهذا ما تهدف له المفاوضات الجارية حول إعادة استقبال المهاجرين بين أوروبا المتشددة في قوانين الهجرة والمغرب المصدر والمعبر لها.

بروز الظاهرة

المعطيات حول حجم الظاهرة غير دقيقة ومتضاربة، ويستخلص من تطوراتها في العقدين الأخيرين أن عدد المغاربة المقيمين في إسبانيا "سريا" يقدر على الأرجح ب 505000 فرد. أي 3 مرات أكثر من الرقم الذي تقدمه مؤسسة الحسن الثاني، و 2,25 مرة رقم وزارة الشؤون الخارجية.

لقد كانت البؤرة الرئيسية للهجرة حتى سنوات 70 هي الجنوب وبخاصة سوس، وفي المقام الثاني الشمال الشرقي وبخاصة الريف الشرقي. ومنذئذ تنوعت مناطقها بشكل ملحوظ لتشمل كامل التراب المغربي. وصارت الهجرة المغربية من الآن فصاعدا معطى بنيويا سواء اقتصاديا أو اجتماعيا، بمقدار شمولها كل جهات البلد، مدنا وقرى، بدرجات متفاوتة الحدة.

كانت الهجرة غير النظامية حاضرة دائما مند سنوات 50ـ60ـ70، إلى جانب الهجرة النظامية. حيث شهدت فرنسا بعد الحرب تدفق مهاجرين سريين من إسبانيا والبرتغال وإيطاليا في ظروف وعبر شبكات منظمة أشبه كثيرا بما تشهده(مضيق جبل طارق) الضفتان حاليا، حيث لقي المهاجرون حتفهم وهم يحاولون عبور جبال الثلج على الحدود بحثا عن عيش أفضل.

بدأت الظاهرة بالمغرب تحت الحماية، عبر منظمي عبور من فرنسا يشجعهم أرباب العمل للتحايل على القنوات الشرعية خاصة ظهير 27 سبتمبر 1921 الذي أراد ضمان حاجة أرباب العمل الفرنسيين بالمغرب لليد العاملة، ومنع فتح مكاتب تهجير للمغاربة صوب فرنسا. بالتالي هاجر 12000 مغربي سنة 1950 لا شرعيا ضمن حجم إجمالي من 16000 أي 75 % من المجموع. وبقيت تلك الهجرة مقبولة ولم يتم سن أية قوانين تمنعها.

بعد الأزمة الرأسمالية العالمية لبداية سنوات 70 تغيرت الأمور وفرضت أوروبا تقييدات، أصبحت أكثر قسوة بعد انعطاف اتفاقية شنغين ومقتضيات إعمالها الموقعة في يونيو 1990: فرض التأشيرة والرقابة الصارمة على الحدود ونظام انتقائي صريح لمنح تصريحات العمل...

وتوضح أرقام تسوية الوضعية حجم الظاهرة نسبا نسبيا، بلغ العدد مثلا 64477 مغربيا بإسبانيا في بداية العقد الحالي. ويمثل المغاربة في اسبانيا 13% من غير الاسبان. وهي البلد الذي شهد هجرة شديدة النمو للمغاربة(88% بين 93ـ2007). وانتقل العدد من أقل من 17 000سنة 1990 إلى 199782 في 2000، ليصل 547000 في 2007.

بلد العبور

كان هناك بالمغرب دائما نسبة مهمة من الأجانب الأوروبيين خصوصا الفرنسيون والاسبان، وظل وجودهم مهما تحت الحمايةالاستعمار، وتراجع تدريجيا بعد الاستقلال الشكلي من حوالي 265000 سنة 1956 إلى 51435 سنة 2004. وحاليا أصبح المغرب معبرا للهجرة القادمة من أفريقيا جنوب الصحراء غالبا لكن أيضا من مناطق أخرى مختلفة (لا تبعد أوروبا عن المغرب سوى ب 14 كلم). يقدر العدد بين 10 و20 ألف يمرون عبر الجزائر والمغرب وعدد قليل بين 5 و10 % يصل المغرب عن طريق مطار البيضاء والباقي عبر الجزائر. ويتجشم هؤلاء العابرون في مسيرتهم نحو الفردوس الأوروبي (أوروبا، أو الولايات المتحدة، أو كندا، أو أستراليا) كل أصناف العذاب والمخاطر(يقدر عدد الهالكين بحرا بين 1989 و2002 بما بين 8000 و10000 ضحية). إنهم يفرون من ويلات الحروب الطاحنة للبشر ومن الحروب الاقتصادية المدمرة للرأسمال العالمي النهاب لخيرات أفريقيا.

جعل هذا الوضع من المغرب، الذي تضافرت فيه هجرة مواطنيه مع الهجرة القادمة من أفريقيا جنوب الصحراء، وحتى من خارج إفريقيا (أسيويين خصوصا) بلدا حيث تنشط مافيا المتاجرة بالبشر، وهو الوضع نفسه الذي تشهده جارته الشمالية اسبانيا. هذا الوضع هو كذلك سبب توتر متكرر للعلاقات بين الجارين. وهكذا أصبحت الهجرة مشروعا مكلفا واستثمارا يقتضي تعبئة مصادر للتمويل من أجل تحقيقه من ديون ومن بيع للأرض والممتلكات... إلخ. هذا ما يفسر كيفية إقبال المهاجر غير الشرعي على أي عمل مهما كان مذلا وصعبا لأنه في كل الحالات لا يقبل أن يرجع خاوي الوفاض. ويؤدي المرشح للهجرة السرية ما بين 600 إلى 5500 دولار لعبور مضيق جبل طارق أو الغرق فيه . ويقدر رقم معاملات هذه الشبكات على المستوى الدولي بحوالي 7 ملايير دولار في السنة.

هجرة المهارات

كشفت دراسة حول حركية العقول المهاجرة في العالم، التي أصدرتها جامعة الدول العربية، أن المغرب يعدّ من بين الدول الأكثر تصديرا للطلاب والباحثين والخبراء في ميادين مختلفة نحو الدول الغربية، خاصة وجهة أوربا، بنسب تتراوح ما بين 10% و 90%، وأكدت الدراسة ما أسمته بالامبريالية الجامعية تكتسح جميع الدول، حتى الأوربية منها، مبرزة أن الولايات المتحدة الأمريكية تعد مركز الاستقطاب الأكبر للكفاءات المهاجرة. ويعد المغرب ثاني دولة عربية من حيث هجرة الكفاءات، ويوجد حاليا حوالي 50 ألف طالب يتابع دراسته بالخارج خاصة في فرنسا وكندا والولايات المتحدة الأمريكية، وأزيد من 200 ألف من أصحاب الكفاءات المتعددة التخصصات (حسب مصلحة الدراسات التابعة لوزارة الصحة هناك قرابة 600 طبيب مغربي بالخارج) ركبت سفينة الهجرة إلى الدول الأخرى.

وخلال سنة 1999 من بين 2157 دكتورا من خارج فرنسا يوجد حوالي 204 دكتور مغربي بالجامعات الفرنسية حسب وزارة التربية الوطنية، وأكدت وزارة الجالية المغربية المقيمة بالخارج؛ أن المهاجرين بكندا يتوفرون على دبلومات عالية، إذ إن 87 في المائة من إجمالي المهاجرين بهذه الدولة، الذي وصل إلى 31 ألفا خلال سنة 2006 ، يتوفرون على شهادات ودبلومات عالية.

هكذا يخسر المغرب على عدة مستويات: كلفة التكوين التي صرفتها الدولة على كل باحث يهاجر، و ، واضطرار الدولة لتعويضه إذا هاجر إلى الخارج باستقطاب كفاءة أخرى، ثم ضريبة الانفتاح، ذلك أن المغرب دخل في اتفاقيات للتبادل الحر تتطلب منه، من بين أمور أخرى هامة، عملية تأهيل لاقتصاده، وهو تأهيل يحتاج إلى المعرفة والخبرة والعلم أساسا.

على الرغم من الأسباب المتعددة التي تدفع الكفاءات إلى الهجرة إلى الخارج، فإن الحصول على عمل من جهة و ارتفاع الأجر من جهة أخرى، يأتيان على رأس هذه الأسباب، بالإضافة إلى غياب وسائل العمل والبيروقراطية وعدم تكافؤ الفرص. يحصل المهاجرون من أصل مغربي بفرنسا على راتب مرتفع بأزيد من 6 مرات مقارنة مع المغرب (أزيد من 16 مرة بالنسبة للنساء)، في حين أن المهاجرين المغاربة بإسبانيا يحصلون على راتب مرتفع مقارنة مع المغرب، ما بين 4,5 و 10,5 مرات، بالنسبة للرجال والنساء على التوالي.

الدور الهام لعائدات الهجرة

بلغ عدد المهاجرين المغاربة حسب مديرية وزارة الخارجية في سنة 2002 زهاء 2.6 مليون نسمة، يوجد منهم أكثر من الثلثين بأوروبا، وبخاصة فرنسا حيث يستقر حاليا ثلث المجموع. وتشير تقديرات منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية لنفس المعطيات تقريبا، حيث يصل العدد حسبها إلى 2,18 مليون يوجد 82,7 % منهم بأوروبا (37,9 % بفرنسا) و10,7 % منهم بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وإجمالا، تقدر الجالية المغربية بالخارج بحوالي 10% من مجموع السكان الذي يبلغ حاليا أزيد من 30 مليون نسمة.

شجع حكام المغرب الهجرة إلى الخارج سنوات 60 و70 لاعتبارين أساسيين، من جهة تخفيف الضغط على سوق العمل المحلي، ومن جهة أخرى السماح بتعبئة موارد إضافية من العملة الصعبة لتحسين ميزان الأداءات الجارية. غير أن الأحوال تبدلت كثيرا، وصارت البطالة جماهيرية، وحاجة البلد للتمويل ضخمة. وأصبح المغرب أسير تحويلات مهاجريه الضخمة التي يصعب الاستغناء عنها، بل يعرضه شحها للعطب بشكل مباشر.

أيا كانت الوجهة النهائية لتحويلات المهاجرين فإنها بالغة الأهمية للاقتصاد المحلي ولفقراء البلد، لأن حجمها كبير وتنامى باستمرار، وهي تمثل مثلا سنة 2004 نسبة 8.42% من PIB و43.3% من صادرات السلع و125% من عائدات السياحة. وسمحت تلك التحويلات من العملة الصعبة بتغطية زهاء 47% من العجز التجاري وضمان 24% من واردات المغرب من السلع. وتضاعف حجمها أكثر من 17 مرة خلال 30 سنة، في حين لم ينمو الدخل الفردي سوى 4 مرات أكثر في نفس الفترة. ولولاها لأصبحت نسبة الفقر المطلق لسنة 1999 التي بلغت 19% من السكان 25% . لقد كانت التحويلات 2,16 مليار درهم في 1975 و 9,7 مليار درهم في 1985 و 16.8 مليار درهم 1995 و 40.7 مليار درهم في 2005. غير أنها مرشحة للتراجع وذلك بفعل تأثرها البالغ بمحددات كبرى خارجية وداخلية. نذكر منها ميل كبير لدى المهاجرين للاستقرار بدول المهجر واضطراب أوضاعهم هناك، تم تشديد شروط الهجرة التي ستعيق نموا محسوسا لعددهم.

تشير كل المؤشرات إلى ميل كبير لدى المهاجرين للاستقرار الدائم ببلدان الاستقبال، سواء الأجيال الأولى أو اللاحقة، ودليل ذلك الازدياد اللافت لعدد الطلبة والعمال المغاربة الحاصلين على الجنسية، بعد أن كانت أقلية منهم تطلب الحصول عليها حتى بداية سنوات 1990. كما أن عدد المهاجرين العائدين للاستقرار بالمغرب قليل للغاية، حيث لم يصل حسب مصادر منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية سوى 3700 فرد سنة 2000 مقابل 3500 سنة 1991. ولا توجد مؤشرات دالة على تطور هام خلال السنوات اللاحقة، رغم سياسة دعم عودة المهاجرين إلى بلدانهم التي انتهجتها العديد من البلدان الأوروبية.

الأسباب

كانت البطالة إحدى الأسباب الجوهرية لهجرة المغاربة للخارج، وحتى الآن ظلت وضعية سوق العمل رازحة تحت ثقلها الجماهيري. وتقدر نسبة البطالة في المغرب بحوالي %12 وتبلغ 21% في المجال الحضري. و دخل المواطن المغربي لم يصل بعد حتى مستوى تلبية الحاجيات الأساسية اليومية، فما بالك بضروريات الحياة الأخرى. وتفيد بحوث ميدانية مختلفة أن الرغبة في الهجرة من المغرب تبلغ 19% من السكان النشيطين وهي أعلى عند الطلبة حيث تبلغ 54%. وعموما فإن ثلثا الشباب ذوي الدخل غير الثابت، يعتقدون أن حياتهم بائسة، وأن لا مستقبل لهم، وأن الهجرة نحو الشمال أملهم الوحيد. فالأجر الأدنى الفلاحي لا يتعدى 55 درهم يوميا، في حين يبلغ في القطاع الخدماتي والصناعي قرابة 2000 شهريا وهو 4 إلى 10 مرات أقل من أجور أوروبا. ورغم ضعفه فالحد الأدنى للأجر لا تم احترامه من طرف 40% من المقاولات حسب نقابة الاتحاد المغربي للشغل.

ويشير تنامي الشغل غير المؤدى عنه بقوة وباستمرار(في القطاع الفلاحي، و التدريب في المقاولات)، إلى ميل نحو تهشيش شديد لوضعية قسم مهم من الساكنة النشيطة، ولا يمكن نعت العملية الجارية على أنها مؤشر لتحسن وضع سوق الشغل. بل على العكس، تشير إلى أن قرابة 3 ملايين فرد يتم اعتبارهم إحصائيا مندمجين في سوق العمل يعيشون دون موارد خاصة (إما فقراء أو مهددون بالفقر)، وبالتالي فهم ينتظرون أول فرصة للهجرة بشكل عام، نحو المدن أو خارج البلاد للعيش على الأنشطة الهامشية (يعود التوسع السكاني الحضري في الفترة بين 1994ـ 1998 بنسبة 47 % منه للهجرة القروية) وأو تقوية جيش الحالمين بالهجرة للخارج.

انتقل عدد المهاجرين من القرى صوب المدن من 67000 مهاجر سنويا بين 1960ـ1971 و113000 بين 1971-1982 في المتوسط السنوي، وانتقل إلى 167000 سنويا بين 1982ـ1994 ثم إلى 220000 حتى بداية العقد الحالي، ليصل حاليا حسب التقديرات الرسمية إلى 300000 سنويا.

و إذا اعتبرنا أن عتبة الفقر بالمغرب هي الحد الأدنى للأجر، (هناك من المؤشرات الدولية تعتبر هذه العتبة هي دخل من دولارين في اليوم، أي حوالي عشرون درخم) فسوف نجد ساكنة مهمة تحت هذه العتبة تقدر ب 37 % من السكان. ويستخلص من المعطيات المتاحة أن 1.2 مليون مغربي مفلتون من الفقر بفضل تحويلات المهاجرين.

و تشكل صورة النجاح اجتماعيا، التي يظهر بها المهاجر عند عودته لقضاء عطلته السنوية بمسقط رأسه، والتي يجتهد في إبرازها، عبر مظاهر غنى من قبيل السيارة، و الهدايا، و الاستثمار في العقار، حافزا قويا للهجرة لدى جمهور واسع من الشباب و حتى الأطفال. وفي سعي الدولة لجلب أكبر قدر من المهاجرين نحو وطنهم للاستفادة من تحويلات العملة الصعبة، تقوم وسائل الإعلام الجماهيري المرئية تغذية الاعتقاد السائد بأن الخلاص من جحيم البؤس يكمن في العبور نحو الجنة الموعودة المسماة هنا أوروبا وهناك أمريكا وهنالك اليابان. و ما هذه الهجرة إلا هروب من جحيم تعفن الرأسمالية التبعية بالمحيط الامبريالي.

أوضاع الهجرة

يبلغ الدخل الوطني الفردي لدول الاستقبال بآلاف الدولارات: فرنسا 23,67 ـ ايطاليا 20,01 ـ هولندا 25,14 ـ بلجيكا 24,63 ـ اسبانيا 14.96 ـ بريطانيا 24,50 ـ ألمانيا 25,05 ـ المتوسط العالمي 5,15 ـ وبالنسبة للمغرب فقط 1,18 ألف دولار.

لم تعد أوروبا بفعل الأزمة الرأسمالية العالمية بحاجة ماسة لمزيد تدفق للهجرة القادمة من جنوب المتوسط بكل أشكالها القانونية أو غير القانونية. ولأن الجالية المغربية المقيمة بأوروبا هي الثانية من حيث الأهمية بعد الأتراك، فهي مرشحة للتأثر أكثر بأعراض ومصائب الأزمة، خاصة صعودا كبيرا للبطالة وتشديدا لهشاشة أوضاع عملها. ويزيد من حدة ذلك إقبال مواطني دول الاستقبال على وظائف ضعيفة الأجر و هشة، كانوا يرفضونها مطلقا في السابق من جهة ووقف عملية تسويات الوضعية من جهة أخرى. أضف لذلك كون تجديد بطاقة الإقامة مرتبط بتقديم عقد عمل، و بهذا تكتمل المأساة.

لقد فقد اقتصاد أوروبا، وخاصة حلقاته الضعيفة حتى الآن، مئات الآلاف من الوظائف، وخاصة بالقطاعات المستقطبة للهجرة مثل البناء والأنشطة المرتبطة به التي تضررت بشكل قوي. ونلحظ حاليا تنامي الخطاب العنصري وموجات الترحيل والطرد، ففرنسا ترحل في السنوات الأخيرة أكثر من 20 ألف شخص سنويا، وطرد الغجر في الأيام القليلة الماضية يعد مؤشرا لما ينتظر العمال المهاجرين. وحالة إسبانيا (طردت خلال سنة 2001 قرابة 21 ألف مهاجر مغربي "سري") و لا تشد إيطاليا وبلجيكا عن القاعدة، ولأنها الدول المستقطبة للقسم الأعظم من المغاربة، فهذا ينبأ بحجم الكارثة التي تطالهم.

بلغ معدل البطالة في صفوف المهاجرين المغاربة في وضعية قانونية المقيمين في إسبانيا، نسبة 24 بالمائة، حسب دراسة نشرتها وزارة العمل والهجرة الإسبانية أخيرا، وتقول الإحصاءات الرسمية، أن عدد المغاربة الحاصلين على بطاقة الإقامة في إسبانيا يبلغ 577 ألف شخص. ويرجع ارتفاع معدل البطالة إلى ارتباط العمالة المغربية بقطاع البناء والأشغال الموسمية، وهي القطاعات التي تضررت بشكل رئيسي من الأزمة الاقتصادية التي ضربت إسبانيا.

على ضوء ما سبق يتضح أن الهجرة نحو الشمال دخلت منعطفا جديدا لا تزال معالمه غامضة حاليا، دون أن يعني ذلك تخفيفا لموجات محاولة كسر سياج الفردوس الجذاب. لأنه توجد قطاعات اقتصادية في دول الاستقبال، تحتاج ليد عاملة منخفضة الكلفة ومرنة كفاية، و في وضعية هشة (دون أوراق إقامة) لكي تقبل أعمالا صعبة تكون غالبا مؤقتة ومنبوذة اجتماعيا. يصدر هذا الطلب أساسا عن قطاعات كالفلاحة والبناء والخدمات. كما يوفر المهاجرون حاجة القطاع غير المهيكل الذي يمثل ما بين 20 و25% من الناتج المحلي الإجمالي في دول القوس اللاتيني (إيطاليا و إسبانيا). تحصل هذه القطاعات على امتيازات مالية واجتماعية من خلال توظيفها ليد عاملة تتميز بكونها طيعة وغير مكلفة. ويظل الجزاء القانوني برغم القوانين الصادرة للحد من الهجرة غير النظامية، غير رادع لأرباب العمل جراء استغلالهم المفرط لليد العاملة المهاجرة.

يدافع الرأسماليون عن عالم حيث يملك الرأسمال الحرية المطلقة في التنقل، عالم البضاعة المعممة، التي لا تقيدها لا قوانين ولا حدود، عالم الجشع لأقصى الأرباح، عالم تراكم الثروة لدى أقلية تتضاءل باستمرار، عالم حيث يسود الفقر والحرمان. هذا المسار يتجه بالطبقة العاملة بمختلف فصائلها و شرائحها و معها عموم الشعوب المضطهدة نحو الهاوية، إذا لم نواجهه بعالم عادل ومتضامن، مبني على تضامن الشعوب وتعاونها، عالم اشتراكي يضمن تلبية حاجات الانسان الأساسية و يضمن تنقل الأفراد الحر. عالم همه الرئيسي تفتح العقل البشري وإبداعه، عالم تسوده الرفاهية والأمن والسلام، من خلال نضال حازم ضد نظام أصبحت تكلفة استمراره تساوي هلاك النوع البشري.
[/b]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

الهجرة: الهروب من جحيم الرأسمالية التبعية نحو ويلات الرأسمالية المتطورة :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

الهجرة: الهروب من جحيم الرأسمالية التبعية نحو ويلات الرأسمالية المتطورة

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
»  اضطرت أمريكا وغيرها من البلدان الرأسمالية بسبب الاعصار المالي الذي حدث الي اتخاذ اجراءت مثل: ضخ للسيولة بكميات كبيرة، تخفيض معدلات الفائدة، تأميم جزئي لبعض المؤسسات المالية، وسوف تواصل النظم الرأسمالية في اصلاح هياكلها التي عفي عليها الزمن لمواكبة المتغي
» للطباعة الهروب إلى الديموقراطية..!!
» جحيم الحياد
» من التبعية الثقافية إلى الاستقلال الحضاري
»  موسم الهجرة إلى الإعلام الانتهازي

صلاحيات هذا المنتدى:تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: دراسات و ابحاث-
إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوعانتقل الى: