** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
الرئيسيةالرئيسية  الأحداثالأحداث  المنشوراتالمنشورات  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

 

  الاستثمارات الأجنبية الخاصة: عامل تنمية أم استعمار جديد؟

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
هذا الكتاب
فريق العمـــــل *****
هذا الكتاب


عدد الرسائل : 1296

الموقع : لب الكلمة
تاريخ التسجيل : 16/06/2009
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 3

  الاستثمارات الأجنبية الخاصة:  عامل تنمية أم استعمار جديد؟ Empty
16102010
مُساهمة الاستثمارات الأجنبية الخاصة: عامل تنمية أم استعمار جديد؟


الاستثمارات الأجنبية الخاصة: عامل تنمية أم استعمار جديد؟
بقلم عبد السلام أديب
يشعر كافة المواطنون اليوم بأن الاستثمارات الأجنبية الخاصة أصبحت تحيط بهم من كل جانب، فالمستثمرون الأجانب من أمثال ليديك وريضال أصبحوا بفضل الخوصصة وتحويل المديونية الخارجية الى استثمارات هم المكلفون الآن بإنارة بيوتنا وإرواء عطشنا، بل هم من أصبح ينظف حتى مجارينا المتعلقة بقنوات التطهير وهم من أصبحوا مسؤولون عن رفع أسعار فواتيرنا بمعدلات خيالية.
كما تسرب المستثمرون الأجانب عبر اتصالات المغرب وميديتيل، حتى يتمكنوا من الإشراف على مكالماتنا وأنماط اتصالاتنا، شعارهم في ذلك هاتف نقال لكل مواطن، في الوقت لا زال نصف أطفالنا تقريبا محرومون من التعليم والصحة والماء الشروب.
لقد أصبح المستثمرون الأجانب يكتسحون كل يوم مختلف القطاعات، سواء تعلق الأمر بصناعة السيارات أو السياحة أو التجارة أو الأبناك أو المناجم أو الفلاحة أو الصيد البحري، بل أصبحوا يمتلكون حتى مواقف السيارات بمدننا. ورغم كل ذلك لا زال الكثير منا يعتقد بأن مستوى إقبال المستثمرين الأجانب على بلادنا لا زال ضعيفا.
ومن دون شك أن هامش تغلغل الاستثمارات الأجنبية الخاصة سيتزايد في المستقبل القريب، بفضل الوثيرة المتسارعة لخوصصة المرافق العمومية الحساسة مثل قطاعات التعليم بأنواعه والصحة وسكك الحديد والخطوط الجوية ... الخ. فنحن نعيش الآن عصر الاختراق الكاسح للمستثمرين الأجانب.
- لكن ما مدى مساهمة هذه الاستثمارات في تنمية بلادنا التي لا زالت تصنف بعد 44 سنة من الاستقلال في المرتبة 126 في سلم التنمية البشرية وتنطوي على أعلى نسب الأمية في العالم (بحوالي 70 %)؟.
- ألا تشكل هذه الاستثمارات مظهرا آخر من مظاهر الاستعمار المتجدد، خصوصا وأننا نعيش وضعا شبيها بالفترة التي سبقت احتلال المغرب في أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين من حيث ارتفاع حجم المديونية وهشاشة البنيات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وإفلاس تدبير الشؤون العامة؟
من المعلوم أنه قبل فرض الحماية الفرنسية كان المغرب يتخبط في ازمة مالية خطيرة نتيجة تفاقم حجم المديونية الخارجية وإفلاس السياسة العامة. مما اضطر المغرب آنذاك،، فيما يشبه تحويل مديونيته الخارجية الى استثمارات أجنبية، الى فتح حدوده على مصراعيها أمام الاستثمارات الأجنبية الخاصة التي سيطرت آنذاك على المراسي، والمناجم والاستغلالات الفلاحية وتم توسيع أنشطة المستثمرين الأجانب من أمثال بنك باريس والأراضي المنخفضة و كونسرتيوم مكون من الأبناك الفرنسية وشركتا شنايدر وروتشيلد ومناجم الريف والشمال الإفريقي.
لقد سهلت هذه الاستثمارات الأجنبية فرض معاهدة الحماية على المغرب، من جهة لصيانة تلك الاستثمارات ومن جهة أخرى لردع انتفاضة بعض المغاربة الغيورين على استقلال بلادهم . لقد قيل آنذاك أن اختراق الرأسمال الأجنبي لبلادنا كان بستهدف تحديث البلاد وعصرنتها، لكن الذي وقع هو أنه بعد 44 سنة من الحماية لم يحدث سوى تطوير للتخلف وتحديث لمظاهر الاستعباد وتوزيع لأشكال الفقر.
نشكر جمعية أطاك المغرب التي أتاحت لنا من خلال هذه المائدة المستديرة أن نفتح المجال للتأمل والمناقشة وتبادل الرأي حول حقيقة الطابع البريء الذي يسنده الكثير منا للاستثمارات الأجنبية الخاصة، والاعتقاد بأن هذه الاستثمارات تشكل المفتاح السحري للتنمية. فلنعمل جميعا على فضح حقيقة هذه الاستثمارات ودينامية عملها بكل موضوعية.
لماذا كل هذا الاهتمام الذي تبديه دول العالم الثالث حاليا بالاستثمارات الأجنبية الخاصة؟ وهل هذه الاستثمارات كفيلة بالفعل بالمساهمة في تنمية بلاد العالم الثالث؟ وإذا كان الأمر كذلك فلماذا لم تنمي هذه الاستثمارات المستعمرات السابقة حينما كانت كل الظروف متاحة للمستثمرين الأجانب، من انفتاح كامل للحدود وخضوع مطلق لإرادة المستعمر؟ ثم ما هي الانعكاسات الحقيقية للاستثمارات الأجنبية الخاصة على البنيات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لدول العالم الثالث؟ وهل هناك من تشابه بين الاستثمارات الأجنبية التي تتم بين الدول المتقدمة والاستثمار الأجنبي في البلدان المتخلفة؟ ثم أخيرا هل الاستثمارات الأجنبية الخاصة عامل تنمية أم استعمار جديد مقنع غير طبيعته وإيديولوجيته ؟
سنحاول الإجابة على هذه التساؤلات من خلال ثلاث محاور حيث سيتم التطرق أولا لدوافع تصدير الاستثمارات الأجنبية الخاصة وثانيا لدوافع تعطش دول العالم الثالث إلى استقدام الاستثمارات الأجنبية الخاصة. ثم ثالثا لانعكاسات الاستثمارات الأجنبية الخاصة على بلاد العالم الثالث.
تتكون أطراف علاقات الاستثمارات الأجنبية الخاصة من أصحاب رؤوس الأموال الأجانب المستثمرين الذين يشكلون الطرف المصدر لرؤوس الأموال ثم من مستقبلي هذه الاستثمارات، سواء كانت دولا متقدمة أو متخلفة. فماهي الدوافع التي تدفع كل طرف للبحث عن الآخر؟
دوافع تصدير رؤوس الأموال للاستثمار بالخارج
قبل الحديث عن دوافع تصدير رؤوس الأموال للاستثمار في الخارج علينا أن نتساءل أولا عن طبيعة المستثمرين الأجانب؟ وعن المجالات التي يسعون إلى الاستثمار فيها؟
المستثمرون الأجانب هم بكل بساطة أصحاب رؤوس الأموال المتراكمة عبر السنين لدى عدد من الأفراد والشركات متعددة الاستيطان ولدى الأبناك دولية النشاط. ويحمل أغلب هؤلاء المستثمرين جنسيات أمريكية وألمانية وبريطانية وفرنسية ويابانية .... ويوجد هؤلاء المستثمرون في وضعية تنافسية على الصعيد الدولي من أجل توظيف أموالهم وتحقيق تراكم رأسمالي يتزايد باستمرار في ظل منظومة رأسمالية يتحكمون في أطرافها السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ويحقق هذا التحكم بطبيعة الحال كل من مجموعة الدول السبعة الأكثر تصنعا وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة الدولية ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية ومجلس الأمن والحلف الأطلسي.... الخ.
ويمكن التمييز هنا بين نوعين من المستثمرين، فهناك مجموعة أولى تهتم بالاستثمار في ما يسمى بالمحفظة المالية، بينما تهتم المجموعة الثانية بالاستثمار في مختلف الأنشطة الاقتصادية من فلاحة وصناعة وخدمات... الخ.
فالمستثمرون في المحفظة المالية ينتظمون في عدة أشكال مؤسسية كالمؤسسات البنكية التجارية والمؤسسات المالية غير البنكية مثل شركات التأمين وصناديق التأمينات الاجتماعية وصناديق المعاشات. وتعمل هذه المؤسسات في أنشطة الخدمات المالية المتنوعة كتعبئة المدخرات المالية واعادة إقراضها وادارة الأصول المالية .... وقد خفت حدة المنافسة بين هذه المؤسسات منذ أوائل عقد الثمانينات نظرا للجوئها الى تكوين ما يسمى بصناديق الاستثمار. وهي صناديق لا يزيد عدد المشتركين فيها عادة عن مائة مشترك ولا تقل حصة العضو فيها عن حد معين (عدة ملايين من الدولارات). وتقوم بتوظيف ما يتجمع لديها من أموال في عمليات هائلة للاستثمار والمضاربة المالية، كالمضاربة على الأوراق المالية، وعلى العملات الأجنبية، وعلى المشتقات المالية، وقد أصبحت هذه الصناديق بفضل ما تجمع لديها من أرصدة مالية هائلة المستودع الحقيقي لرأس المال في العالم.
ويكفي في هذا الإطار، أن نشير الى أن الصناديق الأمريكية للاستثمار أصبحت تدير بمفردها مدخرات وأموال مؤسسات المعاشات والتقاعد تزيد عن 8 ترليون دولار.(تعلمون أن ترليون واحد من الدولارات يبلغ ألف بليون دولار أو ما يعادل مليار من المليارات من الدولارات) وقد استطاعت هذه الصناديق بفضل ما تملكه من مهارات وفنون وأساليب في المضاربة من تحقيق معدلات ربح من رقمين، تصل في بعض الأحيان الى 90 % .
وقد مكنت السياسات الليبرالية الجديدة وعمليات التحرر من القوانين والضوابط الحكومية والخوصصة وتحرير الأسواق المالية وعولمتها، هذه المؤسسات من اختراق أي سوق تراه مؤهلا لجني الأرباح السريعة منه. وقد ساعدها على ذلك بالطبع التكنولوجيات الحديثة وثورة الاتصالات والابتكارات المالية المتسارعة.
فصناديق الاستثمار التابعة للولايات المتحدة الأمريكية استطاعت أن تتحكم بمفردها في نصف الرأسمال المالي الدولي، بينما تتحكم الشركات اليابانية في 14 % والشركات البريطانية في 9 %، والشركات الفرنسية في 6 % والشركات الألمانية في 5 % من كل ذلك.
والملاحظ أن كل تغيير في سياسة توظيف المبالغ الهائلة التي تتحكم فيها صناديق الاستثمار ولو كان طفيفا يقود حتما الى عواقب غير مسبوقة في الأسواق الأجنبية. فتحويل 1 % من عائدات استثمارات هذه الشركات لبلدان مجموعة السبعة " يشكل مبلغا يساوي 27 % من رسملة جميع أسواق دول النمور الآسيوية وجزءا من أكثر من 66 % من رسملة جميع الأسواق المالية الناشئة في أمريكا اللاتينية".
كما يؤدي الطابع المتفجر لهذه المبالغ المالية الهائلة الى اختلالات حتى في الدول المتقدمة مثل أزمة سنة 1993 حينما انفجرت أزمة الفرنك الفرنسي والجنيه الاسترليني والتي كان من ورائها كبار المضاربيين من أمثال جورج سوروس. وبدلا من أن تقوم المؤسسات المالية الدولية، باتخاذ اجراءات للوقاية من مخاطر السوق في مواجهة قرارات مجموعة صغيرة من المضاربيين العابثين بمبالغ ضخمة، فإن كل الضغوطات تمارس في اتجاه تحرير أكبر لحركة رؤوس الأموال..
أما بالنسبة للمجموعة الثانية من المستثمرين الأجانب في الأنشطة الاقتصادية "الكلاسيكية"، المنتجة للسلع والخدمات. فيتمثل أغلبها في المقاولات متعددة الاستيطان والتي يصل عددها حاليا حسب الأمم المتحدة حوالي 44.000 وحدة وتتحكم في 280.000 شركة فرعية عبر العالم.
وقد بلغ حجم استثمارات الشركات متعددة الاستيطان خلال سنة 1997 ما قدره 3.500 مليار دولار، وهو ما يشكل 17 % من مجموع رأس المال المالي العالمي. وتعتبر هذه الاستثمارات الأجنبية المباشرة هي أقل تبخرا كما تعرف تطورا متواصلا، سواء تعلق الأمر برؤوس الأموال المتأتية من الخارج (الدخول) أو الموظفة في الخارج (الخروج).

توزيع حركة الإستثمارات الأجنبية المباشرة
الدخول والخروج
بالمليون دولار [right]

نسبة النمو
1985-1997

1997

1990

1985

حجم
الاستثمارات

الجهة

+363

3.455.509

1.726.199

754.171

الدخول

العالم

+413

3.541.384

1.690.080

690.423

الخروج


+290

720.793

394.911

184.615

الدخول

الولايات المتحدة

+261

907.497

435.219

251.034

الخروج

الأمريكية

+328

274.369

218.213

64.028

الدخول

بريطانيا

+312

413.229

230.825

100.313

الخروج


+600

33.164

9.850

4.740

الدخول

اليابان

+543

284.605

204.659

44.296

الخروج


+273

137.731

111.231

36.926

الدخول

المانيا

+444

326.028

151.581

59.909

الخروج


+422

174.152

86.514

33.392

الدخول

فرنسا

+512

226.799

101.126

37.077

الخروج


Source: Nation Unies, World Investment Report 1997 et 1998


يتيح هذا الجدول ملاحظة المكانة المهيمنة للولايات المتحدة الأمريكية في نفس الوقت كمصدر للاستثمارات الأجنبية الخاصة وكهدف لهذه الأستثمارات (21 % من الاستثمارات الداخلة و26 % من الاستثمارات الخارجة). نلاحظ كذلك بالأرقام الحقيقية كيف ضلت اليابان مغلقة في وجه الاستثمارات الأجنبية الخاصة رغم النمو الذي عرفته خلال 11 سنة ( 600 %)
وقد كانت الشركات متعددة الاستيطان في اطار التقسيم الدولي التقليدي للعمل، أي التقسيم الذي ساد قبل عقد السبعينات، تركز من جهة على الاستثمار في المواد المنجمية والنفطية والغذائية في دول العالم الثالث، بينما كانت تركز استثماراتها في الدول المتقدمة وشبه المتقدمة على الاستثمار في الصناعات الحديثة. لكن مع دخول عقد السبعينات وتزايد وتيرة الاحتكار على الصعيد الدولي، أصبحت طبيعة استثمارات هذه الشركات في بلاد العالم الثالث تتحول نحو الاستثمار في مجال الصناعات التحويلية وقطاع الخدمات والمضاربة المالية، وذلك من خلال تقسيم دولي جديد للعمل يتسم باحتكار مطلق لمناطق الانتاج ولأسواق التصريف على المستوى العالمي.
وأشير هنا الى أن الاستثمار في الدول المتقدمة يختلف عن الاستثمار في بلاد العالم الثالث لكون الاستثمار بين الدول المتقدمة يتم بين دول متكافئة في النمو والقوة ويحدث بدون شروط مسبقة اللهم شروط الدولة المستقبلة. أما استثمارات الدول الرأسمالية المتقدمة في دول العالم الثالث فيتم بدون ضوابط اللهم ضوابط الطرف الأقوى وشروط المستثمرين الأجانب ونادرا ما يكون لهذه الاستثمارات وقع تنموي حقيقي على الدول المستقبلة لتلك الاستثمارات إن لم يكن يؤدي الى تحويل الفائض الاقتصادي المحلي نحو دول الشمال.
تلك إذن هي باختصار شديد الصورة الاجمالية للمستثمرين الأجانب، فما هي الآن الدوافع التي تدفع هؤلاء المستثمرين الى تصدير رؤوس اموالهم للاستثمار بالخارج؟ ولماذا لا يتم الاكتفاء باستثمار هذه الأموال في مواطنها الأصلية؟.
هناك الكثير من الاقتصاديين الذين تحدثوا عن هذه القضية، ويتفق أغلبهم على ارجاع هذه الدوافع الى دافع رئيسي يتمثل في الأزمة الهيكلية الداخلية للنظام الرأسمالي ومحاولات الخروج منها، وتشكل العلاقة الجدلية القائمة بين الأزمة وسبل تدبيرها المحور المحرك لدينامية النظام الرأسمالي وتطوره.
إذن ما هي حقيقة الأزمة الهيكلية للنظام الرأسمالي؟ وما هي سبل تدبيرها؟ وكيف شكل ذلك مصدرا لتطور النظام بدلا من أن يشكل سببا في انهياره؟
1 - الأزمة الهيكلية للنظام الرأسمالي وسبل تدبيرها:
هناك حقيقة أكدتها مختلف المدارس الاقتصادية، كالمدرسة الكلاسيكية والمدرسة الماركسية والمدرسة الكينيزية على الرغم من اختلاف منطلقاتها وتوجهاتها، وتتمثل هذه الحقيقة في أن معدل الربح يتجه في النظام الرأسمالي في الأجل الطويل نحو التدهور.
وتؤكد هذه الظاهرة ما يعرف بنظرية الدورة الاقتصادية، سواء القصيرة الأمد المكونة من ثلاث سنوات (مثل دورة كيتشن) أو المتوسطة المكونة من عشر سنوات (مثل دورة جاجلر ) أو الطويلة المكونة من خمسين أو ستين سنة (مثل دورة كوندراتيف)، فنظرية الدورة الاقتصادية تفسر باتجاه معدل الربح نحو التناقص، حيث تبدأ الدورة الاقتصادية عموما بمرحلة قصيرة نسبيا من الإزدهار تم يليها بعد ذلك مرحلة طويلة نسبيا من الأزمة. من هنا صيغت المقولة الشهيرة التي تؤكد على أن تاريخ الرأسمالية عبارة عن سلسلة من الأزمات الدورية.
وعلى العموم فإن اتجاه معدل الربح نحو التناقص على المدى الطويل يحدث نتيجة التفاوت بين قدرة النظام الرأسمالي الكبيرة على الانتاج والتراكم المالي من جهة // وبين التدهور الكبير في القدرة على التصريف والاستهلاك نتيجة سوء توزيع الدخل الوطني وتدهور القدرة الشرائية لدى العمال الذين يشكلون القوة الاستهلاكية الرئيسية للنظام من جهة أخرى. وتتجسد الأزمة في انتشار الكساد وتجميد الاجور وتسريح المئات من العمال وتفاقم حدة البطالة وتراجع مستوى الاستثمار وتفاقم معدلات التضخم. من هنا يشرع النظام في البحث عن سبل تدبير أزمته بدلا من علاجها، حيث يكون الهدف هو انتاج نفس الشروط السابقة للإنتاج والتراكم على الصعيدين الداخلي والخارجي ثم السقوط بعد ذلك في ازمة جديدة.
ويشكل التفاوت الدائم بين القدرة الهائلة على زيادة حجم الانتاج وبين القدرة المحدودة على تصريف المنتجات، تناقضا أساسيا يهدد النظام الرأسمالي بعدم التوازن وبصعوبات تكرار الانتاج الموسع واندلاع الأزمات، لذلك يصبح تصريف فائض الانتاج داخل الاقتصاد الرأسمالي مع مرور الوقت مستحيلا. لذا فإن حل هذا التناقض يصبح بالاساس خارجيا، أي خارج دائرة الاقتصاد الوطني، وفي بيئات غير رأسمالية، أي في مناطق وبلاد لم تتحول بعد الى النظام الرأسمالي، لأنه لو تمت محاولة التصريف في بيئات رأسمالية مماثلة ، فإن المشكلة تستفحل أكثر.
من هنا يمكن ملاحظة أن توسع النظام الرأسمالي خارجيا وسيطرته وإخضاعه للبلاد الأقل تقدما في آسيا وافريقيا وأمريكا اللاتينية قد أضعف، الى حد بعيد، من الميل المتأصل في الرأسمالية نحو الركود والبطالة والأزمات. لذلك فإن الازدهار والاستقرار الإقتصاديين الذي عاشته الدول الرأسمالية الكبرى خلال الحقبة الاستعمارية كان رهينا بمدى توسعها وسيطرتها على شعوب أخرى.
فغزو المناطق غير الرأسمالية وجعلها تقوم بدور المنافذ المعوضة، وتكييفها لكي تحد من ميل معدل الربح نحو التدهور في العواصم الاستعمارية تطلب جعل أسواق هذه المناطق تبادلية. ولهذا عملت الرأسمالية الاستعمارية على تحطيم الاقتصاد الطبيعي في تلك المناطق وتدعيم علاقات الملكية الخاصة، واجبار سكانها على استعمال النقود وتوسيع العلاقات السلعية النقدية، وإغراقها في الديون الخارجية لإخضاعها.
ومن دون الدخول في التفاصيل فإن الشواهد التاريخية تؤكد على مدى تطرف الحلول التي لجأت اليها الرأسمالية، للتخفيف من تناقضاتها وتخفيف أزماتها الهيكلية الداخلية، فالاستعمار والحروب شكلت الحلول الأكثر تطرفا حيث كانت تؤدي الى تهجير أعداد ضخمة من الموارد البشرية للتخفف من حدة الانفجارات الاجتماعية كما كانت البلاد المستعمرة مجالا حيويا لاستيراد المواد الأولية وأسواقا لتصريف المخزون من الانتاج السلعي الفائض ومجالا لاستثمار رؤوس الأموال الفائضة.
ورغم انتهاء فترة الاستعمار المباشر ضل تصدير رؤوس الأموال الى الخارج بمثابة الحل السحري للحفاظ على توازن النظام الرأسمالي وحمايته من الانهيار لذلك يتركز كامل اهتمام الدول الصناعية الكبرى اليوم على الدفاع عن استراتيجية اقتصادية تضمن من خلالها انفتاح جميع دول العالم أمام رؤوس أموالها وسلعها التي تشرف عليها شركاتها متعددة الاستيطان. ويقف اليوم وراء بلورة وتطبيق واستمرارية هذه الاستراتيجية كل من مجموعة الدول السبعة الأكثر تصنعا والمؤسسات المالية والاقتصادية الدولية كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي والمنظمة الدولية للتجارة ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية وكذا المؤسسات الأمنية والعسكرية كمجلس الأمن والحلف الأطلسي.
إن شروط تحقيق التراكم الرأسمالي تتطلب كما هو الشأن في اطار حدود الدولة الأمة وجود مناخ ملائم لاستغلال اليد العاملة والموارد الطبيعية والاراضي اللازمة، نفس الشيئ أصبح يتحقق تدريجيا على الصعيد العالمي عبر تكييف مختلف البلاد المتخلفة مع هذه الشروط في ظل ما يعرف بسياسات التقويم الهيكلي. لذلك تحرص المراكز الرأسمالية الكبرى على اقناع بلدان العالم الثالث باتاحة الامتيازات والضمانات والحوافز الكافية لاستقبال استثماراتها الخارجية.
وبالفعل فقد شكل تزايد المزايا والضمانات والحوافز المخولة للاستثمارات الأجنبية الخاصة في البلاد المتخلفة منذ أواخر عقد الثمانينات، -كامكانية تحويل الأرباح الى الخارج والمزايا الجبائية المتعددة ورخص اليد العاملة والأراضي والمواد الأولية ..الخ-، وسيلة ناجعة لإيجاد مخرج لأزمة تراكم رأس المال في الحدودالاقليمية للدول الرأسمالية الكبرى. فبعد أزمة النظام التي عاشتها هذه المراكز منذ بداية عقد السبعينات والتي كانت وراء تردي معدلات الأرباح في مختلف فروع الأنشطة الاقتصادية، بدأت مظاهر الانتعاش تعود اليها مع بداية عقد التسعينات كما بدأ هذا الانتعاش يتكرس أكثر في النصف الثاني من هذا العقد. فقد لعب تصدير رؤوس الأموال دورا مركزيا في تراجع ظاهرة تدهور معدلات الربح.
وتتمتع الاستثمارات الأجنبية الخاصة بدعم كبير من طرف المؤسسات المالية الدولية وبالذات من طرف البنك الدولي ومجموعته، حيث لوحظ أن البلاد التي تطبق سياسة الترحيب بالاستثمارات الأجنبية الخاصة، أصبحت من أكثر الدول استفادة من قروض تلك الهيئات. وهي قروض تتوجه عادة لإقامة وتنمية مشروعات البنيات الأساسية كمشروعات توليد الطاقة ومحطات المياه والمواصلات والطرق والمجاري والري والصرف والموانئ ...الخ، وهي مشروعات ترفع من انتاجية النشاط الاستثماري عموما، محليا كان أم أجنبيا. وهذا الى جانب دور قروض التقويم الهيكلي التي يقدمها البنك الدولي ودورها الهام في خلق البيئة الملائمة لنشاط القطاع الخاص بصفة عامة.
كما تتدخل المؤسسات المالية الدولية في الكثير من الأحيان لإحباط اتجاهات بعض حكومات البلدان النامية لوضع معايير أداء غير اقتصادية أو قيود أخرى على الشركات الأجنبية، حيث تعتبر أن هذه التدابير قد تقلل من فوائد المشروع. وقد أصبح حاليا لتلك المؤسسات دور نشيط وفاعل في اجتذاب المستثمرين الأجانب الى الدول المدينة من خلال المشاركة معهم.
و تجب الاشارة أيضا الى الدور الذي تقوم به الوكالة المتعدد الأطراف لضمان الاستثمار التي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

الاستثمارات الأجنبية الخاصة: عامل تنمية أم استعمار جديد؟ :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

الاستثمارات الأجنبية الخاصة: عامل تنمية أم استعمار جديد؟

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: استـــراجيــات متحـــــــــــــــولة يشاهده 478زائر-
انتقل الى: