** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
الرئيسيةالرئيسية  الأحداثالأحداث  المنشوراتالمنشورات  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

 

 حين يهطل المطر في الجحيم

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
سبينوزا
فريق العمـــــل *****
سبينوزا


عدد الرسائل : 1432

الموقع : العقل ولاشئ غير العقل
تعاليق : لاشئ يفوق ما يلوكه العقل ، اذ بالعقل نرقى عن غرائزنا ونؤسس لانسانيتنا ..

من اقوالي
تاريخ التسجيل : 18/10/2009
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 5

حين يهطل المطر في الجحيم  Empty
04072015
مُساهمةحين يهطل المطر في الجحيم

في مشاركة سابقة (هنا) استعرضنا وضع كوكب الزهرة-توأم الأرض في الحجم و الكثافة- من حيث موقعه بين كواكب المجموعة الشمسية الأخرى، و اجوائه التي هي أقرب ما تكون إلى الجحيم ... و من خلال السباق المحموم الذي يقوم بين الدول الكبرى لإيجاد فسحة للعيش خارج الأرض في حال تعرض هذه لكارثة بيئية طبيعية أو صناعية، و ما نشهده يوميا من بعثات استكشاف للقمر و المريخ وسابقا للزهرة، نظرا لأن التنافس و التزاحم و الجهاد بين هذا الدول قد أخذ منحى آخر غير ما نعهده من جهاد الطوائف و الأديان، فقد طرحت مشاريع لاستعمار كوكب الزهرة بطرق ذكية لأول مرة، نستعرضها في هذه المشاركة:

تفتقر بعض جزر البحر المتوسط إلى ينابيع المياه الطبيعية الصافية, كما يتبعثر سكانها متباعدين في كافة الأنحاء بشكل يتعذر معه إنشاء شبكات مياه الشرب, أو نقل هذه المياه بالشاحنات إليهم. يلجأ السكان عادة إلى تجميع مياه الأمطار في أحواض وخزانات, ويحافظون على المياه نقية من العضويات المجهرية الملوِّثة بأن يربوا ثعابين الماء فيها, فتقوم هذه الثعابين بالتهام العضويات الدقيقة التي تشبع بها المطر أثناء هطوله, والتي تؤدي إلى تلوثه وفساده أثناء التخزين.
عندما يموت ثعبان الماء, تنتشر رائحة كريهة من الحوض تدل على أن هذه العضويات قد عادت إلى التكاثر دون قيد, فيلجأ مالك الحوض إلى تفريغه من الماء الفاسد وتنظيفه, ثم يعيد تعبئته بالماء النظيف, ويضع فيه ثعبان ماء حياً نشيطاً من جديد.
إن العضويات الحية ذات الرائحة الكريهة, هي الأقدم والأكثر انتشاراً بين جميع أصناف الحياة على الأرض. من بين جميع هذه العضويات الدقيقة الحية, تبدو الأشنات الدقيقة أكثرها قدرة على الحياة تحت أقسى الظروف, وتكفيها أقل كمية من الماء لتعيش وتتكاثر. لقد وجد بعضها في خزانات وقود الطائرات النفاثة يعيش متكاثراً في الوقود, غير عابئ بالفرو قات الكبيرة بين درجات الحرارة والضغط التي يتعرض لها بين كل إقلاع وهبوط للطائرة. كما وجدت مجموعات أخرى من الأشنات حية في مياه التبريد المستعملة في المفاعلات النووية تحت ظروف يتعرض فيها الإنسان للموت فوراً بتأثير الإشعاع.
بعض هذه الأشنات يعيش في جليد المناطق القطبية حيث تبلغ درجة الحرارة سبعين درجة تحت الصفر, وبعضها يعيش في قوالب الجليد سنين عديدة, وقد ظهر بعضها في ينابيع المياه الحارة التي تزيد درجة حرارتها حوالي مائتي درجة عنها في المناطق القطبية الباردة.
من بين جميع الأشنات المعروفة تبدو المسماة (سيانوفيتا Cyanophyta) أكثرها تأقلماً على العيش في أقسى ظروف البيئة.
يعتقد كثير من العلماء أن (السيانوفيتا) هي أولى صور الحياة البدائية التي ظهرت على سطح الأرض. إنها ليست نباتاً ولا حيوانا, لكنها تجمع صفات الاثنين معاً، فبالرغم من أن تكاثرها وحيد الجنس, مثلها في ذلك مثل البكتيريا التي تحدرت منها الحيوانات كثيرة الخلايا, فإنها تفتقر إلى النواة التي تميز الخلية الحيوانية, مما يرجح الاعتقاد بأن الأشنيات هي أسلاف كل من البكتيريا, والحيوانات وحيدة الخلية معا, اللتين تفرعت عنهما كافة أصناف الحياة فيما بعد.
لم يكن الغلاف الجوي للأرض قبل ثلاث مليارات من السنين غنيا بالأوكسجين كما هو الآن, بل كان يتكون أساسا من ثاني أوكسيد الكربون والأمونياك والميتان. كانت الأشنيات القابعة في أعماق البحار حينئذ تستعين بأشعة الشمس الضعيفة المتسربة إليها على مهاجمة ثاني أوكسيد الكربون وتفكيكه إلى مركبيه: الكربون, والأوكسجين.
لقد ازداد تركيز الأوكسجين المتصاعد من البحر في أجواء الأرض مع استمرار هذه العملية الأمر الذي أدى إلى انقشاع غمامة الأمونياك والميتان تدريجيا فيما بعد.
إن زيادة تركيز الأوكسجين في جو الأرض, ساهم إلى حد بعيد في نشوء وارتقاء أصناف جديدة من النباتات, وقامت هذه بدورها أيضاً في تفكيك كميات مضاعفة أخرى من ثاني أوكسيد الكربون خلال عملية التمثيل الضوئي, فكان تركيز الأوكسجين في الغلاف الجوي على الأرض يتضاعف يوما بعد يوم, مع ازدياد أعداد وأنواع النباتات الناشئة.
هذه القدرة الفائقة التي تتمتع بها الأشنات على البقاء و التكاثر السريع في أقسى الظروف البيئية, أقنعت مجموعة من العلماء بأن زرعها في أجواء الزهرة, هو الحل العملي والناجع لتكييف هذه الأجواء بما يناسب الحياة العضوية المعروفة على الأرض.
لذلك فقد وضعت خطة تتميز ببساطتها وقلة تكاليفها لإعادة تكييف جو الزهرة وفقا لذلك. تتلخص الخطة بوضع بضع عشرات من مركبات الفضاء المسيرة آلياً في مدارات متعاكسة حول كوكب الزهرة, تشحن المركبات بقذائف صاروخية, كل قذيفة تحوي الملايين من الأشنات, وتقوم المركبة بإطلاق قذيفة كل (30) ثانية. ما إن تخترق القذيفة غمامة ثاني أوكسيد الكربون المحيطة بالكوكب حتى تنفجر آلياً مطلقة الأشنات في الجو, فتباشر الأخيرة مهمتها في التهام ثاني أوكسيد الكربون و التكاثر فوراً, وتأخذ الغمامة الخانقة المحيطة بالكوكب بالانقشاع تدريجياً, فلا يمر عام على بداية المشروع حتى تصبح أجزاء من سطح الكوكب مرئية من خلال المراصد الأرضية.
إن معدل تكاثر الأشنات هو مفتاح نجاح الخطة و يتم وفق متوالية هندسية تتضاعف فيها الأعداد دوماً كالتالي: (1, 2, 4 , 8, 16, 32, 64..) فإذا ابتدأ التكاثر برقم كبير, فإنه سيتضاعف إلى أرقام كبيرة جداً خلال فترة وجيزة. لتوضيح هذه الفكرة نسرد الحكاية التالية:
أراد أحد ملوك الشرق أن يكافئ رجلا من رعاياه لخدمة أداها وترك له أن يحدد المكافأة التي يريد, وقد دهش الملك عندما سمع أمنية الرجل, إذ طلب أن تحضر رقعة الشطرنج التي تتألف من أربع وستين مربعا, وأن توضع حبة قمح في المربع الأول, وحبتان في الثاني, وأربعة في الثالث.. وهكذا وفق المتوالية الهندسية المذكورة, بحيث تكون أمنيته كمية القمح التي ستتجمع في المربع الأخير. أرسل الملك في طلب كيس من القمح ظاناً أنه يكفي طلب الرجل, وأمر بمباشرة توزيع الحصص على مربعات الرقعة, لكنه لم يلبث أن أمر بالتوقف عن العد, إذ تبين له أن عدد الحبات التي ستكون من حصة المربع الأخير تفوق إمكانية موسم مملكته كلها من القمح, والواقع أن نتيجة ضرب العدد (2) بنفسه (63) مرة هي (92233072063854775808) وهو رقم يصعب تصوره ناهيك عن تأمين ما يساويه من حبوب القمح.بهذه الطريقة العددية ستتكاثر الأشنات في أجواء الزهرة لأن عددها سيكون كبيراً منذ البداية, بعكس ما حصل على الأرض حيث وجدت هذه الأشنات في البداية مبعثرة بكميات ضئيلة وفي أصقاع متباعدة, فاستغرقها الأمر حوالي ملياري سنة منذ هجومها الأول على الغلاف الغازي لالتهام ثاني أوكسيد الكربون, وحتى نشوء لحياة الراقية.
لقد أصبح من المؤكد الآن أن الأشنات ستعيش وستتكاثر في بيئة غنية بثاني أوكسيد الكربون كبيئة الزهرة, فقد أجريت تجارب عديدة منذ عام (1970) لاختبار مقاومة أنواعها المختلفة لظروف بيئية مماثلة. وكانت النتيجة نجاحاً باهراً فقد وُجد أن حقن مليون خلية من الأشنات أدى في الظروف المذكورة إلى ازدياد نسبة الأوكسجين بمعدل(380%) كل يوم. كما أمكن من خلال هذه التجارب اختيار أفضل أنواع الأشنات الملائمة لبيئة الزهرة, وهي نوع يظهر في الينابيع الحارة في الأرض يدعي ( سيانيديوم كالداريوم CYANIDIUM. CALDARIUM).
إذا أمكن زيادة نسبة الأوكسجين في جو الزهرة بمعدل (380%) يومياً , فلن يمضي وقت طويل حتى تنقشع غمامة ثاني أوكسيد الكربون المحيطة بالكوكب ليحل الأوكسجين محلها, متيحاً الفرصة لأشعة الشمس تحت الحمراء التي كانت محتجزة تحت الغلاف الغازي الكثيف لتتسرب من أجواء الكوكب إلى الفضاء الخارجي الأمر الذي سيؤدي إلى انخفاض ملحوظ في درجة الحرارة على السطح, فيتجمع بخار الماء ليشكل سحابات ممطرة هائلة، فأجواء الزهرة تحوي من أبخرة الماء ما يسمح بهطولات تقدر بـ(250 مم) تتوزع على كامل سطح الكوكب. إن هطول المطر سيسرع في انقشاع الغيوم مخلفاً بعده جواً غنياً بالأوكسجين, ملائماً لاستيطان بعض النباتات و الحيوانات الأرضية, كما سيؤدي إلى تشكل البحار و المحيطات فوق الوديان و السهول و الأراضي المنخفضة مهيئاً الفرصة لاستمرار الدورة المطرية التي ستؤدي إلى ازدهار الحياة.
بعد انقشاع الغيوم عن الكوكب, وبزوغ الشمس في سمائه لأول مرة, ستتفاعل أشعة الشمس في الطبقات العليا من جوه في طبقة ( الستراتوسفيرSTRATOSPHERE) مشكلة طبقة من الأوزون تمتص أشعة الشمس فوق البنفسجية التي تشكل خطراً على الكائنات الحية, والتي لابد من امتصاصها للتنقل بحريّة على سطح الكوكب, دون ألبسة الفضاء الواقية.
يميل بعض كتاب الخيال العلمي إلى تسمية الهطول المطري الأول على الزهرة بالهطول الكبير (BIG RAIN) لغزارته الهائلة, ولا ننسى أن ارتفاع درجة حرارة سطح الكوكب التي تبلغ حوالي (480م˚) ستحول دون ملامسة الاندفاع المطري الأول للسطح, إذ أن الهطول سيتبخر عندما يقترب من أرض الكوكب ويعود أدراجه إلى الأجواء العليا من الكوكب، لكن تبادل الحرارة بين المناطق القريبة من السطح المتوهج ومياه الأمطار الباردة ستؤدي إلى انخفاض درجة الحرارة قليلاً عند الصدمة الأولى, ربما بحدود (40) درجة مئوية.
لن تتوقف عملية التمثيل الضوئي في هذه الأثناء, بل سيستمر تفكك ثاني أوكسيد الكربون محرراً الأوكسجين في الجو, وسيستمر تركيب الكربوهيدرات (CARBOHYDRATES) من الأوكسجين و الهيدروجين و الكربون مخلفا بذلك الحساء العضوي الذي سيكون مقدمة نشوء الحياة النباتية على سطح الكوكب. سرعان ما ستتبرد الغيوم التي تراجعت إلى الأجواء العليا ويعود الهطول من جديد, لكن مياه المطر ستقترب هذه المرة من سطح الكوكب أكثر, فتؤدي إلى انخفاض أكبر في درجة حرارة السطح, ربما بحدود (70 م˚).
بتكرار محاولات الهطول المطري ليلامس السطح, ثم عودته إلى الأعلى ليبرد ويعيد الكرة من جديد, ستنخفض درجة حرارة السطح تدريجياً, كما ستنقشع غمامة ثاني أوكسيد الكربون, وأخيراً عندما تصبح درجة حرارة السطح حوالي (90 م˚) أو أقل, سترتطم المياه المنهمرة على السطح أخيراً محولة القفار التي لم يسبق لها أن عرفت الماء, إلى طين تغدق من خلاله الأنهار المحملة بالأتربة, وتتخلله البحيرات والبرك الحارة. سيتشقق سطح الكوكب بتأثير الصدمات الحرارية المتكررة أثناء محاولات الهطول المطري الأولى, فتتسرب المياه من الشقوق, ومن الطبقات النفوذة للقشرة السطحية, وتتجمع في آبار, لتتفجر ينابيع على سطح الكوكب فيما بعد. كل ذلك سيهيئ البيئة اللازمة لاستقبال الحياة العضوية الأولى.
أما مكافأة الجنس البشري على استصلاح الكوكب فستكون مجزية فعلاً, إنها عالم كامل توأم لعالم الأرض يقدَّم هدية لسكان الأرض!
لقد اقتُرحت خطط عديدة لتكييف بيئة الكواكب المتاخمة للأرض بدءاً من عام (1950), لكن هذه الخطط جميعها معقدة ومكلفة, تعتمد على أن تتوفر للكوكب المراد استصلاحه حياة نباتية من نوع ما في الأصل قبل المباشرة بالمشروع, أو على إجراء تغييرات هندسية واسعة تتناول بيئة الكوكب بالكامل, وتتطلب مبالغ طائلة لن يكون بالإمكان تأمينها خلال مئة سنة قادمة. أما المشروع الذي استعرضناه لاستصلاح الزهرة فيمكن تمويله قبل منتصف المئة الحادية والعشرين للميلاد آخذين تنامي الثروة لدول الأرض مع تقدم مدنياتها بعين الاعتبار.
يرتاب بعض العلماء بوجود نوع من الحياة على الزهرة غير معروف على الأرض, ففي أجواء الكوكب العليا (على ارتفاع 60 كم) تتوضع طبقة باردة يمكن أن تحتوي على بلورات الجليد فوق غمامة من رذاذ الماء, يعتقد البعض بوجود حيوات غير مألوفة فيها يمكن تشبيهها بكريّات هلامية رخوة, يتراوح حجمها بين حجم كرة الطاولة وكرة القدم.
تتحرك هذه الكائنات وتنتقل في سماء الزهرة باستخدام مبدأ الدفع النفاث, فتمتص الغاز الرطب من جهة, وتنفثه في الاتجاه المعاكس. يتوقع أن تكون تغذية هذه الكائنات قائمة على غاز ثاني أوكسيد الكربون, مما يعني أن تفكيك هذا الغاز تمهيداً لإعمار الكوكب سيأتي على مصادر تغذيتها ويفنيها. بمعنى آخر, فإن الإنسان سيرتكب إبادة جماعية ضد كائنات تستوطن تلك الأجواء. لقد اتخذ الخيال العلمي لنفسه مادة خصبة من هذا الافتراض, فلا بد لنا من أن نوضح بادئ ذي بدء أن كوكب الزهرة, كما نعرفه اليوم لا يمكن أن يحمل على ظهره أو في أجوائه أي نوع من أنواع الحياة العاقلة, وأن نوع الحياة الذي يشتبه في وجوده هناك لا يتعدى في تطوره الأميبا, أو الرخويات الأولى التي ظهرت على سطح الأرض, وبالتالي فإن افتراض وجودها لا يمنع تهيئة عالم جديد لاستقبال إنسان المستقبل الذي سيكون مؤهلاً بما يحمله من تقدم علمي وأخلاقي للتعامل معها بالطريقة الأفضل.
إن تهيئة الزهرة للاستيطان لا يعني أن تكون مجهزة بكل وسائل الراحة و الرفاهية التي ينشدها الإنسان على الأرض. فلأسباب لا تزال مجهولة يدور الكوكب ببطء شديد حول نفسه ليبلغ طول يومه (118) يوماً أرضياً. أي أن ليلة على الزهرة تعادل شهرين أرضيين, وكذلك الأمر بالنسبة للنهار.
تختلف الزهرة عن الأرض, ولأسباب لاتزال مجهولة أيضاً, في اتجاه دورانها حول نفسها, فالشمس تشرق على الزهرة من الغرب و العكس بالعكس.
لاشك أن ليل الزهرة بعد استصلاحها سيسوده البرد والصقيع, كالليل القطبي على سطح الأرض, مما سيضطر المهاجرين في البداية إلى إقامة معسكرات ليلية وأخرى نهارية في نقاط متقابلة على خط استواء الكوكب, يمكن التنقل بينهما باستخدام الطائرات أوالسكك الحديدية مثلاً, وبذلك يتسنى لهم العيش في نهار دائم إذا أرادوا, إلا أن طبيعة العيش هذه تقتضي القيام برحلة مقدارها (16000 كم) كل شهرين, يمكن تسميتها برحلة (الليل و النهار), فهي أشبه بحياة البداوة, ولا تشجع على إقامة مدنية مزدهرة تنم عن العصور الإنسانية المقبلة, وعن ثقة الإنسان بنفسه, إلا إذا بذلت جهود ونفقات كبيرة لإنارة الأبنية والشوارع وتحويل ليلها إلى نهار.
هذه صورة لولادة عالم جديد, صورة لمهاجرين رحلوا إلى عالم بعيد يحملون في جعبتهم تراثاً مدنياً عريقاً من الأرض, مخلفين وراءهم شبح المجاعة والحرب والبؤس والتلوث, فهل سيكتب لهم النجاح والاستقرار؟ أم ستطاردهم الأشباح التي حسبوا أنهم خلفوها وراءهم على الأرض, لتنعكس في البداية على شكل نزاعات مع الحكومات الأرضية عندما يكون عدد المستوطنين مازال قليلاً, ثم تتحول هذه النزاعات في غضون بضع مئات من السنين إلى حروب طاحنة بين عالمين, فيتلاشى الحلم الوردي وتنتشر المجاعة والبؤس والتلوث من جديد في كوكبين متماثلين تقريباً في المساحة يسودهما الجنس البشري؟
سيبدأ البحث عن عالم ثالث بعيد, فهل إليه من سبيل؟ سنجد في مشاركة قادمة أن الأمل في كوكب المريخ الذي يمتلك الموارد الأولية لنشوء الحياة و الذي يعتقد أنه كان مرة ربما منذ مئات ملايين السنين يصخب بالماء و الدفء و الحياة.
أما الكواكب العملاقة في المجموعة الشمسية كالمشتري وزحل فلا يمكن استيطانها لعظم جاذبيتها ولبعدها السحيق عن الشمس, مصدر الطاقة, وبالتالي الحياة, لكننا سنجد أنه سيكون بالإمكان بعد سنين طويلة من التقدم العلمي و التكنولوجي, أن نستثمر المادة الموجودة في هذه الكواكب لخدمة الإنسان, وسنعرض لذلك في مشاركات لاحقة.
أما باقي الكواكب السيارة فلا تنال أهمية كبيرة في البحث عن استصلاحها, أو استثمار كتلها المادية في الوقت الحالي, إما لضآلة هذه الكتل , أو لبعد هذه السيارات السحيق عن الشمس مما يجعلها في زمهرير دائم.

يبقى الحلم إذا في الارتحال إلى خارج مجموعتنا الشمسية؟ إلى الكواكب الواعدة التي تدور حول شموس بعيدة أخرى غير شمسنا . إن المسافات الهائلة التي تفصلنا عن تلك الشموس تجعل مجرد الحديث عن الارتحال ضرباً من المستحيل, فأقرب نجم يشبه شمسنا, يدعى (بروكسيما سينتوري- PROXIMA- CENTAURI) يبعد عنا حوالي (39) مليون مليون كيلومتر.
لتوضيح هذه المسافات الهائلة بمفاهيمنا الأرضية, نتصور الشمس وقد أصبحت كرة قدم في مركز إحدى الساحات العامة لمدينة القاهرة مثلاً, فيمكن تمثيل الأرض في هذه الحالة بكرة أصغر من كرة القدم هذه بمليون مرة تقع على بعد حوالي (33) متر منها, أما كوكب المشتري العملاق, فيقع على بعد (170) متراً ويمثل في هذه الحالة بكرة لا يتجاوز قطرها (3) سنتيمتراً، وسيقع بلوتو, وهو الكوكب قبل الأخير من كواكب المجموعة الشمسية على بعد (1600) متراً من الكرة الشمسية المفترضة.
في 29 تموز 2005 اكتشف* كوكب جديد في مدار يبعد ضعفي بعد مدار بلوتو عن الشمس، يبلغ حجم هذا الكوكب ضعفا و نصف من حجم بلوتو، و لم يطلق عليه اسم بعد ، و إنما أعطي الرمز 2003 UB313 هذا الكوكب سيقع وفقا لمقاييسنا هذه على بعد يبلغ 3200 مترا من كرتنا التي تمثل الشمس.
بهذا نكون قد تجاوزنا حدود المجموعة الشمسية التي تضم الأرض و جاراتها الكواكب ودخلنا في الفضاء الخارجي الذي يقع خلف حدود جاذبية الشمس، و هنا سنجد أن أقرب النجوم إلينا هو النجم (بروكسيما سينتوري) و سيقع وفق هذا التصور في مكان ما على بعد (6440) كيلومتر من الكرة الشمسية المفترضة, أي قرب منابع النيل مثلاً (أطول أنهار الأرض).
إن الرحلة إلى أقرب جيراننا النجوم تستغرق بوسائلنا المتاحة مئات عديدة من السنين, مما يجعل الفكرة للوهلة الأولى مخيبة للأمل, لكن معارفنا العلمية عن الكون في أواخر المئة العشرين من تاريخنا الميلادي, غيرت مفاهيمنا, وقلبتها رأساً على عقب، لقد زرعت هذه المعارف الأمل مجدداً في الارتحال عبر الكون على جسور مختصرة, وسنرى في مقالات أخرى كيف يمكن لهذه الرحلات الكونية شبه الآنية أن تقوم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

حين يهطل المطر في الجحيم :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

حين يهطل المطر في الجحيم

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» عالم الجحيم
» كل شيء يذوبه المطر -
» قلب ((( الرقص تحت المطر )))
» ما الذي يجعل المطر بهذه الرائحة المنعشة ؟
» أيها الإسلاميون: إذهبوا الى الجحيم

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: منبر البحوث المتخصصة والدراسات العلمية يشاهده 23456 زائر-
انتقل الى: