** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
الرئيسيةالرئيسية  الأحداثالأحداث  المنشوراتالمنشورات  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

 

 لا حياد مع الوطن* الأحد 20 تشرين الأول (أكتوبر) 2013 بقلم: مصطفى القلعي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عزيزة
فريق العمـــــل *****
عزيزة


التوقيع : لا حياد مع الوطن* الأحد 20 تشرين الأول (أكتوبر) 2013 بقلم: مصطفى القلعي  09072006-161548-3

عدد الرسائل : 1394

تاريخ التسجيل : 13/09/2010
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 4

لا حياد مع الوطن* الأحد 20 تشرين الأول (أكتوبر) 2013 بقلم: مصطفى القلعي  Empty
24102013
مُساهمةلا حياد مع الوطن* الأحد 20 تشرين الأول (أكتوبر) 2013 بقلم: مصطفى القلعي


لا حياد مع الوطن* الأحد 20 تشرين الأول (أكتوبر) 2013 بقلم: مصطفى القلعي  Arton12481
“النّهضويّون دخلوا السّجون لأنّهم طلاّب سلطة وليسوا طلاّب حرّية” 
(منصف الوهايبي، جريدة المغرب، 9 فيفري 2012)
“إذا كان هناك شيء يمكن للإنسان الحديث أن يفخر به على سائر البشر السّابقين فهو إيمانه العميق بالحرّية؛ بأنّه كائن حرّ يدين بقدرته على التّفكير لنفسه ومن ثمّة على إعطاء قيمة خلقيّة لأفعاله أو لمصيره الخاصّ إلى أيّة جهة كانت مهما علت أو بسطت هيبتها على عقولنا”(1). لكنّ هذه الحرّية التي يفخر بها الإنسان التّونسيّ الحديث مهدّدة بالمصادرة، اليوم، بسبب استشراء ظاهرة العنف.
لقد صار العنف في تونس، اليوم، ظاهرة مخيفة تهدّد وحدة المجتمع وتماسكه ومستقبله تهديداً جدّيًّا(2). أهل الاختصاص من علماء النّفس وعلماء الاجتماع والباحثين السّياسيّين تحدّثوا عنها في الإعلام كثيراً أو قليلاً. ولكنّهم لم يدرسوها دراسة علميّة منهجيّة توثيقيّة عميقة. فماذا نفعل؟ لا يمكن أن نكتفي بالفرجة. لا يمكن ألاّ نساعد مجتمعنا! لا بدّ من الإقدام على هذه الدّراسة في محاولة لمحاصرة خلفيّاتها والإحاطة بأبعادها والكشف عن مخاطرها.
لا أحد يمكن أن يقول إنّ العنف ظاهرة اجتماعيّة جديدة في تونس. ولا أحد يمكنه أن ينفي أنّ ظاهرة العنف هذه، بكلّ وجوهها الاجتماعيّ والدّينيّ والسّياسيّ، قد تضاعفت منذ وصول النّهضويّين إلى السّلطة. هناك علاقة مّا. ما هي؟ لماذا وقع الاغتيال السّياسيّ لخصوم سياسيّين معارضين؟
أخطر وجوه العنف هو العنف الدّينيّ المسيّس. فكلّما اقترب الدّين من السّياسة أو اقتربت السّياسة من الدّين حلّ العنف وارتكبت أفظع الجرائم وأهدرت دماء وارتبكت مجتمعات منذ الفتنة الصّغرى(3) بل منذ الفتنة الكبرى؛ صفّين والجمل(4) بل منذ الخلافة الرّاشدة بل منذ سقيفة بني ساعدة. وهذا تقريباً ما ولّد العنف السّياسيّ في تونس الذي بلغ حدّ الاغتيال والتّصفية الجسديّة للخصوم السّياسيّين والإيديولوجيّين(5).
إنّ العنف الدّينيّ المسيّس ظاهرة ساطعة في المجتمع التّونسيّ بفعل العلاقات الواضحة بين حركة النّهضة الإخوانيّة وبين المجموعات العنفيّة. فكلّ ضحايا العنف السّياسيّ هم من خصوم حركة النّهضة. وكلّ أحداث العنف من تعنيف واغتيال وتفجير وكمائن عسكريّة وغيرها تدور في فلك حركة النّهضة؛ فهي إمّا أنّها تتلو موقفاً من مواقف أحد قادتها أو تستهدف إزالة خصم من خصومها أو تأتي لتنفيس الضّغط عليها كلّما اشتدّت أزمتها السّياسيّة لا سيّما في تسيير شؤون الدّولة.
وتتجلّى ظاهرة العنف في المجتمع فيكتوي أبناء الشّعب جميعاً بنارها الحارقة من سياسيّين معارضين ومواطنين وأمنيّين وعسكريّين. لكنّ خلفيّاتها تكمن في المراجع الإيديولوجيّة الرّجعيّة وفي السّياسة وفي الأحزاب الدّينيّة وفي عقيدة الجماعة.
العنف لا سيّما الأصوليّ منه(6) خطر يهدّد الحضارة البشريّة ويهدّد الدّين ويهدّد المدنيّة والسّلم الاجتماعيّة لأنّه لا يعترف بالقوانين ولا بالمؤسّسات ولا بالتّشريعات ولا بالأعراف ولا بالقيم ولا بالأخلاق ولا بالعواطف. بل يتجاوزها جميعاً ويتطاول عليها. اليوم، “يدخل البشر من كلّ الأجناس وفي كلّ مكان في حلبة العنف، بل يتحوّلون إلى حلبات عنف شاءوا ذلك أم أبوا، لا اختيار هنا. فالعنف أصبح سيّد الأحكام على صعد شتّى.”(7)
لماذا تحدّثنا عن التّيّار الإخوانيّ في تونس في عنوان الكتاب؟ بكلّ بساطة لأنّ كاتب هذا الكتاب ينطلق من مسلّمة رئيسيّة مفادها أنّ حركة النّهضة الإسلاميّة التّونسيّة هي فرع من التّنظيم العالميّ للإخوان المسلمين. وقد عملت النّهضة على تكوين تيّار إخوانيّ أو في خدمة المشروع الإخوانيّ تقوده ويتكوّن من الأحزاب الدّينيّة الصّريحة أو المتستّرة(8) ومن الأذرع العنفيّة النّاشطة والنّائمة. ولذلك لم يكن اختيار رئيس حركة النّهضة راشد الغنّوشي نائباً للأمين العامّ للاتّحاد العالميّ لعلماء المسلمين صدفة ولا اتّفاقاً. فرئيس الاتّحاد مصريٌّ، وأمينه العامّ قطريّ(9)، ونائب أمينه العامّ تونسيٌّ، ومقرّه قطر! وتونس ومصر هما الدولتان اللتان منهما اشتعلت الثّورات العربيّة. وقطر هي الدّولة التي لم تخف تعاونها مع إخوان مصر وتونس ودعمها لهما(10).
وقد أثبتت كثير من الجهات الإعلاميّة مشاركة راشد الغنّوشي في اجتماع التّنظيم الدّوليّ للإخوان في اسطنبول من 11 إلى 14 جويلية/ يوليو 2013 الماضي عقب سقوط حكم الإخوان في مصر، رغم أنّ حركة النّهضة تصرّ على نفي ذلك. من ذلك التقرير الذي نشرته جريدة الوطن المصريّة والتي تقول إنّه يستند إلى وثائق خاصّة تمتلك نسخا منها. وقد انعقد الاجتماع بتسهيلات من أردوغان نفسه الذي شارك في بعض أشغال الاجتماع كما تقول الصحيفة. ومثّل إخوان مصر حسن مالك إلى جانب زكيّ بن أرشيد عن إخوان الأردن والغنّوشي عن النّهضة في تونس(11).
ولا ننس أنّ راشد الغنّوشي قال أثناء استقباله للقرضاويّ في مطار تونس قرطاج يوم 20 أفريل/ نيسان 2013: “إنّ الثّورات العربيّة قد خرجت من تحت عباءة القرضاوي.” والغريب أنّ الغنّوشي نفسه كان قد قال على قناة الحوار في لندن، أثناء الثّورة التّونسيّة وقبل سقوط نظام بن علي، إنّ الثّورة التّونسيّة اندلعت من مقرّات الاتّحاد العامّ التّونسيّ للشّغل! وحين عاد إلى تونس واستلم السّلطة، نقل الغنّوشي الثّورة التّونسيّة من مقرّات اتّحاد الشّغل إلى عباءة القرضاوي!(12)
لهذا، يجد هذا الموضوع وجاهته كلّها. فالمتأمّل في المشهد السّياسيّ والاجتماعيّ التّونسيّ منذ تسلّم حركة النّهضة السّلطة، يلاحظ تضاعف وتيرة العنف الدّينيّ المسيّس الذي بلغ حدّ الاغتيال السّياسيّ بتصفية الشّهيدين البطلين شكري بلعيد يوم 6 فيفري/ شباط 2013 ومحمّد البراهمي يوم 25 جويلية/ يوليو 2013(13). والشّهيدان هما من أشدّ خصوم حركة النّهضة السّياسيّين ومن أكبر الكاشفين لمشروعها الإخوانيّ. وما سمّيناه، في هذا الكتاب، التّغامز بين حركة النّهضة وبين التّيّارات العنفيّة قد تحوّل إلى تضافر وتكاتف وإسناد بشكل مفضوح. وهو ما يوجد لموضوع هذا الكتاب كلّ مبرّرات وجوده.
فلقد تسارعت أحداث العنف بشكل جنونيّ بسبب تضاعف وتيرة النّقد والاحتجاج على الحكومة النّهضويّة التي يصفها الشّارع التّونسيّ بالفاشلة. ويبدو أنّ ما أربك حركة النّهضة وحكومتها هو دعوة الجبهة الشّعبيّة إلى تجمّع شعبيّ حاشد للتّنديد بفشل الحكومة في أداء مهامّها والدّعوة إلى إسقاطها يوم 6 أوت/ أغسطس 2013 في شارع بورقيبة بالعاصمة بمناسبة مرور ستّة أشهر على اغتيال الشّهيد شكري بلعيد دون التّمكّن من الكشف عن الحقيقة(14).
واتّخذت أعمال العنف شكل الإرهاب الواضح. فلقد أحصينا عمليّات إرهابيّة قياسيّة في وقت قصير بين 25 جويلية/ يوليو و4 أوت/ أغسطس تحمل كلّ بصمات جماعات العنف الدّينيّ المسيّس. من ذلك اغتيال الشّهيد القائد محمّد البراهمي القياديّ بالجبهة الشّعبيّة يوم 25 جويلية، ونصب كمين غادر بجبل الشّعانبي أودى بحياة ثمانية عسكريّين يوم 29 جويلية، ووضع عبوتين ناسفتين الأولى بمركز الحرس البحريّ بحلق الوادي بالضّاحية الشّماليّة للعاصمة والثّانية بطريق المحمّديّة جنوب غرب العاصمة تونس حيث تمرّ الدّوريّات العسكريّة والأمنيّة لم تخلّفا خسائر يوم 27 جويلية، وانفجار قنبلة بين يدي إرهابيّ كان يعدّها فأودت بحياته ودمّرت المنزل الذي يؤجّره بمدينة منّوبة يوم 2 أوت، وإصابة إرهابيّ في يده وبتر أصابعه أثناء تركيبه موادّ كيمياويّة لصنع قنبلة بجهة منزل بورقيبة ببنزرت يوم 2 أوت، واستهداف حرّاس البنك المركزيّ بسوسة ومحاولة افتكاك أسلحتهم يوم 3 أوت، وإحباط محاولة اغتيال لشخصيّة سياسيّة بسوسة يوم 3 أوت، ومطاردة مسلّح متورّط في اغتيال الشّهيد شكري بلعيد بادر بفتح النّار على قوّات الأمن بمدينة أكّدوة بسوسة قبل أن تتمكّن في تمام الرّابعة فجراً من يوم الأحد 4 أوت 2013 من إلقاء القبض عليه وبحوزته 3 أزياء نظاميّة برتبة عريف في الجيش وملازم أوّل وعميد، وإحباط عمليّة كبيرة لتهريب الأسلحة من ليبيا بجهة بن قردان الحدوديّة جنوب تونس من قبل الحرس الدّيوانيّ الذي تعرّض إلى عمليّة إطلاق نار يوم 4 أوت، وتفكيك خليّة إرهابيّة كانت تعدّ لعمليّات إرهابيّة في العاصمة فجر يوم 4 أوت بجهة الورديّة بالعاصمة، وانفجار لغم عند مرور دبّابة أثناء الحملة العسكريّة بجبل الشّعانبي أودى بحياة جنيديّين يوم 5 أوت.
و“لا تلوح في الأفق بوادر تؤشّر على انتهاء دورة العنف قريباً في تونس. فالنّزاع مع الجهاديّين في جبل الشّعانبي بلغ مستويات جديدة من الهمجيّة في الأسابيع الأخيرة، ولا مؤشّرات على انحساره. ويمكن أن يزداد الصّراع حدّةً في العاصمة تونس بعد سلسلة التّفجيرات الأخيرة. لم تتّضح بعد هويّة الجهة المسؤولة عن هذه الهجمات، إلاّ أنّها ربّما تدلّ على أنّ النّشطاء السّلفيّين ينتقلون إلى مرحلة المواجهة الثأريّة مع السّلطات. وفي هذه الحالة، لن يقود ذلك سوى إلى مزيد من الإخفاق في أيّ محاولات قد تُبذَل مستقبلاً لإشراك السّلفيّين في العمليّة الدّيمقراطيّة، الأمر الذي سيؤدّي حكماً إلى مزيد من العنف: إنّها حقًّا آفاق مقلقة للعمليّة الانتقاليّة المضطربة في تونس.”(15)
دار كلّ هذا في الوقت الذي كانت فيه أعلام تنظيم القاعدة وراياته ترفرف أمام راشد الغنّوشي وهو يخطب في الاجتماع الشّعبيّ الذي دعته إليه حركة النّهضة بساحة القصبة مساء 3 أوت 2013 دعماً لما تسمّيه “الشّرعيّة” أي في نفس اليوم الذي وقعت فيه أحداث سوسة والورديّة وبن قردان الإرهابيّة. فلا يمكن لعاقل أن يفصل بعد اليوم بين حركة النّهضة وبين التّيّارات والجماعات العنفيّة التي تمارس الإرهاب بهدف أخونة المجتمع بما يخدم مشروع حركة النّهضة رأساً.
لهذا خصّصت كتابي هذا في نقد التّيّار الإخوانيّ في تونس في مستوى مركنتلته للدّين والعنف واللّعب بهما، بنارهما الحارقة، أملاً في أن أساهم في إيقاظ إخوان تونس وإسعافهم من المحنة التي وقعوا فيها. “وشرط النّقد أن يكون بين الفكر المنقود والفكر النّاقد اختلاف. وشرطه أن يمتلك الفكر النّاقد أدوات نقده. والنّقد إنتاج لمعرفة هذا الاختلاف الذي هو، بين الفكريْن، حدّ معرفيّ فاصل بينهما، إذا اختفى انتفى النّقد.”(16) أعتقد أنّ النّقد السّياسيّ مدخل متروك من قبل الباحثين لنقد توجّهات التّيّار النّهضويّ الإخوانيّ في تونس وخياراته الإستراتيجيّة فيما يتّصل بعلاقته بالمجموعات العنفيّة، ومحاولة فهم هذا التّيّار التّونسيّ بربطه بأصوله ومرجعيّاته وأهدافه وأحلافه وارتباطاته الإيديولوجيّة والسّياسيّة الدّاخليّة والخارجيّة.
إذن، هذا الكتاب لا يوارب ولا يخاتل ولا يجامل ولا يحايد.. فلا حياد مع الوطن. إنّه يقول الحقيقة كما أدركها كاتبه. ويصوغ أفكاره بناء على مقدّمات مستوحاة من متابعته لليوميّ التّونسيّ، ومن معاينته لما يحدث في الشّارع ولما يصدر من خطابات وآراء ورؤى وتعليقات، ومن انخراطه في الحراك السّياسيّ المدنيّ، ومن انحيازه لوطنه ولشعبه ولأهداف ثورته ولحداثته ولتقدّميّته.
إنّ هذا الكتاب اقتراح فكريّ حذر لقراءة بعض أوجه التّوظيف السّياسيّ للدّين والعنف. فكاتبه مُغرق في متابعة حراك مجتمعه. وهو يلاحظ متغيّرات عنفيّة عميقة تعصف به. إنّ المجتمع يشعر بهذه المتغيّرات ويعاينها في الواقع ولكنّه قد لا يتمكّن من التقاط خلفيّاتها التّجريديّة بحكم طابعها الرمّزيّ الخفيّ أو المؤامراتيّ الأشدّ خفاء وتكتّماً على نفسه.
هذا الكتاب يتحرّك في مناخات دقيقة. إنّه يحاول البحث في دقائق المتغيّرات العنفيّة ويتقرّاها في مكامنها ويحاول كشف أسرارها التي تحرص على إخفائها والتّكتّم عليها. وغاية الكتاب وصاحبه التّفكير أوّلاً وفتح دروب المعرفة المغلّقة ثانياً والحرص على السّلم الاجتماعيّ ثالثا.
وأنّى لباب هذا البحث أن يغلق والعدالة والمصالحة مطلبان لم يدركا! بل لعلّهما سرابا يتراءيان أمام نهر الدّم التّونسيّ البريء الزّكيّ الذي يهدر في عهد حكم التّيّار الإخوانيّ.
يتكوّن كتاب “التّيّار الإخوانيّ في تونس: اللّعب بالدّين والعنف”، إضافة إلى هذه المقدّمة، من اثني عشر فصلاً وخاتمة.
الهوامش:
* هذه مقدّمة كتابي الجديد: “التيّار الإخوانيّ في تونس: اللعب بالدّين والعنف”، دار صامد للنشر والتوزيع، تونس 2013.
1- إيمّانويل كانط، الدّين في حدود مجرّد العقل، نقله إلى العربيّة: فتحي المسكيني، دار جداول للنّشر والتّوزيع، بيروت، ط 1، 2012، ص 11.
2- “إنّ تحديد الفرد العنيف وضبطه يعكس الادّعاء القائل بأنّ”تعلّم النّاس التّحكّم المناسب بدوافعهم هو شرط مسبق لكلّ حياة مشتركة متحضّرة.“”بربرا ويتمر، الأنماط الثّقافيّة للعنف، ترجمة: د. ممدوح يوسف عمران، سلسلة عالم المعرفة، العدد 337، الكويت، مارس 2007، ص 22.
3- نعني بها جريمة قتل الحسين بن علي بن أبي طالب (3 شعبان سنة 4ه – 10 محرّم سنة 61ه/ 8 جانفي/ يناير 626 م – 10 أكتوبر/ تشرين الأوّل 680 م). وقد قتله يزيد بن معاوية بكربلاء مع عائلته وأولاده خوفاً من أن يجتمع بأنصاره من أهل الكوفة ويحملهم على قتال الأمويّين طلباً للخلافة.
4- “في موقعة الجمل بين الخليفة عليّ بن أبي طالب من جهة وبين عائشة وطلحة والزّبير من جهة أخرى، ثمّ في موقعة صفّين بين عليّ ومعاوية، كانت الأمور واضحة للعيان،”وضوح الشّمس في رابعة النّهار“. وسبب الوضوح أنّها، وإن وصفت بأنّها حرب أهليّة، كانت –في نظر أغلب من اشتركوا فيها-حرباً بين حقّ وباطل، بين دين ودنيا، بين خليفة منتخب، وفئة باغية خارجة عليه، والحكم على هذه الفئة معروف وقتها. كان عليّ يمثّل إجماع الأمّة بوصفه الخليفة المبايَع، أو الرّئيس المنتخب بمصطلحات اليوم. خروج عائشة وطلحة والزّبير على عليّ على الرّغم من مبايعة طلحة والزّبير لعليّ، ثمّ خروج معاوية، لا يزيد هذه الحقيقة إلاّ وضوحاً. في حين مثَّل معاوية طرف الوالي الخارج على خليفة المسلمين. ولأنّ الأمور كانت بهذا الوضوح فقد دارت المعارك لصالح عليّ على النّحو الذي عرفناه من قراءتنا للتّاريخ الإسلاميّ. وعلى هذا لم يبدأ الانقسام الحقيقيّ بين جموع المسلمين بالخروج المبيّن أعلاه. بدأ الانقسام الحقيقيّ، من وجهة نظري – وهو انقسام في الضّمير الإسلاميّ أكثر منه انقسام على أرض الواقع – بل وبدأت الفتنة الكبرى، يوم رُفِعت المصاحف على أسنّة الرّماح، وهو ما بات يُعرف بالتّحكيم. تلك اللّحظة التّاريخيّة كانت فارقة، لأنّها البداية الأولى في توظيف الدّين لصالح السّياسة، وعلى إثرها تبلبل جيش عليّ بين مؤيّد ومعارض للتّحكيم. ثمّ سارت الأمور على النّحو الذي يعرفه كلّ قارئ لتاريخ تلك الحقبة”. رياض حمّادي، «قراءة في الفتنة الكبرى والفتن الصّغرى»، مجلّة الأوان الإلكترونيّة، الأربعاء 10 تمّوز/ يوليو 2013: http://alawan.org
5- نعود إلى تفكيك هذا في الفصل الثّامن من هذا الكتاب.
6- لا بدّ من الإشارة إلى أنّ الأصوليّة الدّينيّة ظاهرة كونيّة لم تخل منها ديانة. “فالأصوليّون المسيحيّون يرفضون مكتشفات علم البيولوجيا والفيزياء بشأن أصل الحياة ونشأتها، ويصرّون على أنّ سفر التّكوين يتميّز بالصّحّة العلميّة في جميع تفاصيله. وبينما نرى الكثيرين يطرحون أغلال الماضي ويكسرونها، ينزع الأصوليّون اليهود إلى مراعاة قانونهم المنزّل بصرامة أكبر ممّا شهده أيّ عصر مضى، وترفض المرأة المسلمة الحرّيات التي تتمتّع بها المرأة في الغرب (هذا غير صحيح، طبعاً!!) فتلبس ما يسمّى بالحجاب والشّادور. ويشترك الأصوليّون من المسلمين واليهود في تفسير الصّراع العربيّ الإسرائيليّ في إطار دينيّ محض، وهو الذي نشأ نشأة علمانيّة صارخة. وإلى جانب ذلك فليست الأصوليّة مقصورة على أديان التّوحيد الكبرى، فهناك نزعات أصوليّة بوذيّة وهندوسيّة بل وكنفوشيوسيّة. وهي ترفض كذلك كثيراً من النّظرات العميقة التي توصّلت إليها الثّقافة الحديثة بعد جهد جهيد، وهي تحارب وتقتل باسم الدّين، بل وتكافح حتّى تُدخل”المقدّس“إلى عالم السّياسة والنّضال الوطنيّ.” كارين آرمسترونج، معارك في سبيل الإله: الأصوليّة في اليهوديّة والمسيحيّة والإسلام، ترجمة: د. فاطمة نصر ود. محمّد عناني، كتاب سطور، القاهرة، ط1، 2000، ص 4.
7- جان بودريار/ إدغار موران، عنف العالم، ترجمة: عزيز توما، تقديم: إبراهيم محمود، دار الحوار للنّشر والتّوزيع، اللاّذقيّة، سوريا، ط1، 2005، ص 10.
8- من أبرز من يمثّل ما سمّيته الأحزاب الدّينيّة المتستّرة حزب المؤتمر من أجل الجمهوريّة الذي أسّسه محمّد منصف المرزوقي. فإن كان المرزوقي علمانيًّا، أو هكذا يقدّم نفسه، فإنّ الكثير من زعماء حزبه هم من النّهضويّين القدامى أو القريبين منهم على غرار عبد الرّؤوف العيّادي وعماد الدّايمي. وحتّى من انشقّوا منهم عن حزب المؤتمر وكوّنوا أحزاباً جديدة، كالطّاهر هميلة ومحمّد عبّو وعبد الرّؤوف العيّادي، فإنّهم لم يفعلوا سوى أن وسّعوا قاعدة الأحزاب الدّائرة في فلك التّيّار الإخوانيّ الذي تقوده حركة النّهضة. فهم خرجوا عن المؤتمر ولم يخرجوا عن خدمة النّهضة ومشروعها الإخوانيّ. وفي هذا الإطار وحده تفهم مواقف هذه الأحزاب المتشظّية عن حزب المؤتمر لا سيّما فيما يتّصل بقانون تحصين الثّورة. فالمؤتمر والأحزاب المنشقّة عنه هي من اقترحته ودافعت عنه بشراسة لامتناهية وسايرتها فيه حركة النّهضة، رغم أنّه يتعارض مع قانون العدالة الانتقاليّة. بل إنّ بعض تصريحات محمّد عبّو (تعليق المشانق لمعارضي حكومة التّرويكا، مثلاً!!) وعبد الرّؤوف العيّادي (المطالبة بتضمين الجهاد ضمن الدّستور!!) لا تفهم خارج دائرة علاقة هذه الأحزاب بحركة النّهضة وبالمشروع الإخوانيّ عموماً.
9- هو علي محيى الدّين القره داغي، وهو من أصل كردستانيّ عراقيّ.
10- نعود لنتوسّع في هذا في الفصلين الثّالث والرّابع.
11- أحمد عبد العظيم، «التّفاصيل الكاملة لاجتماع التّنظيم الدّوليّ للإخوان في تركيا»، جريدة الوطن المصريّة، الأحد 25/ 8/ 2013: http://elwatannews.com
12- كان يوسف القرضاوي قد زار تونس في مارس 2009 بدعوة من نظام بن علي للمشاركة في تظاهرة “القيروان عاصمة للثّقافة العربيّة”. ويؤثر عنه أنّه تحدّث إلى التّلفزيونيّ التّونسيّ الرّسميّ مادحا بن علي شاكرا إيّاه على عنايته العظيمة بالمعالم الإسلاميّة. ويذكر أنّ هذه السّنة كانت سنة انتخابات رئاسيّة. وكلّ مدح لبن علي هو مساعدة له لتزيين نظامه وكسح منافسيه.
13- كشفت الأبحاث التي تجريها الفرق الأمنيّة المختصّة مع الإرهابيّين الذين تمّ إلقاء القبض عليهم يوم 4 أوت بجهة الورديّة بتونس العاصمة أنّ من بينهم من شارك في عمليّتي اغتيال الشّهيدين شكري بلعيد ومحمّد البراهمي القياديّين في الجبهة الشّعبيّة. واعترف الموقوفون بانتمائهم إلى تيّار أنصار الشّريعة المتشدّد الذي يرأسه أبو عياض. وقال الموقوفون إنّ قاتل الشّهيد شكري بلعيد قد قرّر اغتياله بناء على أوامر تلقّاها من قيادة التّنظيم. وحسم أمر قتله بعد مشاركة الشّهيد بلعيد في برنامج تلفزيونيّ على فضائيّة “التّونسيّة” الخاصّة. وهذه الاعترافات تثبت أنّ العنف الدّينيّ المسيّس الذي تمّ التّغاضي عنه من قبل حكومتي النّهضة المؤقّتتين بعد الانتخابات التّأسيسيّة قد تحوّل إلى إرهاب يمارس الاغتيال ثمّ التّفجير بعد ذلك. جريدة الشّروق التّونسيّة، يوم 20 أوت، أغسطس 2013:
http://www.alchourouk.com
وأقرّ رئيس الحكومة المؤقّتة الثّانية بعد الانتخابات التّأسيسيّة علي لعريّض، خلال ندوة صحفيّة عقدها بالقصبة يوم الثّلاثاء 27 أوت، أغسطس 2013، أنّ تيّار أنصار الشّريعة الجهاديّ المتطرّف هو الذي يقف وراء أحداث الإرهاب في تونس من الاغتيالات السّياسيّة (اغتيال الشّهيدين شكري بلعيد ومحمّد البراهمي) إلى شحن السّلاح إلى داخل التّراب التّونسيّ إلى التّمركز في جبل الشّعانبي وفتح جبهة جهاديّة ضدّ الجيش والأمن الوطنيّين. ولكنّه لم يشر إلى مسؤوليّة حركة النّهضة في ذلك لا سيّما أنّها كانت تحتضن هذا التّيّار وتدعمه وتدافع عنه. كما أنّ لعريّض نفسه يتحمّل جانباً من المسؤوليّة لأنّه تقاعس عن التّصدّي لهذا التّيّار لمّا كان وزيراً للدّاخليّة وترك الفرصة لأبي عياض ليفلت من قبضة الأمن لمّا كان حاضراً في جامع الفتح بالعاصمة تونس يخطب في أنصاره عقب أحداث السّفارة الأمريكيّة في نوفمبر 2012.
14- عاينتُ ليلة 6 أوت/ أغسطس ويوم 14 منه، في الفضاء الممتدّ بين ساحة باب سعدون وساحة باردو حيث يقام اعتصام الرّحيل، أنّ الشّعب التّونسيّ، الذي حضر بكلّ فئاته وأطيافه وانتماءاته ومستوياته بما يناهز 460 ألف متظاهر، قد خرج في مسيرتين لم يشهد لهما تاريخ تونس المعاصر مثيلاً. لقد خرج الشّعب التّونسيّ في المناسبتين ليؤكّد أنّه ضدّ الرّجعيّة وضدّ العنف وأنّه وفِيٌّ لدماء شهدائه ومناضليه. انتهى اختبار الشّارع بنجاح سيفحم حركة النّهضة وكلّ أذرعها العنفيّة. لن يتروّض هذا الشّعب ولن يرضخ لأيّ غاصب يعتدي على طموحاته في التّقدّم والحرّية والمدنيّة. ولن يقبل أيّ حاكم يلتفّ على مطالبه ويخلف وعوده حتّى وإن انتخبه بنسبة 99,99 ٪. هذا الشّعب لن يقهر من جديد أبداً.. أبداً.
15- كيفن كايسي، فشل استراتيجيّة مدّ اليد إلى السّلفيّين في تونس، مؤسّسة كارنيغي للسّلام الدّوليّ، 21 أوت/ أغسطس 2013: http://carnegieendowment.org
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

لا حياد مع الوطن* الأحد 20 تشرين الأول (أكتوبر) 2013 بقلم: مصطفى القلعي :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

لا حياد مع الوطن* الأحد 20 تشرين الأول (أكتوبر) 2013 بقلم: مصطفى القلعي

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
»  موت سهيلة بين الدنيوي والمقدس الأحد 13 تشرين الأول (أكتوبر) 2013 بقلم: مهدي بندق
» تأويل ابن عربيّ لرؤيا إبراهيم الثلاثاء 15 تشرين الأول (أكتوبر) 2013 بقلم: فتحي بن سلامة
» الخيال العربي وأسطورة المؤامرة: إلى متى؟ السبت 12 تشرين الأول (أكتوبر) 2013 بقلم: هاجر زروق
» قانون نيوتن النفسي الجمعة 25 تشرين الأول (أكتوبر) 2013 ، بقلم
» دمة أولية حول “الرسالة الفرْجية” الجمعة 11 تشرين الأول (أكتوبر) 2013 بقلم: إبراهيم محمود

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: دراسات و ابحاث-
انتقل الى: