** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
الرئيسيةالرئيسية  الأحداثالأحداث  المنشوراتالمنشورات  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

 

 مطيع الصفدي فيلسوف التفكيك 2

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
حياة
فريق العمـــــل *****
حياة


عدد الرسائل : 1546

الموقع : صهوة الشعر
تعاليق : اللغة العربية اكثر الاختراعات عبقرية انها اجمل لغة على الارض
تاريخ التسجيل : 23/02/2009
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 10

مطيع الصفدي  فيلسوف التفكيك 2 Empty
10102012
مُساهمةمطيع الصفدي فيلسوف التفكيك 2

همّة التفكيك والاختلاف والقطيعة



اهتمّ العقل الغربيّ بتَحرير اللغة
من سلطان كلّ أمرٍ مطلق. فمنذ بروز الفكر التأويليّ التفكيكيّ، سقطت
المحرّمات والغيبيّات، وتَحوّل النصّ الدينيّ إلى نصّ قابل للنقاش في
تركيبته كلّها. فالدراسات اللسانيّة أسهمت كثيرًا في تفكيك الخطاب اللغويّ
ووضعته في مساره الصحيح(14). التفكيك هو تَمرّدٌ على كلّ منهجيّة، بل
تَمرّد على العقلانيّة، ولو أنّ التفكيك يَحتاج إلى العقل ليستند إليه.
التفكيك، كما فهمه مطاع صفدي مُحللاً جاك دريدا، «استراتيجيّةُ مُمارسةٍ
مُختلِفة تأتي في الوقت الذي تَهافتت فيه كلُّ الخطط، وقيل كلّ ما يُقال،
وفُعِلَ كلّ ما يُمكِن أن يُفعَل. الخطاب المطلق قد أُنْجز وانتهى سلطانه».
التفكيك هو تلك اللحظة بالذات التي يُقال فيها شيئًا مُختلفًا، ويُعمَل
عملاً مُختلفًا.(15)




انشغل دريدا بذات الهمّ الكبير
الرهيب الذي حَمله جيله النيتشويّ (نيتشه هو أوّل فيلسوف مفكِّك للأفاهيم)
من جيل دولوز إلى ميشال فوكو. فهؤلاء جَميعًا أرادوا أن يَخرجوا من القوى
المسلطِنة عَبْرَ المفاهيم، إلى القوى المباشَرة التي لا تنتمي إلاّ إلى
ذاتِها(16). «التفكيك هو إنزال الأفكار الإطلاقيّة من عليائِها، هو اغتصاب
مشروعٍ لكلّ الأطُر المنهجيّة والمعقولات الشموليّة المدّعية للشرعيّة
المطلقة في مَجال المنطق كما الرياضة نفسها، كما الإبستمولوجيا بكلّ
خلفيّاتِها الأنطولوجيّة الباطنة أو الظاهرة»(17). منهج التفكيك إذًا يشير
إلى أنّ ثَمّةَ ما هو مُختلف فيما هو ظاهر وليس بظاهر تَمامًا
(différance)(18)؛ أمّا المنهج الكلاسيكيّ فيعتبر أنّ كينونة النصّ مَحمولة
كلّها في نصّه.




وفي السياق عينه، ولكن ضِمْنَ رؤية
مُغايرة، يطرح جيل دولوز مسألة المختلف والاختلاف عَبْرَ الثورة
النيتشويّة، مستعيدًا أطروحته الأساسيّة التي تُريد أن تُشدِّد على «قدسيّة
الحياة»(19) وعلى عالَم الواقع فحسب، لتضع حدًّا لسيطرة عالَم القِيَم
(الدين والأخلاق). فالاختلاف هنا هو تَنقية منهج النقد وحِمايتُه من
النقديّات المزيّفة التي جاءت بعد كانط. فقد حاولت هذه النقديّات أن تُقيم
أنظمة جديدة من القيَم من دون أن تَتمكّن من إحداث قطيعة حقيقيّة في بنية
النظام القيميّ ذاته. في حين يعتبر جيل دولوز أنّ النَقْد يَجب أن يطول
نظام الأنظمة، أي القيَم التي تُزيّف عالَم الأشياء القائم على قوى
الحياة(20). هذا الفكر ينسجم تَمامًا مع تصميم نيتشه وهيدغرعلى إعلان
نِهاية الميتافيزيقا، إذ هناك تَحوّل رئيسيّ أطاح بنظام الأنظمة المعرفيّة
الذي هو أساس المشروع الثقافيّ الغربيّ. إصرار نيتشه على موت الله لا يَعني
فحسب أنّ الإيمان بالله قد انتهى، بل أنّ فكرة العالم الماورائيّ قد
انْحسَرَتْ في المجتمع الأوروبّيّ الحديث.




لن أخوض كثيرًا في مسألة القطيعة
(rupture) التي طبعت فكر ميشال فوكو، فقد أفرد لَها مطاع صفدي دراسات
مُسهبة ليشدّد على أنّ الحداثة عاشت على أطروحة القطيعة. فالحداثة ناضلت من
أجل تغيير جذريّ وشامل لنظام الأنظمة المعرفيّة السائد. فكان عليها أن
تستحضِر نقيضها دائًما من أجل أن تثور عليه وتُجدِّد نَفيها المستمرّ
الملحاح السائد. سأتوسّع بفكر ميشال فوكو لاحقًا من خلال مسألة المعرفة
التسلّطيّة.




ويطلّ مطاع صفدي على يورغن هابرماس
في كتابه (نقد العقل الغربيّ) ليتتبّع استراتيجيّته الفكريّة القائمة على
الفعل التواصليّ (agir communicationnel) من أجل تشييد بنية جديدة للحداثة
بغية توظيفها في الواقع الاجتماعيّ. فقد جرّد هابرماس اللغة من أوامرها
اللاّمتناهية، معتبرًا أنّ المذاهب الفلسفيّة والانتاجات الإبداعيّة، من
فلسفة دينيّة، وأنظمة السلوك ومعايير الأفعال الفرديّة والجماعيّة هي
تَحقيق لنظريّة الفعل التواصليّ.(21)




هذه المسائل الخطرة والدقيقة التي
تَطرح رؤية جديدة للمجتمع الغربيّ والتي تُعبِّر عن الفضاء التفكيكيّ
السائد، قد احتلّت حيّزًا مهمًّا في كتابات مطاع صفدي، إذ عرضها مُحلّلاً
ومُنتقدًا في أسلوب عربيّ خاصّ به، فالمصطلحات التي استخدمها كلّ من دريدا
ودولوز وفوكو ليست مُصطلحات مألوفة، حتّى في اللغة الفرنسيّة، ومع ذلك،
تَمكّن مُطاع صفدي من تطويعِها، إذ تَمكّن من إيجاد المصطلح المناسب أو
الأقرب إليها في اللغة العربيّة.




المقدّس والدنيويّ



يتطرّق مطاع صفدي في كتابه نقد
الشر المحض بحثَا عن الشخصيّة المفهوميّة للعالَم إلى مفهومَي المقدّس
والدنيويّ ضِمْن رؤية تفكيكيّة جديدة، كيما يضع المقدّس في مسيره الصحيح.
المقدّس، كما يقول، هو هذا المغيوب الذي دَخَلَ عالَم الناس وصار أليفًا
ومألوفاً [...] هو السماويّ الذي يصير أرضيًّا [...] يُمسك بزمام الكنائس
والجوامع والصوامع في المجتمعات والحضارات. إنّه المستحيل الاستثنائيّ
الوحيد من بين سواه من الاستنثاءات الذي باستطاعته أن يصير مُمكنًا. ويبقى
مع ذلك مستحيلاّ. ذلك هو سحره الخاصّ. إنّ ترتيب حَدّي العبارة، يُقدّم
المقدّس على الدنيويّ. هذا التقويم يرمز إلى أسبقيّة زمنيّة وأولويّة
دلاليّةٍ مرتبطة بالخطاب الأنتروبولوجيّ، أكثر من ارتباطها بالمفهمة
المعرفيّة [...] المقدّس جاء في أول الزمن ولا يزال يتابع تَحقيب التاريخ
من حقبة إلى حقبة. أمّا الدنيويّ فَلَمْ يَبْرز للعيان إلا في منعطف معرفيّ
متأخرّ.(22)




من هنا رفض العقائد الكليّانيّة
والأديان عبارة المقدّس/الدنيويّ في تشكيلها الثنائيّ المتوازن. إنّ حدّ
المقدّس هو اجتياح حدود الآخر دائمًا. وبالتالي لا يُمكن لشيء أن ينبت
قُبالته أو في جواره. وتبْرُز أهميّة الدين من حيث أنّه تقنيّة تعمل على
توطين المقدّس في صميم حياة الناس. يكافح الدين من أجل تَحرير المغيوب من
غربته وسكونيّته، وحياديّته، وجذبه تَحت طقوس التقديس لجعله حيًّا بين
الأحياء، والفاعل الأكبر. ولذلك فإنّ الانسحاب التدريجيّ من المجتمع الذي
نادى به ماكس فيبر يُعيد المقدّس إلى منفاه القديم في حيّز المغيوب.




منذ ماكس فيبر، ولاسيّما في كتابه
العالِم ورجل السياسة، ساد تفكير في أوروبّا أنّ الدين انسحب كلّيًّا من
التداول وحلّت مكانه تقنيّة التكنولوجيا، فغدت رمز التقديس الشامل للعصر
الحاليّ. إلاّ أن هناك رأيًا آخر لمارسيل غوشيه في كتابه خيبة أمل العالَم
يعتبر أنّ انسحاب الدين من المؤسّسات لا يعني اضمحلال الدين(23). انْهيار
الدولة الدينيّة ومعها المؤسّسة اللاهوتيّة، شكّلَ قطيعة كبرى في العلاقة
بين الدين والسلطة السياسيّة والتراتب الاجتماعيِّ(24) في تاريخ أوروبّا
الحديث من دون أن يعني ذلك اختفاء المقدّس من حياة الفرد أو المجتمع.




لقد فَقَدَ المقدّس في الغرب هيبة
الوازع الأعلى واقتنع بِحيّز متواضِع من هذا الخيال إلى جانب الخلقيّ
والفنّيّ والإبداعيّ… إنّ انْحلال الدين كمؤسّسة سلطويّة سَمَحَ بعودة
الدينيّ إلى حَجمه الطبيعيّ من المخيال الإنسانيّ، صار الدينيّ يتأرجح على
حدود تأرجح كلّ من الجماليّ والأخلاقيّ. يُخالط إتيكا الفرد الحداثويّ.
يُحرّر المقدّس من الطقسنة الرتيبة وقواعدها الصارمة.




إذًا، لَم تُعلن الدنيويّة إنْهاء
المغيوب، بل حاولت تدجينه، ليُصبح قابلاً للمجاورة(25). ومع أنّ المجتمعات
الأوروبّيّة تَحرّرت من سلطان المغيوب(26)، إلاّ أنّ مطاع صفدي يُبيّن
استغلال الدين وتوظيفه من أجل مآرب سياسيّة، في العالَم الذي يُفترض أن
يبقى أمينًا لمكتسبات الحداثة: «إنّ النظام العالَميّ الجديد (السياسيّ)
الذي يُراهن على قطيعة عدوانيّة كاملة بين الشمال والجنوب لن يَجد بين يديه
غير المقدّس الدينيّ كإيديولوجيا انبعاثيّة تَحمي الشعوب والقوميّات
والعنصريّة مقابل جنوب أصوليّ وإسلاميّ»(27).




في ضوء هذا التوجّه، يُمكننا القول
بأنّ هناك استعدادًا لاسترداد المقدّس كغلاف للسياسيّ على كل من ضفتي خط
القطيعة الشماليّ والجنوبيّ(28). دينٌ مُعَلْمَن ومُسيّس في الشمال، ودين
مُأدلج ومُسيّس في الجنوب. إنّه استرداد دنيويّ كلّيًّا للمقدّس. سوف يَجري
تلعيبه واستخدامه في مشروع تقسيم العالَم القادم حسب ثنائيّة مصطنعة.
فعالَم الشمال سيتابع خطاب الحداثة البعديّة، لكنّه يقع تدريجيًّا في تصنيم
الفرديّة الانعزاليّة، مِمّا سيغرقها في العنصريّة، تَحت ستار الدفاع عن
ديمقراطيّة المجتمع المتقدّم الصناعيّ. وأمّا الآخر الجنوبيّ فإنّه يجري
تعجيزه عن بلوغ الديمقراطيّة بتدمير موارده الاقتصاديّة، والإمعان في
إفقاره وإذلاله، ممّا يزيده تعلّقًا أصوليًّا بالمقدس السلفيّ، الذي بدوره
يُثَمِّره الغرب كوسيلة جديدة للتمايز عنه.




وهكذا يفقد مدلول المقدّس تسميته
المباشرة في كلّ عصر. فتذهب دلالته إلى تسميات أخرى من نوع التكنولوجيا في
العلم الماديّ، والديمقراطيّة المعلمنة في خطاب العلوم الإنسانيّة(29)،
والدين المؤدلج الراديكاليّ وغيرها من التسميات، بدل أن يكون أداة للتعاون
والتآخي بين المجتمع.




هذا الواقع الدينيّ يُسعفنا على فهم علاقة المقدّس بالدنيويّ، في مُجتمع لبنانيّ يُهيمن عليه المقدّس في جميع مرافقه.



الفيلسوف الذي غالبًا ما يبقى خارج
ترسيمة المقدّس/الدنيويّ يعرف أنّه يَجب إرجاع الثنائيّة إلى واحديّتها
الأصليّة. هناك الدنيويّة وحدها ولا شيء سواها. وحتّى عندما تسود اعتقادات
خطابات عمّا خارج العالَم فإنّها تظلّ خطابات لألسنة أرضيّة، ومن هذا
الكوكب الحيّ وحده، على وجه التحديد والدقّة(30). وبالتالي، وحده الفيلسوف
قادر على وضع الأمور في نصابِها الصحيح، للحدّ من الهيمنة والتسلّط.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

مطيع الصفدي فيلسوف التفكيك 2 :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

مطيع الصفدي فيلسوف التفكيك 2

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: دراسات و ابحاث-
انتقل الى: