هل كان هناك انسان ثالث؟

هل كان هناك انسان
ثالث؟

يتفق العلماء على انه كان هناك انسانين عاقلين على الاقل هم:
الهومو سابينس (الانسان الحديث) والنيندرتال (الذي انقرض قبل حوالي 35 الف سنة)،
غير ان الاكتشافات الاخيرة في احدى جزر اندونيسيا عام 2004
وضعت الاسس للاعتقاد بأنه كان هناك جنس إنساني ثالث،
بل ولربما كان يعيش الى جانبنا لينقرض قبل فترة قريبة
وقد اطلق عليه العلماء اسم:
Homo floresiensis, فهل كان هناك جنس ثالث عاقل؟

المستحاثات الاولى التي اشارت الى هذا الانسان
عثر عليها على عمق ستة امتار تحت
الارض في مغارة كلسية تبعد 25 كلمتر عن الساحل في جزيرة
Flores.
العظام لم تكن متحجرة
وانما طرية بسبب رطوبة التربة وكانت سهلة التقطع كالورق المبلول.

بعد القياسات والمقارنة انتبه فريق الباحثين الاستراليين والاندونيسيين الى انهم امام
انسان بطول متر واحد فقط،
ودماغه لايزيد عن ثمرة الكريب فرويت.
كما ظهر ان العظام تعود الى ماقبل 18 الف سنة،
وهي نفس الفترة التي كان يعيش فيها على الجزيرة الافيال القزمة والسحالي الضخمة.
هذا الاكتشاف جرى الاشارة اليه في مقال نشر في مجلة الطبيعة
اكتوبر عام 2004.

فيما بعد جرى اكتشاف المزيد من العظام في المغارة المسماة Liang Bua. بشكل
عام جرى العثور على هيكل كامل تقريبا جرى ارشفته تحت رمز LB1, ويملك جمجمة
واسنان، كما عثروا على اسنان لفرد اخر جرى أرشفتها برمز LB2, وحتى اجزاء
من اخرين وصلت الى الرمز التسلسلي LB9 وهي عبارة عن قطع من مختلف اقسام
الهيكل العظمي ولافراد من مختلف الاعمار ولكنها جميعا لها تناسب الابعاد
ذاته مثل الهيكل الاول. الى جانب هذه العظام كانت توجد ادوات حجرية بسيطة،
وجميع اللقى كانت مغطاة بطبقة من الغبار البركاني كمؤشر على النهاية
المحزنة لسكان المغارة. في البداية كان الاعتقاد لدى العلماء ان هذه
المجموعة هي بشر عاديين تحولوا الى اقزام بعد ان نزحوا الى الجزيرة
واستوطنوها.

فريق الباحثين بقيادة الاستراليين
Peter Brown and Michael Morwood
والاندونيسي
Thomas Sutikana
هم الذين اختاروا اسم هذه المجموعة البشرية والاخير هو الذي قام بالاكتشاف.

من النادر العثور على مستحاثات بشرية لاجناس جديدة
او اجناس مفصلية تعايشت في فترة جنبا الى جانب انسان،
كما في هذه الحالة الامر الذي اشعل اهتمام العلماء من مختلف الاصقاع.
على الفور بعد نشر الخبر
طالب رئيسي الانتربولوجيين الاندوس
Teku Jacob
يقوم بفحص اللقى
، ولكونه شخص ذو نفوذ كان الباحثين مضطرين للانصياع،
فحصل عليهم واحتفظ بهم.
بعد عشرات الرجاءات اعادهم الى الباحثين
ليكتشفوا تضرر قسم من العظام بما فيه الجمجمة وعظام الحوض
وعظمتين من الساق.

بمشاركة الانتربولوجي الاسترالي
Alan Thorne
اعلن الاندونيسي جاكوب ان دراساته
توصلت الى نفي كون الاكتشاف يعود الى جنس جديد
كما اصر على ان الهيكل الكامل يعود الى رجل وليس الى امرأة كما اعلن المكتشفين الاصليين.
بمعنى اخر فأن الاقزام يعودون الى جنس الهومو سابينس
,وعلى الاغلب لمجموعة الاقزام pygmeér.
واشار ايضا الى ان الرجل الذي يعود الهيكل اليه كان يعاني من الاصابة
بمرض
mikrocefali,
مما يوضح صغر الرأس وصغر الدماغ،
حسب اعراض هذا المرض.
بمعنى اخر فأن تقريره كان يحاول بوضوح القول"
للاسف ايها السادة،
فأن ماعثرتم عليهم لايبدل اي شئ
من مفاهيمنا عن الانسان".

غير انه مع دخول المزيد من العلماء في عملية الفجص اصبحت تظهر المزيد من المعلومات بإستمرار.
احد المورفولوجيين اثبت ان ابعاد
هذا القزم لاتتناسب على الاطلاق
مع ابعاد القزم الانساني المعروف
والمسمى
pygmeér
والذي يعيش في افريقيا واسيا اليوم.
عالم اخر اظهر ان ثخانة الجمجمة لاتتطابق ثخانة جمجمة تعود
لمريض
بمرض
mikrocefali.
اكثر المعلومات دقة قدمتها العالمة الامريكية
Dean Falk
من جامعة فلوريدا التي
قامت بمقارنة بمساعدة الكمبيوتر
بين جمجمة مرضى
الميكروسيفالي
وبين الجمجمة موضع البحث.
النتائج ان الجمجمة التي عثر عليها لايمكن على الاطلاق ان تعود الى
مرضى الميكروسيفالي يعودودن الى جنس الهومو سابينس.

في عام 2007 تمكن مختص
في المقارنة المورفولوجية للهياكل العظمية من البرهنة على ان
مرافق عظام اليد عند الهومو فلوروسينيسيس
تتشابه اكثر مع مرفق يد الشمبانزي وليس الانسان.
النتيجة التي تتوصل اليها ان هذه اليد قد تطورت عن خط قديم وبعيد
كثيرا عنا.

العالم السويدي
المختص في بيلوجيا التطور
Per Ahlberg
يؤكد ان هذه المستحاثات تشير الى بدايات جنس جديد،
كما ان مفاصل اليد
تشير بكل ثقة الى انها اقرب لنوع اكثر بدائية.
لابد من الاشارة الى النيندرتال كان يملك مفاصل تتشابه مع مفاصل الانسان،
لذلك فأن العلماء على ثقة من ان يد هذا الجنس تملك تصميما مختلف.

دليل اخر على ان هذا الهيكل يعود الى جنس اخر لم يكن معروف
ان الباحثين عثروا على المزيد من العظام في اعماق اكبر من المغارة نفسها
وتعود الى ازمان مختلفة،
وجميعها تتشابه وتملك التناسب نفسه.
لذلك يصل العلماء الى ان الهيكل الاول كان ممثل نموذجي وقياسي وليس استثناء او مريض.

ماهي دواعي معارضين الاكتشاف الجديد؟
جميع الذين يصرون على ان الاكتشاف الجديد يعود الى pygmeér مع دماغ متقلص
وليس لجنس بشري جديد، يتبنون النظرية التي تقول ان الانسان تطور في مناطق
الهجرة. هذه النظرية قديمة وكانت متداولة قبل القدرة على تحليل المورثات.
وتقوم هذه النظرية على ان الهومو سابينس قد تطور خارج افريقيا وبطرق
مختلفة كل حسب منطقته الجديدة، وان القرابة بين الشعوب اقل مما تشير اليه
نظرية الاصل الافريقي. حسب هذه النظرية فأن الاسيوين يعودودن بأصلهم الى
Homo Erectus, في حين ان الاوروبيين يعودون الى النيندرتال. هذه النظرية
دحضتها معطيات المورثات وفقدت اغلب اتباعها اليوم. يشير العالم السويدي
Per Ahlberg الى ان هذه اللقى يمكن تفسيرها بإحتمال انهم من بقايا هجرة
قديمة من افريقيا. نحن نعلم مثلا ان النيندرتال هاجر قبل الانسان من
افريقيا وان الانسان الحديث التقى ببقاياهم في مجموعات صغيرة. من الممكن
ان تكون هذه المجموعة من بقايا هجرة قديمة وبقيت محتمية في الجزيرة بدون
ان تتعرض للانقراض.

من بقايا العظمية للهيكل الاول نستطيع ان نعلم انها تعود
الى امرأة بطول 106 سنتمتر
ويمكن ان يكون وزنها في حدود 20-30 كيلوغرام.
طول الايدي تشير الى قدرة افضل على تسلق الاشجار بالمقارنة مع الانسان،
ولكن لازال ينقصنا قطع عظمية مهمة لاعطاء المزيد من التفاصيل عن السلوك.
الاسنان تشير الى انها تأكل طعام متنوع من الفواكه والخضار والاسماك والجذور.
في المغارة كانت توجد بقايا سحالي وسلاحف واسماك وقوارض.
كما وجد بقايا استخدام النار.
إضافة الى ادوات حجرية وعظام تعود للافيال القزمة.

في الصيف الماضي جرى العثور على المزيد من العظام
اقدمها له من العمر 95 الف سنة،
وهذه العظام تعود الى 12 شخص.
هذا يدل على ان هذا الجنس عاش في الجزيرة
ضعف المدة التي وصل فيها الانسان الى اسيا.
يبقى السؤال الذي ينتظر الاجابة عليه: من اين جاءوا، ومن هو جدهم؟

black: Africa
brown: Caucasus
red: Europe
blue: mainland Asia
green: insular Asia (Sundaland)
yellow: world-wide (not including the Americas)
white: world-wide (including the Americas)

1 Homo ergaster/African Homo erectus
2 Homo erectus javanensis
3a Homo floresiensis (alternative)
3b Homo floresiensis (alternative)
4 Asian Homo erectus
5 Homo georgicus
6 Homo antecessor
7 Homo cepranensis
8 Homo heidelbergensis
9 Homo helmei
10 Homo neanderthalensis
11 Homo sapiens

إذا كانت افريقيا هي المكان الذي خرج من رحمه الانسان
فيجب ان يكون
Homo floresiensis
جاء ايضا من هناك،
ولكن مالدينا لايشبه اللقى التي نعرفها في افريقيا.
ان اقرب احتمال هو
Homo Erectus
والذي خرج مبكرا من افريقيا وعثر على هياكله في اسيا
تحت اسم انسان بكين وانسان يافا.
دماغ إنسان
floresiensis
تقدم دلائل قرابة مع مع
erectus
حسب مايشير
Dean Falk
الذي اجرى تحليل كمبيوتري
للجمجمة.
غير ان التناسب بين الدماغ والجسم يتشابه اكثر مع
عائلة اقدم
Australopithecus,
وهي نفس العائلة التي تنتمي اليها لوسي والتي عاشت في افريقيا قبل مليونين سنة.
لهذا السبب يعتقد العديد من الانتروبولوجيين ان هذه المجموعة تنحدر
بنسبها من مجموعة اقدم من
Homo Erectus.
غير ان العالم
Michael Morwood
يعتقد ان الجد المشترك بين الانسان والجنس الجديد
عاشوا قبل ثلاث ملايين سنة،
هذا يعني ان الاجناس التي غادرت افريقيا قد زادت واحد.
من الممكن ان هذا الجنس قد تطور بصورة منعزلة على مدى مليون سنة.

ومع استمرار الحفريات لازال هناك امل بالمزيد من المعطيات.
تحليل الد. ن. آ، سيكون بمقدوره تقديم الكثير من المعلومات الحاسمة عن اصل هذا الجنس،
غير ان العلماء لم ينجحوا حتى الان بالعثور على حمض نووي محفوظ،
ولكن الاحتمال لازال مفتوحا.
ومع ان مسألة وصولهم الى الجزيرة لازال معضلة في ذاته،
الا انه من المثير الاشارة الى ان سكان هذه الجزيرة لازالوا يتتداولون الذكريات عن
شعب من الاقزام كانوا يعيشون في الغابة منعزلين،
وكان اخر لقاء معهم في القرن الثامن عشر،
ويسمون
محليا
ebu gogo.
هل كانوا ينتمون الى هذا الجنس القديم؟

ولايعتبر هذا الانسان القزم استثناء، إذ ان البريطانيين عثروا على هيكل
عظمي لانسان قزم، او الانسان القرد، لايتعدى طوله 90 سنتم، وكان يعيش قبل
8 الف سنة على الجزيرة. وقد اختلف حوله الخبراء، فيما إذا كان انسانا قزما
ام مجرد انسان كان يعاني من مرض حال دون نموه بشكل طبيعي. واظهرت الدراسة
التي قادها وليام جنغرز من جامعة ستوني بروك في نيويورك ونُشرت نتائجها في
مجلة بريتش جورنال ناتور البريطانية ان هذا الكائن بشري لان اصبع قدمه
الكبير يتوافق مع بقية الاصابع كما ان مفاصله تمكنه من تمديدها بما ان
غالبية الوزن تتحملها قدماه. ومع ذلك فإن هذا الكائن بدائي بشكل مذهل، إذ
ان القدم اطول بكثير مما هي عليه قدم الانسان الحديث حيث الاصبع الكبير
اصغر واشبه الى اقدام الشمبانزي. اما قوس القدم والتي تعتبر من ابرز
السمات البشرية ، فمختلفة مما اعتبره العلماء مؤشرا اضافيا على ان " الرجل
القرد" كان صنفا اخر من البشر.

واليوم اصبح
Homo floresiensis
نوعا قائما بذاته بعد العديد من الدراسات التي اشارت بإستمرار الى استقلاله التام عن الانسان.
اخر هذه الابحاث جرت عام 2003،
توصلت الى نفي اية علاقة مع الهوموسابينز،
إذ ان حجم الجمجمة وشكلها تختلف اختلافا تاما.
على الاخص المنطقة
التي تحتضن وتحمي الدماغ والمسماة
neurokraniet,
حيث يوجد اكبر اختلاف.
هذه الاستنتاجات توصلت اليه مجموعتي بحث منفصلتين احداهم من جامعة
ميني سوتا والاخرى من جامعة
Stony Brook,
وقد قاموا ببناء نموذج كمبيوتري ثلاثي الابعاد
للجمجمتين القزمتين
ولمجموعة من الجماجم الاقدم ولجمجمة الانسان ولجماجم تعود للقرود،
استخدموهم في تحليل المعطيات للوصول الى نتائج نهائية.

مصادر:

Through the Bottleneck
homo floresiensis
Upptäckten av Homo floresiensis
nature
Indonesian hominid find
ebu gogo
مورفولوجيا
الرجل القرد

هل كان هناك انسان ثالث؟

هل كان هناك انسان ثالث؟ :: تعاليق

هل كان هناك انسان ثالث؟