** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
الرئيسيةالرئيسية  الأحداثالأحداث  المنشوراتالمنشورات  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوع
 

 أكوان متكافئة(*) لم تعد فكرة وجود أكوان أخرى مجرد مصدر خصب لقصص الخيال العلمي، بل إنها نتيجة مباشرة لأرصاد كونية.

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
هذا الكتاب
فريق العمـــــل *****
هذا الكتاب


عدد الرسائل : 1296

الموقع : لب الكلمة
تاريخ التسجيل : 16/06/2009
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 3

أكوان متكافئة(*)  لم تعد فكرة وجود أكوان أخرى مجرد مصدر خصب  لقصص الخيال العلمي، بل إنها نتيجة مباشرة لأرصاد كونية. Empty
27102011
مُساهمةأكوان متكافئة(*) لم تعد فكرة وجود أكوان أخرى مجرد مصدر خصب لقصص الخيال العلمي، بل إنها نتيجة مباشرة لأرصاد كونية.

<M.
تيگمارك>





أكوان متكافئة(*)  لم تعد فكرة وجود أكوان أخرى مجرد مصدر خصب  لقصص الخيال العلمي، بل إنها نتيجة مباشرة لأرصاد كونية. SCI2003b19N11-12_H01_002670




هل ثمة نسخة منك تقرأ هذه المقالة؟

شخص غيرك يعيش على كوكب يسمى الأرض،
بجباله الضبابية وحقوله الخصيبة ومدنه المترامية الأطراف، وهو بحد ذاته جزء من
منظومة شمسية تضم ثمانية كواكب أُخَر؟ إن حياة هذا الإنسان مطابقة لحياتك من
جميع النواحي، إلا أنه ربما يقرر الآن طرح هذه المقالة
جانبا قبل أن يُتم قراءتها، في حين تتابع أنت القراءة.




وقد تتراءى فكرة الأنا الآخر(1) alter ego غريبة وغير مقنعة، غير أن علينا فيما
يبدو أن نتعايش معها لأنها واقع تؤيده الأرصاد الفلكية. فأبسط
النماذج الكونية وأكثرها شيوعا اليوم يتكهن بأن لك توأما في مجرة تبعد عنا نحو
10 مرفوعة إلى القوة 10
28 مترا، وهذا بعد هائل يتجاوز الأبعاد الفلكية، إلا أنه
لا ينتقص من حقيقة وجود خيالك الآخر
doppelg?nger. ويُستمد التقدير المشار إليه من
احتمالية أولية، ولا يتعرض حتى للفيزياء الافتراضية الحديثة، اللهم إلا أن
الفضاء غير محدود (أو على الأقل رحيب) في اتساعه، وتملؤه المادة بصورة تكاد تكون
منتظمة، كما تُظهِر الأرصاد العلمية. وفي فضاء لامحدود، لا بد حتى لأبعد الحوادث
احتمالا أن تقع في مكان ما؛ فهناك عدد لامتناه من
الكواكب الأخرى المأهولة التي يسكنها أناس لهم ذات مظهرك واسمك وذكرياتك، ممن
يقومون بتقليب جميع الوجوه الممكنة لخيارات حياتك.




وربما لا يتسنى لك أبدا رؤية الوجوه
الأخرى لنفسك، فأبعد ما يمكنك رصده هو المسافة التي استطاع الضوء أن يقطعها على
مدى 14 بليون سنة منذ بداية التوسع الناجم عن الانفجار الأعظم، علما بأن أقصى
الأجرام المرئية يبعد عنا نحو 10
26x 4 مترا ـ وهو البعد الذي يعينُ
حدود كوننا المرصود، ويسمى أيضا حجم هَبل
Hubble volume، أو حجم الأفق horizon volume، أو ببساطة
"كوننا". وبالمثل فإن أكوان ذواتك الأخرى
هي كرات لها الحجم نفسه تتمركز على كواكبها، وهي أوضح الأمثلة على الأكوان
المتكافئة
parallel universes التي يؤلِّف كل كون منها جزءا صغيرا
فقط من "كون متعدد"
multiverse أكبر.



بهذا التعريف ل"الكون" قد
يتوقع المرء أن يكون مفهوم الكون المتعدد دائما ضمن مجال ما وراء الطبيعة أو الميتافيزياء. ومع ذلك فإن الحد الفاصل بين الفيزياء وما
وراء الطبيعة ينحصر فيما إذا كانت النظرية قابلة للاختبار تجريبيا، لا سيما إذا
كانت غامضة أو منطوية على كيانات غير قابلة للرصد. على أن حدود الفيزياء اتسعت
تدريجيا لتشمل مفاهيم أكثر تجريدا (بل مفاهيم ربما كانت تعد ميتافيزيائية)
من مثل: الأرض الكروية، الحقول الكهرمغنطيسية غير
المرئية، تباطؤ الزمن عند السرعات العالية، التراكبات الكمومية
quantum superpositions، الفضاء المنحني، والثقوب
السوداء. وفي غضون السنوات القليلة الماضية اندرج في هذه اللائحة مفهوم الكون
المتعدد، وهو مفهوم له أساس في نظريات جرى اختبارها وتم الوثوق بصحتها، كالنسبية
والميكانيك الكمومي، إضافة
إلى أنه يحقق المعيارين الأساسيين للعلم التجريبي
empirical: من حيث قيامه بالتنبؤ،
وإمكان دحضه علميا. وقد ناقش العلماء بالفعل أربعة أنماط
متميزة من الأكوان المتكافئة. والسؤال الرئيسي لا
يتمثل في استقصاء وجود كون متعدد أو عدم وجوده، بل في معرفة عدد مستوياته.





المستوى الأول: ما وراء أفقنا
الكوني
(**)

إن الأكوان المتكافئة لذواتك الأخرى هي التي تؤلِّف المستوى الأول Level 1 من الكون المتعدد، وهذا
هو أقل المستويات إثارة للجدل؛ فنحن نقبل بوجود أشياء لا نستطيع رؤيتها إلا إذا
انتقلنا إلى نقطة مؤاتية
vantage point مختلفة، أو إذا انتظرنا ببساطة إلى
حين ظهورها، شأن من ينتظرون ظهور السفن فوق خط الأفق.
والأمر مشابه فيما يتصل بالأجرام الواقعة فيما وراء الأفق الكوني، ذلك أن الكون
المرصود يتنامى بمعدل سنة ضوئية كل سنة فيما يصل
الضوء البعيد إلينا. إذًا فاللانهاية موجودة بانتظار أن تُرى، طال الزمان أم
قصر؛ إذ قد يوافيك الأجل قبل ظهور ذواتك الأخرى بزمن
طويل. لكن من حيث المبدأ، وإذا كان التوسع الكوني عاملا مساعدا، فستتمكن ذريتك
من رصدها بمقراب قوي.




وعلى كل حال، يبدو المستوى الأول من
الكون المتعدد أمرا بديهي الوضوح، إذ كيف لا يكون الفضاء لانهائيا؟ هل توجد
لافتة في مكان ما تقول: "نهاية الفضاء هنا ـ احذر
الفجوة"؟ ولو كان الأمر كذلك فماذا يوجد وراءه؟ والواقع أن نظرية آينشتاين في التثاقل
gravitation تشكك في هذه البدهية، فالفضاء قد يكون محدودا إذا كان ذا انحناء محدب أو
طوبولوجيا
(2) غير اعتيادية. إن كونا
كرويا أو على شكل حلقة
doughnut shaped أو عقدة أو عود، يقتضي أن يكون بحجم
محدود تنعدم فيه الحافات. ويتيح إشعاع الخلفية الكوني
الميكروي (الصغري) الموجة
cosmic microwave background radiation إجراء اختبارات دقيقة
لهذه السيناريوهات
(3). على
أن الأدلة حتى اليوم لا تتفق معها. فالنماذج اللامتناهية
تنسجم والبيانات تماما، في حين وضعت حدود صارمة على البدائل.





نظرة إجمالية/ الأكوان
المتعددة
(***)


من بين النتائج الكثيرة للأرصاد الكونية الحديثة أن مفهوم
الأكوان المتكافئة لم يعد مجرد أفكار مجازية؛ فالفضاء يبدو لانهائيا في حجمه. وإذا كان الأمر كذلك، ففي مكان ما من الكون البعيد يصبح كل
ما هو ممكن حقيقيا مهما كان بعيد الاحتمال. وفيما وراء مجال مقاريبنا هناك مناطق أخرى من الفضاء مطابقة لمنطقتنا. وتلك المناطق هي شكل من أشكال الأكوان المتكافئة، يستطيع
العلماء حساب بُعدها على وجه التقريب.


وهذا إلى حد
كبير من الفيزياء الثابتة. فعندما يبحث علماء الكونيات في نظريات غير راسخة
بعد، يخلصون إلى أن الأكوان الأخرى قد تكون ذات خصائص وقوانين فيزيائية مختلفة
تماما. إن وجود تلك الأكوان قد يفسر جوانب عديدة غامضة من كوننا نحن، بل قد
يجيب عن تساؤلات أساسية تتعلق بطبيعة الزمن وإمكان إدراك العالَم الفيزيائي من
حولنا.






المستوى الأول من الكون المتعدد(****)

إن أبسط نمط من الكون المتكافئ هو ببساطة منطقة من الفضاء نائية جدا بحيث لم نتمكن من رصدها بعد، إذ إن أقصى ما
يمكننا رصده حاليا يبعد نحوا من 4
1026xمترا، أو 42 بليون سنة ضوئية ـ وهي المسافة
التي تمكن الضوء من قطعها منذ بدء الانفجار
الأعظم. [المسافة هي أكبر من 14 بليون سنة ضوئية لأن
التمدد الكوني جعل المسافة تطول أكثر.] إن كلا من الأكوان المتكافئة من المستوى
الأول مطابق في الأساس لكوننا، وجميع الفروق تنشأ عن اختلافات في ترتيب المادة
في بداية الكون.






أكوان متكافئة(*)  لم تعد فكرة وجود أكوان أخرى مجرد مصدر خصب  لقصص الخيال العلمي، بل إنها نتيجة مباشرة لأرصاد كونية. SCI2003b19N11-12_H01_002671




وهناك احتمال آخر هو أن الفضاء في حد
ذاته لامتناه، لكن المادة محصورة في منطقة متناهية من
حولنا، وهو النموذج المعروف تاريخيا باسم نموذج "الكون الجزيرة"
island universe model. وفي صيغة بديلة من هذا النموذج
تترقق المادة على المقاييس الكبيرة في نمط فركتلي
(كسوري)
fractal pattern. وفي كلتا
الحالتين فإن جل الأكوان في المستوى الأول من الكون المتعدد فارغة وغير ذات
حياة. إلا أن الأرصاد الحديثة للتوزع المجرِّي
الثلاثي الأبعاد وكذلك للخلفية الميكروية الموجة،
أظهرت أن ترتيب المادة يتيح المجال لانتظام ممل على المقاييس الكبيرة، مع انعدام
البنى المترابطة التي تزيد على نحو
1024 مترا.
وبافتراض استمرار هذا النموذج فإن الفضاء فيما وراء كوننا المرصود يعج بالمجرات والنجوم والكواكب.




إن الراصدين، الذين يعيشون
في أكوان المستوى الأول المتكافئة يخضعون للقوانين الفيزيائية نفسها التي نخضع لها
نحن، مع وجود اختلاف في شروط البدء
initial conditions. وطبقا للنظريات الحالية، فإن
العمليات التي حدثت في وقت مبكر من الانفجار الأعظم نَشَرت مادة بدرجة ما من
العشوائية، مولدة جميع الترتيبات الممكنة ذات الاحتمالات غير المعدومة. ويفترض
علماء الكونيات أن كوننا، بما يتميز به من توزع شبه منتظم للمادة فيه، والتقلبات
البدئية في الكثافة بمقدار جزء من 100000، هو أقرب ما
يكون إلى الكون النموذجي (على الأقل بين الأكوان التي تحتوي على راصدين). وذلك الافتراض هو الأساس الذي يقوم عليه التقدير الذي يقول
إن أقرب نسخة مطابقة لك تقع على بُعد 10 مرفوعة إلى القوة
1028 مترا. وعلى بُعد
زهاء 10 مرفوعة إلى القوة 10
92 مترا يجب أن يكون ثمة كرة، نصف قطرها مئة سنة ضوئية، مطابقة للكرة المتمركزة هنا، ومن ثم ستكون
جميع رؤانا على مدى القرن المقبل مطابقة لرؤى أندادنا
هناك. وعلى بُعد يقارب 10 مرفوعة إلى القوة

10118 مترا
لا بد أن يوجد حجم هَبل كامل مناظر لحجم هبل الخاص بنا.




هذه التقديرات معتدلة جدا، وهي مستمدة
ببساطة من إحصاء جميع الحالات الكمومية
quantum states التي يمكن أن يستوعبها حجم
هبل إذا لم تتجاوز حرارته
108 كلڤن. ومن
بين طرائق إجراء الحساب معرفة عدد الپروتونات التي
يمكن حشدها داخل حجم هبل في درجة الحرارة تلك. والجواب هو

10118 پروتون. وواقع الأمر أن كلا من تلك الجسيمات قد يكون موجودا
وقد لا يكون، وهذا يجعل عدد التراتيب الممكنة للپروتونات 2 مرفوعة إلى القوة

10118. وهكذا فإن صندوقا
يحتوي على هذا العدد من حجوم هَبل يستنفد الاحتمالات
جميعها. وبتدوير الأعداد للتقريب نجد أن قطر صندوق
كهذا يبلغ نحو 10 مرفوعة إلى القوة

10118 مترا. وأبعد
من ذلك الصندوق، لا بد أن الأكوان ـ ومنها كوننا ـ تكرر نفسها. ويمكن الحصول على
الرقم ذاته تقريبا باستعمال تقديرات دينامية حرارية
أو تقديرات تثاقلية كمومية
لمجمل المحتوى المعلوماتي للكون.




وأغلب الظن أن أقرب نظائرك الحية هو أقل بعدا بكثير مما تشير إليه هذه الأرقام،
آخذين في الحسبان عمليات تكوّن الكواكب وعمليات التطور البيولوجي التي من شأنها
أن تقلب الموازين لمصلحتك. ويعتقد علماء الفلك أن حجم هبل الخاص بنا يؤوي ما لا
يقل عن
1020 من الكواكب المأهولة التي يُحتمل أن يكون بعضها شبيها بالأرض.



ويُستعمل إطار المستوى الأول للكون
المتعدد عادة لتقييم النظريات في علم الكون الحديث، مع أن هذا النهج نادرا ما
يُشرح بوضوح ودقة. وعلى سبيل المثال تأمَّل كيف استعمل علماء الكون الخلفية الميكروية الموجة لاستبعاد هندسة كروية متناهية. إن للبقع
الحارة والباردة في خرائط الخلفية الميكروية الموجة
حجما مميزا يعتمد على درجة تقوس الفضاء. وتبدو البقع المرصودة صغيرة جدا، بحيث
لا تنسجم مع شكل كروي. غير أن من المهم توخي الدقة
الإحصائية هنا، إذ يتفاوت متوسط حجم البقعة عشوائيا من حجم هَبل إلى آخر، ومن ثم
يحتمل أن كوننا يخدعنا ـ فقد يكون كرويا ولكن اتفق أن احتوى على بقع صغيرة على
نحو غير اعتيادي. فعندما يقول علماء الكون إنهم استبعدوا النموذج
الكروي بنسبة ثقة تبلغ
%99.9، فهم يقصدون في الواقع أنه لو صح هذا النموذج، فإن
عددا من حجوم هبل لا يتجاوز 1 من 1000 سيتكشف عن بقع
صغيرة كالتي نرصدها.




خلاصة القول إن نظرية الكون المتعدد
قابلة للاختبار والتفنيد مع أننا قاصرون عن رؤية
الأكوان الأخرى. ومفتاح ذلك هو التنبؤ بماهية مجموعة الأكوان المتكافئة وتحديد
نظام للتوزيع الاحتمالي، أو ما يدعوه الرياضياتيون
"بالقياس"
measure، على تلك المجموعة. ولا بد أن يبرز كوننا كواحد من أكثر الأكوان احتمالا، وإلا ـ
أي إذا كنا نعيش (وفقا لنظرية الكون المتعدد) في كون بعيد الاحتمال ـ فذلك يعني
أن النظرية أصبحت مشكوكا فيها. وربما تصبح مسألة القياس هذه تحديا
حقيقيا، كما سأذكر لاحقا.





المستوى الثاني: فقاقيع أخرى
حدثت بعد الانتفاخ
(*****)

إذا وجدتَ أن الكون المتعدد من
المستوى الأول صعب القبول به، فحاول أن تتخيل مجموعة لانهائية من أكوان متعددة
متميزة قد يكون بعضها ذا بُعدية زمكانية
spacetime dimensionality مختلفة وثوابت فيزيائية
مختلفة أيضا. ويجري التنبؤ بتلك الأكوان المتعددة الأخرى ـ التي تؤلف كونا
متعددا من المستوى الثاني ـ من خلال نظرية ما يسمى بالانتفاخ الأزلي الشواشي
chaotic eternal inflation الواسعة الانتشار حاليا.



إن الانتفاخ inflation امتداد لنظرية الانفجار الأعظم، وهو
يربط بين كثير من الأطراف السائبة لتلك النظرية، من
مثل: لماذا كان الكون بهذا الكِبَر والانتظام والتسطح؟ يمكن تفسير جميع هذه
الصفات وغيرها جملة واحدة عن طريق تمطط
stretching خاطف، حصل في الفضاء
الكوني في الزمان السحيق [انظر: "الكون التضخمي
المتجدد ذاتيا"، مجلة العلوم ، العددان 8/9
(1995) ، ص 24]
(4). وتتنبأ بمثل هذا التمطط مجموعة كبيرة من نظريات الجسيمات الأولية، وتعضده
الأدلة العلمية المتاحة كلها. وتشير عبارة "الأزلي الشواشي"
إلى ما يحدث على أكبر المقاييس قاطبة؛ فالفضاء برمته يتمطط،
وهو دائب التمطط إلى الأبد. إلا أن بعض مناطق الفضاء
يتوقف عن التمطط مكونا فقاقيع متميزة، أشبه بجيوب
الهواء في رغيف ينتفخ أثناء خبزه. وتظهر أعداد
لانهائية من هذه الفقاقيع، وتشكل كل فقاعة منها نواة كون متعدد من المستوى
الأول: حجمه غير محدود وممتلئ بالمادة التي ترسَّبت بفعل حقل الطاقة
energy field الذي سيَّر هذا الانتفاخ.



إن المسافة التي تفصل تلك
الفقاقيع عن الأرض مسافة أكثر من لانهائية، بحيث يتعذر عليك بلوغها حتى وإن
انطلَقْتَ بسرعة الضوء إلى الأبد! والسبب في ذلك هو أن
الفضاء الفاصل بين فقاعتنا وجيرانها يتمدد بسرعة أكبر بكثير مما يمكنك مجاراته
مهما كانت سرعتك. كذلك لن تتمكن ذريتك من بعدك أبدا من
رؤية نظائرهم في أي مكان آخر في المستوى الثاني.
وللسبب نفسه، وبالنظر إلى أن التوسع الكوني في حالة تسارع كما تشير الأرصاد، قد
يتعذر عليهم رؤية ذواتهم الأخرى حتى في المستوى الأول.




يتميز الكون المتعدد من المستوى
الثاني بأنه أكثر تنوعا من الكون المتعدد من المستوى الأول. وتتفاوت
الفقاقيع لا في شروط بدئها فقط، بل فيما يبدو أنه الجوانب الثابتة من طبيعتها. والرأي
السائد في الفيزياء اليوم هو أن بُعدية الزمكان
وخصائص الجسيمات الأولية والكثير مما يدعى الثوابت الفيزيائية، لا يمكن أن تؤلف
قوانين فيزيائية، لكنها نتاج عمليات تُعرف باسم كسر التناظر
symmetry breaking. فعلى سبيل المثال، يعتقد
العلماء النظريون أن فضاء كوننا كان له فيما مضى تسعة
أبعاد جميعها على مستوى واحد، وقد حدث في باكورة التاريخ الكوني أن اشتركت ثلاثة
أبعاد منها في عملية التوسع الكوني وأصبحت هي الأبعاد الثلاثة التي نعرفها
اليوم؛ أما الأبعاد الستة الأخرى فقد أصبحت غير مرئية الآن، إما لأنها بقيت بحجم
ميكروي وبصفات طوبولوجية
تشبه الحلقة، أو لأن المادة كلها حُصرت بسطح ثلاثي الأبعاد (غشاء) ضمن الفضاء التساعي الأبعاد
nine-dimensional space.



وهكذا انفرط التناظر الأصلي فيما بين
الأبعاد، فغدا بإمكان التقلبات الكمومية التي تسيِّر
الانتفاخ الشواشي أن تتسبب في إحداث كسر في التناظر،
يتباين في الفقاقيع المختلفة، وبذلك قد يغدو بعضها رباعي الأبعاد، وقد يحتوي
بعضها الآخر على جيلين اثنين من الكواركات
quarks بدلا من
ثلاثة أجيال، بل قد يكون لبعضها ثابت كوني أقوى مما يمتلكه كوننا.




وثمة طريقة أخرى لتوليد كون متعدد من المستوى الثاني، ربما عن طريق دورة ولادة
لأكوان واندثار لها. وقد عرض هذه الفكرة ـ في سياق علمي ـ الفيزيائي<
C.R. تولمان> في الثلاثينات من القرن
الماضي، ثم طورها حديثا <
J.P. ستاينهارت>
[من جامعة پرنستون] و<
N. توروك>
[من جامعة كامبريدج]. يقوم اقتراح <ستاينهارت وتوروك> وما يتصل
به من نماذج على إضافة غشاء ثان ثلاثي الأبعاد متكافئ تماما غشائنا؛ إلا أنه
موضوع في بُعد أعلى
(5). إن هذا الكون المتكافئ
ليس في الحقيقة كونا منفصلا لأنه يتآثر مع كوننا نحن.
إلا أن مجموعة الأكوان ـ الماضية والحاضرة والمستقبلة ـ التي تحدثها هذه الأغشية
ستؤلِّف كونا متعددا لا ريب أن له من صفات التنوع ما يشبه الأكوان المتولدة من
طريق الانتفاخ الشواشي. ثم إن
هناك فكرة اقترحها الفيزيائي<
L. سمولين>
[من معهد پيريميتر في ووترلو
بأونتاريو] تتناول كونا متعددا آخر مشابها في تنوعه
لكون المستوى الثاني، إلا أنه يتغير وينتج أكوانا جديدة من خلال الثقوب السوداء
لا عن طريق فيزياء الأغشية.






أكوان متكافئة(*)  لم تعد فكرة وجود أكوان أخرى مجرد مصدر خصب  لقصص الخيال العلمي، بل إنها نتيجة مباشرة لأرصاد كونية. SCI2003b19N11-12_H01_002672

تعضد
البيانات الكونية الفكرة القائلة بأن الفضاء ممتد إلى أبعد من حدود كوننا
المرصود. وقد قام الساتل WMAP مؤخرا بقياس التقلبات
في الخلفية الميكروية الموجة (الشكل الأيسر)، ووجد
أن أقوى التقلبات يتجاوز عرضها نصف درجة بقليل، وهذا يدل ـ بتطبيق القواعد
الهندسية ـ على اتساع الفضاء أو لانهائيته (الشكل
الأوسط). [ثمة تحذير: يظن بعض علماء الكون أن النقطة
النابية في يسار الرسم البياني دليل على كون محدود الاتساع.] إضافة إلى ذلك
كشف الساتل WMAP والمسح المجري للانزياح
الأحمر 2dF Galaxy Redshift Survey عن أن الفضاء على المقاييس الكبيرة مملوء
بالمادة بصورة منتظمة (الشكل الأيمن)، وهذا يعني أن الأكوان الأخرى لها مظهر
مماثل لكوننا في الأساس.





ومع أننا لا نستطيع التآثر مع أكوان متكافئة أخرى من المستوى الثاني، إلا أن
علماء الكونيات قادرون على استنتاج وجودها بصورة غير مباشرة، إذ إن وجودها قد
يفسر حوادث قد تقع مصادفة، لا تفسير لها في كوننا. ولتقريب
ذلك إلى الأذهان افترِضْ أنك دخلت فندقا لحجز غرفة فيه، وخُصِّصت لك الغرفة رقم
1967، فلاحظت أن هذا الرقم هو سنة مولدك عينها، فلا تملك إلا أن تقول: يا
للمصادفة. على أنك بعد لحظة من التأمل تجد أن الأمر
ليس على تلك الدرجة من الغرابة كما ظننت؛ فقد يكون في الفندق مئات الغرف، وما
كان لهذه الأفكار أن تراودك أصلا لو خُصِّصت لك غرفة تحمل رقما لا يعني لك شيئا.
فالفكرة هنا إذًا هي أنك حتى لو كنت لا تعرف شيئا عن
الفنادق، تستطيع استنتاج وجود غرف فندقية أخرى لتفسير المصادفة.





المستوى الثاني من الكون المتعدد(******)

ينشأ عن نظرية الانتفاخ الكوني نمط من
الأكوان المتكافئة أكثر تطورا نوعا ما. ومجمل الفكرة
أن كوننا المتعدد من المستوى الأول ـ أي كوننا بحد ذاته وما جاوره من الفضاء ـ
هو فقاعة مغروسة في حجم أضخم منه ولكنه خاو في معظمه، علما بأن ثمة فقاقيع أخرى
منفصلة عن فقاعتنا. وتتولد هذه الفقاقيع كنوى أشبه
بتولد قطرات المطر في سحابة. وفي غضون عملية تولد نوى الفقاقيع تضفي تغيرات
الحقول الكمومية على كل فقاعة خصائص تميزها عن
الفقاقيع الأخرى.





أكوان متكافئة(*)  لم تعد فكرة وجود أكوان أخرى مجرد مصدر خصب  لقصص الخيال العلمي، بل إنها نتيجة مباشرة لأرصاد كونية. SCI2003b19N11-12_H01_002673




توليد نوى
الفقاقيع



يتسبب
حقل كمومي يُعرف باسم الانتفاخ في تمدد الفضاء
تمددا سريعا. وفي الفضاء الرحب تحُول التقلبات العشوائية دون تلاشي الحقل. ومع
ذلك يفقد الحقل شدته في مناطق معينة منه، فيتباطأ التمدد، وتتحول تلك المناطق
إلى فقاقيع.



الدليل


يستنتج
علماء الكون وجود أكوان متكافئة من المستوى الثاني عن طريق التدقيق في خصائص
كوننا. وقد تشكلت هذه الخصائص، التي تشتمل على شدة قوى الطبيعة (في اليسار
مباشرة) وعدد الأبعاد المكانية والزمانية المرصودة (في أقصى اليسار)، من خلال
عمليات عشوائية في أثناء ولادة كوننا. ومع ذلك فهي تمتلك القيم الدقيقة التي
تغذي الحياة. وذلك يوحي بوجود أكوان أخرى ذات قيم أخرى مختلفة.





وكمثال أقرب، ادرسْ كتلة الشمس. إن
كتلة أي نجم هي التي تحدد درجة ضيائيته (تألقه)
luminosity، فيمكن ـ باستعمال مبادئ الفيزياء
الأساسية ـ أن نحسب أن الحياة كما نعرفها على الأرض غير ممكنة إلا إذا وقعت كتلة
الشمس داخل المدى الضيق ما بين 1.6

1030x و 1030x 2.4
كيلوغرام. وبغير
ذلك سيكون مناخ الأرض أبرد من مناخ كوكب المريخ حاليا، أو أشد حرارة من كوكب
الزهرة اليوم. ومن المعروف أن الكتلة الشمسية، وفقا
للحسابات العلمية، تبلغ 1030x 2.0 كيلوغرام. للوهلة الأولى تبدو هذه المصادفة
الظاهرية لقيم الكتلة المحسوسة والمرصودة ضربة حظ محض.
وتقع الكتل النجمية بين 1029 و 1032 كيلوغرام، ومن ثم
فإذا كانت الشمس قد اكتسبت كتلتها مصادفة، فإن احتمال وقوعها ضمن الحيز




المأهول احتمال
ضئيل جدا. ولكن، كما في مثال الفندق، يمكننا تفسير هذا
الاتفاق الظاهري بافتراض وجود مجموعة
ensemble (هي في هذه الحالة عدد من
المنظومات الكوكبية) وأثر انتقائي
selection
effect

(هو أننا سنجد أنفسنا بالضرورة نعيش على كوكب مأهول). توصف مثل
هذه الآثار الانتقائية ذات العلاقة بالراصد بأنها ذات علاقة بالحياة البشرية
anthropic. وعلى الرغم مما يُنسب إلى الكلمات
التي تبدأ بالحرف (
a) من أنها مثيرة للجدل،
يتفق الفيزيائيون عموما على أن هذه الآثار الانتقائية لا يمكن إهمالها لدى
اختبار صحة النظريات الأساسية.




إن ما يصح في حالة غرفة الفندق
والمنظومات الكوكبية يصح في الأكوان المتكافئة كذلك؛ إذ تبدو معظم الخواص التي
يحددها كسر التناظر (إن لم نقل كلها) وكأنها محددة بدقة، وإن أي تغيير في قيمها
بمقادير طفيفة كان سيؤدي إلى كون مختلف نوعيا ـ كون لا
يحتمل أن نكون موجودين فيه. فلو كانت الپروتونات أثقل
بمقدار %
0.2 لاضمحلت إلى نيوترونات وأفسدت بذلك استقرار الذرات؛ ولو كانت القوة الكهرمغنطيسية أضعف بمقدار %4 لانعدم
الهدروجين والنجوم المعتادة؛ ولو كان التآثر النووي
الضعيف أشد ضعفا لما وُجد الهدروجين أصلا. وبالمقابل لو كان هذا التفاعل أقوى
بكثير لعجزت المستعرات الأعظمية
supernovae عن مد الفضاء البينجمي بالعناصر الثقيلة. ولو كان الثابت الكوني أكبر
بكثير لانفتق الكون قبل أن تتشكل المجرات.




ومع أن درجة الضبط مازالت محل خلاف،
فإن هذه الأمثلة تشير إلى وجود أكوان متكافئة مع قيم أخرى للثوابت الفيزيائية
[انظر: "استكشاف كوننا وأكوان أخرى"، مجلة العلوم ، العدد 1 (2003) ،
ص 62]. وتتنبأ نظرية الكون المتعدد من المستوى الثاني بأن الفيزيائيين لن
يتمكنوا أبدا من تحديد قيم هذه الثوابت من المبادئ الأولى، بل إنهم سيحسبون فقط
التوزيعات الاحتمالية لما يتوقعون وجوده، آخذين الآثار الانتقائية في الحسبان،
ولا شيء أكثر من ذلك. ويستتبع هذا أن تكون النتيجة شاملة بما ينسجم
مع وجودنا.





المستوى الثالث: عوالم متعددة كمومية(*******)

تشتمل الأكوان المتعددة من
المستوى الأول والمستوى الثاني على عوالم متكافئة نائية تقع وراء نطاق قدرة
علماء الفلك أنفسهم. لكن المستوى التالي للكون المتعدد قريب منك وفي متناولك، وهو ينشأ عن تفسير الميكانيك
الكمومي للعوالم المتعددة (وهو تفسير معروف وخلافي)،
ويتمحور حول فكرة أن عمليات كمومية عشوائية تتسبب في
تفرع الكون إلى "نسخ" متعددة، تخص كل منها حصيلة محتملة.




في مطلع القرن العشرين أحدثت نظرية الميكانيك الكمومي ثورة في علم
الفيزياء، وذلك بإعطاء تفسير لدنيا الذرة لا يلتزم القواعد التقليدية لميكانيك نيوتن. وعلى الرغم من النجاحات
الواضحة التي حققتها النظرية، يحتدم نقاش حاد حول معناها الحقيقي. فهي تعيِّن
حالة الكون لا عن طريق المفاهيم التقليدية كمواقع جميع الجسيمات وسرعاتها، بل عن طريق كائن رياضياتي
يدعى الدَّالة الموجية
wave function. تتطور هذه الحالة مع الزمن، وفقا
لمعادلة شرودينگر
SchrÖdinger equation، بأسلوب يسميه علماء
الرياضيات تكامليا "واحديا"
unitary، ويعني أن الدالة الموجية تدور في فضاء مجرد لانهائي الأبعاد يدعى فضاء هيلبرت Hilbert space. ومع أن الميكانيك
الكمومي كثيرا ما يوصف بأنه، بطبيعته، عشوائي وغير
محدد بدقة، فإن الدالة الموجية تتطور بطريقة حتمية
مقررة ليس فيها ما هو عشوائي أو غير محدد بدقة.




وتكمن الصعوبة في كيفية ربط هذه
الدالة الموجية بما نرصده. فكثير من الدالات الموجية التقليدية يقابل حالات مضادة للحدس
counterintuitive situations من مثل وجود قطة ميتة وحية في الوقت
نفسه، فيما يسمى بالتراكب
superposition. وفي العشرينات من القرن
العشرين أزال الفيزيائيون هذه الغرابة بافتراض أن الدالة الموجية
كانت "تنهار" إلى حصيلة تقليدية محددة كلما قام شخص بإجراء عملية رصد.
ويعود لهذه الإضافة الفضل في تفسير الأرصاد، إلا أنها حولت نظرية راقية متكاملة
إلى نظرية مبتذلة لامتكاملة. ويُذكر أن الصفة
العشوائية التي تُنسب إلى الميكانيك الكمومي هي نتيجة لهذه المسلَّمة.




ومع مرور السنين تخلَّى كثير
من الفيزيائيين عن هذا الرأي واتجهوا إلى رأي آخر تقدم به سنة 1957 <
H. إيڤريت
III > [طالب الدراسات
العليا في جامعة پرنستون]، الذي برهن على أن فرضية
الانهيار لا موجب لها، علما أن نظرية الميكانيك الكمومي بحالتها الأصلية الصرفة
لا تُظهر في الواقع أي تناقضات. ومع أنها تتنبأ بأن حقيقة تقليدية
classical reality واحدة تنقسم تدريجيا إلى تراكبات تتألف من عدد من هذه الحقائق، لا يجد الراصدون في
هذا الانقسام أكثر من عشوائية طفيفة تتطابق الاحتمالات فيها مع احتمالات مسلَّمة
الانهيار القديمة تطابقا تاما. إن هذا التراكب في العوالم التقليدية هو الكون المتعدد من المستوى الثالث.





المستوى الثالث من الكون المتعدد
(********)


يتنبأ الميكانيك
الكمومي بعدد كبير جدا من الأكوان المتكافئة عن طريق
توسيع مفهوم "في مكان آخر"
elsewhere. تقع هذه الأكوان في مكان
آخر؛ لا في الفضاء المعتاد، بل في مملكة مجردة مؤلفة من الحالات المحتملة كافة،
بحيث إن كل شكل يمكن التخيل أن يتخذه العالَم (ضمن نطاق الميكانيك
الكمومي) يقابل كونا مختلفا. تبعث الأكوان المتكافئة
الشعور بوجودها في التجارب المختبرية، من مثل التداخل
الموجي والحوسبة الكمومية.





أكوان متكافئة(*)  لم تعد فكرة وجود أكوان أخرى مجرد مصدر خصب  لقصص الخيال العلمي، بل إنها نتيجة مباشرة لأرصاد كونية. SCI2003b19N11-12_H01_002674


أحجار
النرد الكمومية



quantum
disc

تصور حجر نرد مثاليا عشوائيته كمومية صرفة. عند رميه يبدو أنه
يستقر على قيمة معينة كيفما اتفق. غير أن الميكانيك الكمومي يتنبأ بأنه يستقر على القيم كلها في آن معا. ومن الطرائق المتبعة للتوفيق بين هذه الآراء المتناقضة
افتراض أن حجر النرد يستقر على قيم مختلفة في أكوان مختلفة. ففي سدس هذه الأكوان يستقر النرد على القيمة 1، وفي سدس آخر
يستقر على 2، وهكذا. ولما كنا محصورين في كون واحد فلا يمكننا إدراك أكثر من جزء
من الحقيقة الكمومية الكاملة.




طبيعة
الزمن



يتعامل
معظم الناس مع الزمن باعتباره أسلوبا لوصف التغير. ففي
لحظة ما يكون للمادة ترتيب معين؛ وبعد لحظة يصير لها ترتيب آخر (في اليسار).
ويشير مفهوم الأكوان المتعددة إلى رؤية أخرى بديلة: فإذا ضمت الأكوان
المتكافئة جميع التراتيب المحتملة للمادة (في
اليمين)، كان دور الوقت ببساطة هو تنظيم تلك الأكوان في سلسلة، بحيث تكون
الأكوان نفسها مستقرة، والتغير وَهْمًا، إلا أنه وهم شائق.





الخاصية
التعددية للطاقة



إن
الأكوان المتكافئة الكمومية ـ طبقا لمبدأ الخاصية
التعددية للطاقة ـ معادِلة لأنماط واقعية من الأكوان المتكافئة. وينقسم الكون الكمومي بمرور الزمن إلى أكوان متعددة (في اليسار). إلا أن تلك الأكوان الجديدة لا تختلف عن الأكوان المتكافئة
الموجودة أصلا في مكان آخر من الفضاء ـ مثلا في أكوان أخرى من المستوى الأول
(في اليمين). والفكرة الأساسية هنا هي أن الأكوان
المتكافئة، مهما كان نوعها، تجسد طرائق مختلفة كان يمكن للأحداث أن تكشف عنها.



ما انفك تفسير< إيڤريت> لتعدد العوالم يحير عقول العلماء داخل
ميادين الفيزياء وخارجها لأكثر من أربعة عقود من الزمن. إلا أن النظرية تصبح
ميسورة الفهم أكثر فأكثر عندما يميز المرء بين أسلوبين للتعامل مع نظرية
فيزيائية: أسلوب النظرة الخارجية لفيزيائي يدرس معادلاتها الرياضياتية،
بما يشبه طائرا يتفحص رقعة أرض طبيعية من الجو، وأسلوب النظرة الداخلية لراصد
يعيش في العالَم الموصوف بالمعادلات، بما يشبه ضفدعا يعيش
في الرقعة الأرضية التي يتفحصها الطائر.




يظهر الكون المتعدد من المستوى
الثالث، من منظور الطائر، بسيطا. فليس ثمة إلا دالة موجية واحدة تتطور بيسر وحتمية مقررة مع الزمن من دون أي
نوع من الانقسام أو التوازي. ويضم العالم الكمومي
المجرد الذي تصفه الدالة الموجية المتطورة هذه عددا
هائلا من الخطوط التقليدية المتكافئة التي تنقسم وتندمج بصفة مستمرة، إضافة إلى
عدد من الظواهر الكمومية التي تفتقر إلى الوصف
التقليدي. ولا يرى الراصدون ـ من منظور ضفدعهم ـ أكثر
من جزء ضئيل من هذه الحقيقة الكاملة. إن بوسعهم رؤية الكون الخاص بهم من المستوى
الأول، غير أن عملية تسمى فك الترابط
decoherence (التي تحاكي انهيار
الدالة الموجيَّة في حين تحافظ على الواحدية
unitarity) تحول دون رؤيتهم نسخا
متكافئة من المستوى الثالث لأنفسهم.




وكلما تعرض الراصدون لسؤال واتخذوا
قرارا سريعا ثم أعطوا الجواب، أفضت الآثار الكمومية
في أدمغتهم إلى تراكبات من النواتج من مثل:
"تابع قراءة المقالة" و "دع المقالة جانبا". فمن منظور الطائر يتسبب اتخاذ القرار في انقسام الشخص (أو
تشعبه) إلى نسخ مركبة: نسخة تتابع القراءة وأخرى تتوقف عنها. أما من منظور
الضفدع فإن كلا من هذه الذوات الأخرى غير واعية للأخرى، وتلاحظ التشعب كعشوائية
ضئيلة ليس إلا، تتمثل في احتمالية معينة للاستمرار في القراءة أو التوقف عنها.




وبقدر ما يبدو الأمر غريبا، فإن
هذا الموقف ذاته يحدث تماما حتى في الكون المتعدد من المستوى الأول. فمن الواضح
أنك قررت متابعة قراءة المقالة، على حين أن أحد ذواتك
الأخرى في مجرة نائية ترك المجلَّة بعد قراءة الفقرة الأولى. إن الفرق الوحيد
بين المستوى الأول والمستوى الثالث يكمن في مكان إقامة نظرائك الأحياء. ففي
المستوى الأول يقيمون في مكان آخر من فضاء قديم ملائم ثلاثي الأبعاد؛ أما في
المستوى الثالث فيقيمون على فرع كمومي آخر في فضاء هيلبرت اللانهائي الأبعاد.




ويعتمد وجود المستوى الثالث على
افتراض حاسم هو أن التطور الزمني للدالة الموجية واحدي (متفرد). ولم تظهر التجارب حتى الآن أي انحراف عن
نظام الواحدية هذا، بل أكدته على مدى العقود الماضية
فيما يتعلق بالمنظومات الكبيرة مثل جزيئات الكربون 60 الكروية والألياف الضوئية
بطول كيلومتر. ومن الناحية النظرية تعززت حالة الواحدية
باكتشاف عملية فك الترابط [انظر: "مئة عام من الأسرار
الكمومية"، مجلة العلوم ، العددان
2/3 (2003) ص 78]. على أن بعض النظريين ممن يشتغلون في مجال الثقالة
الكمومية شككوا بحالة الواحدية؛
ومن بين المحاذير أن الثقوب السوداء المتبخرة قد تتلف
المعلومات، وهي عملية غير واحدية. لكن كشفًا علميا
حديثا مثيرا في نظرية الأوتار
string theory يعرف باسم تَقابُل AdS/CFT يشير إلى أن الثقالة الكمومية quantum gravity بحد ذاتها واحدية. فإذا كان الأمر كذلك، فإن
الثقوب السوداء لا تتلف المعلومات، بل تنقلها إلى مكان


آخر.



وإذا كانت الفيزياء واحدية، استلزم ذلك أن تتغير الصورة القياسية لآلية
التقلبات الكمومية التي كان لها دور فاعل في بداية
الانفجار الأعظم. إن هذه التقلبات لم تولد شروط بدء كيفما اتفق، وإنما ولدت
تراكبا كموميا من جميع شروط البدء الممكنة التي وجدت
في وقت واحد. ثم حدثت عملية فك الترابط، فحملت شروط البدء هذه على نهج سلوك
تقليدي في فروع كمومية منفصلة. والنقطة المهمة هنا هي
أن توزيع أنماط النواتج على فروع كمومية مختلفة في
حجم هبل معيَّن (المستوى الثالث) يطابق توزيع أنماط النواتج في حجوم هبل مختلفة ضمن فرع كمومي
وحيد (من المستوى الأول). وتُعرف خاصية التقلبات الكمومية
هذه في سياق الميكانيك الإحصائي باسم الخاصية
التعددية للطاقة
ergodicity.



ويصح هذا الاستدلال المنطقي نفسه على
المستوى الثاني. فعملية كسر التناظر لم تنتج حصيلة
وحيدة، بل تراكبا من جميع أنماط النواتج، التي ما لبثت أن مضى كل منها إلى غايته
بسرعة. واستنادا إلى ذلك، فإذا أتيح للثوابت الفيزيائية والبُعدية
الزمكانية وغيرها أن تتباين فيما بين الفروع الكمومية المتكافئة عند المستوى الثالث، فإنها ستتباين أيضا
فيما بين الأكوان المتكافئة عند المستوى الثاني.




وبتعبير آخر، إن الكون المتعدد من
المستوى الثالث لا يضيف شيئا جديدا وراء نطاق المستوى الأول والمستوى الثاني،
اللهم إلا مزيدا من النسخ المتماثلة من الأكوان نفسها التي يتعذر تمييز بعضها من
بعض ـ أي الخطوط القديمة التي تتكرر مرة بعد مرة في تفرعات كمومية
أخرى. لذلك تبدو المناقشة المشبوبة حول نظرية إيڤريت
وكأنها تنتهي بخفوت مفاجئ، باكتشاف أكوان متعددة أقل إثارة للجدل (من المستويين
الأول والثاني) وبالدرجة نفسها من الكِبَر.




وغني عن القول إن الآثار المترتبة
عميقة، ومازال الفيزيائيون في بداية الطريق لاستكشافها. انظر مثلا في تفرعات
الإجابة عن تساؤل قديم يقول: هل يزداد عدد الأكوان ازديادا أُسِّيا مع مرور
الزمن؟ والجواب المثير للدهشة هو: لا. فمن منظور الطائر لا يوجد بالطبع إلا كون كمومي واحد؛ ومن منظور الضفدع ما يهم هو عدد الأكوان
المتماثلة التي يتعذر تمييز بعضها من بعض في لحظة ما ـ أي عدد حجوم هبل الظاهرة الاختلاف. تخيل نقل الكواكب إلى مواقع
جديدة عشوائية؛ تخيل زواجك من امرأة أخرى؛ وهكذا. وعند
المستوى الكمومي هناك 10 مرفوعة إلى القوة 10
118 من
الأكوان بدرجات حرارة تقل عن 108 كلڤن، وهذا
عدد كبير إلا أنه متناه.




إن تطور الدالة الموجية
من منظور الضفدع يقابل انزلاقا لانهائيا من إحدى هذه الحالات (البالغ عددها 10
مرفوعة إلى القوة
10118) إلى أخرى. فالآن أنت في الكون A، وهو الكون الذي تقرأ فيه هذه
الجملة. والآن أنت في الكون
B، وهو الكون الذي تقرأ فيه
هذه الجملة الأخرى. بتعبير آخر، إن في الكون
B راصدا مطابقا لراصد في الكون A، إلا أنه يتصف بلحظة إضافية من
الذكريات. ولما كانت الحالات الممكنة جميعها موجودة في
كل لحظة، فقد يكون مرور الزمن متركزا في عين الناظر. وقد تحرى<
G. إيگان
>هذه الفكرة سنة 1994 في رواية له من الخيال العلمي بعنوان "مدينة
التباديل"
Permutation City، ثم طورها الفيزيائي< D. دويتش>
[من جامعة أكسفورد] والفيزيائي المستقل <
J. باربر>
وغيرهما. من هنا قد يكون إطار الكون المتعدد عنصرا أساسيا لإدراك طبيعة الزمن.





المستوى الرابع: بُنى رياضياتية أخرى(*********)

قد تتباين شروط البدء والثوابت
الفيزيائية في الأكوان المتعددة من المستوى الأول والمستوى الثاني والمستوى
الثالث، إلا أن القوانين الأساسية التي تحكم الطبيعة تبقى على حالها لا تتبدل.
لماذا الوقوف عند هذا الحد؟ لماذا لا يتاح للقوانين نفسها أن تتغير؟ ماذا عن كون
يخضع لقوانين الفيزياء التقليدية دون آثار كمومية؟
ماذا عن الزمن الذي يأتي بخطوات متقطعة
discrete ـ كما في الحواسيب ـ بدلا من أن يكون مستمرا؟ وماذا بشأن كون هو
ببساطة شكل فارغ اثناعشري السطوح؟ إن هذه الحقائق
البديلة جميعا موجودة فعلا في الكون المتعدد من المستوى الرابع.




إن الإشارة إلى أن كونا
متعددا كهذا قد لا يكون مجرد تخمين عبثي تتجسد في التطابق المحكم بين عوالم
المنطق المجرد وعوالم الحقيقة الملموسة. فالمعادلات والبنى
الرياضياتية عموما من مثل الأعداد والمتجهات
والكائنات الهندسية تصف العَالَم بمظهر واقعي لافت. وفي هذا السياق نذكر محاضرة مشهورة قدمها سنة 1959 الفيزيائي <
P.E. ويگنر>
جادل فيها بأن الفائدة العظيمة للرياضيات في العلوم الطبيعية أمر "يقارب
اللغز". وبالمقابل تتميز البنى الرياضياتية بصفة الواقعية والحقيقة؛ فهي تلبي معيارا
أساسيا للوجود المحسوس، وهو أنها لا تتغير بغض النظر عمن يدرسها، والمبرهنة
theorem صحيحة سواء أكان برهانها من عمل
إنسان أم حاسوب أم دلفين ذكي. ولا شك أن الحضارات
الخارجية المحتملة ستجد البُنى الرياضياتية
نفسها التي وجدناها نحن. وبناء على ذلك يقول علماء الرياضيات عموما إنهم يكتشفون
البُنى الرياضياتية ولا
يبتدعونها.





أكوان متكافئة(*)  لم تعد فكرة وجود أكوان أخرى مجرد مصدر خصب  لقصص الخيال العلمي، بل إنها نتيجة مباشرة لأرصاد كونية. SCI2003b19N11-12_H01_002675


لغز الاحتمال(**********)


ما الاحتمالات المتاحة؟

في الوقت الذي تَلْقى فيه نظريات
الأكوان المتعددة قبولا، تتنامى القضية الشائكة حول
كيفية حساب الاحتمالات في الفيزياء، وتتحول من مجرد مسألة ثانوية مزعجة إلى مصدر
إرباك كبير. فإذا كان هناك فعلا نسخ عديدة مطابقة لك، عند ذلك سيُنسف مبدأ
الحتمية
determinism التقليدي؛ ولن تستطيع
حساب مستقبلك الشخصي ولو توافرت لك المعلومات الكاملة عن حالة الكون المتعدد،
وذلك لعدم وجود طريقة تجعلك تقرر أيا من ه
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

أكوان متكافئة(*) لم تعد فكرة وجود أكوان أخرى مجرد مصدر خصب لقصص الخيال العلمي، بل إنها نتيجة مباشرة لأرصاد كونية. :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

أكوان متكافئة(*) لم تعد فكرة وجود أكوان أخرى مجرد مصدر خصب لقصص الخيال العلمي، بل إنها نتيجة مباشرة لأرصاد كونية.

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
»  هل ان وجود الكون دليل على وجود الله؟
» الأعضاء المحتجِبون في المنظومات الكوكبية(*) لا تتكوّن المنظومة الشمسية من كواكب فقط، إذ إنها مزدحمة أيضا بالكويكبات والمذنبات. تُرى، هل هذه هي الحال أيضا في منظومات كوكبية أخرى؟
» كيفية البحث عن وجود حياة على المريخ(*) قد تقدم التجارب التي يجري الآن تطويرها إجابة حاسمة عن واحد من أعقد الأسئلة في العلم وهو: هل ثمة وجود لحياة خارج كرتنا الأرض
» اطــروحـــــة ســلــطـــــة المـــعــرفـــــــــة من فكرة القانون الى فكرة الانسجام مع الطبيعة واحترام النص
»  هل ان وجود الكون دليل على وجود الله؟

صلاحيات هذا المنتدى:تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: منبر البحوث المتخصصة والدراسات العلمية يشاهده 23456 زائر-
إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوعانتقل الى: