** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
الرئيسيةالرئيسية  الأحداثالأحداث  المنشوراتالمنشورات  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

 

 تطور استثنائي مذهل(*)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
نابغة
فريق العمـــــل *****
نابغة


التوقيع : المنسق و رئيس قسم الفكر والفلسفة

عدد الرسائل : 1497

الموقع : المنسق و رئيس قسم الفكر والفلسفة
تعاليق : نبئتَ زرعة َ ، والسفاهة ُ كاسمها = ، يُهْدي إليّ غَرائِبَ الأشْعارِ
فحلفتُ ، يا زرعَ بن عمروٍ ، أنني = مِمَا يَشُقّ، على العدوّ، ضِرارِي

تاريخ التسجيل : 05/11/2009
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 2

تطور استثنائي مذهل(*) Empty
07022016
مُساهمةتطور استثنائي مذهل(*)

تطور استثنائي مذهل(*)
مرت الأسماك البلطية بمدى استثنائي مذهل من تطور الأنواع(1).
وتظهر أبحاث جينومية حديثة مايعنيه ذلك ولمَ حدث.
 
 باختصار

  الأسماك البلطية هي الفصيلة الأكثر تنوعا بين الحيوانات الفقارية المسجلة، بأكثر من 2500 نوع.

  والسَلْسَلة الحديثة لجينومات أسماك بلطية عديدة أخذت تزودنا بمفتاح لغز تنوعها المذهل.

  وتظهر جينومات الأسماك البلطية عددا من الميزات الخاصة بها التي ربما تكون قد عجّلت تطور هذه المجموعة من الميزات.

  وقد تفسر سمات جينومية أخرى ميل الأسماك البلطية إلى تكرار تطوير التكيفات ذاتها بشكل مستقل.

 
 
[rtl]تشكل بحيرة فيكتوريا في إفريقيا موطنا لواحدة من أعظم تجارب التطور. فما بدأ في مياهها كسلسلة نسبlineage وحيدة تنتمي إلى أسماك الفصيلة البلطية cichlid family، أنتج فيما بعد منظومة باهرة من الأشكال. ومثيلا لعصافير <شارلز داروين> الشهيرة التي طورت طيفا واسعا من أشكال وأحجام المناقير لتستفيد من مصادر الطعام المختلفة المتاحة في جزر كالاپاكوس Galapagos، تمثل هذه الأسماك البلطية cichlids مثالا تعليميا لما يطلق عليه البيولوجيون مصطلح إشعاع (تشعع) تكيفي adaptive radiation - الظاهرة التي تقوم من خلالها سلسلة نسب واحدة بإنتاج العديد من الأنواع التي تطور تخصصات مختلفة استجابة لمنظومة من العوامل البيئية. إلا أن الأسماك البلطية في بحيرة فيكتوريا تفوق إلى حد بعيد عصافير <داروين> في السرعة المذهلة التي تنوعت بها: أكثر من الخمسمئة نوع التي تعيش هناك في الوقت الحاضر، وهناك فقط، جميعها تطور خلال ألـ 10 إلى 15 ألف سنة الماضية - وهي مدة تعادل رمشة عين من المنظور الجيولوجي - مقارنة بالأربعة عشر نوعا من العصافير التي تطورت على مدى عدة ملايين من السنين.
 
[/rtl]
[rtl]وليست بحيرة فيكتوريا الموطن الوحيد للأسماك البلطية. فأعداد أخرى من بحيرات الماء العذب الأستوائية والأنهار في إفريقيا والأمريكتين ورأس شبه القارة الهندية؛ تؤوي أسماكا بلطية خاصة بها. ويقدر ما تشمله الفصيلة بأكثر من 2500 نوع في جميع مواطنها. وتُربى بعض هذه الأنواع مثل التلابيات tilapias كمصدر غذائي وهي من أهم الأنواع المائية المستثمرة حول العالم. بينما تشيع أغلب الأنواع مثل سمك أوسكار oscar وسمك الملائكةanglefish لدى محبي الأحواض المائية لجمالها وسلوكها المميز في المغازلة والتعامل مع صغارها. ويبقى العديد من الأنواع بانتظار المزيد من التوصيف. وتتشاطر الأسماك البلطية بحيراتها مع فصائل أخرى من الأسماك، ولكن الأسماك البلطية تمكنت وحدها من تطوير نوعها to speciate بهذا الشكل الواسع والسريع. وبالتأكيد، لا تستطيع أي مجموعة من الحيوانات الفقارية أن تنافس الأسماك البلطية في العدد الهائل لأنواعها وضروب أشكال وألوان أجسامها وسلوكها. فمن ناحية أخرى، وفي الوقت نفسه، غالبا ما تكررت العملية التطورية ذاتها في هذه الأسماك: عدد من التكيفات نفسها تطور بشكل متوازٍ في سلاسل نسب منفصلة - وهي خاصية لافتة للنظر.
 
[/rtl]
[rtl]لطالما تعجبت مع علماء آخرين من الأشكال العديدة للأسماك البلطية متسائلين عن العوامل التي ساعدت هذه المجموعة على تمايزها المذهل. وأتاحت لنا الإنجازات الحديثة في تقانة سَلْسَلِة الجينوم genome sequencing أن ننقب عن الدنا DNA الخاص بها بحثا عن دلائل لهذه الغزارة التطورية. ومع أننا ما زلنا بعيدين تماما عن حل لغز تنوع الأسماك البلطية، إلا أننا اكتشفنا بعض الصفات الخاصة لجينوماتها التي ربما أتاحت لها أن تتنوع بهذه السرعة وأن تطور بعض السمات بشكل متكرر. وبدراستنا للركائز الجينية للنجاح المذهل لهذه المجموعة من الأسماك نلقي الضوء على آليات التطور ذاته - تبصرات سوف تساعد الباحثين على فك كود decode أصول الأنواع.
 
[/rtl]
تطور استثنائي مذهل(*) 2015_06_05_65
تنوع مدهش من الأسماك البلطية في بحيرة شرق إفريقيا. والأنواع التي يُقدر عددها بنحو 500 نوع، هي أمثلة على الأنواع المعروضة هنا، ويعتقد أنها نشّأت في 1500 سنة الماضية - وتلك فترة زمنية قصيرة.
 
مختلف لكن الشيء نفسه(**)
 
[rtl]للحصول على صورة أوضح عن مدى روعة تنوع الأسماك البلطية، يمكننا النظر بعين الاعتبار إلى الأشكال في بحيرة فيكتوريا والبحيرتين الأخريين التي حدثت فيهما الإشعاعات الرئيسية للأسماك البلطية الشرق إفريقية: بحيرة مالاوي التي ربما تؤوي 800 إلى 1000 نوع، وبحيرة تانكانيقا التي تؤوي ما يقارب 250 نوعا من سلاسل نسب الأسماك البلطية الأقدم. فقد استعمرت إحداها البحيرتين الأخريين الأصغر وأحدثت الإشعاعات هناك. وتبدي هذه الأسماك البلطية جميع التدرجات الممكنة، حيث تتراوح في الطول من بوصة واحدة إلى ثلاث أقدام. وقد طورت تكيفات لأكل كل مصدر طعام يمكن تصوره في بيئتها. فالأسماك كاشطات الطحالب لها أسنان مسطحة تشبه قواطع الإنسان، تتيح لها قضم الغذاء النامي على أسطح الصخور؛ وآكلات الحشرات لها أسنان طويلة مدببة تتيح لها الوصول إلى الشقوق الصخرية؛ بينما تمتلك المفترسات منها (التي تهاجم من كمين) فكوكا ضخمة قابلة للتمدد تتيح لها شفط فريستها الغافلة في غضون أجزاء من الثانية. وكانت هذه بعضا من الفئات العامة للتخصصات التي تبديها هذه الأسماك. فبين كاشطات الطحالب، على سبيل المثال، تكيفت بعض الأنواع للبحث عن طعامها في منطقة تكسر الأمواج، وأخرى تكيفت لحصد الطعام من مجموعة محددة من الصخور وليس من أي صخور أخرى، وتظل أخريات تتغذى بزوايا معينة من الصخور أو بأنواع محددة من الطحالب فقط.
 
[/rtl]
[rtl]وعلى الرغم من جميع هذا التنوع المشاهد في الأسماك البلطية في شرق إفريقيا، نلاحظ تكرارا مفاجئا في عملية تطور بعض السمات عالية التخصص. فعلى سبيل المثال، يتغذى العديد من أنواع الأسماك البلطية في كل من البحيرات الثلاث بشكل حصري تقريبا بحراشف الأسماك الأخرى. وقد طورت جميعها أسنانا مميزة تشبه المكنسة (المدمة)(2) تمكنها من التشبث بحراشف ضحاياها. ولكن أسنانها لا تمثل التكيف الوحيد لهذا الغذاء. فقد تَطوّر فكّاها بشكل غير متناظر ليفتحا إما إلى اليسار أو إلى اليمين وليس إلى كلتا الجهتين، وذلك لتستطيع انتزاع حراشف ضحيتها بشكل أفضل. وتكشط الأسماك البلطية «العسراوية (اليسارية) الرأس» الحراشف من الجانب الأيمن لضحيتها؛ وتكشط الأسماك «اليمينية الرأس» الحراشف من الجانب الأيسر. (أبقى الاصطفاء(3) الطبيعي naturalselection على التوازن بين هذين الشكلين غير المتناظرين، فنحو نصف آكلات الحراشف التي جمعتها مع زملائي حول بحيرة تنكانيقا كانت يمينية الرأس، ونصفها الآخر كانت يسارية الرأس). وتمتلك الأسماك آكلات الحراشف مجموعة عالية التخصص من التكيفات لطريقة حياتها، لكن وبطريقة ما ظهرت هذه السمات نفسها على الأقل في ثلاثة أوقات منفصلة في بحيرات شرق إفريقيا هذه.
 
[/rtl]
[rtl]والشفاه الضخمة هي تكيف متميز آخر ظهر مرات عديدة بشكل مستقل في أنواع تستهدف فرائسها في الشقوق الصخرية. فقد أوضحت مع زملائي أن هذه الشفاه (الشبيهة بشفاه «أنجلينا جولي»)(4) تعمل كالشفاطة اللاصقة(5) التي تساعد الأسماك على شفط الفريسة من موقع اختبائها (لا تستطيع الأسماك البلطية التي تفتقد هذه الشفاه أن تصل، بكفاءة، إلى فريستها في الشقوق الضيقة). ومن الملفت للنظر أن أنواعاً في كل من الإشعاعات الإفريقية الثلاثة إضافة إلى إشعاعين في العالم الجديد(6) قد طورت بالتوازي هذه السمة.
 
[/rtl]
[rtl]لقد تطورت، وبطريقة مشابهة، أنماط لونية متميزة وبشكل مستقل في عدة سلاسل نسب منفصلة من الأسماك البلطية. حيث إن الغالبية العظمى من الأسماك البلطية تُكسى بشرائط عمودية داكنة من المفترض أن تموهها عن المفترسين، وطورت أيضا حفنة من الأنواع في كل من بحيرات شرق إفريقيا الثلاث شرائط أفقية. وغالبا ما يظهر هذا النمط شديد الاختلاف لدى أنواع المياه المفتوحة التي غالبا ما تميل إلى أن تكون سابحات سريعة ومفترسة، وربما تسهم هذه الخطوط الأفقية في تمويه أشكال جسدها عن الفريسة الحذرة.
 
[/rtl]
محركات الإبداع(***)
 
[rtl]وتثير هذه الموضوعات التي تبدو متناقضة عدة أسئلة مهمة عن التنوع المدهش والتطور المتوازي المتكرر لتكيفات فائقة التخصص في تطورالأسماك البلطية. ويمكننا البدء بالآكلات عالية التخصص وبملاحظة أنها تكيفت مع وسائل غذاء محدودة يعني، على نحو مألوف، وقوع النوع في مأزق في حال حدوث خلل ما للمصدر الغذائي المطلوب. إذن، كيف استطاعت الأسماك البلطية تجنب الوقوع في ذلك الفخ؟ وتكمن إحدى الإجابات في صفة تشريحية غريبة تتمتع بها الأسماك البلطية وحدها دوناً عن باقي أسماك المياه العذبة. وتمتلك جميع الأسماك البلطية زوجاً عادياً من الفكوك الفمية، وزوجاً ثانياً من الفكوك يقع في الحلق - كما هي حال الوحش في الفيلم السينمائي «الغريب»(7). ويتم انتزاع أي طعام تأكله والتعامل معه أولا بفكي الفم mouth jaws، ثم عن طريق فكي الحلقthroat jaws. وكنتيجة لذلك، فإن الأسماك البلطية يكون لديها فكّا الفم اللذان يلائمان نوعاً واحداً من الطعام، وفكا الحلق اللذان يمكنهما تفتيت مواد أخرى. وبهذا الأسلوب الجديد أصبحت كثير من الأسماك البلطية «كثيرة الكارات، ماهرة في إحداها»(8). وبمعنى آخر أنها تستطيع تطوير تخصص لكن تبقى محتفظة بعمومياتها في الوقت نفسه، فيما لو نفد غذاؤها المفضل، أو ظهر خيار أفضل.
 
[/rtl]
[rtl]ويوضح فكا الحلق كيف تستطيع الأسماك البلطية تلطيف مخاطر التخصص(9). ولكن ما أصل كل هذا التجديد التطوري لدى هذه الأسماك؟ وما العوامل التي حفزت الجينات المكوِّدة لهذه الميزات على التغير بهذه السرعة؟ وكيف أمكن للتكيفات نفسها المحافظة على معاودة الظهور في سلاسل نسب منفصلة؟ وبفضل ظهور طرق تحديد تسلسل الجينوم السريعة في أبحاث الصحة، تمكنت مؤخرا مع زملائي – تجمع من أكثر من 70 باحثا من مختبرات حول العالم بقيادة معهد برود Broad Institute في كامبريدج بماساشوستس - من أن نفتح بعض المنافذ للإجابة عن هذه الأسئلة، وحل أحجية النجاح المذهل لفصيلة الأسماك البلطية. وقمنا في السنة الماضية، ولأول مرة، بفك كود تسلسل أحرف كود الدنا في جينومات الأسماك البلطية. وحصلنا على التسلسلات الكاملة لخمسة أنواع إفريقية، وعلى تسلسلات جزئية لـِ 60 سمكة تمثل ستة أنواع ذات قرابة وثيقة وتقطن بحيرة فيكتوريا فقط. وبمقارنة هذه الجينومات ببعضها الآخر، ومع تلكم من أقارب الأسماك البلطية، الأسماك الشائكة الظهر sticklebacks - فصيلة أسماك أقل تنوعا بكثير – استطعنا تعرف ملامح جينومات الأسماك البلطية التي تساعد على تفسير تنوع المجموعة.
 
[/rtl]
 
[التجديد الرئيسي]

أحد أسرار النجاح: فكّان (فم) احتياطيان(****)

  تمتلك جميع الأسماك البلطية فكي الفم الاعتياديين، لكنها تمتلك أيضا فكين آخرين يتوضعان في الحلق. وتقوم مجموعة الفكوك بتفتيت الطعام الذي تأكله. ويتيح هذا الازدواج لفكي الفم حرية تطوير تكيفات لأصناف خاصة من الطعام، من الطحالب إلى حراشف أسماك أخرى، من دون المخاطرة بأن يصبح النوع (السمكي) معتمدا إلى حد كبير على مصدر غذائي معين قد ينفد من البيئة المحيطة.

تطور استثنائي مذهل(*) 2015_06_05_67


 
 
[rtl]ومن بين أولى الأشياء التي بحثها اتحاد كونسورتيوم consortium جينوم الأسماك البلطية في هذه الجينومات كانت الطفرات التي أنتجت تغيرات في الحموض الأمينية المكونة للبروتينات؛ وتقوم البروتينات بمعظم العمل في الخلايا، وتحدد جينات كثيرة تسلسل الحموض الأمينية التي تصطف معا لتكوين البروتين المحدد. ويشير التوافر المفرط للبروتينات المحتوية على حموض أمينية متغايرة، إلى أن الجينات التي تؤوي الطفرات المتضمنة كانت تحت ضغط انتقائي جلي أدى إلى تطور سريع؛ بمعنى أن هذه الأسماك التي حدث بها تغيرات حموض أمينية معينة اكتسبت ميزة حسنت من قدرتها على البقيا أو التكاثر. وبالفعل، وجدنا أنه حتى أنواع التلاپيات tilapia species، وهي أسماك بلطية أقل تميزا من ناحية التطور مقارنة بأقرانها التي سلسلنا جينومها، تحتوي على مثل هذه الطفرات التي تفوق تلك لدى السمكة الشائكة الظهر. وتعتبر الأسماك البلطية في بحيرتي مالاوي وفيكتوريا من المجموعات المفرطة التنوع والتي لها معدلات تطفر أكبر عدة مرات من تلك في التلاپيات. وبذلك، فإن إحدى الآليات التي سرّعت تطوير الأنواعspeciation في الأسماك البلطية هي الضغط الانتقائي selection pressure العالي على جينات كثيرة.
 
[/rtl]
[rtl]قد يكون للجينات المفردة تأثير كبير، أيضا. فقد بينت الأبحاث في مختبري أن جينا مفردا يحدد اتجاه الخطوط على الأسماك البلطية. وقد تساعد الجينات التي تمتلك بمفردها تأثيرا كبيرا في مظهر الكائن الحي، كما هي حال مكودات خطوط stripe coders، على تفسير وجود هذه الأنواع الكثيرة من الأسماك البلطية.
 
[/rtl]
[rtl]وكنا أيضا متشوقين لمعاينة جينومات الأسماك البلطية للبحث عن نسخ متعددة لجينات مفردة. فقد عرف العلماء لعدة عقود أن تضاعف الجينات – والذي ينشأ عن أخطاء في تضاعف الدنا - يشكل إحدى أهم الآليات التي تؤدي إلى تنوع وظيفة الجين بسرعة. وفي الأساس، إذا تضاعف الجين، فإن النسخة الجديدة يمكن أن تتغير بحرية دون أن تحرم الحيوان من المواد التي كودها الجين (لأن النسخة الأخرى ستحتفظ بوظيفتها) ويمكن لهذا التغير أن يساعد الكائن الحي على التكيف مع بيئته. ففي الحالة النموذجية، نادرا ما تحدث طفرات لا تؤدي إلى أذية «المضيف». وأظهرت نتائج تحليل الجينوم أن معدل التضاعفات الجينية أعلى بخمس مرات لدى الأسماك البلطية مما هي عليه لدى الأسماك «العادية» مثل السمكة شائكة الظهر stickleback.
 
[/rtl]
 
[اكتشافات جديدة]

مفتاح لغز الجينوم(*****)

  كشف التسلسل الحديث وتحليل جينومات الأسماك البلطية الإفريقية عددا من الآليات التي حفزت الأسماك البلطية على التنوع بسرعة إلى عدد هائل من الأشكال. وقد تساعد بعض هذه الآليات أيضا على تفسير جانب غامض آخر لهذه المجموعة من الأسماك: ما يسمى الدرجة المتطرفة من التطور المتوازي parallel evolution والذي تنشأ فيه السمات عالية التخصص نفسها مرة بعد أخرى. 
 

  طفرات وافرة(******)
  توحي تخمة الطفرات التي تنتج تغيرات في الحموض الأمينية المكونة للبروتينات أن الجينات الحاوية هذه الطفرات كانت تحت ضغط اصطفائي شديد لتتطور بسرعة.

تطور استثنائي مذهل(*) 2015_06_05_68_a

  تضاعف الجينات(*******)
  يبدي جينوم الأسماك البلطية معدلاً عالياً لتضاعف الجينات، والتي تؤدي فيها أخطاء تضاعف الدنا إلى إنتاج عدة نسخ من الجينات. ويمكن أن تغير النسخ الإضافية في وظيفتها دون ضرر للأسماك ومن ثم مساعدتها على التكيف مع بيئاتها.

تطور استثنائي مذهل(*) 2015_06_05_68_b

  جينات قافزة(********)
  تدعى تسلسلات الدنا التي تنسخ نفسها وتقفز إلى مواضع جديدة في الجينوم بالعناصر القابلة للنقل transposable elements أو الجينات القافزة. وتبعا لمكان استقراره قد يغير الجين القافز وظيفة جين قريب مكود للبروتين. فقد مرت الأسماك البلطية بالعديد من الفترات التي تراكمت فيها الجينات القافزة بسرعة؛ مما أدى على الأغلب لتسريع التطور.

تطور استثنائي مذهل(*) 2015_06_05_69_a

  طفرات في الدنا الذي لا يتغير عادة(*********)
  تميل بعض مناطق الجينوم التي لا تكود بروتينات إلى الانحفاظ بشكل كبير خلال عملية التطور، ربما لأنها تؤثر في وظيفة الجينات. وتحتوي الأسماك البلطية على طفرات أكثر مما هو متوقع بشكل واضح في بعض هذه المناطق، مظهرة نمطا يوحي أن الجينات المرتبطة بها قد خضعت لتغيير في وظيفتها.

تطور استثنائي مذهل(*) 2015_06_05_69_b

  الرناوات الميكروية الجديدة(**********)
  تميل قطع صغيرة من المادة الجينية تدعى الرناوات الميكرويةmicroRNAs التي تستطيع تثبيط جينات عن أداء دورها في تكوين البروتينات إلى البقاء منحفظة conserved. وتمتلك الأسماك البلطية رناوات ميكروية جديدة أكثر مما تمتلك أسماك أخرى. ومن خلال قدرتها على التحكم بالجينات في نسج tissues معينة، فإن هذه الرناوات الميكروية قد تكون قد أسهمت في التغيير المحكم الذي كان باعثا على التخصصات الغذائية لدى الأسماك البلطية.

تطور استثنائي مذهل(*) 2015_06_05_69_c

 
 
[rtl]والنمط الثالث من الآليات الجينومية التي سعينا إلى تحليلها هو نشاط ما يسمى جينات قافزة jumpinggenes. وتشكل تسلسلات الدنا هذه ما يقارب 16 إلى 19 في المئة من جينوم سمكة معتادة typical، وهي لا تقوم بوظيفة واضحة بل تصنع نسخا بحد ذاتها وتقفز من موضع إلى آخر في الجينوم. ويمكن أن تشكل هذه الجينات قوة تطورية إذا قامت بإيلاج نفسها في موقع قريب بما فيه الكفاية من جين مكود لأحد البروتينات، بحيث تقوم بتغيير وظيفته. وقد وجدنا في جينوم الأسماك البلطية دلالة تشير إلى فترات عديدة تراكمت فيها الجينات القافزة بسرعة، تزامنت إحدى هذه الفترات مع إشعاع بحيرة فيكتوريا. ويوحي هذا التزامن أن الجينات ربما تكون قد ساعدت على تسهيل تنوع الأسماك البلطية خلال مثل هذه الأحداث.
 
[/rtl]
[rtl]وقمنا أيضا بفحص تسلسلات الدنا التي لا تتغير عادة بدرجة كبيرة. وتميل بعض مناطق الجينوم التي لا تكود حموض أمينية في البروتينات إلى الانحفاظ conserved بشكل كبير عبر فترات تطورية كبيرة ممتدة. ومن المحتمل أن تؤثر هذه العناصر المنحفظة غير المكودة CNEs ا(10) في وظائف الجينات وإلا لتراكمت الطفرات العشوائية فيها مع مرور الزمن كما يحدث في المعتاد مع المناطق غير المنحفظة؛ مما يجعل هذه المناطق تختلف من نوع إلى نوع. وتتقاسم الأسماك البلطية عددا من العناصر CNEs مع بعضها الآخر ومع أنواع بعيدة القرابة كالأسماك الشائكة الظهر(11). ولكن عند التدقيق في الدنا وجدنا أنه على الرغم من تشابه العناصر CNEs في الأسماك البلطية إلى حد يكفي لتحديدها إلا أنها عانت تغيرات تفوق المتوقع بالنسبة إلى عناصر CNEs. وأظهرت دراستنا المقارنة لجينوم الأسماك البلطية نحو 60 في المئة من العناصر CNEs قد خضعت لتغيرات ذات دلالة في سلاسل نسب خاصة من الأسماك البلطية. وتوحي هذه النسبة المرتفعة أن الجينات التي ارتبطت بها هذه العناصر المنحفظة غير المكودة قد تكون قد خضعت لتغير في الوظيفه. وتم تأكيد هذا التوقع من خلال تجارب تالية: قام الباحثون بتقييم وظيفة العناصر CNEsالمتغيرة وغير المتغيرة، في الأسماك البلطية، من خلال إيلاج هذه المادة الجينية genetic material داخل جينومات أسماك الزرد zebra fish، فوجد هؤلاء الباحثون أن العناصر CNEs المتغيرة، قد قامت بتفعيل الجينات المرتبطة بها بشكل مختلف عن العناصر CNEs غير المتغيرة، وهذه دلالة مؤكدة على أن تطور العناصر CNEs أدى إلى تغيرات في وظائف الجينات في الأسماك البلطية.
 
[/rtl]
[rtl]والرنا الميكروي microRNA هو نوع آخر من المادة الجينية يميل إلى الانحفاظ بشدة highly conservedعبر الأنواع. والرناوات الميكروية microRNAs جزيئات صغيرة تعمل كمفاتيح تشغيل للجينات، منظمة متى وأين يجب أن تقوم الجينات بعملها. ولقد فوجئنا بأن الأسماك البلطية تحوي 40 من جزيئات الرنا الميكروي التي لم تشاهد من قبل في غيرها من الأسماك. وبعدئذ درسنا أجنة الأسماك البلطية لتحديد المكان الذى تقوم فيه جزيئات الرنا الميكروية هذه بتنظيم فعالية الجينات. وقد تبين أنها تعمل بطريقة عالية الانتقائية، مؤثرة في الجينات في أنسجة معينة، كمنطقة خاصة من الهيكل الوجهي facial skeleton. وتشير الفعالية الموجهة للرناوات الميكروية بدور محتمل في التكوين (النحت) الدقيق الذي أدى إلى التخصصات الغذائية المتنوعة التي تمتلكها الأسماك البلطية إضافة إلى العديد من الخصائص الأخرى.
 
[/rtl]
[rtl]ومع أن الرنا الميكروي مرشح قوي كراعٍ للتغير التطوري فعليا، إلا أننا مازلنا بعيدين كثيرا عن الفهم الكامل فيما إذا وكيف تُعزز، جميع هذه المئات من الرناوات الميكروية في جينومات الأسماك البلطية، التغيرَ التطوري. وتقوم فرضيتنا أنه بمنع تفعيل الجينات في المكان أو الزمن الخاطئ، فإن الرناوات الميكروية تستطيع تعزيز كلٍّ من التغير والدقة في توجيه عمل فرقة معقدة من الجينات التي تتآثر مؤدية إلى تغيير طفيف في الأسنان، وعظام الفكين، والأنماط اللونية، وسلوكيات التودد، وغيرها وهي تغيرات تشكل أساس التكيف وتطور الأنواع speciation.[/rtl]
 
ما هو قديم هو جديد(***********)
 
[rtl]والغزوة الأولية داخل جينومات الأسماك البلطية تشير إلى أن الطفرات العشوائية الجديدة، كتلك المشاهدة في العناصر CNEs، وتلك التي تؤدي إلى ظهور رناوات ميكروية جديدة، قد برزت بشكل ملحوظ في التطور الاستثنائي لهذه الأسماك. إلا أننا نظن أن التفاوتات الجينية القديمة نسبيا، متضمنة تلك الناتجة من الجينات المضاعفةduplicated genes والجينات القافزة ربما تكون قد قامت بمعظم المهمة. وهذه المتغايرات variants قد كمنت في الجينوم بهدوء حتى ظهور فرص بيئية جديدة أبرزت دورها المفيد، تلك الفرص التي نشأت مثلا عندما استوطن أسلاف الأسماك البلطية من سكان الأنهار في البحيرات الكبرى في إفريقيا، ومن ثم استطاع الاصطفاء الطبيعي تشكيل أنواع جديدة متلائمة مع السكن الجديد من خلال الاستفادة من التغيرات الجينية للأسلاف.
 
[/rtl]
[rtl]وينبع اعتقادنا أن التفاوت القديم هو الأساس، لأننا عندما فحصنا بعناية جينومات أنواع هذه الأسماك البلطية لم نجد اختلافات جينية ثابتة كثيرة بينها. فالأمثلة التي تحمل فيها الجينات المتغاير variant نفسه في جميع أعضاء النوع قليلة جدا. وعوضا عن ذلك، يحتفظ المستودع الجيني gene pool للنوع بالمتغايرات الجينية القديمة حتى بعد أن يتفرع السمك عن أسلافه مشكلا نوعا جديدا. وليس فقط الأنواع الصغيرة هي التي تحتفظ بدنا قديم من أسلافها، ولكن قد تبقى هذه الأنواع مشابهة لأسلافها بشكل يتيح لها التزاوج والتهجين بالأنواع شديدة القرابة منها. ويتيح هذا المزج لمتغايرات جين جديدة أن تنساب عبر حدود الأنواع – الأكثر احتمالا أنها مادة جينية مفيدة يمكن العودة إليها عند الحاجة. والاحتفاظ بالمتغاير الجيني القديم إضافة إلى تدعيم التنوع السريع في الأسماك البلطية، يمكن أن يساعد أيضا على تفسير كيف تطورت السمات عالية التخصص نفسها مرارا في سلاسل نسب منفصلة: لقد ارتبنا في أن سمات، كالفكين غير المتناظرين والشفاه الضخمة، لم تنشأ من جديد في كل مرة؛ بالأحرى تم تكرار تجنيد الجينات نفسها ومفاتيح الجينات في العمل. إلا أن هذه الفرضية ما زالت بحاجة إلى إثبات.
 
[/rtl]
[rtl]ولا تشكل الآليات الجينية، التي قمنا بوصفها هنا، المحركات الوحيدة لتطور الأسماك البلطية. فبالتأكيد كان للعوامل البيئية دور حاسم في تحديد أنماط ومعدلات التنوع في هذه المجموعة. ويدعم هذا الافتراض الاختلافات في مدى تنوع الأسماك البلطية في الإشعاعات المختلفة لهذه الأسماك حول العالم. ففي إفريقيا ونيكاراغوا تحتوي الإشعاعات التي تظهر في بحيرات ذات موائل أكثر تعقيدا (ومن ثم مواقع بيئية أكثر) على أنواع أكثر من التنوعات التي تظهر في بحيرات ذات موائل أبسط. وإضافة إلى تطوير الأنواع الناتج من تطور اختصاصات غذائية لدى الأسماك البلطية لتتكيف مع هذه الأنماط الحياتية، فقد امتد التنوع أيضا إلى اختلافات لون الجلد، كما طورت الإناث أفضليات لألوان معينة.
 
[/rtl]
[rtl]وما زال أمامنا الكثير لنتعلمه، إلا أن معرفتنا ستتقدم بسرعة بعد أن أصبحت لدينا الآن الجينومات الكاملة، إضافة إلى تقنيات فعالة جديدة للتحليل الجينومي، وفعليا سوف تتقدم معرفتنا بسرعة كبيرة. وأتوقع أن تستمر الآليات التي أدت إلى سرعة تطوير أنواع الأسماك البلطية لتصبح مجالا لأبحاث مكثفة. وسوف نمتلك قريبا فهما أكثر عمقا للغة الجينوم والدنا التي تربط جميع الكائنات الحية حتى عندما تبعدها عن بعض.
 
[/rtl]


[rtl]المؤلف[/rtl]
 
   Axel Meyer
  <ماير> هو أستاذ علم الحيوان والبيولوجيا التطورية في جامعة كونستانز بألمانيا. وتتجه أبحاثه نحو أصول التنوع البيولوجي على مستوى الجزيئات وعلى مستوى الكائن الفرد. فقد كان أحد أوائل العلماء الذين استخدموا تسلسلات الدنا في دراسة تطور الأنواع والاختلاف بينها.
تطور استثنائي مذهل(*) 2015_06_05_66



  مراجع للاستزادة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

تطور استثنائي مذهل(*) :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

تطور استثنائي مذهل(*)

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: منبر البحوث المتخصصة والدراسات العلمية يشاهده 23456 زائر-
انتقل الى: