** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
الرئيسيةالرئيسية  الأحداثالأحداث  المنشوراتالمنشورات  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوع
 

 عواء المقابر

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
حياة
فريق العمـــــل *****
حياة


عدد الرسائل : 1546

الموقع : صهوة الشعر
تعاليق : اللغة العربية اكثر الاختراعات عبقرية انها اجمل لغة على الارض
تاريخ التسجيل : 23/02/2009
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 10

عواء المقابر Empty
05082014
مُساهمةعواء المقابر

عواء المقابر
 
عواء المقابر 340856t
‮ ‬مينا وليم
 
 
 
 
 

مازالت الأرض ملبدة بالضباب الخفيف وسط منازل القرية،‮ ‬ثقيل علي الطريق الزراعي‮ . ‬رائحة دخان قش الأرز المحترق،‮ ‬تقتل أنفاس الحياة الأولي لليوم الحار‮. ‬تظهر علي الضوء الخافت للحرائق المتفرقة وسط الأراضي،‮ ‬سوداء بعيون‮ ‬غائبة،‮ ‬تمشي علي ثلاث و قدمها اليسري الخلفية مكسورة،‮ ‬ذيلها مقطوع وجرح مندمل بين أذنيها المتدلية أعلي الرأس المنحني،‮ ‬تشم الأرض إلي حيث تريد أن تذهب،‮ ‬منهكة،‮ ‬والدماء تتساقط علي التراب،‮ ‬تتبعها من الأراضي نحو الترعة،‮ ‬تتعثر فتعوي،‮ ‬بطنها المنتفخة تنبض،‮ ‬فيسقط من مؤخرتها الجراء واحدا‮. . ‬وآخر بعد بضع خطوات،‮ ‬كانت تحاول اللجوء إلي المقابر لتلد صغارها‮. . ‬و تموت‮. ‬صوت الديوك أعلي المنازل البعيدة،‮ ‬نباح الكلاب القادم من المقابر خلف المنازل الجديدة،‮ ‬يوحي لها بالاقتراب و الخوف‮. ‬علي شاطئ الترعة في مقابل القرية،‮ ‬علي أطراف الشارع الجديد،‮ ‬أول بناء أسمنتي لم‮ ‬يكتمل منه سوي أساساته الخرسانية،‮ ‬دخلت تجر أقدامها فوق القمامة و ما تبقي من رمال و زلط وكسر الطوب الأحمر،‮ ‬لتضع صغارها بعيداً‮ ‬عن العيون و الأيدي العابثة‮ . ‬
من المآذن العالية للجوامع المتفرقة في أنحاء القرية،‮ ‬صوت المؤذنين‮ ‬يهدر بصلاة الفجر‮. ‬في هدوء عتمة الليل،‮ ‬مد‮ ‬يده الطفولية ليغلق باب منزله،‮ ‬قميص النادي الأهلي القديم مقطوع من‮ ‬ياقة الرقبة و تظهر خياطة تحت إبطه الأيمن وهو‮ ‬يغلق الباب،‮ ‬علي أطراف أصابعه شب ببنطاله الكحلي القصير و نعله البالي،‮ ‬مد قدميه خطوتين في مدخل المنزل،‮ ‬يتطلع بعينه السوداء علي الحارة الضيقة،‮ ‬و في الخطوة الثالثة نزل عن درجة السلم الوحيدة لمدخل البيت ليلمس أرض الشارع،‮ ‬لأول مرة في ذلك الوقت المبكر‮. ‬في الطريق وضع‮ ‬يداه علي خصره،‮ ‬تحت الضوء الخافت للمبات النيون البيضاء و الخضراء أعلي أبواب الحوانيت المغلقة و عيونه علي النوافذ المقفولة للبيوت المتلاصقة‮. ‬كاد‮ ‬ينتفض من الرعب عندما وجد عند زاوية شارع إسماعيل المؤدي للسوق الكبير،‮  ‬كلبين‮ ‬يبعثران برأسيهما في كومة قمامة،‮ ‬تسمر الطفل حين رفعا رأسيهما نحوه وتبادلا النظرات،‮ ‬تراجعا بعيداً،‮ ‬كان خوفهما أكبر،‮ ‬مضي في الشارع المنحدر،‮ ‬مرّ‮ ‬بالجامع الكبير،‮ ‬يرفل الرجال إليه،‮ ‬يصعدون السلالم العالية بجلابيب حريرية بيضاء وآخرون بجلابيب من الصوف الكحلي و الرصاصي المقلم بخطوط سوداء رفيعة‮. ‬مرّ‮  ‬و لم‮ ‬يبال بالأنوار المضاءة،‮ ‬ولا بحشرجة صوت المؤذن‮ . ‬كان أكثر من عشرين طفلاً‮ ‬في الانتظار عند مصطبة منزل الحاج محمد أبو سليمان وسط السوق،‮ ‬وسطهم‮  ‬ولد طويل له جسد ضخم،‮ ‬قال‮ :‬
‮- ‬هنطلع الترب‮ ‬
‮ ‬حين اكتمل العدد بدأ المسير بعد صلاة الفجر،‮ ‬والظلام حالك،‮ ‬حين اقتربوا من شاطئ الترعة،‮ ‬صعد الولد الضخم بشعره الأسود المجعد الكثيف إلي ماسورة الصرف الصحي الضخمة الواصلة بين طرفي الترعة الصغيرة،‮ ‬يخطو بسرعة وثقة،‮ ‬يحاول أن‮ ‬يحافظ علي اتزانه دون أن‮ ‬يرفع‮ ‬يديه في الهواء‮ . ‬تبعه الجميع،‮ ‬عندما جاء دور الصغير،تسارعت نبضاته المنقبضة،‮ ‬تراجع قليلاً‮ ‬ونظر إلي رمضان صديقه الذي مد له‮ ‬يده‮ :‬
‮- ‬هات ايدك‮ ‬يا عبدالله‮ ! ‬
فمد‮ ‬يده و عبر،‮ ‬دون أن‮ ‬ينظر‮ . . ‬ابتسم عند النهاية،‮ ‬و مضي سعيداً‮ ‬خلف الجميع‮ .   ‬
بعد دقائق كان الضوء الأول للنهار الخافت بزرقة سماوية‮ ‬يغمر الأرض‮ . . ‬كانت الجراء الصغيرة في أيدي الأطفال،‮ ‬يركلوهنها علي الأرض ليخطوا‮  ‬خطواتهم الأولي في الحياة،‮ ‬يتسابقون علي شاطئ الترعة حتي طريق المقابر،‮ ‬أتوا بحبل و ربط ثلاثة منهم رقبة الكلبة التي ترقد بين صغارها في الدور الأرضي من المبني الأسمنتي،‮ ‬ترضعهم من أثدائها،‮ ‬أمسكوها بالحبل من رقبتها و هي تعوي و تعرج،‮ ‬ضحكاتهم ملء أفواههم،‮ ‬و آخر أمسك جرواً‮ ‬من قفاه و ألقاه في مياه الترعة‮ . ‬لم تستطع المشي،‮ ‬جرها أيمن بالحبل و من الخلف‮ ‬يركلها شريف و صابر،‮ ‬تدحرجت علي الشاطئ الطيني المنحدر لترتطم بالمياه الضحلة،‮ ‬فسالت الدماء من جرح رأسها الذي أقرب علي الالتئام،‮ ‬و تركوها لا تقوي علي العوم بقدمها المكسورة و الدماء تسيل في المياه حولها،‮ ‬تتخبط و ترتجف،‮ ‬حتي طفت جثتها علي المياه الراكدة،‮ ‬و بعيداً‮ ‬بقليل كانت جثة الجرو الصغير تعوقها القمامة علي الشاطئ الآخر‮ . ‬وقف عبد الله‮ ‬ينظر ما‮ ‬يحدث بشغف،‮ ‬عندما لاحظ بعيداً‮ ‬أن طرف شكارة أسمنت فارغة تتحرك،‮ ‬مرّ‮ ‬من خلف الجميع،‮ ‬و مد أصابعه المنمنمة‮ ‬يزيلها،‮ ‬ليجد جرواً‮ ‬أبيض ضعيفا لا‮ ‬يقوي علي السير،‮ ‬حمله بين ذراعيه،‮ ‬كان بحجم كف‮ ‬يده الصغير،‮ ‬مرر أظافره القذرة علي رأسه الأبيض،‮ ‬و مضي‮ ‬يقف بجوار‮  ‬رمضان‮ . ‬
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

عواء المقابر :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

عواء المقابر

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: اخبار ادب وثقافة-
إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوعانتقل الى: