** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
الرئيسيةالرئيسية  الأحداثالأحداث  المنشوراتالمنشورات  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوع
 

 صيغة حسابية لحل الأزمة الاقتصادية(*) على الرغم من الدروس المستمدة من الانهيار الاقتصادي عام 2008، يمضي وول ستريت بالمراهنة على مستقبلنا بعلم قاصر.

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
حياة
فريق العمـــــل *****
حياة


عدد الرسائل : 1546

الموقع : صهوة الشعر
تعاليق : اللغة العربية اكثر الاختراعات عبقرية انها اجمل لغة على الارض
تاريخ التسجيل : 23/02/2009
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 10

صيغة حسابية لحل الأزمة الاقتصادية(*)  على الرغم من الدروس المستمدة من الانهيار الاقتصادي عام 2008، يمضي وول ستريت بالمراهنة على مستقبلنا بعلم قاصر. Empty
20092012
مُساهمةصيغة حسابية لحل الأزمة الاقتصادية(*) على الرغم من الدروس المستمدة من الانهيار الاقتصادي عام 2008، يمضي وول ستريت بالمراهنة على مستقبلنا بعلم قاصر.

صيغة حسابية
لحل الأزمة الاقتصادية(*)
على الرغم من الدروس المستمدة من الانهيار الاقتصادي
عام 2008، يمضي وول ستريت بالمراهنة على مستقبلنا بعلم قاصر.



باختصار
أسهمت النماذج المتطورة، التي اعتمدتها شركات الاستثمار لحساب احتمالات المخاطر، في انهيار سوق المال عام 2008.

إن نماذج المخاطر هذه – مع سعة انتشارها – أسقطت من اعتبارها قوى مهمة لها تأثيرها الفاعل في السوق.

ويسعى الباحثون إلى استنباط طرائق للالتفاف على هذه المعوقات، ومنع تكرار انهيار السوق.

بيد أن هذه الاستراتيجيات قد تحد من الأرباح مما يرجح عدم تبني المصارف لها ما لم تكن مضطرة إلى ذلك.



إن
انهيار سوق المال عام 2008، الذي أغرق العالم في ركود اقتصادي وما زال
يترنح تحت وطأة تداعياته، يعزى إلى أسباب عديدة، منها سبب رياضياتي(1).
فقد طورت شركات الاستثمار المالي أساليب معقدة لاستثمار أموال عملائها،
وأصبحت بموجبها تعتمد على معادلات مبهمة في تقدير المخاطر التي تواجهها.
ولكن كما علمنا بمرارة قبل ثلاث سنوات أن تلك المعادلات، أو النماذج، لم
تكن سوى انعكاسات ضعيفة للعالم الحقيقي، وقد تكون للأسف مضللة في بعض
الأحيان.

وبطبيعة الحال، فإن عالَم المال ليس الوحيد في اعتماده على نماذج رياضياتية mathematical models
غير موثوق بها دوما كي تكون دليلا نقتدي به في صنع القرارات. ويسعى
العلماء جاهدين إلى مقارعة هذه النماذج والتغلب عليها في ميادين كثيرة –
تشمل علم المناخ وتآكل السواحل والسلامة النووية – التي إما أن تكون فيها
الظواهر التي يوصِّفونها بالغة التعقيد، أو أن تكون المعلومات التي
ينشدونها عسيرة المنال، أو أن تجتمع الصفتان معا، كما في حالة النماذج
المالية financial models. بيد أنه لم يحظ أيُّ مضمار آخر من النشاط البشري بمثل هذا القدر من القناعة بعلم قاصر كالذي حظي به علم المال.

وكانت القوة المفترضة لنماذج تقييم المخاطر risk models
هي التي منحت شركات الاستثمار الثقة لرفع رهاناتها بمبالغ مالية ضخمة من
الأموال المقترضة. ومن شأن تلك النماذج أن تعلم هذه الشركات بمدى الخطر
الذي تنطوي عليه هذه الرهانات، وما هي الاستثمارات الأخرى التي يمكن أن
تعوض عن ذلك الخطر. غير أن الشكوك الكبيرة التي تعتري هذه النماذج قد
أكسبتها ثقة زائفة. ويقول كولاندر> [وهو خبير اقتصادي في كلية ميديلبيري أجرى دراسات على أزمة
عام 2008] في معرض حديثه عن هذا الأمر: «إننا لا نمتلك المعرفة الكافية
للتوصل إلى فهم نظري جيد للمخاطر المالية التي نواجهها، وأن الاعتقاد أننا
نمتلك نماذج قادرة على تفسير كل ما نراه في الأسواق من ممارسات غير مؤكدة
ولا يمكن التنبؤ بها، ليس إلا ضربا من الجنون. ولكن هذه هي الطريقة التي
يتم فيها استخدام النماذج في الوقت الراهن.»

ومن
السذاجة بمكان إلقاء المسؤولية في حدوث الأزمة الاقتصادية على نماذج
المخاطر؛ إذ لا شك في أن عوامل بشرية أخرى - سياسية ورقابية - كان لها دور
فاعل في حدوثها. بيد أن هذا لا يلغي فكرة أن النماذج لها صلة مهمة بحدوث
تلك الأزمة. ولعلها أحد الشروط التي لا غنى عنها في تسبب وقوع الكارثة
الاقتصادية. وبوجود الكثير على المحك، أنفقت الشركات المالية - على مدى
السنوات الثلاث الماضية - عشرات ملايين الدولارات في دعم نماذجها الخاصة
بمخاطر الاستثمار، على أمل أن تمنع هذه النماذج الجديدة تكرار حدوث أي نوع
من الانهيار المشابه لما حدث في عام 2008. غير أن ذلك لم يكن على الأرجح
سوى أمل لا رجاء فيه أو حالة من تعليل النفس بالأماني. ويشك خبراء النماذج
المالية بجديةٍ في إمكانية تحسين نماذج المخاطر بطريقة جوهرية. ومفاد هذا
الكلام واضح بقدر ما هو مخيف ويمكن اختزاله في أن: المصارف(2) وشركات الاستثمار تدفع بالاقتصاد العالمي إلى مستقبل مهدد إلى درجة كبيرة بخطر تكرار الماضي.

المستقبل المشرق
على أعتاب عام 2007 (**)

من
السهل، إلى حد ما، فهم انهيار نماذج تقييم المخاطر في عامي 2007 و2008؛
فقد كان يفترض في تلك النماذج أن تحاكي التفاعلات المعقدة للعديد من قوى
السوق بعضها مع بعض، بما فيها تقلبات الأسواق، وتغيرات معدلات الفائدة،
وأسعار الأسهم المختلفة والسندات وعقود الخيار وغيرها من الأدوات المالية.
وحتى وإن حققت ذلك - وهذا موضع خلاف - فإنها فشلت في تفسير أحد
السيناريوهات المهمة وهو: ماذا يحدث عندما يزمع الجميع بيع مقتنياتهم
جميعها (من أرصدة وأوراق مالية) في وقت واحد؟ وهذا ما حصل بالضبط في تلك
الأيام الحالكة من الشهر 12/2008، عندما قررت الحكومة الأمريكية عدم تقديم
العون المالي اللازم لإنقاذ شركة ليمان برذرز Lehman Brothers
من الإفلاس، مما أدى إلى إعسار المؤسسة المرموقة وعجزها عن دفع استحقاقات
دائنيها. ولم يتم تفادي انهيار المؤسسات الأخرى الواحدة تلو الأخرى
كأحجار الدومينو إلا من خلال قيام الحكومة الفيدرالية بضخ كميات طائلة من
الأموال لإنقاذها.


صيغة حسابية لحل الأزمة الاقتصادية(*)  على الرغم من الدروس المستمدة من الانهيار الاقتصادي عام 2008، يمضي وول ستريت بالمراهنة على مستقبلنا بعلم قاصر. 2012_05_06_37_b

وقد أشارت نماذج الخسارة على مدار عام 2007 إلى أن احتمال تعثر أي مؤسسة كبرى كان ضئيلا وفي حدوده الدنيا. ويرى آڤيلانيد> [وهو عالم رياضيات وخبير في نماذج المخاطر المالية يعمل في
جامعة نيويورك] أن إحدى المشكلات الكبيرة كانت إسقاط هذه النماذج لأحد
المتغيرات الأساسية التي تؤثر في سلامة المحفظة الاستثمارية: ألا وهو
السيولة liquidity، أو قدرة سوق ما
على التوفيق بين الشاري والبائع. ففقدان متغير أساسي يُعتبر مشكلة كبيرة -
إذ إن المعادلة التي تتنبأ مثلا باحتمال تأخر وصول رحلة جوية، لن تكون
ذات مصداقية كبيرة إذا لم تتضمن مصطلحا رياضياتيا يمثل التأخيرات الناجمة
عن الأحوال الجوية. وربما تكون السيولة أهم متغير في تقدير مخاطر التعثر
في الأوراق المالية بضمان رهن عقاري، وهي الأدوات المالية المختلفة
المرتبطة بانفجار قروض السكن التي منحت على مدى السنوات العشر الماضية
لمقترضين خطرين، ولاسيما للمقترضين بالرهن العقاري (3) sub-prime borrowers.
وعندما بدأت أسعار المساكن بالهبوط عام 2008، لم يكن أحد متأكدا من
القيمة الحقيقية لتلك الأدوات المالية، وأفضى ذلك بالنتيجة إلى توقف
التداول بها – وهذا يعني أن الأدوات أصبحت «لا سائلة»(4).
وهذا الأمر جعل المصارف التي تمتلك هذه الأدوات غير قادرة على تحويلها
إلى نقد، مما أثار الذعر في نفوس المستثمرين. ويقول <آڤيلانيد> إنه
لو كانت النماذج المالية قد تمكنت من تحديد مخاطر اللاسيولة illiquidity بشكل جيد، لكان بمقدور المصارف تخفيض أسعار هذه الأدوات، بحيث يتمكن المشترون من المجازفة بمبالغ أقل.

ومع
أن إسقاط متغير أساسي يبدو خطأ فادحا، إلا أن العلماء يرتكبون هذا الخطأ
على الدوام. ففي بعض الأحيان يرتكب العلماء هذا الخطأ لعدم إدراكهم أهمية
الدور الذي يؤديه هذا المتغير، أو لعدم معرفتهم بكيفية تفسيره. وهذا يمثل -
في نظر <كولاندر> - مشكلة في علم المناخ، حيث غالبا ما تفتقر
النماذج إلى مصطلحات تفسر تأثيرات السُّحب. فهو يرى «أن السحب تتحكم في
نسبة 60 في المئة من الطقس، ولكن النماذج عادة ما تتجاهلها. وعندما تعجز عن
وضع نموذج لعامل يمتلك ذلك النوع من التأثير في النتيجة، يتعين عليك
حينئذ إصدار العديد من الأحكام الخاصة بقبول تلك النتائج أو رفضها.» وهذه
المشكلة تبرز في حالات أخرى كثيرة: فكيف يمكنك مثلا تفسير رغبة الجمهور في
أخذ لقاحات عند وضع نموذج لتفشي شكل جديد وخطير من الإنفلونزا؟ أو تفسير
قدرة فرق الاستجابة للطوارئ على استبدال القطع التالفة، وإخماد الحرائق
الناجمة عن شدة الحرارة في محطات الطاقة النووية.

وعندما
يتم بوضوح تعرف الخطأ في نموذج ما (وهو أمر ليس من اليسير التوصل إليه
عادة)، فقد يكون قابلا للإصلاح وربما يتعذر القيام بذلك. ويرى جارو> [وهو أستاذ جامعي مختص في علم المال والاقتصاد بجامعة كورنيل،
وينصب جل اهتمامه على نماذج المخاطر] أنه ليس من السهل تفسير انعدام
السيولة في حالة نماذج المخاطر المالية، لأن انعدام السيولة يميل بطبيعته
إلى أن يكون لاخطِّيا nonlinear أكثر
من السلوك الطبيعي للأسعار. فالأسواق تتحول من حالة السيولة العالية إلى
حالة انعدام السيولة بلمح البصر، وهي بذلك أشبه بالفارق بين تصميم نموذج
جريان الهواء حول طائرة تسير في طيرانها بسرعات طبيعية وجريانه حول طائرة
تخترق جدار الصوت (ثمة طائرات كثيرة وقعت بمأزق وواجهتها متاعب قبل أن
يتمكن مصممو نماذج الطيران من إصلاح ذلك الخلل). ويعمل <جارو> على
إضافة خطر انعدام السيولة إلى النماذج، غير أنه يحذر من أن المعادلات
الناجمة ربما لا تمتلك حلولا محكمة ووحيدة. أما انعدام السيولة فهو حالة
لا يمكن التنبؤ بها أساسا - فليس ثمة نموذج رياضياتي يمكنه تحديد الوقت
الذي يقرر فيه المشترون بأن إحدى الأدوات المالية لا تستحق المجازفة بأي
سعر كان. ولتفسير هذا السلوك، لا بد من أن توفر النماذج طيفا واسعا من
الحلول الممكنة، التي لا يخلو أي قرار يتخذ بشأن تبني أحدها من
الإشكاليات. ويقول <جارو> معقبا على نماذجه: «إن النماذج التي أعمل
عليها ذات فائدة محتملة لتقدير مخاطر انعدام السيولة، غير أنها أبعد ما
تكون عن الكمال.»


المصارف وشركات الاستثمار تدفع بالاقتصاد العالمي إلى مستقبل مهدد بخطر عظيم من تكرار الأزمات الماضية.

ومن
المؤسف أن عدم إدراك مخاطر انعدام السيولة لم يكن هو المشكلة الوحيدة
الأساسية؛ فقد صممت نماذج المخاطر المالية لتركز بصفة خاصة على الخطر الذي
يمكن أن تواجهه أي مؤسسة بشكل منفرد. وكان هذا الأمر يبدو منطقيا دائما
لأن المؤسسات لا تهتم إلا بحجم المخاطر التي تتعرض لها بالذات، وكانت
الجهات الرقابية تفترض أنه إذا كان الخطر الذي يهدد كل مؤسسة على حدة
متدنيا، فإن ذلك يعني أن النظام كان آمنا. إلا أنه تبين بأن هذا الافتراض
ليس سليما، على حد تعبير [مدير مركز الهندسة المالية(5)
في جامعة كولومبيا] الذي يرى أنه في منظومة ما إذا تعرض أي عنصر من
مكوناتها المتضامنة بشكل منفرد لتهديد ضئيل بخطر الفشل، فإن المخاطر التي
تهدد المنظومة بكاملها ستكون بالغة. تخيل مثلا 30 شخصا يسيرون جنبا إلى
جنب عبر حقل، متراصين متكاتفين بحيث تحيط ذراعا كل منهم بكتفي صاحبيه، ومن
غير المرجح تعثر أي فرد من المجموعة، ولكنْ هناك احتمال وارد بأن تزل قدم
أحد أفراد المجموعة فيتعثر – وهذا المتعثر قد يُسْقِطُ معه عددا من
المصطفين إلى جانبه. ذلك هو حال المؤسسات المالية في نظر <كونت>،
الذي يتابع قائلا: «حتى عام 2008، لم تكن الجهات الرقابية تأخذ في
اعتبارها الروابط بين هذه المصارف عند قياس حجم المخاطر، في حين كان عليها
أن تلحظ على الأقل أن جميع هذه المصارف قد وضعت استثماراتها في سوق الرهن
العقاري(6)

خريطة الكارثة(***)

يشير
<كونت> إلى أن صناعة توليد الطاقة الكهربائية تواجه مشكلة مشابهة؛
فاحتمالات تعطل واحدة من محطات التوليد ضئيلة، ولكنها تحدث بين الحين
والآخر في موقع ما، وهذا قد يؤدي إلى زيادة الضغط والحمولة على المحطات
الأخرى للشبكة مما يهدد بانقطاع التيار الكهربائي على نطاق واسع وحدوث
تعتيم شامل كالذي شهدته الولايات المتحدة في الأعوام الثلاثة: 1965 و1977
و2003. ولتخفيض مثل هذا الخطر الشامل الذي يهدد المنظومة كلها، تقوم شركات
الطاقة الكهربائية بإجراء ما يسمى الاختبار N-1،
وذلك من خلال تعطيل إحدى المحطات عمدا في محاولة منها لمعرفة
السيناريوهات المحتملة والتنبؤ بمدى تأثير ذلك في سائر المحطات في الشبكة.
بيد أن <كونت> يشير إلى أن صناعة الطاقة الكهربائية لديها من
الإمكانات ما يؤهلها لمعرفة آلية ارتباط محطاتها معا. غير أن النظام
المالي على عكس ذلك مبهم وأشبه بصندوق أسود. يقول <كونت> في هذا
الصدد: «إنه في الوقت الراهن لا أحد يعرف شكل النظام المالي وطبيعة
التبادلات المالية التي تتم وما هو حجمها وماهي الأطراف المشتركة فيها.
وهذا يعني أننا لا نستطيع أن نتنبأ بالعواقب التي قد تصيب المصارف الأخرى
من جراء انهيار مصرف مثل ليمان برذرز. ففي عام 2008 أمضت الجهات الرقابية
نحو 48 ساعة للتوصل إلى مجرد تخمين حول تداعيات هذا الانهيار على سائر
المصارف.»

والحل الظاهر يتمثل بوضع
مخطط لتلك الروابط. وقد كان <كونت> واحدا من الأشخاص الذين كانوا
فاعلين في ممارسة الضغط على المؤسسات المالية لإلزامها بالإبلاغ عن جميع
تعاملاتها المصرفية إلى جهاز مركزي - تعيّنه الحكومة – يكلف بمهمة جمع
البيانات، ليس على الصعيد المحلي فحسب، وإنما أيضا على الصعيد الدولي،
وذلك نظرا لسهولة حركة ونقل الأموال عبر الحدود هذه الأيام. بيد أن
المصارف لا تحبذ القيام بذلك والإبلاغ عن بياناتها المالية. وذلك لأن
الإفصاح العلني عن عملية استثمارية كبيرة جارية قد يثير موجة من الشراء
(بدافع التقليد الأعمى) ويرفع الأسعار، في حين أن طرح عدد كبير من الأسهم
للبيع بسعر منخفض قد يكون مؤشرا إلى وجود مشكلات مالية، مما قد يدفع
المستثمرين إلى سحب أموالهم. ويمكن مواجهة ومعالجة هذه المخاوف عن طريق
ضمان سرية البلاغات التي تقدم إلى جهاز جمع البيانات، على حد قول
<كونت>، الذي يضيف مفسرا: «منذ سنوات تتبادل الحكومات البيانات
السرية الخاصة التي تتعلق بالقدرات النووية مع هيئات دولية. وبالتأكيد فإن
البيانات المالية ليست أكثر حساسية أو سرية من هذه المعلومات». وفي
الحقيقة، فإن القانون المسمى (7) Dodd-Frank Act،
الذي أقرته الولايات المتحدة عام 2010 ينص على إحداث «مركز للأبحاث
المالية» يخدم - من حيث المبدأ – كجهاز لجمع البيانات لصالح المؤسسات
الأمريكية. ومع ذلك فليس ثمة دليل حتى الآن على قدرة أي جهاز على جمع جميع
البيانات اللازمة لوضع خريطة مفصلة تواكب مستجدات النظام المالي العالمي،
مما يعني أننا قد نظل غافلين عن المخاطر التي تهدد النظام برمته كما كان
حالنا في عام 2007.

وحتى وإن توفرت للهيئات الرقابية البيانات المطلوبة، فإن النماذج لا تزال تفتقر إلى الحنكة الكافية للتعامل معها. ويرى [أستاذ مادة إدارة الموارد المالية في جامعة ستانفورد] أن النماذج الحالية هي نماذج قائمة على الاحتمال probabilistic –
فهي بدلا من أن تبني افتراضات حول المستقبل، تقوم باستبعاد أي احتمال
لحدوث تخلف مالي تحت أي ظرف من الظروف التي لا عد لها ولا حصر، والتي قد
تسود في المستقبل. ومن البديهي القول إن القيام بذلك بكل ثقة لا يتطلب كما
هائلا من البيانات الجارية فحسب، وإنما أيضا فهما عاليا لمختلف القوى
الفاعلة والرياضيات المعقدة فضلا عن قدرة حاسوبية هائلة. وهذا ينطبق على
المصارف الفردية المستقلة حصرا. أما الفكرة القائلة بتعميم تلك المطالب
الشاقة على كامل المنظومة المالية، فهي مجرد هراء على حد تعبير
<دوفي>.

ويقترح <دوفي> بديلا آخـر: وهو سيناريو اختبار إجهاد scenario stress testing،
أو - بعبارة أبسط – تفصيل عدد من السيناريوهات الواضحة المعالم التي يمكن
أن تشكل مخاطر غير عادية تهدد سلامة أداء أحد المصارف. ولعل أبسط هذه
المشكلات هو تحديد معالم خطر تقصير أو تخلف مالي ضمن سيناريو منضبط. وعلى
سبيل المثال، إن كنت تحاول فهم المخاطر المترتبة على عدم مقدرتك تسديد
أقساط الرهن العقاري في مرحلة معينة، فكِّر كم كان الأمر سيكون أسهل في
افتراض كيفية تحمل أعباء اقتطاع نسبة 10 في المئة من الراتب، أكثر من
الاضطرار إلى حساب ما يمكن أن تؤول إليه الأمور في مواجهة أي حدث من
الأحداث المستقبلية الممكنة أو جميع هذه الأحداث مجتمعة. فبالنسبة إلى
المصارف، يمكن أن يكون من بين السيناريوهات المختارة هبوط سوق الأوراق
المالية، والتخلف عن تسديد أقساط الرهن العقاري، وارتفاع معدلات الفائدة
إلى نسب عالية، وهكذا دواليك. وستشمل هذه السيناريوهات أيضا تخلف واحدة أو
أكثر من المؤسسات المالية، لمعرفة كيف يمكن لهذا النوع من التخلف أن يؤثر
في المصرف الذي يخضع للاختبار. ويقول <دوفي>: «تكمن الفكرة هنا في
إرسال صدمات كبيرة مصطنعة تحاكي الصدمات الطبيعية عبر المحفظة الاستثمارية
لمصرف ما، ومن ثم رصد أداء هذا المصرف في مواجهة هذه الصدمات والانطلاق
إلى الأمام. وليس من المهم معرفة احتمال حدوث سيناريو خاص؛ وإنما من شأن
ذلك أن يزودك بمعلومات وافرة حول أين قد تواجه مشكلات.»

ويوصي
<دوفي> بأن يطلب إلى المصارف الاستجابة لنحو 10 من السيناريوهات
المختلفة المختارة بعناية، التي يتصل كل منها بجانب من التخلف أو التقصير
المحتمل لأي من المصارف العشرة المختلفة. فإذا قامت عشرة مصارف بفعل ذلك،
على حد قول <دوفي>، فإنه سيكون لدينا مصفوفة أبعادها 10ي10xيxس10،
من شأنها أن توضح للهيئات الرقابية أين تكمن المخاطر التي تهدد المنظومة
برمتها. فلو طلب إلى مصارف رئيسية محددة، في عام 2006 مثلا، أن تقيّم أثر
التخلفات في الرهون العقارية المتفاقمة على محافظها الاستثمارية وتداعيات
انهيار مؤسستين ماليتين عملاقتين، لاستطاعت الهيئات الرقابية على الأرجح
توفير جميع ما يلزمها من معلومات لاتخاذ إجراءات لاستنهاض المنظومة
المالية لتسوية وضعها المتأرجح. ويقر <دوفي> بأن الجانب السلبي لهذه
المقاربة يتمثل بأن اختبار الإجهاد ليس بإمكانه عمليا استيعاب أكثر من
جزء صغير جدا من السيناريوهات التي يمكن مواجهتها - فلا يمكن أن يطلب إلى
المصرف إصدار عدد كبير من التقديرات لخسائر ومخاطر آلاف السيناريوهات
المختلفة التي تتعلق بتقصير أو تخلف مئات المصارف المختلفة. وهذا يعني أنه
حتى في حال ظهور النظام بعد اختبار السيناريو على أنه مستقر نسبيا في وجه
هذه الصدمات المحددة، فإن النظام ربما يبقى معرضا للانهيار بفعل عدد لا
حصر له من السيناريوهات الأخرى التي لم تكن جزءا من الاختبار.

وثمة مشكلة أخرى تتعلق بوضع نماذج معقدة، هي أن تعقيــدهــا بحــد ذاتــه يغــدو عـائقـــا عند نقطة معينـــة. ويقــول ويلموت> [وهو متخصص في الرياضيات التطبيقية ومدير سابق لصندوق
التحوط]: غالبا ما ينتهي المطاف بواضعي النماذج إلى إغراق إبداعاتهم
بعشرات الشروط المثقلة بالمتغيرات والثوابت - يضيف كل شرط منها خطأ محتملا
بصورة تراكمية، بحيث يكون التأثير الصافي بعيدا كل البعد عن الدقة.
وينادي <ويلموت> بضرورة إيجاد ما يسميه «البقعة الرياضياتية
البارعة»، حيث يمتلك النموذج عددا كافيا من الشروط تجعله أقرب ما يكون إلى
الواقعية، مع احتفاظه بدرجة من البساطة تتيح فهم وظيفته ومواطن قصوره
فهما كاملا. ويضيف: إن قلة فقط من واضعي النماذج ينجحون في إيجاد ذلك
التوازن.

وأغلب الظن أن نماذج المخاطر
المالية ستبقى غير موثوق بها لسنوات قادمة. فماذا عسانا أن نفعل حيالها
إذن؟ إن الخيار الحقيقي الوحيد يتمثل بعدم الوثوق بهذه النماذج مهما بدت
المعادلات حسنة نظريا. على أن هذا الرأي يتعارض مع روح منظومة القيم التي
تنادي بها سوق المال الأمريكية (وول ستريت). يقول <جارو>: «لم تكن
هناك دوافع لعدم الوثوق بالنماذج، لأن من يمتلكون زمام الأمور ما برحوا
يجمعون ثروات طائلة باستعمالها. وقد كان الاعتقاد السائد لدى الجميع أن
النماذج كانت تعمل على ما يرام إلى أن وقعت الأزمة. وهم اليوم يستعيدون
ثقتهم بها مجددا.» ويؤكد <جارو> أن النماذج والبيانات ستشهد على
الأرجح تحسنا، ولكنه لن يكون كافيا لتسويغ الثقة الزائدة بالنتائج.

فإذا
راعت الهيئات الرقابية هذه المحاذير، فإنها ستلزم المصارف بالاحتفاظ
بمزيد من السيولة النقدية والقيام باستثمارات أكثر أمنا. وسيكون ثمن هذا
الاحتراز المعقول، كما يراه <آڤيلانيد>، منظومة لا تعمل بالدرجة
ذاتها من الكفاءة – وبمعنى آخر، إن المستثمرين سيصبحون في المتوسط أقل
ثراء خارجها. وسوف تجني المصارف أرباحا أقل كما أنها ستقوم بتقليل عمليات
إقراض الأموال. وسنجد جميعا بعض العناء في التقدم إلى الأمام، غير أننا
سنكون أقل عرضة لأخطار محدقة نتيجة انطلاقٍ بدون روية وعلى غير هدى. تلك
هي المقايضة.


المؤلف
David H. Freedman

منذ ثلاثين عاما و<فريدمان> ينكب على دراسة العلوم والأعمال
والتقانة، وكان آخر كتاب له صدر بعنوان «الخطأ»، يبحث في موضوع القوى
التي تدفع العلماء وغيرهم من خيرة الخبراء إلى تضليلنا.
صيغة حسابية لحل الأزمة الاقتصادية(*)  على الرغم من الدروس المستمدة من الانهيار الاقتصادي عام 2008، يمضي وول ستريت بالمراهنة على مستقبلنا بعلم قاصر. 2012_05_06_37_a

مراجع للاستزادة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

صيغة حسابية لحل الأزمة الاقتصادية(*) على الرغم من الدروس المستمدة من الانهيار الاقتصادي عام 2008، يمضي وول ستريت بالمراهنة على مستقبلنا بعلم قاصر. :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

صيغة حسابية لحل الأزمة الاقتصادية(*) على الرغم من الدروس المستمدة من الانهيار الاقتصادي عام 2008، يمضي وول ستريت بالمراهنة على مستقبلنا بعلم قاصر.

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
»  الأزمة الاقتصادية الراهنة تحديدات استنتاجات معتز حيسو الحوار المتمدن-العدد: 2469 - 2008 / 11 / 18 - 10:12 المحور: الادارة و الاقتصاد
» مستقبلنا الشفاف(*)
» في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية ... مأزق الرأسمالية المالية ... ابتداع حلول لمشكلة الفقر
» بيان التيار الماركسي الأممي حول الأزمة الاقتصادية: فلنجعل الرأسماليين يؤدون الثمن! الجزء الثالث
» تعمق الأزمة الثورية عالميا ومواجهة البروليتارية لعملية تفريغ فاتورة الأزمة على كاهله

صلاحيات هذا المنتدى:تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: منبر البحوث المتخصصة والدراسات العلمية يشاهده 23456 زائر-
إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوعانتقل الى: